كانت النظرة التي تخلّت عن هدوئها المعتاد تبدو يائسة إلى حدّ ما.
في اللّحظة التي التقت فيها عينيّ بسيروين الذي كان يبدو وكأنّه يحترق من الحرارة، انبعث إشعار النّظام.
─ دينغ
[إنه متعاون النّظام.
و هو أيضًا مستيقظ مختوم يمتلك نسبة عالية.
لكن، كن حذرًا.
سيروين هو أيضًا شخصيّة من هذا المكان.
لا تنتهك شخصيّة الدّوقة آرييل بشكل كبير، مهما كان الشّخص ودودًا.]
وافقتُ في داخلي.
‘بالتّأكيد أصبحت أكثر استرخاءً أمامه.’
ألم تحذّرني لوسي عدّة مرّات؟
كان لا يزال عليّ أن أؤدّي دور “الدّوقة آرييل” بشكل مثاليّ.
كانت يدا الرّجل تتحرّك بسرعة، معتقدًا أنّ ردّة فعلي الصّامتة كانت موافقة ذات معنى إيجابيّ.
اقتربت يده الكبيرة والنّاعمة بلطف، وأمسكت بمعصمي و سحبته نحو فمه.
عبستُ قليلًا.
لزيادة كفاءة الإرشاد، كان التّلامس أفضل بالتّأكيد، لكنّ سيروين لم يكن يتمتّع بتصرّف جيّد.
‘سيكون من الصّعب أن يترك علامة.’
إذا حدث ذلك، فسوف يغضب كايسيس مرّة أخرى…
توقّفتُ عن التّفكير فجأة.
لا، لماذا يخطر لي هذا الرّجل الآن؟
لم أتمكّن من معرفة السّبب، و لكن في اللّحظة التي كادت فيها شفاه سيروين الحمراء أن تلمس معصمي الدّاخليّ، سحبتُ يدي بعيدًا.
“عزيزتي… هل ستفعلين هذا بي؟”
اختلط في صوته المأساويّ النّادم قدر كبير من الإحباط.
كنتُ أعلم ذلك أيضًا.
كان سيروين يتعاون معي بجدّيّة متجاهلًا ظروفه، وأنّ هذا القدر من الإرشاد لم يكن حتّى شرطًا للتّعاقد.
‘و لكن.’
ابتلعتُ الشّعور المزعج الذي جعلني أشعر و كأنّي شاهدتُ عينيّ كايسيس الزّرقاوين المتوهّجتين بغضب بشكل حيّ، و أمسكتُ يدي التي تراجعت بقوّة.
أخفيتُ قلبي الذي بدأ يشعر ببعض الأسف و رفعتُ رأسي بوقاحة.
“ابتعد. أنـتَ قريب جدًا.”
“آه، هذا مؤلم حقًّا. كنتُ أعلم أنّكِ تتعاملين معي باستخفاف، لكن تجاوزي الأمر هذا المرّة. أنا لا أبالغ حقًّا، يا سموّ الدّوقة. أنا أتألّم كثيرًا.”
عندما لوّحتُ بيدي لإبعاد الكلب الذي كان يتشبّث بي، خفض سيروين رأسه قليلًا و خفّف من حدّة زاوية عينيه.
سخرتُ في داخلي.
‘يحاول التّظاهر باللطف.’
نظر سيروين إلى تعابيري التي هدأت قليلًا و همس بابتسامة متلألئة على شفتيه.
“لماذا؟ هل أنتِ متوتّرة لأنّ رجلًا وسيمًا يبتسم أمامكِ، عزيزتي؟”
تجمدت على الفور.
بالطّبع كنتُ أعلم أنّ سيروين رجل وسيم، لكنّني كنتُ الشّخص الذي واجه كايسيس، أقوى و أوسم رجل في العالم دون منازع، منذ اللّحظة الأولى للتّجسيد لذلك اعتادت عينيّ على وجهه.
‘كما أنّ ذلكَ الرّجل يمتلك لطفا و إغراء أكثر من هذا بأضعاف.’
خاصّة عندما يبتسم بعينيه بعد أن يتراخى من تلقّي الإرشاد في اللّيل، كان قلبي حقًّا…
‘آه، ما الذي أفكّـر به الآن؟’
شعرتُ و كأنّ شيطانًا قد استحوذ عليّ.
