كنتُ أعلمُ أنَّه بدلاً من كشف المزيفة الآن و طرد ليلييتا رادايك، فمن الأفضلِ إدخال الجميعِ إلى القصرِ و جمع المشتبه بهم معًا في آنٍ واحدٍ.
و حتى أنا التي كنتُ أهاجمُها، كنتُ أنوي توجيه الإمبراطورِ نحو هذا المسارِ.
‘رغمَ علمي بذلك، إلا أنَّ الأمر يثير غيظي بشدّة.’
وب.ينما كنتُ أشاهدُ ليلييتا و هي تحاول التدخل مجدداً و كأنها تريدُ منع هذا الموقف، بادرتُ بالهجوم أولاً.
“جيد يا صاحب الجلالة. إذًا ، يمكنكَ التحققُ لتختار من بينِ المرشحاتِ الثلاثِ: أنا، و الآنسة ليلييتا، و الآنسة إيزوليت.”
في تلكَ اللحظة، كنتُ منغمسةً جدًا في دوري لدرجةِ
أنني لم أدرك أنني كنتُ أتحدثُ بهدوء شديد أمام ذلك الإمبراطورِ المرعبِ.
و لم أدرك أيضًا أنَّ شعري الأحمرَ المتوهج ، و موقفي الذي لا يخشى الإمبراطور، و مظهري الواثقِ بشكلٍ مفرط رغمَ عدم امتلاكي لشيءٍ، كلُّ ذلكَ كانَ يشبه شخصًا ما.
“عن قرب، و بشكل مباشر.”
على سبيلِ المثالِ، شخصٌ لم يتراجع قط أمامَ الإمبراطورِ في قاعة الاجتماعات.
“أليس كذلك؟”
* * *
‘إنها هي بلا شكٍّ.’
شتمت ليلييتا في سرّها.
من المؤكد أنها تلكَ المرأةُ المثيرةُ للشفقة، فلماذا هي واثقةٌ هكذا؟
بل إنَّ هيئتها تلكَ كانت تشبه الدوقة آرييل، تلكَ المرأة التي كانت تقف في طريقها دائمًا، مما جعلها تشعر بانزعاج أكبر.
لم يعجبها أيضًا لون شعرها الأحمر المتوهج الذي فشلت في تغييره تمامًا، و الذي بدا أكثرَ احمرارًا من شعرها المزيف.
و النظام أيضًا.
[تحذير!
بطلة هذا العالمِ هي أنـتِ.
تأثيركِ يتزعزعُ!
اطردي روابطَ الماضي و استولي على ذلك المكانِ.
يجب أن يتم اختياركِ كمرشدة للإمبراطورِ.]
‘اللعنة!’
في النهايةِ، لم تجتز ليلييتا الاختبار بمفردها، بل أصبحت مرشحة لإرشاد الإمبراطورِ بجانب تلك الفتاة الناقصة إيزوليت.
و عندما رأت هانويل، الذي تلاقت نظراتهما للحظة قبل أن يتراجع إلى الخلف، خفقَ قلبها و كأنه سينفجر.
أنا خائفة. أنا خائفة حقًا.
‘لا، ربما كانَ من الأفضلِ أن يحدثَ هذا.’
لا أعرف كيف يمكن أن تكون تلكَ الحمقاء مرشدةً حقيقية، و لكن مهما كان الأمر، فإنَّ بطلةَ هذا المكانِ هي أنا.
على عكسي أنا التي تجسّدت في جسد بطلة، كانَ من الواضحِ أنَّ تلكَ الناقصةَ قد دخلت جسدًا لا ينتمي حتى للنبلاءِ.
لذا، لا بدَّ أنها اقتربت من الإمبراطورِ سرًا و اتخذت تدابيرَ مسبقةً!
‘إذا كانت هي حقًا ، فأنا واثقة.’
نظرت بحدة نحو الشعرِ الأحمرِ الذي يبتعدُ خلفَ الحشود، و سخرت في سرّها.
لطالما كان الأمر هكذا في الماضي.
امرأةٌ كانت تصمت و لا تستطيع فعلَ شيءٍ فتبقى معزولةً رغمَ شعورِها بالظلمِ كلما ضايقتُها بكلماتٍ عابرةٍ.
لم تكن قادرةً حتى على الدفاعِ عن نفسها، لذا لم أشعر حتى بالذنبِ تجاهها.
مثلُ هذه المرأة لا يمكن أن تتغيرَ بشكلٍ كبيرٍ لمجردِ أنها ماتت و سقطت في عالمٍ آخرٍ.
حتى لو كانت تتظاهر بالتغيّرِ، فبمجرد أن تدركَ مَن تكونُ، ستنهارُ مجدداً كالكلبِ و تحني رأسَها!
‘جيد.’
كانت واثقةً.
فقد كانَ لديها النظام، و قوة هانويل.
