لكن هذا محال.
قد ينجح الأمر في الليل، لكن، أنا التي لم أنسَ وضع قناع الدّوقة آرييل، جمّدتُ وجهي و رددتُ ببرود.
“لا حاجة لتحية لا طائل منها. لديّ عيناي، و أستطيع أن أرى أن جلالتكَ عاد سليمًا تمامًا.”
“هاه، ما زلتِ باردة، أيتها الدّوقة.”
“دعنا نكمل الحديث الذي لم ننتهِ منه.”
من المحتمل أن تكون النظرة الحزينة التي أرسلها مجرّد وهم.
عندما تقابلت نظراتنا مرة أخرى، كان كايسيس بنفس مظهر الإمبراطور القاسي المعتاد.
“لابد أنكِ تلقيتِ تقريرًا من السحرة.”
أومأتُ برأسي. لقد انفجرت جثة المستيقظ داخل البوابة.
“هذا أمر غير عادي.”
هذا شيء لم يكن موجودًا في القصة الأصلية. بدا الأمر و كأنهم بدأوا بالاقتراب بطريقةٍ جديدة.
‘ربما كانت طريقة هانويل، الذي يتحرك تحت ستار نشر المذهب، مجرّد تمويه لتغطية عيوننا أنا و الإمبراطور’
لكنني لم أستطع معرفة سبب كونهم أقوياء إلى هذا الحد.
بغض النظر عن مدى التواء و تغير الأشياء، كيف يمكنهم وضع شخص داخل بوابة و تفجيره؟
“أيتها الدوقة، لا بد أن لديكِ شيئًا لتقدمي تقريرًا عنه أيضًا.”
كانت عيناه الضيقتان اللتان تحدقان بي تبدوان بطريقةٍ ما مستاءتين.
“لقد أصبح لديكِ ضيفان في برج السحرة.”
“نعم.”
“ما السبب؟”
عضضتُ شفتي عندما تذكرت كيف انتزع مني الوعد حتى شعر بالرضاخليلة البارحة.
“الآنسة أناييل من عائلة المرشدات طلبت الحماية.”
“هذا شيء أعرفه. و لكن الكاردينال؟”
“ذلك الشخص.”
لحظة، لماذا يبدو هذا و كأنه نسخة متابعة لما حدث الليلة الماضية. كان الأمر مثيرًا للسخرية. لم يكن لدي سبب لأتعرض للاستجواب.
على الأقل أنا الآن.
“إنه قرار يعود لظروف شخصية.”
“شخصية.”
“نعم، يا جلالة الإمبراطور، لا تخطئ الظن. لا يحتاج ضيوف برج السحرة إلى إذنكَ لاستقبالهم.”
“……أجل، كيف لي ألا أعرف ذلك.”
كانت الابتسامة التي تحوم حول شفتيه شرسة لدرجة أنني لم أجرؤ على مواجهتها و حوّلت نظري قليلاً.
لكن كايسيس لم يضغط عليّ أكثر بشأن هذه المسألة.
“جيد. لقد قلتِ إن ساحركِ قد أتم جميع الاستعدادات.”
“نعم. سنتمكن من اختيار المرشدة التي يمكنها الاتصال بالإمبراطور بأفضل شكل في أي وقت.”
انحنت عيناه الزرقاوان و كأنهما مستمتعان.
كما لو كان يتوقع شيئًا ممتعًا للغاية.
“إذًا، لنبدأ بشكل جدي، أيتها الدّوقة آرييل.”
أخفضتُ رأسي مثل تابع مخلص.
****
عائلة المرشدات التي أنجبت مرشدات الإمبراطور.
بالإضافة إليهم، كان العديد من النبلاء يطمحون إلى هذا المنصب.
في النهاية، أليست العلاقة بين المستيقظ و المرشد تشبه معجزة مقدسة، حيث يكفي أن يتطابق التوافق بينهما و حسب؟
الآن و قد فقدت عائلة المرشدات، التي كانت تحتكر هذا الأمر، ثلاثة مرشدات، و انتزعت امرأة مجهولة الهوية هذا المنصب منهم.
لقد عادت الفرصة إليهم.
تزايد حماس النبلاء، و أسروا المرشدات الأكثر تميزًا في عائلاتهم.
