ظهرت أمامَ عينيها نافذة نظام مُحطَّمة مع صوت صرير.
و لكن، ما هذا المنظر؟
‘قالوا إنّني البطلة. فما هذا إذًا!’
حدّقت عينا ليلييتا الذهبيّتان الغارقتان ببرود في الدّوقة آرييل المنهارة، و في الرجال الثلاثة الذين اندفعوا نحوها مُحاصرين إيّاها.
‘الإمبراطور كايسيس، والفارس ديكاردو، و الساحر أردييل.’
كان يجب أن يكونوا جميعًا ملكًا لها.
في الأصل، كان هؤلاء هم البشر الذين كان من المفترض أن يُحبّوها و يُعجَبوا بها بمُجرّد التقاء الأعين.
بما أنّ قدرة الإرشاد قد وصلت إلى ذلك الجسد، فكان من المُفترض أن يكون الأمر كذلك.
لكنها وقفتْ جامدة كـكيس قمح في قاعة الاجتماعات الصاخبة، فارتجفت بسببِ شعورها بالإهانة.
‘كيف يتجرّؤون على مُعاملتي بهذه الطريقة؟’
لم يهتمّ الإمبراطور بـليلييتا مباشرة و لو لمرّة واحدة.
لم تتلقّ مُعاملة كهذه قطّ في حياتها السابقة.
‘ليس هناك أيّ مشكلة في قُدرتي.’
هي المُرشدة التي تمتلك قُدرة توجيه مُثلى من التصنيف S.
نعم، هذه هي.
على الرّغمِ من أنّها فقدت قُدرتها المُبهرة من حياتها السابقة بعد موتها و استيقاظها في هذا الجسد البائس، إلّا أن ليلييتا كانت واثقة إلى حدّ ما من قوة الإرشاد الصادِر من هذا الجسد المزيف.
[القوّة الممنوحة لكِ هي مُرشدة من التصنيف B.
لكنّكِ تلقيتِ مُعجزة مذهلة في ذلك الجسد، وتمّ اختياركِ.
بفضل اختيار الحاكم العظيم، تتغيّر قوّتكِ لتُصبح مُرشدة من التصنيف A.
عند لمس الأجسام، يُمكِنكِ رؤية ذكرياتها. (ملاحظة: لا يُمكنكِ سماع الأصوات)]
على عكس حياتها السابقة، انخفض تصنيفها إلى A، لكنّ قوّة هذا الجسد كانت تكمُن في قابليّتها للاستعمال الجنونيّة.
كانت واثقة لأنّ جميع الـ “الإسبر” تقريبًا كان من المُقدَّر لهم أن يذوبوا في توجيهها.
‘نِسبة التوافق؟ ربّما تُسجّل أكثر من 90 بالمائة مع الغالبيّة دون الحاجة إلى قياسها.’
بالطبع، كانت هناك استثناءات.
الإمبراطور، كايسيس.
كان وحشًا حقيقيًّا لم تـر مثله حتّى في حياتها السابقة.
لدرجة أنّها أرادت الهرب لو كان بإمكانها، عندما كان عليها الاقتراب من الإمبراطور الذي خرَج للتوّ من البوّابة.
[وجّهـي الإمبراطور.
يجب أن تمارسي نفوذكِ.
ابدئي بربط خيط القدر بينكِ و وبين الشخصيات الرئيسية من خلال إغوائهم بقوّة الإرشاد.]
كم كان شعورها مُروِّعًا عندما وضَعتْ يدها على جسده و قامت بالتوجيه!
[جاري توجيه الإمبراطور.
إنّها قوّة تتجاوز قُدراتكِ.
سيتمّ تفعيل اختيار الحاكم العظيم.
تحمّلي الألم.
سيتمّ استخدام القوّة عن طريق تجزئة روحكِ.
تـمّ الانتهاء من توجيه الإمبراطور بسلام.
يتمّ وصل خيط القدر.
تـمّ اكتشاف أثر لحاكم قـذر.
فشـل ربط خيط القدر!]
في ذلك الوقت، أرادت الموت حقًّا.
كانت تبتسم أمام الناس مُتظاهرة بأنّها صاحبة قُدرة مُختارة، بينما كان النظام في حالة فوضى عارمة.
قامت بتوجيه الإمبراطور لكنّها فشلتْ في الوسم معه.
