تظهر في البوابة تضاريس مختلفة، و كانت هذه المرة عبارة عن سهل ممتد لا نهاية له.
‘على الرغم من أنها ليست خطيرة، إلا أن لديها عيبًا يتمثّل في أنها تستغرق وقتًا طويلًا.’
ألقى الفارس كايل، الذي يستخدم قوة الرياح، نظرة خاطفة على سيّده الذي كان صامتًا بجانبه.
‘حجر العودة، يا له من شيء.’
كان ما حدث قبل الدخول إلى البوابة لا يزال مدهشًا في كلّ مرة يفكّر فيها.
لقد كان يعلم بالفعل أن الدّوقة و سيّده قد بدآ يبعثان جوًا غريبًا لم يكن متوقعًا بعد البوابة.
‘حتى الدوقة تصرّفت هكذا.’
لقد رأى كاييل بوضوح اللحظة التي اهتزّ فيها تعبير الدّوقة آرييل البارد مثل الجليد بسبب تصرف جلالة الإمبراطور المفاجئ.
لم يكن بالإمكان إخفاء احمرار أذنيها الذي انتشر بسرعة.
‘الدوقة تخجل…’
اهتزّ جسد كايل بالكامل.
ماذا سيحدث في المستقبل؟
قام كايل بتمرير الرياح على شكل نصل نحو مجموعة من الوحوش المتحركة، و مسح بعصبية الدم الأخضر الذي تناثر عليه.
‘كما أن السحرة مندمجون بشكل جيد أيضًا بشكل غير متوقع.’
بخلاف ليلييتا، كان هناك دائمًا عيون مراقبة تتبعها في كلّ ما تفعله.
بالطبع، شعر معظمهم بالإعجاب تجاهها. لم يكن كايل مختلفًا في البداية.
‘كما هو متوقع، حدس سيّدي لم يخطئ أبدًا.’
على الرّغمِ من هذا الجوّ الودّي، فإن حذر كايسيس الحاد لم يخـفّ أبدًا.
كانت المرأة تزرع ببراعة بذور الخلاف بين السحرة و المستيقظين.
‘لو كان الأمر في الماضي، لكانت فعّالة.’
لكن قبل أيام قليلة، ألم يأمر سيّدهم بنفسه بالتعايش بسلام؟
عندما يكون قادة المجموعتين يبثّون جوًا من المصالحة، لم يكن هناك الكثيرون الذين يجرؤون على الثرثرة علانية.
و أردييل. كانت تلك المرأة في كثير من الأحيان تتحدّث بعفوية لتكسب إعجابه، و لكنه كان يدير ظهره فتصمت بتعبير محرج.
“يا صاحب الجلالة، في البداية ظننتُ أنه سيكون من الصعب التكيّف، لكن مشاركة السحرة في المعركة ليست صعبة كما ظننت.”
اقترب كايل من كايسيس، الذي لم يكن يبدو منزعجًا، و تحدّث بعناية.
رفع سيّد الجليد، الذي كان قد سحق للتو وحشًا ضخمًا على شكل حشرة، عينيه الزرقاوين الباردتين و نظر إلى مجموعة من الأفراد يتحركون بانشغال مع الفرسان.
كان السحرة الذين يرتدون شيئًا فريدًا على رؤوسهم يتحدّثون مع الفرسان.
“يا أيّها البشر الجاهلون، لماذا ترمون هذا بعيدًا!”
“آه، هل كان عليّ أن أعرف ذلك؟”
“كان يجب عليكم جمعه! لا، لماذا هذا، يا له من إزعاج! لو لم يكن سامًا، لكنا جمعناه نحن. أنتَ هناك، أيّها الفارس، لماذا تقف مكتوف الأيدي!”
“…آه، سأجمعه إذًا. سأجمعه!”
إذا كان يمكن اعتبار ذلك حوارًا.
و مع ذلك، إذا فكّرنا في الماضي عندما كانت المجموعتان تتبادلان النظرات فقط، و تستلّان السحر و طاقة المستيقظين و كأنهما ستذبحان بعضهما البعض بدم بارد، فهذا وضع جيد.
