“إذا لم تكن هناك أيّ شكاوى، فلننتقل إلى الموضوع التالي.”
بدا كايسيس و كأنّه مصمّم على ضرب مؤخّرات رؤوس النّاس بمطرقة ضخمة.
“سنسمح للكاردينالين بالبقاء لفترة طويلة.”
“ماذا؟ لكن يا جلالة الإمبراطور.”
كان وفد المملكة، و ظهور البوّابات الذي بدا اصطناعيًّا، و جرعة الهيجان التي انتشرت بصخب داخل الإمبراطوريّة، و قوى النّبلاء الإمبراطوريّين التي ربّما كانت تتعاون مع قوّات الأشرار، قد أُعلِن عنها و شاركها السّحرة و الفرسان المشاركون في الاجتماع.
لكن كان واضحًا أنّ تعابير مفادها أنّهم لا يفهمون قرار الإمبراطور انتشرت على وجوههم جميعًا.
التزمتُ الصّمت، على الرّغم من أنّني كنتُ أتخيّل نفسي أُقنع سيروين بالبقاء لفترة أطول.
‘سواء كان هانويل أو غيره، إنّهم خصوم لم يكن أمامي خيار سوى إبقاؤهم إلى جانبي. سيكون الأمر أكثر إزعاجًا إذا ابتعدوا عن ناظري.’
لا بدّ أنّ كايسيس يفكر مثلي أيضًا.
“أنا موافقة، يا جلالة الإمبراطور.”
عندما وافقتُ بسرعة، لم تكن هناك اعتراضات من السّحرة.
“شكرًا لكِ، أيّتها الدّوقة.”
“لا شكر على واجب.”
ثمّ سار الاجتماع بسلاسة و بسرعة.
‘أعتقد أنّ العلاقة تحسّنت قليلًا.’
لم تكن المشكلة بيني و بين كايسيس فقط.
أدركتُ أنّ الأفراد من المجموعتين، اللّذين كانا يتصرّفان كـ القطّ و الكلب عادةً، كانوا هادئين جدًّا اليوم.
‘آه. هل هذا بسبب المعركة؟’
ربّما كان ذلك بسبب لحظة المعركة التي تعاونوا فيها ضدّ عدوّ مشترك.
هل يجب أن أقول إنّها تعابير تدرك أنّهم في النّهاية في الجانب نفسه، على الرّغم من أنّهم متضايقون جدًّا من الطّرف الآخر.
لسببٍ ما، ابتسمتُ ببرود و التفتُ برأسي بنفس التّعبير، فالتقت نظراتي مرّة أخرى بالعيون الزّرقاء التي كانت تراقبني بإصرار.
لم أستطع أن أرفع عينيّ.
إذا كان بإمكاني، كنتُ سأسأل:
‘كايسيس، هل كنتَ مُنزعجًا لأنّني لم آتِ إليكَ في اللّيل؟’
إذا لم يكن كذلك.
‘هل تعتقد حقًّا أنّ تلكَ المرأة هي أنا؟’
ابتلعتُ تنهيدة إحباط بينما كنتُ أحدّق في بطل هذا العالم الذي لا يزال لا يكشف عن دواخله.
كان ذلك عندما أوشك أوّل اجتماع سلميّ دون رفع الأصوات على الانتهاء.
“حسنًا. يبدو أنّ الأمور قد استقرّت تقريبًا.”
تمّت إضافة رأي الإمبراطور بأنّ إيزوليت من عائلة المرشدات قد قامت بتصرّف غريب قبل هيجان البوّابة.
عندما أومأتُ برأسي بهدوء، وقف كايسيس من مقعده.
“المسألة التي يشعر الجميع هنا بالفضول الأكبر حولها ليست هذه الأمور، أليس كذلك؟”
“……”
“بقيت أهمّ مسألة.”
ابتلعتُ ريقي بصعوبة.
نظرات فضوليّة، أو نظرات حذرة.
“كما تعلمون جميعًا، ظهرت امرأة تدّعي أنّها مرشدتي.”
على الرّغم من أنّه قال ‘تدّعي’، إلا أنّها استعادت قوّة الإمبراطور أمام أعين الجميع.
ليس هذا فحسب.
بل هدّأت الفرسان الآخرين جميعًا باستخدام قوّة المرشدة دون لمسهم.
و مع ذلك، مع تلك النّبرة الغريبة التي لا يبدو أنّه يعترف بها على الفور، وصل نظر كايسيس القويّ إليّ.
“لكنّها تحمل أيضًا خصائص لا تتوافق تمامًا مع الشّعر الأحمر و العينين الذّهبيّتين اللّتين ذكرتهما.”
و كأنّ لديه شيء ليقوله.