‘أنا هي البطلة. سأجعل تلك الحمقاء مجرد تابعة تلاحق ظلي هذه المرة أيضًا’
كم هي مثيرة للشفقة.
الآن، و بسببِ قدراتي التي انخفضت رغمًا عني، ظهرت هذه النتيجة، لكن لا يمكن أن يكونَ ذلكَ حقيقيًا.
غطّت ليلييتا فمها بيدها و ضحكت بسخريةٍ.
* * *
في المكان الذي غادرت فيه كلّ الحشود.
شعرت إيزوليت و كأنها ستفقدُ وعيها.
“إيزوليت، أنتِ!”
صعد الغثيان إلى حلقِها بسبب صوت والدها الصاخبِ.
“ماذا تنوين أن تفعلي الآنَ؟ ألم تثقي بنفسكِ و تطلبي مني أن أثق بكِ!”
“ما فائدةُ إظهارِ القدرة، بينما الاختيارُ النهائيّ يعود للإمبراطورِ!”
في ذلكَ المكانِ الذي غادر فيه الإمبراطور و الجميع، كان نبلاءُ عائلات المرشديات الذين أنّ دوس كبريائهم يصبّون جام غضبهم عليها.
‘لقد سئمتُ من هذا.’
ازدادت قدرتها.
رغمَ جرحِ كبريائها، لو أنها وضعت يدها على تلكَ الكرةِ البلورية قبل تناولِ الجرعة، لما تحوّلت إلى اللونِ الأحمرِ.
نادرًا ما كان الإمبراطور يشعرُ بالاستقرارِ من خلالِ قوى إيزوليت، ليان، و أناييل.
لأنَّه عندما كنّ يستخدمن القدرةَ، كانَ هو يتألم، و كثيرًا ما كانت المرشدات الثلاث يبصقنَ دمًا أو يغمى عليهنَّ بسببِ ردّ فعلِ تلكَ القدرة.
لكن هاتينِ المرأتينِ.
ليلييتا، و تلك المرأة التي تُدعى هيل و التي ظهرت فجأةً و كأنها سقطت من السماء ، ستتمكنانِ بالتأكيدِ من معالجة الإمبراطورِ في لمحِ البصرِ على عكسهنَّ.
بقي ثلاث مرشحات، لكن إيزوليت قد استُبعدت بالفعلِ.
لم تكن سعيدةً البتة.
‘الوقت.’
أرادت إعادة الوقت إلى الوراء.
قبل تناول الدواء. قبل أن تختار تحت إكراه والدها.
استدارت إيزوليت بحزم.
أفلتت يد والدها الذي كان يحاول الإمساكَ بها بوجه يملؤه الغضب، و.مشت دون وجهة إلى مكان لا يوجد فيه أحد.
كانت كلمات النبلاء الهامسة تطعنُ داخلها مثل الأشواك.
‘إنها لا تعرف قدر نفسها.’
‘ألا يُفترضُ ألا تتواجد الآنسة إيزوليت في القصرِ الإمبراطوريِّ؟’
‘يا له من وجه وقح، هل يعقلُ أنها تنوي البقاء في منصبِ مرشدة الفرسانِ على الأقلِ؟’
‘ههه، كانت تتصرف بغرور في كلِّ مرة، و الآنَ يبدو أنَّ المرشدتينِ الأخرتينِ اللتينِ كانتا مثل الخادمات قد تخليتا عن الآنسة إيزوليت أيضًا.’
‘ألم تسمعوا أن الآنسة ليان قد دخلت الدير؟ و الآنسة أناييل، حسنًا ، يقال إنها وضعت يدها في يد الدّوقة آرييل . لقد أصبح حال عائلات المرشدات مضحكًا حقاً.’
انتقادات، و كلمات كالسهامِ.
ارتجفت إيزوليت من الغضبِ.
شهرتهم الحالية، و شرفهم؛ كيف حافظوا عليها؟
‘جبناء. أيها الجبناء!’
ليان التي تخلت عنها و ذهبت إلى الديرِ، و أناييل التي تجرأت على وضعِ يدها في يد عدوّتهم الدوقة آرييل.
‘لماذا يجب أن أكون أنا الوحيدة في هذا الوضعِ؟’
شعرت و كأنَّ الدماء تنسحب من جسدها كله.
لا، في الواقعِ، انحنت إيزوليت و بصقت دمًاوأحمرَ قانيًا.
“آه!”
آه. آهه. ارتجفت يداها بشدة.
“أنا، أنا أموت…”
إذا لم أتناول تلكَ الجرعة الآن، لا. كلا، لن أستطيع التحمل. أنا، أنا!
بينما كانت إيزوليت المذعورة تترنحُ، أمسك شخص ما بذراعها. ثمَّ دفعها لتستند إلى الجدارِ بقوة.
“أ، أنـتَ.”
