اقترب سيروين و وضع طرف إصبعه على خدّي دون أيّ تردّد، ثم ضيّق إحدى عينيه و ابتسم ابتسامة غامضة و مثيرة.
“إنّه ساخن، أليس كذلك؟”
مشكلة هذا الإنسان هي وجهه.
بسبب خبثه الفطري و جماله المنحلّ، كنتُ أشكّ بشكل طبيعيّ في أنه قد يكون زعيم الأشرار.
لم أستطع تحمل تلك اللحظة الوجيزة التي لامسني فيها، فقمتُ بضرب إصبع يده الآثم الذي كان يمتصّ طاقة الإرشاد مني.
“لا تحاول التلاعب بي.”
“آه، يا للأسف. هل عرفتِ أنني كنتُ أتلاعب بكِ؟”
“أبعد يدك.”
“حسنًا، حسنًا، سأطيع الأمر.”
رغم أن مظهره كان بريئًا و خاليًا من أيّ نوايا عندما نفض يده المضروبة و ابتعد و كأنّه لم يكن يبتسم بغموض قبل لحظة.
عندما حدّقتُ به بصمت، سحب سيروين على الفور زاوية عينه إلى الأسفل و تكلّم بصوت ضعيف و مريب.
“ولكن، فكّري في الأمر، يا عزيزتي. سموّ الدوقة العظيمة. لقد استدعيتِني بحجّة أمر عاجل، وعندما وصلتُ مسرعًا، تخلّيتِ عن ضيفكِ و اختفيتِ. هل تعلمين كم شعرتُ بالإهانة؟”
“…….”
لم يكن لديّ ما أقوله في هذا الشأن.
هل كنتُ أعلم أن كايسيس سيتحرّك فجأة؟
‘لم يكن لديّ خيار بسبب حجر العودة.’
هممم، كان عليّ أن أعتذر، لكن كان من الصعب جدًا أن أقول تلك الكلمة لسيروين لسبب غريب.
لماذا؟ هل لأنه مساعد أعطاني إياه النّظام؟
أم بسبب تلك الابتسامة التي تجعله يبدو وكأنه يمكن أن يساعدني و يقف إلى جانبي في أيّ وقت؟
هل بسبب الوعد الذي قطعه لي؟
لكن الكاردينال الذكيّ تصرّف وكأنه يعرف أنني كنتُ أشعر بالحرج لعدم تمكّني من تقديم كلمة اعتذار واحدة.
على الفور، انحنى على ركبة واحدة، و تحدّث بتعبير يشبه وجه “القط ذو الحذاء” عندما ينظر بعينين متوسّلتين.
“عزيزتي، في الواقع، يجب أن تمدحيني.”
“ماذا؟ ما هذا الكلام المفاجئ؟”
“لأنني قمتُ للتوّ بالتخلص من جرذ صغير.”
ماذا يعني هذا أيضًا؟
بينما كنتُ أحدّق به بحيرة و تفاجئ، أمسك سيروين بإحدى يدي بشكل طبيعيّ و وضعها على رأسه وهو لا يزال جاثيًا.
ثمّ بدأ بفركها و كأنه يطلب مني أن أربت على رأسه.
كان يشبه تصرّف كلب كبير يدفع وجهه للأمام ليُطلب منه أن يُربت عليه بسرعة.
و بينما كنتُ أربتُ على شعر سيروين بغير قصد و أفكّر كم هو ناعم شعره، قال:
“مرشدة الإمبراطور المزيفة كانت تتجوّل في الجوار. هل تعلمين، يا عزيزتي؟ إن تلك المرأة تفوح منها رائحة كريهة للغاية. ستعرفين، أنتِ الذكية، مَنٔ هو الشّخص الآخر الذي تفوح منه مثل هذه الرّائحة.”
من الواضح أن هناك قوة تتعاون مع تلك المرأة، التي ليست بطلة الرواية الأصلية، و تساعدها على التحرك.
و كنتُ أشكّ في أن هانويل، أي قائد الاشرار، يقف وراءها.
‘هل حاولتْ العبث بقطعة أردييل السحرية بطريقة ما؟’
حدّقتُ بصمت في الرجل الوسيم الذي استمرّ في التصرف بمكر، ثمّ تنهّدتُ و تفوّهتُ بطلبي.
“أولًا.”
لم أنسَ أن أمسك بخصلة الشّعر التي كنتُ أربت عليها و أقبض عليها بقوة.
“لنتبادل الحديث.”
“آغغ، يا عزيزتي! شعري، رأسي!”
“لنعقد صفقة.”
“همم؟ فجأة هكذا؟ أيّة صفقة؟ أنا مستعدّ لفعل أيّ شيء تطلبينه، و لكن أرجوكِ اتركي رأسي أولًا…”
أخذتُ نفسًا عميقًا و تحدّثتُ بسرعة.
“تعال كضيف إلى البرج السحريّ. سأمنحكَ الغرفة المجاورة لي.”
“…….”
بدا من عينيه المتسعتين أنه تفاجأ حقًا، و هذا أعجبني كثيرًا و كأنني وجّهتُ له ضربة قويّة.