“تذكري هذا. هذا ليس مكانًا لتحديد ما إذا كانت تلك المرأة، ليلييتا، هي رفيقة الإمبراطور أم لا.”
كانت هذه هي المسابقة التي نظمتها الدّوقة آرييل.
قيل إن القطعة الأثرية للسّاحر ستجد المرشدة الأنسب للإمبراطور.
الرفيقة التي أعلن عنها الإمبراطور مبكرًا.
امرأة بعيون ذهبية و شعر أحمر.
حتى لو لم تكن تلك المرأة التي يبحثون عنها، فإن هذا يعني أنها يمكن أن تكون مرشدة الإمبراطور إذا كانت قدرتها أفضل!
سيكونون قادرين على المطالبة بذلك.
‘هذه فرصة!’
لمع الجنون في عيون النبلاء.
“كل ما عليكِ هو إثبات قدرتكِ المؤكدة. أي شخص يناسب الإمبراطور يكفي!”
تجمعت الغالبية ممن لديهم مرشدات في عائلاتهم و لديهم أحلام عظيمة.
لم يكن هناك ما يخسرونه في إجراء الاختبار على أي حال، لذا تجمعت حشود كبيرة عند مدخل ساحة التدريب المفتوحة خصيصًا في القصر الإمبراطوري لتجاوز المدخل.
بالطبع، كان من بينهم إيزوليت، مرشدة الإمبراطور المطرودة.
“ما كل هذه الثقة؟”
“إنها تحاول جاهدة أن تلتقط الحبل الذي سقط منها مرة واحدة.”
“أليست أقل شأنًا من تلك المرأة التي تدعى ليليتا؟”
كانت الهمسات المتمتمة نوعًا من التنافس.
بعد فترة طويلة من الفوضى و الهمهمات، ظهر الشخص الذي كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر.
الإمبراطور، كايسيس.
أقوى صاحب قدرة في هذه الإمبراطورية، لا، في هذه القارة.
إذا تم الكشف عن أن لديهن القدرة على تهدئة هذا الشخص كمرشدة، فستكون عائلاتهم و أقاربهم جميعًا سعداء.
“يا صاحب الجلالة.”
اتجهت أنظار المرشدات نحو امرأة ذات شعر أحمر.
المستيقظ و الساحرة.
وقف ممثلا المجموعتين هناك.
لم تكن الدوقة آرييل هي من نادت الإمبراطور.
كان ساحر شاب يقف بجانبها، وجماله كان مميزًا بشكل خاص.
فتح الساحر فمه بهدوء.
“كل ما عليكَ فعله هو إسقاط دم جلالتكَ على تلك الكرة الكريستالية.”
أخيرًا.
بدأت قلوبهم تنبض بقوة.
نظر الإمبراطور إلى الدّوقة آرييل مرة واحدة، ثم شق يده بوجه خالٍ من التعبير.
تقطر الدم بغزارة، بشكل مروع، في الكرة الكريستالية.
لكن الأمر الأكثر رعبًا هو أن الكرة الكريستالية امتصت كل دم الإمبراطور بعنف، و كأنها لن تفوت قطرة واحدة.
بينما كان الخوف ينتشر تدريجيًا بين الحاضرين، تقدم فارس يبدو أنه مستيقظ هذه المرة.
صاح الفارس، الذي يتمتع بأكتاف عريضة وقوية، و وجه عبوس، و شعر أحمر قصير ملفت للنظر.
“المرشدة التي تجتاز الاختبار الأول ستضع يدها على الكرة الكريستالية مع جلالته للتأكد من نسبة التوافق.”
انتشرت تعابير القلق بين الحاضرين.
“ما هو الاختبار الأول؟”
“لم نسمع بمثل هذا الحديث!”
“أليس من غير المعقول أن يهرع الجميع للتأكد من ذلك؟”
أمام المتنافسات، أضاء عمود رخامي عند مدخل ساحة التدريب.
عند الفحص الدقيق، كان نقش سحري محفورًا بنقوش دقيقة.
تقدم الساحر الشاب الذي كان يقف بجانب الدّوقة آرييل.