‘حاكم قـذر؟’
بَغضّ النظر عمّا كان، فقد تـمّ حبسها في جسد لا يستطيع الصراخ و عانت من ألم فظيع.
كما أنّ فكرة تجزئة الرّوح كانت مُرعبة و مُخيفة.
‘لكن لا يُمكنني الهرب!’
كانت “ليلييتا تُعاني من ألم فظيع إذا لم تطـع إرادة النظام.
في بعض الأحيان، كانت مكافأة فشل المُهمّة هي الموت.
بينما كانت تشاهد كايسيس وهو يرفع الدّوقة المنهارة، شعرت و كأنها حيوان تـمّ خنقه، ثم اقترَب منها أحد الفرسان.
“لا بُدّ أنّكِ انزعجتِ بشأن ما حدَث للدوقة. أنا هنا لمُرافقة الآنسة بناءً على أمر جلالة الإمبراطور.”
“……”
مُجرّد آنسة.
ارتعشت شفتاها.
على عكس إرشادات النظام، كان وضعها داخل القصر الإمبراطوري لا يتجاوز كونها غريبة، أو ضيفة، هذا كلّ شيء.
“شكرًا لك أيّها الفارس.”
“على الرحب و السعة.”
أليس اسم هذا الفارس كايل؟
ابتسمت ليلييتا بلطف، مُتظاهرة بأنّها آنسة رقيقة، و تبعت الفارس الذي كان يحرسها.
‘كايسيس.’
عندما كانت عيناه الشبيهتان بالوحش تحدّقان بها و كأنّهما ستخترقانها، أرادت الاستسلام حقًّا.
لحسن الحظّ أنّ هذا الجسد البائس كان يمتلك بطريقةٍ ما قُدرة قراءة الذكريات المتروكة على الأشياء، ممّا سمَح لها بالاقتراب من الإمبراطور مُتظاهرة بأنّها المُرشدة التي يبحث عنها.
ارتجفت أطراف أصابعها.
‘سأموت إذا فشلتُ.’
بسبب هذا النظام الحقير.
أو في قبضة زعيم تلك اللعنات التي تتحكّم بها.
“إذًا سنلتقي مُجدّدًا وقت الوجبة. ارتاحي بِهُدوء.”
مع كلمات الفارس المُهذّبة، انشغلت الخادمات بترتيب الغُرفة و غادرن.
حلّ الهدوء في المكان.
“……”
ألصقت ليلييتا أذنها بالباب لتتأكّد من أنّ الجميع قد ابتعد ولم يتبقَّ أحد، ثمّ صعدت إلى السرير.
ثمّ أمسكَتْ بالوسادة و انهالت عليها ضربًا.
“آه… أيّها الأوغاد!”
ضرب، ضرب!
ضرَبت الوسادة بعُنف.
كانت تشعر بالإختناق و كأنّ صدرها سينفجر.
انبثقت عروق الدم في عينيها اللتين لم تستطيعا كبت غضبها.
عندما فتحت عينيها لأوّل مرّة.
لا، عندما ماتت.
عندما سُحِققت و ماتت على يد وحش بسبب فوضى البوّابة الملعونة تلك.
عندما فتحت عينيها لأوّل مرّة في هذا العالَم الغريب.
كانت كلّ تلك الأمور مآسٍ.
“لماذا يجب أن أُعامَل بهذه الطريقة!”
كانت أميرة.
المُرشدة من الدرجة S التي تمتلك أقوى قُدرة، و المُنضَمّة إلى فريق نخبـة الإسبر من الدرجة S في كوريا الجنوبية.
تلك هي “كانغ ها أون”.
كان الإسبر دائمًا يبجلونها و يحترمونها، و يتصرّفون و كأنّهم سيجلبون لها نجوم السماء إذا حرَّكتْ إصبعها.
كان هذا شيئًا طبيعيًّا بالنسبة لها.
كان الإسبر المُشابهون للوحوش يتلوّون من ألم فظيع إذا لم يتلقّوا الإرشاد بسبب تقلّبات مزاجها.
كان من الممتع جدًّا أن يبكي و يضحك أصحاب القدرات الذين يمكنهم شقّ الجبال و قَطع السماء بكلمة واحدة منها، أو بتعبير واحد، أو بتغيير في مزاجها.
كانت الحياة ممتعة حقًّا.
“و كانت هناك تلك المغفلة أيضًا.”
