استيقظتُ بعدما أغمي عليّ لأجد أعراضًا مركّبة تظهر على جسدي بالكامل.
بالطّبع، أصاب سحرة برج السّحر الهيجان.
‘سيدتنا، قد أغمي عليها!’
‘أحضروا طبيبًا فورًا. لا، بل يا ساحر الشّفاء الرّئيسي، أسرع و أغدِق عليها بالسّحر! أقول لك، استخدم حتّى طاقتك الحيويّة من أجل السّيدة!’
‘آه، سيدتنا، لن نجعل نتائج أبحاثنا تتراجع أبدًا. سنبذل قصارى جهدنا حقًا!’
أعرب طبيب البلاط الإمبراطوري الذي تـمّ جلبه قسرًا من قبل السّحرة الذين تصرّفوا كالمجانين من شدّة ولائهم، عن حيرته.
ذلك لأنّه لا الأدوية، ولا الجرعات المملوءة بالقوة السّحريّة، ولا حتّى الأدوية المصنوعة من منتجات البوّابة كان لها أيّ تأثير عليّ، بينما كنتُ أشتعل بالحمّى و كأنّني مصابة بمرض شديد.
‘لا مفرّ من ذلك.’
رمشتُ بعينيّ الضّبابيّتين بسبب الحمّى و نظرتُ إلى نافذة الحالة الّتي كانت تومض.
[يتمّ تطبيق عقوبة الآثار الجانبيّة للبوّابة.
الحالة غير الطبيعيّة: قشعريرة، حمّى، صداع، آلام في المفاصل، نعاس، أعراض أنفلونزا مستمرّة.
الوقت المتبقّي: 16:02:08]
أجل، هذا ما حدث.
‘كم هو بخيل.’
يا له من توقيت دقيق لظهور الآثار الجانبيّة.
و حدث ذلك في قاعة المؤتمرات حيث كنّا نجري محادثة جادّة!
و أمام تلك المرأة!
‘آه، سأموت.’
بينما كنتُ أستمع إلى صوت أنفاسي السّريعة، أصبحتْ جفوني ثقيلة و مهزوزة مرّة أخرى.
غفوتُ ببطء على السّرير الّذي بدا هادئًا، ربّما لأنّ السّحرة الّذين كانوا يثيرون جلبة قد غادروا للتوّ.
حدث شيء ممتع، ففي كلّ مرّة كنتُ أغلق فيها عينيّ ثمّ أفتحهما، كان الشّخص الواقف أمامي يتغيّر.
في البداية، كان أردييل ذو الوجه العابس، و بعد ذلك كان ديكاردو، الّذي بدا و كأنّه أصبح مقرّبًا منه بطريقة ما، يقفان معًا.
“سيدتي، هل أنتِ مريضة جدًّا؟ ما الّذي يمكنني فعله من أجلكِ؟”
أردييل، الّذي بدا قلقًا عليّ إلى حدّ ما، رفع عينيه نحو الرّجل الواقف خلفه.
“السيدة مريضة، لذا لا تفكّر في الاقتراب منها دون داعٍ!”
“ابتعد أنت.”
“سيدتي، ذلك المستيقظ يهاجم ساحرًا بريئًا!”
“مهلًا، ما الّذي تفعله أمام مريضة بحقّ الجحيم؟ أعتذر، يا سموّ الدوقة. أردتُ فقط… أردتُ فقط زيارتكِ.”
كان رأسي يرتجّ في كلّ مرّة كنتُ أسمع فيها صوت آردييل المبهج و صوت ديكاردو الرّزين بالتّناوب.
على الأرجح أنّني غضبتُ و طلبتُ منهما المغادرة.
على أيّ حال، عندما استعدتُ وعيي مرّة أخرى، كانت سلّة فواكه كبيرة أحضرها ديكاردو موضوعة على الطّاولة بجوار السّرير.
بينما كنتُ أتّكئ على السّرير بصعوبة، متحمّلة الألم الّذي جعل جسدي يتلوّى، دخل المساعد و سلّمني رسالة.
‘المرسلة هي… أناييل؟’
تذكّرتُ المرأة التي كانت عيناها تبدوان و كأنّهما ليستا في وعيهما.
ربّما أرسلتْ رسالة للاطمئنان عليّ لأنّني أنقذتُها داخل البوّابة.
“كم عدد هذه الصّفحات بحقّ الجحيم.”
عبستُ.
شعرتُ بالخوف قليلًا من الرّسالة التي كانت مليئة بالإخلاص لدرجة أنّها كانت تتألّف من ثلاث عشرة صفحة.