في تلك اللحظة، لاحظ كايل أن كايسيس كان يمسك بشيء في يده و يحرّكه.
‘آه، حجر العودة ذاك.’
عند التفكير فيه مجددًا، كان هذا الشيء مذهلًا للغاية.
السبب في صعوبة الدخول إلى البوابة هو أنه بمجرد الدخول، يتمّ عزلهم حتى ظهور مخرج، في وضع لا يعرفون فيه ما بالداخل.
حتى أقوى المستيقظين قد يموتون داخل البوابة إذا لم يكن التوافق مناسبًا.
و لكن حجر العودة…
لطالما قاتل الفرسان معرّضين حياتهم للخطر، معتقدين أنه حتى لو حدث أسوأ سيناريو مروع، يجب أن ينجو سيّدهم.
لكن الدوقة آرييل الباردة قامت بصنع هذا الشيء المعجزة، الذي بدا و كأنه تقدير لمشاعرهم.
“هل تمّت تسوية الشائعات؟”
شدّ كايل انتباهه.
“نعم، جلالتكَ. لم يكن التأثير كبيرًا كما كان متوقعًا.”
“ما وراء تلك المرأة لا يزال يحاول خلق الخلاف بين السحرة و المستيقظين.”
كان الأمر كذلك منذ البداية.
أفضل طريقة لتقويض الإمبراطورية هي تدمير الأعمدة التي تسند بعضها البعض.
‘لهذا السبب كان جنون البوابة يهدف إلى كلّ من سيّدي و الدوقة في وقت واحد.’
رمش كايل، الذراع الأيمن الذكي للإمبراطور .
يبدو أن سيّدهم قد أعجب بحجر العودة هذا كثيرًا.
و أيضًا بمشاعره تجاه الدوقة.
و في الوقت نفسه، لم يكن مزاج كايسيس سيئًا كما اعتقد فارسه الذكيّ.
بل لم يكن سيئًا على الإطلاق. لقد كان أفضل من أيّ وقت مضى.
على الرّغمِ من أنه كان يشعر دائمًا بالسوء عندما يكون داخل البوابة، إلا أنه الآن لا يشعر حتى بالألم الخفيف الذي ينتشر في كلّ مرة يستخدم فيها قدرته.
‘هيلاريا.’
هو الآن يعرف كم تبتسم بهدوء و جمال رغم وجهها البارد.
كما أنه يعرف سرّها في أنها تشعر بالانزعاج و الاستياء في داخلها عندما يتلقّى “الإرشاد” من شخصٍ آخر، على الرغم من أنها ترتدي وجهًا باردًا كقناع.
هي فقط.
‘أريد أن أراها.’
مع هذا الوعي الواضح، قام بلمس حجر العودة الذي كان في يده.
بمجرد الشعور بملمسه في يده، اشتعلت رغبته أكثر.
أراد رؤيتها.
أراد أن يعرف ما الذي تفكّر فيه.
أراد التحدّث مع هيلاريا تحت أشعة الشمس الساطعة، و ليس التحدّث مع وجهها الضبابي في أعماق الليل.
أراد فقط أن يرى عينيها أمامه.
عندها حدث ذلك.
“……!”
استعاد كايسيس وعيه و كأن ماءًا باردًا صُـبّ عليه، بينما كان يتذكّر شعرها الأحمر الواضح، و عينيها الذهبيتين اللتين تشتعلان عندما كانت تستخدم قوتها عليه.
فجّر قوته في كلّ اتجاه دون سابق إنذار.
انتشرت أعمدة جليدية ضخمة في كلّ مكان، تحيط بهم بالكامل و كأنها قصر.
“يا صاحب الجلالة، ماذا هناك؟”
كانت هذه اللحظة التي تفاجأ فيها الجميع، الذين كانوا يجمعون مخلفات الوحوش و يقتلون تلك التي ابتعدت عن القطيع.
─كواااااانغ!
حدث انفجار هائل.
كانت موجة قوة مروّعة.
