شعرت أنها قد تتعرض لإصابة كبيرة إذا أخطأت في الحركة.
عندما أنزلت عينيها للحظة، رأت طرف ملابس بيضاء.
‘ملابس أحد رجال المعبد.’
خطر ببال ليلييتا صوت هانويل الناعم و البارد.
كاردينال آخر، شخصية يجب الحذر منها.
“قداسة الكاردينال.”
فتحت ليلييتا فمها بحذر، و بمجرد أن خفّت قوة اليد التي كانت تمسكها، سحبت جسدها بسرعة و استدارت.
كان ذلكَ الرجل نفسه بالفعل.
‘ابتسامة وقحة، شعر أسود و بشرة بيضاء، شفاه حمراء قانية، شامة عند العين، و عينان خضراوان!’
كاردينال آخر غير هانويل، و الرجل الذي أمرها هانويل بأن تكون حذرة منه.
حبست ليلييتا الشتائم في داخلها موجهةً إياها للنظام الهادئ.
‘كيف يمكن لوجه كهذا ألا يُصنّف كشخصية رئيسية؟ و لماذا هذا الرجل هنا أصلا؟’
عيناه الخضراوان الباردتان لم تكونا ودودتين أبدًا.
قفز قلبها، متسائلة:
‘هل من الممكن… أنه يعرف شيئًا؟’
في تلك اللحظة، ضحك الرجل فجأة.
كانت ابتسامة جميلة و لطيفة للغاية، و لكن بفضل تحكم ليلييتا في الناس منذ حياتها السابقة و حتى الآن، كانت تقرأ نفسية الطرف الآخر جيدًا.
ما أخفته الابتسامة كان حذرًا قاسيًا و نية قتل.
لم يكن ذلك الجو مناسبًا لشخص يبدو مجرّد كاهن، فارتجف جسدها كله.
“إنه سوء فهم حقًا. فرقة الفرسان عرّفتني على السحرة في المرة الماضية. لقد أتيت فقط لرغبتي في رؤية أردييل، و ليس لدي أي نية أخرى.”
تابعت تبريرها بلطف مع ابتسامة ودودة إلى حد ما.
لم تنسَ أن تطلق طاقة إرشادية حولها بمهارة.
بالطبع، من المنطقي أنه لا يوجد تأثير خاص ما لم يكن الشخص مستيقظًا، ولكن في الواقع، حتى بالنّسبة للأشخاص العاديين، كان للإرشاد المعتدل و الدافئ تأثير مهدئ على المزاج.
لكن.
“هاه. يا لها من رائحة.”
عبس الرجل بحدة بوجهه الجميل و أمسك بجسر أنفـه.
نظر مباشرة إلى ليلييتا وقال و عيناه تضيقان، وكأن هناك شيئًا كريه الرائحة أمامه.
“غريب، أشعر و كأن هناك رائحة نتنة قادمة من مكان ما؟”
كان من الواضح أنه يقصدها.
احمر وجهها غضبًا.
كيف يجرؤ حشرة لا تُعد شخصية مهمة في هذا العالم على قول شيء كهذا!
“قداسة الكاردينال. لم أرتكب أي وقاحة تجاه قداستك، و لا أفهم لماذا تقول لي مثل هذا الكلام.”
“حسنًا، أعلم أنكِ تتلاعبين بفرسان القصر الإمبراطوري. لكن توقعكِ لنفس المعاملة مني هو تجاوز للحدود، أليس كذلك؟”
“قداسة الكاردينال!”
ابتسم الرجل بخفة، ثم أمال وجهه بنفس الابتسامة.
كان ذلك مجرّد فعل، لكن قشعريرة سارت في عمودها الفقري.
“بل الأهم من ذلك، لماذا لا تجيبين على سؤالي؟ أريد أن أسمع سبب تسكعكِ حول هذا المكان.”
نسيت ليلييتا، التي شعرت بالاستفزاز، أنها يجب أن تمثل دور اللطيفة للحظة، و عبست في وجه الرجل أمامها و تجادلت معه بحدة.
“أليس الأمر كذلك بالنسبة لقداستك؟ هذا مضحك. هل ذلك مسموح لك و غير مسموح بالنسبة لي؟ أنا ضيفة جلالة الإمبراطور في القصر! أنا مرشدته!”
في تلك اللحظة، اقترب الرجل خطوة أخرى.
