رأى كايسيس المرأة الغريبة التي ظهرت بجرأة و أظهرت أروع قدرة، و كاد أن ينفجر ضاحكًا.
‘آها. هل كان هذا ما تعنيه بأنها ستتصرف كما يحلو لها؟’
بينما حافظ على وجهه الخالي من التعابير، كان يراقب بهدوء ما يحدث في الأسفل، لكن شعورًا مبهجًا لا إراديًا ارتفع في داخله.
‘لأنـكِ أنـتِ، التي كنتِ تتراجعين دائمًا خطوة إلى الوراء، قررتِ أن تتقدمي بقوّة هذه المرة.’
عندما خفت الضوء، حدق الناس المذهولون في المرأة التي وصلت أخيرًا بوجه فارغ.
و كايسيس، فعل ذلك أيضًا.
‘هذا الوجه.’
لم يكن الوجه الضبابي الذي كانت تظهر به أمامه في الليل، و لم يكن يشبه ملامح الدّوقة آرييل الباردة.
لقد حدق في مظهرها كالمسحور.
إذا قورنت ملامحها الصغيرة و الرقيقة بحيوان، فهي تشبه جروًا لطيفًا.
لكن عينيها ذكرتانه بذلك الجرو الذي لا يتسامح مع أي استفزاز و يواجه بشراسة على الرغم من صغر حجمه.
كانت عيناها الذهبيتان اللامعتان فريدتين و مميزتين، و كان شعرها الأحمر الذي يتطاير في الريح يشبه شعر الدّوقة آرييل تمامًا.
لم تكن تشبه هيلاريا على الإطلاق، لكن من المضحك أنها كانت تتمتع بوجه لطيف يتناسب معها جيدًا.
كما لو أن هذا هو وجهها الأصلي.
في تلك اللحظة، رفع ديكاردو، الذي كان يراقب الموقف، يـدهه.
شاهد كايسيس المرشدتين: إيزوليت، التي شحب وجهها و كأن شيئًا ما قد حدث بشكلٍ خاطئ، و ليلييتا، التي اتسعت عيناها في حالة صدمة.
‘بالتأكيد.’
يمكنه أن يعرف في لمحة أن هؤلاء الأشخاص كانوا مرتبطين بالبوابة، و بجرعة الهيجان، و المعبد، و كل شيء آخر، كما جاء في تقرير هيلاريا.
ألقى كايسيس نظرة سريعة على المرشدتين ، ثم عاد بنظره إلى تلك الشخصية المثيرة للإعجاب مرة أخرى.
‘يا صاحب الجلالة، هناك تقرير أخير أريد أن أقدمه.’
‘ما هو، أيتها الدّوقة؟’
‘……لقد كان شقيق جلالتكَ و تلميذي شجاعًا حقًا.’
‘ما الذي تحاولين قوله بهذا الكلام الذي لا يليق؟’
‘لقد قفز بنفسه إلى وسط منطقة العدو.’
تنهد كايسيس و هو يرى عيون دوقة آرييل المرتعشة، التي بدت و كأنها تأسف بشدة رغمَ تعابيرها الجليدية.
كان يعرف شخصية لوياس، ذلك الطفل الصغير و البريء، جيدًا.
كان شقيقه الأصغر عنيدًا بشكل خفي، وبمجرد أن يتخذ قرارًا، لن يستمع إلى أحد مهما حاول.
هذا بغضّ النظر عن طبيعته اللطيفة و الطيبة.
ابتسم.
بفحص رد فعل دوقة آرييل المندهشة من ابتسامته بسرور، أصبح لديه الآن متسع من الوقت ليضحك على الأخبار التي كانت ستكتسح قاعة الاجتماعات سابقًا.
هيلاريا لن تؤذي لوياس.
ستحميه بكل قوتها حتى لو كلفها ذلك حياتها.
هذه المرأة كانت كذلك.
‘سأترك الأمر للدوقة.’
‘……ألن تطلب شرحًا مفصلاً؟’
‘لأنكِ ستحمينه.’
