لم أرَ كيف يهدّئ المرشدون، أو كما يُطلق عليهم هنا “الإنسانيون”، الهالات في هذا العالم الذي يمزج بين اللعبة و الرواية، لكن العملية الأساسية يجب أن تكون مشابهة.
مصدر قوة المستيقظين، أو كما يُعرفون هنا “الإسبر”، هو القلب.
عندما تنتشر القوة عبر الأوعية الدموية و تخلق معجزاتٍ باهرة، يعاني المستيقظون، الذين يملكون قوى لا يمتلكها البشر العاديون، من عيوبٍ جسدية.
ألـمٌ حارق، شعورٌ كأنّ اللحم و العظام تُكسر و تُسحق، صداعٌ يضغط على الأوعية الدموية في الدماغ كما لو كانت ستنفجر، و غيرها من الأعراض.
و عندما يستمرون في استنزاف قواهم إلى الحدّ الأقصى، يفقد المستيقظون عقولهم.
‘من هنا تبدأ المشكلة الكبيرة.’
يبدأون بالتّجوال كالوحوش بحثًا عن رفيقهم، المرشد المتوافق معهم، ليهدّئ ألمهم.
و هذه هي المرّة الأولى التي أرى فيها مستيقظًا في حالةٍ خطيرة كهذه دون أن يدمّر شيئًا أو يفقد السّيطرة.
نظرتُ إلى الشخص المضطرب أمامي، الذي يبدو مختلفًا كثيرًا عن المعتاد، و ابتسمتُ ابتسامةً مريرة.
‘بهذا المعنى، أنـتَ حقًّا…’
سامّ.
كنتُ دائمًا أجد بطل الرواية مزعجًا و مخيفًا و مرعبًا، لكن في هذه اللحظة، شعرتُ بالشفقة عليه.
كان كايسيس إمبراطورًا رائعًا إلى حدٍّ ما. كان متعجرفًا لكن ليس باردًا.
لم يكن طاغيةً يتجاهل واجباته و يستمتع بالترف و الرفاهية.
‘لذا لا يمكنني تجاهله تمامًا.’
كدوقة آرييل، لم أره قطّ في حالةٍ مضطربة كهذه أثناء مواجهاتنا.
بعيون المرشدة، كنتُ أرى بوضوح كيف تطعن قوته جسده و تؤلمه، لكن وجهه الوسيم الوقح لم يظهر اضطرابا أبدًا.
لذلك كان إنسانًا سامًّا.
لم أرَ مستيقظًا لم يجد مرشده يتحمّل بشكلٍ جيّد بهذه الطّريقة من قبل.
‘لو كنتُ أنا، لما استطعتُ تحمّله.’
لذلك، حتّى بعد موتي و عيشي بصحةٍ جيدة، كنتُ أفكّر بشكلٍ مبالغ فيه أنّ هذا ليس واقعًا بل عالم رواية.
لأنّه مختلفٌ جدًّا عن المستيقظين الذين واجهتهم في كوريا.
لم يدمّر محيطه، و لم يتقيّأ من اشمئزازه من إرشادي، ولم يبدُ أنّه سيتركني في بوابةٍ و يغادر.
رفعتُ يديّ بحذر و اقتربتُ منه.
كان صدر الرجل العاري، الذي يشبه التمثال، مثيرًا للقلق قليلًا، لكن لا يمكنني الخروج هكذا، أليس كذلك؟
“أنا هنا للمساعدة، لذا لا تقتلني. و لا تؤذني أيضًا.”
لم يكن هناك داعٍ للتحدّث بنبرةٍ متصلبة كالدوقة آرييل، لذا اقتربتُ مرتجفةً بنبرتي الأصلية.
حتّى لو بدوتُ بائسة، لا يهـمّ.
لا أحد يعرف مدى خطورة فئة S عندما تصل إلى حدودها.
كانت هناك حالات تمزّقت فيها أطراف مرشدين اقتربوا من مستيقظ فقـدَ عقله.
لكن هذا الرجل؟
‘فئة SSS، ما هذا الهراء؟’
كان هذا التصنيف ينبغي أن يوجد في الروايات فقط.