انتشرت قشعريرة مخيفة.
و لكن بفضل الحاجز الجليديّ الذي نشره كايسيس في كلّ مكان، و الذي كان أشبه بقصر، لم يصب أحد بأذى لحسن الحظ.
“……ههك!”
“ما، ما هذا بحقّ الجحيم؟”
انتقل كايسيس على الفور إلى مركز الانفجار بوجه متصلّب.
كما أن الفرسان و السحرة الذين تبعوه لم يستطيعوا إزالة تعابيرهم الجادّة.
قوّة انفجرت دون أيّ أثر.
ماذا كان سيحدث لو لم يستخدم كايسيس قوته في فخّ القنبلة ذاك؟
علاوةً على ذلك.
“جـ، جلالة الإمبراطور.”
“…….”
“هل أشعر، بشيء خاطئ؟ هذه الهالة…”
“لا.”
عبس كايسيس وهو يسمع صوت كايل المرتبك.
إنه ليس شعورًا خاطئًا.
القوة التي انفجرت في كلّ اتجاه.
كانت هذه هالة مستيقظ.
“…بشري.”
في مركز الانفجار، في الأرض الغائرة، كان هناك شيء متفحّم.
جثّة بشرية، أو بالأحرى، جثّة مستيقظ خرج عن السيطرة.
صمت الجميع.
هم وحدهم مَنٔ دخلوا البوابة. و لكن كيف لجثّة بشرية مجهولة الهوية أن تظهر هنا؟
علاوة على ذلك، كانت بوضوح قوّة مستيقظ.
في تلك اللحظة التي كان فيها الجميع في حالة صدمة، شعر كايسيس بشعور غريب لا يتناسب مع الموقف.
شعور مزعج و غير سارّ.
شعور قذر و كأنّ شيئًا شبيهًا بالحيوانات يدوس على شيء ثمين لديه.
‘هاه.’
سحب كايسيس قوته و ضغط بقوّة على صدره.
لقد كان شديد الحساسية للطاقة، و شعر بشيء متّصل بقلبه.
لقد كان يعلم أن هذا الشيء يمكن أن يفرض قيودًا على تصرّفاته و يغيّر عواطفه.
‘هذا هو الأمر.’
أصبحت عيناه الزرقاوان باردتين في لحظة كالجليد الذي يستخدمه.
‘هيلاريا.’
شريكته القاسية تستخدم تلك القدرة المبهجة على شخص آخر.
شعور و كأنّ شيئًا ثمينًا ينسحب منه.
ضرب قلبه بشدّة، غارقًا في شعوره بالغيرة.
لقد شعر بهذا الشعور القذر عندما سقطت في البوابة، و عندما ظهرت حاملة ذلك الأثر اللعين.
نظر كايسيس إلى الأسفل بهدوء و ابتسم .
في تلكَ اللّحظة ، نظر الفرسان الذين كانوا بجانبه إلى سيّدهم بدهشة.
على الرّغمِ من أن سيّدهم كان الأجمل بلا شك، إلا أن تلك الابتسامة الباردة و المغرية كانت مخيفة و كأنها تجمّد قلب الإنسان.
“سنعود.”
ابتسم المستيقظ ابتسامة شرسة و كبت تلك الموجة في صدره.
“في أسرع وقت ممكن.”
و هذه الليلة، سيجعلها تأتي إليه حتمًا.
في تلك الليلة التي لا تتذكّرها هيلاريا، قام بوعدها.
ألا يتلقّى هو القوة من أيّ شخص آخر، و أن تركّز هي عليه هو فقط.
إذا كانت شريكته قد انتهكت هذا الوعد و تصرّفت من تلقاء نفسها، ألا يجب أن تعرف كيف تهدّئ المستيقظ الذي غمرته الغيرة؟
─كوا كوا كوانغ!
اخترقت رماح الجليد الممتدّة في كلّ مكان الأعداء المختبئين في الأرض دون رحمة.
انتشرت الأرض بالدم الأخضر مع أصوات قاسية و مروّعة.
التعليقات لهذا الفصل " 135"