إذا كانت قوة المستيقظ تنبع من القلب، فإن قوة المرشد تنتشر من البطن.
ارتجف جسدي كلّـه مع شعورٍ غريب بامتصاص الطاقة.
كانت الهالات التي تسخّـن الداخل ثم تجمّده تتقلّب، مما جعل أنفاسي ساخنة.
الرجل الذي لا يعرف حالتي كان يهمس وهو يداعب خـدّي بلطف:
“أم أنّه حلمي؟… لماذا لا أستطيع إدراككِ؟ ماذا فعلتِ بي؟”
على الرّغمِ من أن عينيه المرتخيتان، كما لو كان تحت تأثير النوم، كانتا تؤكدان أنّه لا يزال آمنًا، إلا أنّ أصابعه التي أمسكت برقبتي كأنّها تمنعني من الرحيل جذبتني بلطف.
ارتجفتُ للحظة، متسائلةً إن كان قد استعاد وعيه، لكنّ يـده، كما لو كانت تقول “لا تفعلي”، مرّت بلطف و جذبتني.
“آه.”
ثم هبطت شفتا الرجل الناعمتان مباشرة. لم تُمتص طاقتي فقط، بل شفتاي أيضًا.
“…!”
مع حرارةٍ شديدة لا تُطاق، بدأت طاقة إرشادي تُمتص بلا هوادة.
كانت عضلات ذراعه، التي ضغطت على خصري بقوّة كأنّها لا تريد أن تترك لي مجالًا للتراجع، صلبة كالصخر.
هُززتُ بعنف و شددتُ قوّتي في جسدي كلّه.
كان هذا مختلفًا عن تلكَ اللّيلة في الحفلة عندما اندفع نحوي تحت تأثير الدواء.
كان في أنفاسه توسّـل، وفي قوّتـه التي امتصّت بنهمٍ قوّتي كان يظهر ألمـه.
على الرّغمِ من أنّه كان هدفًا مزعجًا و مخيفًا، إلا أن كايسيس بدا هشًّا جدًّا في هذه اللحظة.
‘هذا مرضٌ مزمن لدى المرشدين. أعرف. أعرف ذلك.’
في كوريا، كان أوّل درسٍ في المركز هو ألا أنفعل مع القوّة.
يفعل المستيقظون أيّ شيء ليظهروا بمظهرٍ جيّد لرفيقهم، المرشـد.
عند رؤية مستيقظ يعاملكَ بلطف، ومع إضافة الإرشاد، يهتـزّ المرشدون لا محالة.
يخدعهم مشهد الخارقين الأقوياء، الذين يدمّرون و يقمعون كلّ شيء، و هم يذوبون أمام إرشادهم كالقطط التي تلتقي بنبتة القطط.
‘آه، هذا الشّخص لا يستطيع العيش بدوني.’
‘قيل لي أن أكون حذرة من هذا أكثر من أيّ شيء.’
لاحظ بسرعة أنّني غارقة في أفكارٍ أخرى.
في الوقت نفسه، انسلّت طاقة الإرشاد مرةً أخرى عبر أنفاسنا المتلامسة.
كانت يـده التي تضغط على خصري ساخنة لدرجة أنّها أصبحت مخيفة.
شعرتُ أنّ وجهي أصبح أحمرَ متوهّجًا أو ساخنًا جدًّا.
‘هل هذا جيّـد حقًّا؟’
تحقّقتُ من نافذة النظام التي كانت تومض باللون الأحمر، و لاحظتُ أنّ مستوى خطر فقدان السّيطرة بدأ ينخفض تدريجيًّا.
76%
68%
…57%.
كانت سرعة التهدئة مع هذا المستوى من التّماس مذهلة.
لذا، شعرتُ بانقباضٍ في صدري.
حتّى دون التحقّق من نسبة التّوافق، كنتُ متأكّدة أنّ التوافق بيني و بين الإمبراطور ليس عاديًّا بسببِ هذه السرعة.
عندما فتحتُ عينيّ بنظرةٍ خاطفة، رأيتُ الرّقم الذي توقّف عنده الانخفاض.
32%.