‘و حجم الخطّ يبدو و كأنّه بحجم 8 نقاط في مستند هانغول؟’
{{ تقصد أن حجم الخط صغير جدا لدرجة انه يشبه حجم 8 نقاط عند الكتابة في برنامج هانغول و هو برنامج كوري لمعالجة النصوص}}
فكّرتُ بينما لساني كاد يخرج من شدّة الدّهشة.
عائلة المرشدات.
‘لن تكون عائلتهم هادئة في الوقت الحالي أيضًا.’
بما أنّ هناك امرأة تدّعي أنّها مرشدة الإمبراطور قد ظهرت ، فإنّ عائلات المرشدات الحاليّات أصبحت في مأزق الآن.
خاصّة إيزوليت، بما أنّ الإمبراطور ذكر شيئًا مشبوها عنها داخل البوّابة . من المحتمل أنّ وضعها أسوأ.
‘آه، يجب عليّ أيضًا أن أتحقّق منهم.’
غلبني النّعاس مرّة أخرى مع القلق.
لو كنتُ مصابة بالزّكام لكان بإمكاني تناول الدّواء و التّعافي، لكن هذا لم يكن الحال، لذلك شعرتُ و كأنّني على وشكِ الموت.
شعرتُ بالضّيق لأنّني مريضة، و كنتُ منزعجة بشكل جنونيّ لأنّني لم أستطع تناول الطّعام بشكل صحيح.
عندما أغمضتُ عينيّ مرّة أخرى و فتحتُهما، متحمّلة الوضع كما هو، كان هناك زائر لم أتوقّعه واقفًا.
“هل استيقظتِ؟”
“لا أعلم ما إذا كنّا قد أزعجناكِ. عزيزتي، هذه المرّة ليست غلطتي. الكاردينال هانويل قال فجأة إنّه ذاهب لزيارتكِ، أليس كذلك؟”
“بحقّ السّماء… أيّها الكاردينال سيروين. بغضّ النّظر عن مدى تسامح الدوقة، ألا ينبغي عليكَ تجنّب مثل هذه الألقاب؟ ما هذا الحقد الّذي تكنّه لشخص مريض؟”
“حقد؟ هذا يوضّح علاقتنا الصّحيحة، أليس كذلك يا عزيزتي.”
كاننا الكاردينالين، سيروين و هانويل.
مزيج من الكاردينال، سفير النّظام (أي لوسي)، و الكاردينال الآخر، زعيم الأشرار.
شعرتُ بألم نابض في رأسي بمجرّد النّظر إليهما.
استغللتُ مرضي كذريعة لعدم الرّد، لكنّ الحديث الّذي تبادلاه بينهما بدا ودّيًّا إلى حدّ ما.
‘لكنّهما في الواقع مثل الأعداء اللدودين.’
هاونيل، الّذي كان يبتسم بابتسامة لطيفة، كان في الواقع يتصدّى لسيروين.
و سيروين أيضًا لم يكن غافلًا، و كان يشكّ في هانويل.
“لقد رافقتُ الكاردينال سيروين لأتأكّد ممّا إذا كان يمكن حلّ الأمر بالقوّة المقدّسة، ولكن للأسف يبدو أنّها غير فعّالة.”
عندما قال هاونييل ذلك و كأنّه يشعر بالأسف بصدق، كدتُ أفشل في السّيطرة على تعابير وجهي للحظة.
مَنٔ الّذي يقلق على الآخر؟
‘أنتَ هو الشّخص الّذي ألقاني في البوّابة و حاول إرسالي إلى العالم الآخر. كيف يمكنكَ التّمثيل بهذه البراعة؟’
بدلًا من أن أبدي الصّدْمة التي كانت في داخلي، اكتفيتُ بالإيماء برأسي كأنّني فهمتُ الموقف.
و هكذا غادر الزّوار الآخرون، وكان آخر من جاء لزيارتي هو تلميذي العزيز و اللّطيف.
كان الطّفل ينتحب بصمت و يحتضن قطّة سوداء سمينة بإحكام بين ذراعيه.
على الرّغم من أنّني كنتُ على وشكِ الموت من الألم، إلّا أنّ رؤية مظهره البريء جعلتْني أبتسم.
“لوياس.”
مددتُ يديّ مناديَة إيّاه بصوت خشن، فركض الطّفل نحوي، وضع لوسي على السّرير، و أمسك بيدي بإحكام.