“حتى لو كانت نسبة التوافق عالية، إذا كانت قوة المرشدة منخفضة للغاية، فلن تتمكن من استخدام قوتها بفعالية. لأن وعاءها صغير.”
عندما أشارت اليد البيضاء إلى العمود، بدأ الضوء ينبعث من النقش السحري.
“لذلك، يتم تحديد قوة المرشدة، أو ‘وعائها’، في المرحلة الأولى. لا يمكن لمَنْ هم دون المستوى المطلوب أن يجتازوا.”
****
مَنٔ سيتجرأ على المحاولة أولاً؟
بدأ أولئك الذين كانوا يتبادلون النظرات في التحرك بسرعة.
“آه!”
ابنة نبيل إقليمي، التي دخلت دون خوف أولاً، سقطت على ظهرها مع صرخة متألمة.
ما الذي يحدث؟ عندما نظروا إليها في حيرة، هز الساحر الشاب رأسه و قال.
كانت نظرته قاسية رغم مظهره الودود.
“مَنٔ لا يجتاز الاختبار يعتبر راسبًا. تراجعوا إلى الخلف.”
بدا أن الاختبار نفسه لم يكن بسيطًا.
بدأ أولئك الذين جاءوا بنية ‘فلنجرب و حسب’ في التراجع.
في تلك اللحظة، خرج شخص ما بثقة من بين الحشود المترددة.
“ابتعدوا.”
كانت المرأة التي صرخت بحدة هي إيزوليت، المرأة من عائلة المرشدات الأصلية.
طقطقة، طقطقة.
مع صوت حذائها، سارت إيزوليت نحو المدخل.
عندما اقتربت من المدخل بخطواتها الواثقة، بدأ ضوء ساطع ينبعث.
طقطقة.
تجاوزت إيزوليت المدخل دون أي عائق.
“بالتأكيد.”
حدقت نظرتها الواضحة في الإمبراطور الجالس في الأعلى و كأنها تتحدّاه.
المستيقظ الذي كان وسيمًا بشكل رهيب، و الذي كانت تخشاه أكثر من أي شخص آخر في الماضي.
استدارت إيزوليت بسرعة، و حدقت في أفراد عائلتها الذين كانوا ينظرون إليها بإعجاب بفخر، ثم جلست في مكان الناجحين.
بعدها، خرج العديد من الراسبين.
لم ينجح شخص واحد بعد إيزوليت.
عندما بدأ الجميع يشعرون بالإحباط والاستياء، متسائلين عما إذا كان الأمر قد تقرر منذ البداية.
“هل يمكنني المرور؟”
تردد صوت لطيف.
آه، عرف الناس بمجرد رؤيتها.
إنها تلك المرأة.
المرشدة التي يحتفظ بها الإمبراطور في القصر، و التي قيل إنها قادرة على تهدئة عدد لا يحصى من الناس دون لمسهم.
ليلييتا رادايك.
سارت المرأة بهدوء، و وقفت عند المدخل وهي تبتسم بخجل للنظرات الموجهة إليها.
ثم…
انتشرت هالة من الضوء أكثر سطوعًا بكثير من ضوء إيزوليت بفرقعة.
عبست إيزوليت التي كانت تراقب المشهد، واتجهت نظرة ليلييتا الواضحة نحو الإمبراطور.
كما لو كانت تؤكد أنها هي الحقيقية.
بعد ذلك، لم يجرؤ أحد على التقدم.
مَنٔ يمكنه أن يتفوق على هذا الضوء الساطع؟ لن يتمكنوا حتى من المرور.
فتح فارس الإمبراطور الذي كان يراقب الموقف فمه.
“بهذا سننهي الاختبار الأول…”
لكن في تلك اللحظة.
شق أحدهم طريقه بين الحشود و خرج.
شعر أحمر ساطع و كأنه يتدفق، وجه أبيض و رقيق.
عيون حادة كعيون قطة، و عيون… ذهبية.
وجه غير مألوف.
وصلت المرأة، التي كانت ضبابية لسببٍ غريب، إلى المدخل.
و…
“آه.”
شعر المراقبون بأنهم قد يصابون بالعمى للحظة.
لأن ضوءًا أقوى من أي وقت مضى غمر رؤية الجميع.
التعليقات لهذا الفصل " 142"