بينما كنتُ أقترب و أنا أبتلع دموع الدم، شعرتُ أنّ قوّة ساقيّ ستنهار و أسقط.
كيف اقتربتُ منه في المرّة السابقة، أمسكتُ يده، صببتُ قوّتي، و قبّلتـه، و نمنـا معًـا؟
كما هو متوقّع، عندما اقتربتُ و نظرتُ إلى عيني كايسيس، كانتا مضطربتين على عكسِ المعتاد.
‘هكذا، حتّى بدون تأثير النظام، لن يتعرّف عليّ.’
مع ازدياد ثقتي بنفسي، تفاقم شعوري بالشّفقة على الشّخص الذي أمامي.
‘ربّما كان يتحمّل هذا بمفرده دائمًا.’
غياب أيّ شخصٍ حوله.
بالتفكير في الأمر، كان غريبًا أنّ الفرسان كانوا بعيدين جدًّا حتّى عندما كان يعاني من خطر فقدان السّيطرة.
ربّما كان يفقـد عقله و يتحمّل الألم بمفرده كلّ ليلة.
ربّما آمن بـه الفرسان. آمنوا أنّه سيتغلّب عليه و يعود كالعادة.
“جلالتك، هل تسمعني؟”
“….”
“لا تفهم ما أقول، أليس كذلك؟ أعرف. رأسكَ مشوّش.”
بما أنّه لم يكن لديه مرشدٌ متوافق تمامًا، هل كان يبتلع النار و الجليد دون مضغهما في كلّ مرّة؟
“أممم، أنا تلكَ المرشدة من تلكَ الليلة. إذا سمحتَ لي بلمسكَ، يمكنني مساعدتكَ.”
لكن، كما لو كان يزيد الأمر سوءًا ، ومضت نافذة النّظام باللون الأحمر.
[مستوى خطر فقدان السّيطرة يرتفع!]
أعرف، أعرف.
لكن يجب أن أشرح بإنسانية.
ماذا لو بقـيت هذه الذكرى في ذاكرته؟
[مستوى خطر فقدان السّيطرة يرتفع!]
[مستوى خطر فقدان السّيطرة يرتفع!]
[قومي بالإرشاد لتهدئة الإمبراطور. مستوى خطر فقدان السّيطرة في ارتفاع!]
آه، حسنًا! أعرف!
صرختُ داخليًّا دون وعي و مددتُ يدي بسرعة.
كما فعلتُ في المرّة السابقة، أمسكتُ ذراع الرجل المتوتر بقوّة.
و فجأة، اجتاحني شعورٌ مذهل.
‘آه!’
دار رأسي.
سوف يتّم ابتلاعي.
لا، كنتُ بالفعل أُبتلَـع.
ضربني فيضانٌ من القوّة الخشنـة.
‘آه! هذا قويّ جدًّا!’
مجرّد تماس الجلد جعل الهالة الشرسة، التي كانت تمزّق المحيط، تخترقني.
“انتظر، لحظة!”
في الوقت نفسه، اجتاحت قوّة المستيقظ جسدي بعنف، و انتزعت شيئًا من داخلي.
كأنّها لا تريد أن تفوّت حتّى جزءًا صغيرًا من الهالة، كانت تكشط بعنف.
كانت تمتصّ طاقة الإرشاد الفائضة بنهمٍ و تسحبها.
اهتززتُ بعشوائية.
شعرتُ كأنّني سأصبح حبّارًا مجفّفًا هكذا.
‘آه!’
فجأة، انهارت قوّة ساقيّ و سقطتُ على سرير الإمبراطور كما لو كنتُ أتعثّـر.
ولم أستطع استعادة وعيي بعد.
ارتجف جسدي كلّه.
“من فضلك…”
أمسكت ذراعه فوق ملابسه فقط، كيف يمكن أن يكون جائعًا لهذه الدرجة؟
كانت هذه القوّة مختلفة عن تلك التي تحرّكت وفقًا لتعليمات إرشادي عندما كان تحت تأثير الدواء و فقـدَ عقله تمامًا.
كانت قوّةً جائعةً و خشنة.
حتّى أنا، الواثقة من قدرتي على توجيه هالات المستيقظين، كنتُ أُجَـرّ بعنف.