كانت يده الصّغيرة باردة جدًّا لدرجة أنّني شعرتُ بالأسف، لذا فركتُها قليلًا، فنظر إليّ لوياس بعينين واسعتين مستديرتين.
“لا تقلق.”
عندما مرّرتُ أصابعي ببراعة عبر شعره الأشعث، ابتسم أخيرًا، على الرّغم من أنّ عينيه كانتا دامعتين.
الأطفال يضحكون و يبكون بسهولة بطبيعتهم.
لوياس، الّذي تحسّن مزاجه بسرعة، سحب يدي و كتب بحذر على راحة يدي.
─آمـل أن تتحسّني بسرعة.
كم هو لطيف.
لكن، على عكس هذا الطّفل اللّطيف ، لماذا لم يأتِ شقيقه لزيارتي؟
شعر قلبي بالإحباط بسبب مرضي، و ازداد إحباطي بعد تذكّر الوجه الوسيم الشّبيه بالتّمثال.
‘حسنًا، هل هذا يعني أنّه لا داعي لزيارة الدّوقة آرييل، خصمه السّياسي، لأنّها مريضة؟’
بالطّبع، أنا أعلم جيّدًا أنّ الإمبراطور شخص مشغول، و ربّما يتناول الطّعام مع ليلييتا، المرشّحة لتكون مرشدة، و الّتي هي ضيفة في القصر الإمبراطوري الآن!
و مع ذلك، شعرتُ بالإحباط بطريقةٍ ما.
بعد قضاء بعض الوقت مع لوياس لعدّة مرّات، عاد النّعاس إليّ بكثافة.
ساعد مبعوث الحاكم الذّكي لوياس على مغادرة الغرفة، بـقول”مياو” و هي تحثّه على الاستعجال.
بمجرّد مغادرة الطّفل الصّغير بعد انحناءة عميقة، انهرتُ على السّرير.
[يتمّ تطبيق عقوبة الآثار الجانبيّة.
الحالة غير الطبيعيّة، النّعاس فعّالة.
ستغرقين في النّوم.]
نعم، أنا أعرف ذلك…
[هناك تغيير في حالة النّعاس غير الطبيعيّة.
ستحلمين بما تتمنّينـه.
لا تقلقـي.
لن تكوني قادرة على تذكّر أيّ شيء.]
إنطلقت منّي ضحكة مكتومة.
ما الفائدة من الحلم بما أتمنّاه إذا لم أستطع تذكّر ذلك؟
كانت لديّ رغبة قويّة في الاعتراض، ولكن في النّهاية، أغلقتْ جفوني الثّقيلة بإحكام و بدأ وعيي يسقط بسرعة تحت سطح النّوم.
لهذا السّبب لم أتمكّن من معرفة ذلك.
في اللّيل العميق.
نافذة غرفة نوم الدّوقة، الّتي لم يكن من المفترض أن يزورها أحد، فُتحتْ مصحوبة بصوت صرير.
و معها، دخل زائر لم تتمّ دعوته.
* * *
في اللّحظة التي غرق فيها شخص ما في نوم عميق. جاء شخص غامض في توقيت مذهل، و فتح نافذة غرفة النّوم و دخل دون إذن.
وقف الشّخص الّذي تحرّك في الظّلام بجوار هيلاريا النّائمة بهدوء.
أطلق الشّخص، الّذي كان يراقب وجهها المحموم و عينيها الدّاكنتين و صوت تنفّسها السّريع، تنهيدة خافتة.
“هيلاريا.”
مـدّ يـده بقلق عميق لحالتها التي كانت أسوأ ممّا توقّع.
و بينما كان يمرّر أصابعه بلا تردّد عبر شعرها الأحمر المبلّل بالعرق، و يحدّق في جبينها النّاصع البياض.
“…..”
“…..”
رُفعت جفونها ببطء.
الجفون التي كان من المفترض أن تكون مغمورة في النّوم بسبب الحالة غير الطبيعيّة.
التقى نظر هيلاريا، الذي كان مشوّشًا بطريقة ما، مباشرة بالعينين الزّرقاوين للزّائر غير المدعوّ، كايسيس.
و بعد ذلك…
ابتسمتْ هيلاريا كزهرة متفتحة.
“جلالتكَ.”
مثل طفلة بريئة، أو كفقّاعة صابون تنفجر بوضوح.
“لماذا… أتيـتَ الآن فقط؟”
و كأنها تتذمر ، همست بكلمات لم يكن من الممكن أن تنطق بها على طبيعتها أبـدًا.
التعليقات لهذا الفصل " 125"