بالنّسبة لـ كانغ ها أون في حياتها السابقة، التي كانت تستخدم وضع الآخرين لتشعر بالتفوُّق، كان لديها أيضًا لعبة مسلية.
مرشدة من المستوى A في نفس الفريق.
كانت قدرتها لا بأس بها، لكنّ الإسبر كانوا يشعرون بالاشمئزاز و الارتعاش إذا لامستهم قوّتها.
كان من المضحك جدًّا أن يتفاعلوا بهذه الطريقة، بينما يذوبون بسعادة عندما تقوم هي بالتوجيه.
لذلك استمتعت بتلك المأساة عن طريق استخدام الإسبر في الفريق ببراعة لعزل تلك المُرشدة الغبيّة.
ماذا كان اسم تلك الحمقاء؟
على أيّة حال، انتهت تلك الحياة الممتعة بمُجرّد موتها و استيقاظها هنا مُجدّدًا.
[أنـتِ البطلة.]
لقد صدّقت تلك الكلمة.
لكنّ الكيان الذي اختارها، المُسمَّى ‘الحاكم العظيم’، لم يكن لطيفًا على الإطلاق.
عندما ظهر الغرباء أمامها و بدأوا يُبجّلونها على أنّها المُختارة من الحاكم العظيم، اعتقدت للحظة أنّ الأحداث تسير كقصص الأطفال التي كانت تُفضّل قراءتها تلكَ المُرشدة الحمقاء في الفريق.
و لكن…
بعد المرور بمناطق مُتعدّدة، وصلت إلى مكان كان فيه رجل.
‘هل أنـتِ هي؟’
ذلك الرجل المُخيف.
وجه لطيف، و جمال آسر لا يُمكنه إخفاء القسوة.
‘أنا هانويل. سأكون سيّدكِ من الآن فصاعِدًا.’
ثمّ لامست تلك اليد البيضاء جبين ليلييتا.
[ستدخلين في سبات من أجل الاستخدام.]
مع نافذة النظام، سقطت في النّوم حقًّا.
لا، لنقـل إنّها أصبحت نَباتًا بشريًّا (في غيبوبة) بالتحديد؟
‘آه… أخرِجوني، أخرِجوني!’
‘أنا آسفة. أنا آسفة.’
‘سأستمع إلى أيّ شيء! أرجوكم!’
ظلّت تصرخ و تصرخ وهي محبوسة في الجسد، لكنّها لم تتحرّر.
في غضون ذلك، كان أولئك المَجانين الشبيهون بالمُتعصّبين يغرسون عقائدهم في أُذنيها.
إذا أرادت أن تتحرّر، إذا أرادت الحُرّيّة، كان عليها أن تُطيع جميع أوامرهم.
كالدمية المُطيعة.
ثمّ أدركت.
أنّهم اختاروها لتكون دُمية تحلّ محلّ ‘شخصٍ ما’ حقيقيّ.
و أنّ ‘القُربان’ الذي يريده أولئك هو شخص آخر، حتّى لو كانت هي ‘البطلة’.
و في أحد الأيّام.
عندما حصلت أخيرًا على حُرّيتها و تمكّنت من تحريك جسدها.
‘يجب أن تُصبحي أنـتِ المُرشدة الحقيقيّة للإمبراطور.’
غيّـر المُتعصّبون شعرها الذهبي اللامع و عينيها الخضراوين الناعمتين إلى شيء آخر.
كانت تلك العملية مُرعبة و مُؤلمة.
عندما استعادت وعيها، كان جسدها قد تغيّر.
أصبحت ذات شعر أشقر مُحمَرّ، و عينين لامعتين باللون الذهبي.
ربّما كان ذلك مظهرًا يُقلّد شخصًا آخر.
المُرشدة التي يبحث عنها الإمبراطور.
‘يجب أن تُصبحي تلك المرأة. قيّدي إلى الإمبراطور و اسرِقي وقت تلكَ المُرشدة. ثمّ أحضِري مرشدة الإمبراطور الحقيقيّة.’
شعرت بالمهانة، لكنّها قبِلت كلّ شيء.
من أجل البقاء على قيد الحياة فقط.
و لأنّها لا تُريد أن تموت مُجدّدًا بطريقة مُزرية.
ليلييتا البطلة المزيفة، لم يكن هناك شيء لا يُمكنها فعله.
التعليقات لهذا الفصل " 124"