يبدو أنّ هذا هو الحدّ الأقصى الذي يمكنني خفضه بهذا المستوى .
على أيّ حال، كان هذا كافيًا.
“جلالتكَ، هذا يكفي الآن.”
لكن الرجل ذو العينين المتراخيتين لم يتركني.
كان وجهه الوسيم بشكلٍ مفرط، و الذي لا يُطاق النظر إليه طويلًا، يتشبّث بي كما لو كان يتوسّل إليّ.
أنا، التي أعرف جيّدًا الإمبراطور الوقـح في النهار، شعرتُ بالقشعريرة للحظة…
لكن الآن، دون الحاجة إلى تمثيل دور الدوقة آرييل، شعرتُ أنّه من القسوة دفع شخصٍ يعاني من الألم و يتعلّق بي بيأس.
‘ماذا أفعل؟ هل يمكنني إرشاده قليلًا أكثر؟’
حتّى لو لم تنخفض الأرقام، سيكون له تأثيرٌ في استقرار قوّتـه.
بينما كنتُ أفكّر للحظة، وضعَ الإمبراطور، الذي كان يرمش بعيونٍ مطيعة بشكلٍ غير مألوف، جبهته على جبهتي.
ثم فركها بلطف و أطلق تنهيدةً مستمتعة . تجمّدتُ كالجليد أمام هذا السلوك القططيّ الناعم.
يا إلهي، هل هذا الرجل يتصرّف بعفوية؟
لكن لماذا يبدو وسيمًا أيضًا؟
كان خفقان قلبي السريع خيانةً لبطلتي الرئيسية. عضضتُ على أسناني و قطعتُ الطاقة التي كانت تُمتص مني بوعي.
كان عملًا شاقًّا جدًّا، لكنّه لم يكن مستحيلًا.
ارتفعت عينا الإمبراطور الزرقاوان، اللتان كانتا شبه غائبة، نحوي ببطء.
تقابلت أعيننا.
“…لماذا؟”
بينما كنتُ أكتـم أنفاسي كفريسةٍ عالقة في شبكة عنكبوت دونَ أن أنبس بكلمة، فتحَ الإمبراطور فمـه:
“أعطيني المزيد.”
لا، ليس هكذا.
هل يظنّ أنّ إرشادي حلوى تعطى لـه عند الطلب؟
“هذا يكفي لهذا اليوم. سأعود… هاه، سأعود لاحقًا.”
“لاحقًا.”
“نعم، سأعود. لكنكَ لن تتذكّر هذا الحديث، أليس كذلك؟”
تنفّستُ الصعداء.
كيف سأتعامل مع هذا الآن؟
يبدو أنّني أكملتُ المهمة الطارئة بما فيه الكفاية، لكن لا أعرف متى ستنتهي هذه الهوية المزيفة.
عبستُ من ألـم رأسي، لكن يدي أُمسِـكت مرةً أخرى، و هذه المرة سقطتُ في حضن الإمبراطور الواسع و الصلب.
“ها؟”
“أنـتِ…”
“جلالتكَ؟ هل استعدتَ وعيكَ الآن… لا، أليس كذلك؟”
أيّها النظام! ما الذي يحدث!
ربّما كنتُ أتخيّل، لكن بدا أنّ التركيز يعود تدريجيًّا إلى عينيه الزرقاوين.
رفعتُ جسدي بسرعة و عيناي مفتوحتان بدهشة، لكن خصري تـمّ إمساكه.
الإمبراطور، الذي أمسكَ بمعصمي باليد الأخرى، تحدّثَ متوسّلاً:
“لا تذهبي.”
“نعم؟”
“لا تذهبي.”
عندما أُمسك معصمي، بدأت الطاقة التي قطعتها تُمتص من جديد.
لكن هذه المرة كانت مختلفة. كان هذا بوضوح…
‘يجذبها عن قصد.’
لو لم أكن أنا، بل مرشدة عادية في هذا العالم، لكنتُ فقدتُ وعيي في لحظة امتصاص القوة هكذا، مع اسوداد رؤيتي.
شحب وجهي بسرعة.
كان هذا الرجل يحاول الإمساك بي حتّى في لاوعيه.