“هاه؟ ماذا قلتِ؟”
“لماذا، هل أنتَ منزعج؟”
“لا، ليس انزعاجًا، و لكن…”
تركتُ ضحكة تنساب بشكل طبيعيّ، ثمّ تركتُ خصلة شعر سيروين التي كنتُ أمسك بها بقوة.
بعد ذلك، أمسكتُ بكتفه و جعلتُه يقف.
إلى متى سيبقى هذا الإنسان جاثيًا هكذا رغم انه كاردينال؟
“لحظة، الغرفة المجاورة لغرفتكِ؟”
“نعم.”
“المجاورة!؟”
“هذا صحيح. لماذا؟”
ماذا يفكّر به ليجعل تعابير وجهه تبدو و كأنه سيُغمى عليه؟
لسبب ما، شعرتُ بالإنزعاج، فحرّكتُ يدي و ضربتُ بها وجنة سيروين.
“لا تبتسم هكذا. سأشرح لك، أنت تعرف هويتي.”
“أجل، أجل. أعرفها.”
“أعتزم المشاركة في اختيار مرشدة الإمبراطور. لمنع ليلييتا، تلك المرأة، من الحصول على ما تريده.”
ساد صمت ثقيل للحظة قصيرة.
الجوّ الذي كان حول سيروين المضطرب و المتفاجئ هدَأ ببطء.
“…حسنًا، و ماذا بعد؟”
“أنا بحاجة إليكَ. بالتحديد، أحتاج شخصًا ليقوم بدور بديل عني. أنا الدوقة آرييل، و بينما أتحرك بوجه مزيف، أحتاج شخصًا يحلّ مكاني. شخص يمكن الوثوق به تمامًا.”
“آها.”
تألقت العيون الخضراء التي استوعبت الموقف بسرعة على الرّغم من قصر الجملة.
“أعرف، يا عزيزتي. لديكِ قدرة سحرية غامضة بسبب بركة الحاكم. هل أنتِ بحاجة إليَّ من أجل تلك القدرة؟”
أومأتُ برأسي.
“لأنكِ تثقين بي؟”
“نعم.”
“هاه… هذا يجعلني أشعر بالتعاسة و الرضا في نفس الوقت…”
ابتسم سيروين ابتسامة ساخرة كالقط أمام فأر، ثمّ همس بصوت شرير و ناعس و هو يمدّ يده إليَّ.
“يا عزيزتي.”
“ماذا؟”
تركته في مكانه، محدّقة به لمعرفة إلى أيّ مدى سيذهب بطلب ما، فقام بلفّ خصلة من شعري حول سبّابته.
“لقد فكّرتُ بالأمر، أنا….”
بينما كنتُ أنظر بصمت إلى الشعر الأحمر الملفوف حول إصبعه بالكامل، ضيّق سيروين المسافة و همس بالقرب من أذني.
“إذا كان الأمر يتعلق بالبديل، فسيتغيّر دائمًا، لذلك أنتِ تخططين لاستضافتي كضيف في البرج السحريّ للتحضير مُسبقًا لجعلنا نبدو قريبين من بعضنا البعض.”
“نعم.”
“هذا صحيح. و لهذا السبب عرضتِ عليّ الغرفة المجاورة…”
“هل هناك مشكلة؟”
“همم؟ لا توجد مشكلة بالنسبة لي. لكنني أتساءل عما إذا كان شخص آخر سينفجر غضبًا.”
“ما الذي تقوله؟”
شعرتُ بطاقتي تتأجّج بسبب اقتراب المُستيقظ ذي الارتباط النّصفيّ.
كان سيروين متعطشًا للإرشاد بعض الشيء، مما يشير إلى أنه كان يفعل شيئًا ما خلال الأيام القليلة الماضية.
عندما أرى شخصًا مستيقظًا بحاجة إلى طاقة الإرشاد، فإن الشعور بوخز خفيف في أطراف الأصابع هو غريزة لا مفرّ منها.
قبضتُ على يدي بقوة.
“حسنًا، يا عزيزتي. لنفعلها. سيكون الأمر ممتعًا للغاية بمجرّد التفكير في أن شخصًا ما سيشعر بالجنون. لكن لديّ شرط أيضًا.”
لكي لا أقوم بإخضاعه على الفور و سكب الطاقة عليه ، أمسكت جبهته بقوة.
“حسنًا، لديك شرط. ما هو؟”
كم سيكون حجم الشّرط الذي سيطرحه؟
سألتُه و أنا أحدّق به بقوة، فسحب سيروين خصلة شعري الملفوفة حول إصبعه بمزاح.
ثمّ توسّل بصدق.
“أرجوكِ هدّئي من طاقتي حالًا، يا عزيزتي. جسدي يكاد يحترق. هذا هو شرطي فقط.”
“…….”
عندها فقط نظرتُ إلى وجهه بوضوح.
لقد كان يرتدي تعبيرًا مؤلمًا ، مجرّدًا من ابتسامته المقنّعة، و كان متوهّجًا بالحمّى.
التعليقات لهذا الفصل " 132"