في اللحظة التي رأت فيها يده تمتد لتقصير المسافة التي بالكاد وسّعتها بينهما، شعرت بوخز حتى أطراف أصابع قدمها.
لم تخنق تلك اليد رقبة ليلييتا. لكن الرجل قبض على كتفها بقوة و تمتم ببرود.
“لا، يجب أن نصحح كلامكِ.”
كان الألم مخدرًا.
“المرشدة المرشحة التي لم يتم تأكيد كونها حقيقية أو مزيفة بعد. و على عكسكِ، أنا ضيف مدعو من قبل سموّ الدّوقة آرييل.”
“……”
“لماذا توقفتِ عن الكلام؟”
كان لديها مهمة، لكن هذا الرجل لم يكن لديه أي نية للتراجع بسهولة.
‘يجب أن أتجنب هذا الموقف الآن. ستكون هناك فرص كثيرة لمقابلة أردييل.’
عضّت ليلييتا شفتيها بقوة.
“فهمتُ ما تقصده. أنا آسفة إذا كنتُ قد أزعجتكَ. لم أكن أعرف أنه لا يجب أن أخطو إلى هذا المكان.”
“هاه، حقًا؟”
“…..”
في ظل الصمت البارد، بالكاد رسمت ليلييتا ابتسامة.
“بالتأكيد يا قداسة الكاردينال. أعتقد أنكَ تسيئ فهمي.”
“لماذا يا تُرى؟ الجميع يقولون إنك لطيفة، لكن لديكِ قدرة كبيرة على السخرية بوجه مبتسم. انظري، حتى جلالة الإمبراطور يرسل إشعارا أولاً قبل أن يأتي إلى المكان الذي تقيم فيه سموّ الدوقة آرييل.”
“…سأعود الآن. لذا، اتركني!”
صفعت يد الرجل بعيدًا.
ابتعدت ليلييتا عن اليد التي قبضت على كتفها بأقصى ما لديها، و ابتعدت عن المكان بأسرع ما يمكن.
لم تتوقف عن مضغ الشتائم في داخلها.
‘يا له من وغد!’
لم تستطع أن تفهم.
لماذا.
قيل لي إنني البطلة.
اعتقدت أن طريقًا ممهدًا سيُفتح بمجرد دخولها القصر الإمبراطوري.
اعتقدت أنها ستُحب و تُعامل بشكلٍ أفضل كما في الماضي.
و لكن لماذا يجب أن تتعرض لمثل هذه الإهانات؟
و لماذا تحدث اللحظات المذلّـة و المشينة دائمًا.
‘أنـتِ مرة أخرى أيتها الدوقة آرييل.’
لماذا يتعلق الأمر دائما بتلك المرأة!
تدفق السم في عينيها الذهبيتين اللتين تلمعان بغموض، تمامًا كما كانت تفعل عندما كانت تعذب شخصًا حتى الموت في حياتها السابقة.
* * *
في هذه الأثناء، تخلى سيروين، الذي بقي وحده، عن ضحكته المرحة
من خلال الذهاب و الإياب عبر البوابة بقيادة لوسي ، القطة السوداء المتكلمة، و التي تحمل أثر الحاكم الذي يؤمن به بكل روحه، علـم شيئًا.
أن هناك طاقة قذرة تتجنبها القطة بشدة، و هي تجمع بعض القطع.
و أن تلك الطاقة تُشع بكثافة من الكاردينال الآخر، هانويل، الذي كان يشك فيه طوال الوقت.
و هذه المرأة.
‘اسمها ليليتا، أليس كذلك؟’
كانت آثار القواعد المنحرفة التي لا ينبغي أن توجد واضحة عليها.
تمامًا مثل رائحة الجثة الفاسدة.
“يجب أن أبلغ عزيزتي بسرعة، أليس كذلك؟”
ابتسم سيروين ابتسامة عريضة و أسرع في خطاه، لكن كان عليه أن يواجه مكتب الدوقة آرييل الفارغ.
بعد أن دعته بنفسها ها هي غير موجودة و تتصرف معه بقسوة.
“لا. هل هذه معاملة حتّى؟”
أليس تصرفاتها مبالغًا فيه؟
تنهد سيروين و جلس بشكل طبيعي على كرسي الدوقة، و لامس بأطراف أصابعه خط يدها الأنيق و المرتب الذي كتبته.
“إنه رائع، تمامًا مثلكِ.”
اختفت الرائحة الكريهة و حلت محلها رائحة لطيفة.