‘……’
‘أليس كذلك؟’
عندما سأل بابتسامة هادئة، اتجهت عيون هيلاريا التي كانت في حالة ذهول للحظة نحوه، محملة بالحرارة.
آه، هي لن تعرف.
كيف تعتقد أنه لن يتعرف على مثل هذه النظرة؟
حتّى القوة المجهولة التي تشتت وعيه لم تستطع أن تجعل تلك النظرة تخفت.
كانت هي نفسها التي تظهر في الليل.
‘سأحميه بالتأكيد.’
مثل نظرة المرشدة الثالثة التي كانت تنظر إليه في الأسفل الآن.
حتى مع وجه غير مألوف و ملابس غير معتادة، كان بإمكانه التعرف عليها.
‘هيلاريا.’
للحظة، انتقلت نظراته إلى المرأة التي كانت ترتدي الآن زي الدوقة آرييل.
عيون شبه مغمضة أو موجهة للأسفل، شفتان مغلقتان بلا تعابير، شعر أحمر مصفف بدقة، و الزي الرسمي للسحرة.
‘بالتأكيد.’
إنه ذلك اللعين.
‘هل لهذا السبب استقبلته كضيف في برج السحرة؟’
بشكل أو بآخر، ضاقت عينا كايسيس قليلاً عندما أدرك أن هيلاريا تشارك الكاردينال سيروين مثل هذه الأسرار.
في الأسفل، استمر الحديث.
تقدم ديكاردو، الذي قام بتهدئة الوضع، و سأل المرأة الثالثة:
“مَنْ أنتِ و من أي عائلة؟”
“ليس لدي عائلة. أما الاسم.”
“الاسم؟”
“اسمي هو هيل.”
آه، اللعنة. كاد كايسيس أن يعض لسانه و ينفجر ضاحكًا بمجرّد أن سقطت هذه الإجابة.
‘هيلاريا. يبدو أنها اخترتِ اسمًا مستعارًا بإهمال شديد.’
ألم يكن من السذاجة أن تعتقد أنه لن يتعرف عليها بهذا الاسم؟
الشخص الواقف هناك.
“سجلوني كمرشحة ثالثة، من فضلكم.”
بطلة العيون الذهبية التي كانت تنظر إليه مباشرة.
كانت مرشدته الحقيقية، التي لا يعرفها أحد بعد.
****
كل شيء سيسير كما أريد.
كانت ليلييتا واثقة.
لأن الكاردينال المخيف و البارد، هانويل، وعدها.
ابتسمت ليلييتا بارتياح وهي ترى إيزوليت، التي تقدمت أمامها، تشحب بعد استخدام قوتها.
‘المرشدة الحقيقية للإمبراطور لن تظهر هنا اليوم. لو كانت في وضع يسمح لها بالكشف عن وجهها بجرأة، لما كانت تتسلل إلى الإمبراطور سرًا.’
ما زالت أسنانها تصطك عندما تفكر في ذلك اليوم.
لقد اعتقدت بوضوح أنها أمسكت بأثرها، و لكن كان هناك شخص يمكنه تحييد النظام.
على الرّغمِ من أنها كانت فرضية مشؤومة، فربما تكون المرشدة الحقيقية شخصًا ‘خارجيًا’ مثلها.
و إلا فكيف يمكن أن يحدث شيء كهذا؟
بقيت طريقة واحدة.
استغلال حقيقة أن الطرف الآخر شخص لا يمكنه أن يتقدم بجرأة، و من ثم انتزاع هذا المنصب من خلال إظهار قدرتها للعالم أجمع.
حتى لا يجرؤ أحد على الاعتراض.
و حتى لا تتمكن الدّوقة آرييل اللعينة من إيقافها.
‘حسنًا، لن أمنحها أي فرصة للتقدم منذُ البداية.’
لذلك انتظرت اللحظة الحاسمة.
بعد أن أظهرت إيزوليت الحمقاء قوتها السخيفة، ظهرت ليلييتا مظهرة قدرة أعظم.
كان يمكنها بسهولة أن تتصنع الابتسامة بخجل بينما تقدم صدمة مناسبة لمَن حولها هكذا.