هززتُ رأسي مرّة واحدة و مددتُ يديّ.
نظرتُ إلى الرّجل الذي فتح عينيه على اتّساعه و كأنّه لا يعرف ما أفعله، و أمسكتُ بياقة قميصه بيد واحدة و سحبتُه ليقترب منّي أكثر.
اقتربت المسافة فجأة. عندما أصبحت المسافة بيننا قريبة لدرجة أنفاسنا كادت أن تتلامس، أصبحت تعابير سيروين الماكرة محرجة.
“آه، عزيزتي؟ ما الذي تفعلينه الآن؟”
“لا أعتقد أنّ الطّريقة مهمّة.”
“نعم؟”
“الأهمّ هو الحصول على القوّة و حسب.”
دون تردّد، مددتُ يدي و وضعتُها على جبين الرّجل الأملس الذي كان قريبًا جدًا منّي.
كان هذا يعني أنّني كنتُ أمسك بياقة سيروين بيد واحدة و بجبينه باليد الأخرى.
تأرجحت عينا سيروين الخضراوان بعنف، وكأنّه لم يتوقّع هذه الطّريقة على الإطلاق.
ابتسمتُ قليلًا و بدأتُ في إطلاق القوّة.
“لا، ليس كذلك، بطريقة أكثر حنانًا و لطفًا…”
“اصمت.”
شعرتُ بوضوح أنّ طاقة الإرشاد التي بدأت بالتدفّق تنجرف و تمتصّ نحو الشّخص الآخر.
كان مظهر سيروين و هو يغمض عينيه قليلًا بارتعاش، غريبًا جدًا، ممّا يزرع شعورًا غريبًا في أيّ شخص يراقبه.
عندما بدأتُ الإرشاد، ظهرت نافذة النظام بشكل طبيعيّ، و صببتُ القوّة حتّى استقرّت أثناء النّظر إلى القيمة المكتوبة فيها.
ثمّ سحبتُ يدي.
“هاه.”
بدا وكأنّه مرتاحًا أكثر، يبتسم بارتياح مع تنهيدة عميقة.
كنتُ مرشدة على أيّ حال.
على عكس حياتي السّابقة، لم يكن مظهر الشّخص الآخر وهو يبتسم و كأنّه قد تمّ إنقاذه بعد تلقّي قوّتي أمرًا سيّئًا.
“هذا يكفي، أليس كذلك؟”
“آه، نعم، لكنّني أشعر ببعض الفراغ. عزيزتي، هل كنتِ تكرهين حقًّا أن أقبّل معصمكِ؟”
“لسانكَ بذيء جدًا.”
“لا، انتظري لحظة. هل تصفين ذلك بهذه الطّريقة؟”
لم أهتمّ بوجهه الذي تجعّد و كأنّه مصدوم، و قرّرتُ أن أقول ما يجب أن أقوله و حسب.
“ضيف برج السّحر، صاحب السّعادة الكاردينال سيروين. احزم أمتعتك و ادخل. اليوم، حالًا.”
“على الرّغم من أنّني صاحب السّعادة الكاردينال… إلّا أنّ أمركِ يا سموّ الدّوقة طبيعيّ جدًا. ولكن لماذا؟ لا أستطيع أن أكرهكِ أبدًا.”
“هراء.”
“تقولين هراء ، يا عزيزتي. ألا تسمعين نبض قلبي من هناك؟ آه، أنا في ورطة. أنا حقًّا في ورطة. لم يكن لديّ مثل هذا الذّوق، لكن يبدو أنّني سأعتاد على التّحرّك بناءً على الأوامر.”
كان هذا الرّجل حقًّا خاليًا من الجدّيّة.
“توقّف عن المزاح.”
هززتُ رأسي و سألتُ بتعبير قويّ.
“إذًا. هل تمّت الصّفقة؟”
“كم أنتِ قاسية.”
“أجـب.”
حتّى مع كلماتي القاسية، ابتسم سيروين ابتسامة عريضة.
“نعم، سأفعل. استخدمي هذا الجسد كما تشائين، يا صاحبة السموّ. سأصمت و أكون بديلكِ.”
“جيّد.”
ابتسمتُ بارتياح.
طالما أنّه صامت، فسيبدو مثلي، لذلك دخل بديل مفيد بشكل غير متوقّع إلى حياتي.