“آه! انتظر لحظة. لن أهرب إلى أيّ مكان!”
“لا، يمكن.”
ماذا يعني لا يمكن!
نسيتُ أنّ الإمبراطور ليس في حالة تسمح له بفهم الكلام و صرختُ بيأس:
“لا، هكذا سأنهار!”
لوّحتُ بيدي و دفعتُ صدره.
لم يتحرّك.
اضطررتُ إلى الإمساك بصدره و دفعه بقوّة، لكنّه لم يتحرّك.
بل عاد الأمر عليّ بقمع.
ظـنّ أنّني أحاول الهروب، فأمسك يدي التي تمسك بذراعه و سحبني عكسيًّا.
“أنـتِ…”
و اقترب المسافة فجأة.
جسدي، الذي كان ملقى كما لو كنتُ أتعثّر بجانب كايسيس، رُفع بخفّة و سقطتُ فوقه.
آه! صرختُ داخليًّا.
‘حتّى لو كان بهذه الحالة، أليس قريبًا جدًّا!’
حاولتُ التّراجع بينما أتلوّى، لكن وجهه كان أمام أنفي مباشرة.
“أممم، هذا، أعني…”
“أنتِ…”
“هل… تتعرّف عليّ؟”
لا يجب أن تتعرّف عليّ.
أبدًا.
انسكب شعري، مُحجبًا ضوء القمر للحظة ثمّ كاشفًا عنه.
كانت هذاه أوّل مرّة أرى عينيه المرتخيتين في حالةٍ شبه غائبة عن الوعي هكذا.
كنتُ أعرف أنّ الجليد الأزرق النقيّ هو القوّة الرئيسية التي يستخدمها.
غلاف الجزء الثاني من <الإمبراطور المجنون> كان يُظهِـر بطلًا يلوّح بالجليد و الماء، لذا لا شكّ في ذلك.
و عيناه كانتا تشبهان قوّته تمامًا.
دونَ وعي، أُعجبتُ بهذا الوضع القريب:
‘لونٌ جميلٌ كالجليد.’
بدلًا من العينين المرفوعتين كالسكين في التّهديدات المعتادة، كانت عيناه المرتخيتان تملكان سحرًا يجذب الأنظار كقطعةٍ معروضة في متحف.
لذا، لم أنتبه إلى يـده التي تسلّقت كالأفعى و أمسكت خصري بقوّة، ولا إلى أنفاسه القريبة التي أصبحت خشنة كما لو كانت تدرك وجودي تدريجيًّا.
في لحظةٍ ما، لامـسَ شيءٌ ما خدّي.
“ها؟”
“مرشدتي…”
رمشتُ بعينيّ بدهشة، ثمّ أدركتُ أنّها يـد كايسيس.
كانت لمسةً ناعمة بشكلٍ لا يصدّق بالنّسبة للإمبراطور الوقـح المعتاد.
“هل أنـتِ مرشدتي؟”
تجمّدتُ دونَ وعي، و يـده التي رفعت شعري غطّت خدّي بكامله.
كما يليق بمستيقظٍ من الطراز الأعلى يتعافى حتّى بعد التحطّم، كانت يـده ناعمةً على الرّغمِ من خوضه المعارك مرارًا.
“أنا أتألم. كنـتُ أتألم دائمًا. لكن…”
كلّما زادت مساحة التّماس، زادت كمية الطاقة الممتصة.
“آه…”
نظر إليّ بعيونٍ زرقاء بينما أنفاسي تتسارع.
شعرتُ بالخجل من الوضع و الإرشاد غير المألوفين.
نعم، هكذا كان الأمر في تلكَ المرّة أيضًا.
عندما لامستني يـدٌ ناعمة و ودودة، فكّرتُ أنّ هناك مستيقظًا لطيفًا كهذا.
شخصٌ يريد قوّتي.
أردتُ أن أعطيه المزيد من القوّة، أن أخفّف ألمه، أن أساعده.
هكذا درات أفكاري.
“مَـنْ أنـتِ؟”
“هذا…”
“كيف…. تتحمّلين هذا؟”
شعرتُ بموجات المستيقظ ترتفع على رقبتي و انكمشت كتفاي.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"