تمامًا مثل أثر القوة الساحرة التي كانت تهدئ الألم الذي كان يسخن في عروقه.
* * *
“همم.”
“ماذا هناك؟”
عضضتُ لساني داخليًا بسبب النبرة الحانقة غير المتوقعة.
لكن لم يكن هناك خيار.
ذلك الرجل كان يضع تعبيرًا غريبًا اليوم، أليس كذلك؟
لماذا يبتسم بهذه الطّريقة؟
شعرت بانزعاج متصاعد بسبب تعبير كايسيس الغامض، الذي بدا و كأنه يكافح لكبت ضحكة وشيكة.
في تلكَ اللّحظة ، مسح كايسيس تعبيره ببراعة و اقترب مني خطوة.
ضاقت المسافة فجأة، و انحنى نحوي و كأنه على وشك أن يلمسني، فاضطررت إلى التراجع خطوتين دون قصد.
“أيتها الدوقة. إذا كنـتِ قد أتيتِ لتوديعي، فيجب أن تبتسمي، لماذا تنظرين إليّ بهذه الحدّة؟”
“متى لم أفعل ذلك؟ و لماذا يجب أن أبتسم لجلالتك؟”
نعم، التوديع.
بما أن ذهاب الإمبراطور إلى البوابة كان حدثًا متكررًا، لم تكن هناك حاجة لتوديعه في كل مرة.
حتى عندما كنتُ أودعه أحيانًا، لم يكن ذلك رغبة في عودته سالمًا، بل لصب الشتائم عليه أو السخرية منه بصفتي ممثلة للسحرة.
و لكن الآن، لم تكن علاقتنا كذلك بعد الآن، لذلك بعد الانتهاء من عملي بمجرد زوال الآثار الجانبية، كنتُ في الخارج.
‘قد يكون لدي شيء لأعطيه له.’
و…
‘لماذا لا أرى تلك المرأة؟’
اعتقدت أن ليلييتا، التي من المؤكد أنها تريد أن تظهر بمظهر جيد أمام كايسيس، ستكون هنا، لكنها لم تكن مرئية.
“مَنٔ الذي تبحثين عنه؟”
“هذا…”
“إذا كنـتِ تبحثين عن تلك المرأة، ليلييتا، فهي ليست في الجوار.”
فوجئتُ و نظرتُ إلى كايسيس.
ماذا؟ هل قرأتَ أفكاري بطريقة ما؟
على الرّغمِ من أحداث قاعة الاجتماعات، إلا أنني لم أعبر أبدًا عن استيائي تجاه ليلييتا.
ضيقتُ عينيّ بشعور غريب من الحيرة، لكن عيون كايسيس الزرقاء كانت تلمع و كأنها تتوقع شيئًا، مما جعلني أتساءل ما الأمر.
“جلالة الإمبراطور؟”
“تلك المرأة غائبة.”
و ماذا في ذلك؟
“أليس هذا جيدًا؟”
ما هذا الهراء أيضًا.
آه، لا أعرف، المشكلة كانت في تعبيره السعيد الذي كان يلمع أكثر من المعتاد، مما أربك عينيّ بشكل غريب.
لم يكن الأمر جيدًا لقلبي.
“تراجع إلى الخلف.”
بالطبع، لم أكن أعرف.
أن اليد التي لوحت بها بعفوية في حالة من الارتباك ستلتصق بصفعة على خد جلالة الإمبراطور الناعم.
في تلك اللحظة، غرق قلبي.
‘قفاز، القفاز!’
لحسن الحظ أنني كنت أرتدي قفازًا. حقًا!
لكن الأمر الأكثر صدمة حدث بعد ذلك.
“لماذا يا دوقة؟”
جلالة الإمبراطور، الذي تلقّـى صفعة على خده من يد الدوقة آرييل، التي كان من الواضح أنها عدوّتـه على الرغم من أن علاقتهما قد تحسنت قليلاً، قال.
“هل أردتِ لمسي فجأة؟”
بدلًا من الغضب، أمسك بيدي التي لمست خده و انحنى برأسه أكثر.
“وجهي.”
نبض، نبض.
‘ماذا؟’
كان قلبي ينبض بشدة و كأنه سينفجر.
‘لماذا… يبتسم بهذا الجمال؟’
على وجهه الوسيم أمامي، ارتسمت ابتسامة مشرقة كفيلة بأن تخطف أرواح البشر.
التعليقات لهذا الفصل " 130"