جيّد جدًا.
[تهانينا!
يتمّ ملء خانة المهارة.
المهارة: القناع
الشّخص البديل: سيروين
هو مَنٔ أقسم لكِ بالولاء.
لن يخونكِ سيروين حتّى في مواجهة الموت.]
“…..”
لم تعجبني الجملة الأخيرة، لكن على أيّ حال، بهذا أكملتُ كلّ الاستعدادات.
“إذًا عزيزتي، سأذهب لأحزم أمتعتي كما أمرتِ، هل ستنسين إعطائي الغرفة المجاورة؟”
“انتظر…”
“سأعود بسرعة!”
اختفى الكاردينال الذي كان يتمتم بخطواته بسرعة باستخدام قدرة النّقل و كأنّه قلق من أن أغيّر رأيي.
تنهدتُ بعمق، و حدّقتُ في الأوراق المكدّسة مثل الطّوب بنظرة كراهية و بدأتُ بالتّوقيع.
بعد فترة وجيزة، طرق أحدهم الباب.
كان الضّيف التّالي الذي يجب أن ألتقي به بعد سيروين، حتّى في خضمّ روتين عملي المزدحم و الأكثر جنونًا من المعتاد.
“ادخل.”
ما ظهر من خلال فتحة الباب المفتوح هو التّعبير الثّابت المعتاد، و الشّعور النّضر بالخشب و الطّين الذي لم يتمّ تخزينه بالكامل بعد، و مالك الشّعر الأحمر القصير.
“هل استدعيتني، يا صاحبة السموّ؟”
أومأتُ برأسي.
“ادخل، أيّها الفارس ديكاردو.”
****
بدا أنّ ديكاردو قد نسي كيف يتنفّس بسبب التّوتّر المروّع.
‘بأمر من جلالة الإمبراطور، لم أدخل إلى البوابة و توليت أمر المراقبة.’
لكنّ الدّوقة آرييل، التي كانت تعلم ذلك بوضوح، قالت له هذه الكلمات بمجرّد أن استدعته و رأت وجهه:
“أنـتَ تتولّى مهمّة مراقبة تلكَ المرأة بالإضافة إلى مراقبتي، أليس كذلك؟ أعلم أنّ فارسيّ الإمبراطور الأيمن و الأيسر هما المسؤولان عن ذلك تحديدًا.”
تلك المرأة.
ليلييتا رادايك.
عندما أومأ ديكاردو برأسه ببطء، حدّقت الدّوقة قليلًا في زاوية عينيها و كأنّ الإجابة قد أرضتها.
لقد أصبح مذهولًا مرّة أخرى.
‘إنّها تبتسم بهذه الطّريقة.’
شـدّ على قبضته بقوّة لأنّ هذا المنظر بدا و كأنّه عالق في قلبه.
‘شعوري…’
كان شعوري جيّدًا حقًّا.
‘لم تكن حالتي جيّدة مؤخّرًا.’
هذا الشّعور بالقدرة على التّنفّس أخيرًا.
صوت الدّوقة آرييل الذي سمعه من مسافة قريبة، و نظراتها التي التقت بعينيه عن قرب.
احمرّت أذناه على الفور.
كان جسده يهتف من تلقاء نفسه بدلًا من مالكه البليد.
‘بالتّأكيد، حدث شيء ما بين هذا الشّخص و بيني في ذلك اليوم.’
لكنّها الدّوقة.
هذه الدّوقة آرييل.
‘لماذا أشعر و كأنّ قلبي ينبض، و هذا الشّعور الذي لا يمكنني تحمّله، و كأنّني أمام مرشدة؟’
اهتزّ حلق الفارس.
تلاشت الأحداث التي وقعت داخل البوّابة و اختفت كسراب من ذاكرته، لكنّ علامات واضحة ظلّت على جسده.
شعور غريب
أراد أن يمسك بيد الدّوقة آرييل.
“لذلك أريد أن أطلب منكَ طلبًا، أيّها الفارس. أثناء إبلاغ الإمبراطور بمراقبتها، أريد أيضًا أن تبلغني بذلك.”
كانت الدّوقة التي لا تعلم ما يدور في ذهن الفارس ذي المظهر القويّ، تصدر تعليمات العمل بملامح خالية من التّعابير كالجليد.
التعليقات لهذا الفصل " 133"