نظرًا لوجود العديد من الأشخاص المتعاطفين معها في القصر الإمبراطوري، فسوف ينقلون القصة الحالية بمبالغة أكبر.
‘لا يمكن تجاهل الرأي العام.’
و بما أنها تلاعبت بالقطعة الأثرية، فسيتم اختيارها بثبات كمرشدة ذات أعلى نسبة توافق.
‘عندما يحين ذلك الوقت، لن يكون أمامكَ، أيها الإمبراطور، خيار سوى الاعتراف بي.’
إيزوليت لم تكن حتى عقبة.
بينما كانت ليلييتا تبتسم بجمال وسط الهتافات الموجهة إليها و تستعد للانتقال إلى موقع المرشحات.
حدث هذا التغير المفاجئ.
ضوء يكاد يعمي الأبصار.
شعر أحمر قانئ و كأنه يحترق، مثل شعر تلك الدّوقة اللعينة، على عكس شعرها الذي أضافت إليه اللون الأحمر بغير إتقان.
عيون ذهبية ساطعة و كأنها مصنوعة من ذهب مذاب متلألئ.
لكن دهشة ليلييتا لم تكن بسبب هذه الأسباب فقط.
‘هذا، هذا الوجه.’
ذلك الوجه الذي كان يحدق بها!
لقد كان هذا الوجه مألوفًا جدًا، و لم يكن يجب أن تراه هنا على الإطلاق!
‘إنها الغبية عديمة الفائدة في فريقنا!’
تدفق العرق البارد.
هل كانت تلك المرأة حقًا هي؟
‘لقد متنا معًا، فهل تجسدت تلك الحمقاء أيضًا؟ هل تلك الغبية التي لم تتمكن من توجيه أي شخص بشكل صحيح و كانت تجعل الإسبر يتقيأ، في نفس وضعي؟’
استقرت نظرة الحقد في عيني ليلييتا.
لا يمكن أن يكون… هل هذه هي المرشدة الحقيقية للإمبراطور؟
****
[مهارة: القناع]
استخدمتها دون تردد و وقفت أمام الناس.
ربّما كانت إحدى التأثيرات غير المتوقعة هي العبارة التي ظهرت عند استخدام القناع.
[يتم اختيار الوجه الأنسب لروحك.
يتم إنشاء وجه جديد يعكس وعاء الروح.
في مهمة الليل، كان هناك تأثير لتشتيت إدراك الطرف الآخر، لكن هذا التأثير يتم تقليله عند استخدام المهارة حاليًا.]
كم كنت مندهشة عندما نظرت في المرآة.
لقد نسيت الآن اسمي القديم و نسيت الكثير من الأشياء، لكن بمجرّد رؤية الوجه، تمكنت من التعرف عليه.
أنا القديمة.
أنا في الأيام التي كنت فيها مرشدة مدنية تتنفس في كوريا الجنوبية.
على الرّغمِ من أنه لم يكن الشعر الأسود و العيون السوداء الأصلية، إلا أنه قد تـم تعديله قليلاً، و أصبح الشعر الأحمر و العينان الذهبيتان الحاليان مناسبين تمامًا.
حدقت في عينيّ اللتين كانتا تلمعان بوضوح في المرآة، و اللتين كانتا تتحولان إلى اللون الذهبي فقط عند استخدام القوة، و كأنني أرى شيئًا رائعًا.
هذه أنا.
كان من الجيد أن أظهر بشكل درامي، بعد أن تركت سيروين يتنكر في هيئتي سرًا.
‘لم أتخيل أبدًا أن هناك مَنٔ سيتعرف على هذا الوجه.’
ليلييتا رادايك.
تلك النظرة الحادة التي تحدق بي.
ضحكتُ باستهزاء.
لماذا لم أدرك ذلك؟
تلك النظرة، تلك الشراسة، لم تكن غريبة عليّ.
أخيرًا، شعرتُ أنني أستطيع أن أعرف مَنٔ الذي استحوذ على جسد البطلة المشرقة الأصلية.
التعليقات لهذا الفصل " 143"