“هل ظننتِ أنّ أحدًا سينقذكِ إذا بصقتِ دماءًا هكذا هنا؟”
كان يتحدث بنبرةٍ لطيفة و ناعمة تمامًا كما يعامل المؤمنين عادة، لكن نظراته الباردة كانت تشبه حالته عندما استدرج إيزوليت إلى هذا الظلام.
هانويل.
الكاردينال هانويل.
‘مَن، مَنٔ يكون هذا الرجل حقا. لماذا، لماذا يفعل بي هذا.’
انهمرت دموعها. و في النهاية، انهارت إيزوليت.
بما أن الأمور وصلت إلى هذا الحدّ، فمن الأفضلِ أن تندفع أكثر حتى النهاية و تظهر قوةً أكبر من هاتينِ الفتاتينِ اللعينتينِ.
دار الجنون في عينيّ إيزوليت اللتينِ انفتحتا فجأةً.
لأنّ الوقت الذي كان يمكن فيه العودة قد انتهى منذُ زمن طويل.
“أعطني إياه. أعطني المزيد. أعطني ما يجعلني أُنمّي قدرتي أكثر من هذا. هاتـه!”
ابتسم هانويل متظاهرا باللطف.
بينما يمسح ذقن إيزوليت الملطخة بالدماء، همس قائلاً:
“هذا أمر صعب.”
“لماذا! لقد فعلت ما أمرتني به!”
تلكَ المرأة.
ليلييتا راديك.
لقد أصبحتُ جسرًا لها. لقد تقدمتُ للأمام رغمَ علمي بأنني سأتخلفُ عنها!
“هل تريدين العيش؟”
كان الأمر مروعًا.
“إذًا تحملي. بينما تقومين بدوركِ في إبرازِ ليلييتا بإخلاص، سأعطيكِ الجرعة لكي لا تموتي.”
تجاوز الأمر الإدمان و تضخيم القوة، الآن إذا لم تتناول إيزوليت تلك الجرعة فسوف تموت.
“ساعديها.”
خرجت منها ضحكة يائسة.
سقطت جالسةً على الأرض، و لم ينظر هانويل إليها بل غادر أولاً مبتعدًا نحو الظلالِ.
“ها، هاها.”
لطالما كنتُ في مكانة يحترمني فيها الجميع.
كنتُ المرشدة التي اختارها الإمبراطور.
لم يكن هناك أحد غيري!
“لا، ليس كذلك.”
لم تستطع تصديق كيف أصبح وضعها يضطرها للاعتناء بشؤونِ الآخرين من خلفهم.
* * *
“قذر”
قالها و هو يقطب حاجبيه و ينظر إلى الدماء العالقة على يده.
مسح الكاردينال هانويل ما بين حاجبيه بخفة.
لأنّ ارتباكًا طفيفا قد أصابه.
‘تلكَ المرأة.’
المرأة التي تُدعى هيل.
كان متأكدًا من أن الدّوقة آرييل هي الشريكة الحقيقية المخفية للإمبراطورِ.
تلكَ الرائحة الحلوة، الإحساس، و الطاقة.
من بينِ المحيطين بالإمبراطور، لم يكن هناك سوى هيلاريا التي يمكن أن تكون كذلك.
و لكن…
ضاقت عينا هانويل للحظة و كأنه مستمتع.
من الواضحِ أن الدّوقة آرييل التي كانت تقف خلف كايسيس اليوم كانت غريبة.
لم تكن هناك تلك الرائحة الحلوة التي تفتح الشهية، و تلك الرغبة التي تجذب الأنظار و تجعلكَ ترغب في التحديقِ بها تلقائيًا.
بل بدلاً من ذلكَ.
‘هيل.’
شعرَ بذلك الإحساس تجاه تلكَ المرأة.
لعق هانويل شفتيه بلسانه الأحمر القاني.
إلى أي مدى تنوين أن تصبح الأمور ممتع، يا سموّ الدوقة؟
لم يكن يعرف ما هي الطريقة التي استخدمتها، لكنها بالتأكيد لم تكن سحرًا.
“ها ها.”
لم يستطع كبح اهتمامه الذي يتصاعد تلقائيًا.
أراد أن يعرف أكثر.
عن تلك المرأة.
هيلاريا، لا. هيل.
المرأة التي ظهرت بذلك الوجه الغريب آسرة اهتمام الجميع.
مرشدة الإمبراطورِ الحقيقية.
و الشخص الذي يريده “ذلكَ الشخص”، و الذي يرغب هو نفسه أيضًا في الإمساك به بين يديه.
“أنـتِ هي الحقيقية.”
ابتسم هانويل ابتسامةً تذوب رقة وهو يتخيل المرأة التي لا بـدَّ أنها تتحرك الآن داخل القصر الإمبراطوريّ.
التعليقات لهذا الفصل " 147"