أصابتني القشعريرة من هذا الهوس.
لم أستطع حتّى التخمين كيف سيكون رد فعله لو عرف أنّني الدوقة آرييل.
في تلك اللحظة بالذات، رنّـت نافذة النظام:
[تهانينا.
لقد أكملتِ المهمة الطارئة: تهدئة خطر فقدان سيطرة الإمبراطور.
ستنتهي فعالية الهوية المؤقتة.
يتناقص خطر تلاشي الروح.]
ها؟ يبدو أنّني رأيتُ شيئًا غريبًا للتوّ.
عندما رمشتُ و حاولتُ إعادة القراءة، ومضت نافذة تحذيرٍ حمراء:
[ستنتهي فعالية الهوية المؤقتة قريبًا.
الإمبراطور كايسيس على وشكِ استعادة وعيه.
خطر!
يتـمّ الأمر بمعالجة طارئة.
العودة إلى [المنزل].]
ها؟
مع التحذير، أصبح كلّ شيء أمام عينيّ أبيض.
اختفت قوة الشخص الذي كان يضغط على خصري، و عندما استعَدتُ وعيي، كنتُ وحدي في غرفتي.
اصطدمت عيناي مباشرةً بالقطة السمينة التي كانت تتمدّد بوضعيةٍ مغرية، مرفوعةً إحدى ساقيها وهي تهتم بنفسها.
“….”
“عـدتِ، مياو؟ تش، تش، أيّتها للمنحرفة. وجهكِ على وشكِ الانفجار، مياو.”
” قلتِ إنّه آمـن!”
“لا أعرف عمّا تتحدّثين، مياو.”
“قلتِ إنّه آمـن!”
“ألم تعودي حيّة، مياو؟”
“ليس هذا المقصود، أيتها الخنزيرة!”
كان العرق البارد يتدفّق.
أمسكتُ بالوسادة في حضني و صرختُ بصمت.
لم أكن مخطئةً للتوّ.
لو تأخّرتُ ثانيةً واحدة، لكان الأمر خطيرًا.
كانت عينا الإمبراطور على وشكِ استعادة التركيز.
ماذا؟
النظام بجانبي لي؟
لا يوجد خطر أن يكتشفني الإمبراطور؟
“حياتي على المحكّ هنا!”
لكن الأكثر إحباطًا هو:
“يجب أن أفعل هذا مرةً أخرى.”
من الآن فصاعدًا، كلّما أصبح الإمبراطور في خطر، سأُستدعى.
****
صداعٌ يكاد يحطّم الرأس، قوّةٌ متذبذبة، ألمٌ في الأوعية الدموية كأنّها ستنفجر.
كان من المفترض أن يمـرّ بليلةٍ مألوفة و يستيقظ في الصباح مليئًا بالإرهاق.
لكن كايسيس، بعبوسٍ متعجّب، كان يعتصر قبضته و يفتحها مرارًا.
ارتجفت جفناه، نصف المغلقة، و بدأت قطع الجليد الزرقاء تستعيد الوعي بهدوء.
ثم…
“ها؟”
انفجر ضحكٌ فارغ.
كانت القوة التي عذّبتـه منذُ ولادته.
لم تكن لتفوته حالةٌ مختلفة تمامًا عن المعتاد.
‘مثل تلكَ المرة.’
الليلة التي كـاد يفقد فيها السيطرة في الحفلة. أثر المرشدة التي اقتربت كقطةٍ سارقة، هدّأتـه بخفّة، ثم رحلت.
تشـوّه وجه كايسيس فجأة.
مع الغضب، ارتفعت بلورات الجليد في الهواء ثم اختفت.
لماذا؟
لماذا مـرةً أخرى!
انتشر شعوره بالغضب لأنّه أفلـتَ ما كان في يـده حتّى في لاوعيه.
دونَ وعي، بلّل شفتيه بلسانه و تمتم كأنّه يمضغ:
“لماذا هربـتِ؟”
لا، هذا ليس المهم.
تضيّقت عيناه الزرقاوان.
“كيف اقتربـتِ منّي؟”
لم تكن النّقـاط الغريبة قليلـة.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"