تحرّكت شفتاي، ولكن في الوقت نفسه الذي زاد فيه نبض قلبي، أضاءت نافذة النّظام باللّون الأحمر.
[انتبهي لتعبير وجهكِ.
كايسيس شخص ذكيّ.
لا يمكنكِ الكشف عن أنّكِ المرشدة!]
نعم، أنا أعلم.
لكنّني لم أتوقّع هذا.
“ادخلي.”
صرير
مع صوت فتح الباب، دخل شخص ما إلى قاعة الاجتماعات و كأنّه كان ينتظر.
في تلك اللّحظة، شعرتُ بصدمة خفيفة.
تلك المرأة، بطلة الرواية المشرقة. بطلة الرّواية الأصليّة التي لا يمكنني تحديد ما إذا كانت حقيقيّة أم لا.
المرأة التي كان من الطبيعيّ أن تجذب انتباه كايسيس المهووس بها و تلتصق بجانبه بمجرّد ظهورها.
شعر رأسي ببعض الخدر.
‘على الرّغم من أنّني كنتُ أعلم ذلك.’
هل كنتُ أتوقّع أنّ كايسيس سيكون مختلفًا؟
يبدو أنّني كنتُ أفكّر بغرور أنّه قد يكون أكثر ذكاءً و قد يكون مختلفًا، بغضّ النّظر عن قدر الرّواية الأصليّة أو قيودها.
وضعت تلك المرأة قدمها في قاعة الاجتماعات المسموح بها للمقرّبين فقط.
“مرحبًا بكم جميعًا… يسعدني مقابلتكم. أنا المرشدة التي كان جلالة الإمبراطور يبحث عنها.”
كان صوتها الخجول و الجميل جدًّا رنّانًا و مريحًا للاستماع.
كان وجهها أيضًا جميلًا كالدّمية.
كانت تبدو و كأنّ هناك بريقًا ينبعث منها.
كان شعرها الأشقر الممزوج باللّون الأحمر مشرقًا، و ملامح وجهها واضحة.
كانت عيناها ذهبيّتين، تشبهان عينيّ عندما أستخدم قوّتي، و كانتا مزعجتين.
لستُ الوحيدة التي تفكّر بهذه الطّريقة.
‘أنـتَ.’
كايسيس، كيف تنظر إليها؟
ثبّـتُ نظري عليه بسرعة.
و كايسيس…
“المرشدة التي هدّأتني، ليلييتا رادايك.”
…لم يكن يبتسم.
إطلاقًا.
تنفّستُ الصّعداء بارتياح غامض، و نظرتُ إلى المرأة التي كانت تبتسم بشكل مشرق دون أن أرمش.
‘غريب.’
من الواضح أنّها مرشدة.
و مع ذلك، على عكس الرّواية الأصليّة، شعرتُ أنّها مرشدة ذات طاقة قويّة جدًّا.
شعرتُ بشعور غير سارّ و غامض يتسلّل إلى كاحلي.
المرأة التي ظهرت مع تقديم كايسيس لها دخلت، و كأنّ مكانها الطّبيعيّ هو الوقوف بجانب الإمبراطور، ثمّ حدّقت بي.
‘لماذا أنا مباشرةً؟’
كانت تنظر إلي و كأنّها تتحدّاني.
علاوةً على ذلك…
شعرتُ بالعداء.
‘شعور و كأنّني رأيتُها في مكان ما.’
كيف يمكنني تفسير هذا الشّعور الغريب بالإلفة و كأنّني واجهتُها في علاقة غير جيّدة؟
في تلكَ اللّحظة، اخترق صوت كايسيس الجوّ البارد و فتـح فمه.
“الدوقة آرييل.”
“نعم.”
قطعتُ ذلك اتصال النظرات الثّقيل ذاك و أدرتُ رأسي، فظهر كايسيس المعتاد في مجال رؤيتي.
صوت ثقيل، لكن ابتسامة ناعمة كانت منتشرة على وجهه.
شعرتُ بالدّفء و كأنّه يقول لي إنّه لا داعي للقلق بشأن أيّ تغيير، فخفّت قوّة كتفيّ المتصلّبتين دون أن أشعر.
“ماهو رأيـكِ؟”
—دينغ!
رنّ إشعار النّظام و كأنّها لحظة مهمّة.
ثمّ ظهرت نافذة المهمّة الشّفّافة التي احتلت رؤيتي.
“بالنّظر إلى مظهرها، و قوّة القوّة التي أظهرتها، هل تعتقدين أنّني يجب أن أعترف بها على الفور كمرشدة الإمبراطور؟”
[مهمّة!
ينقسم اختياركِ حسب إجابتكِ.
1. ادعمي رأي الإمبراطور بقوّة و اجعلِي المزيفة تصبح حقيقيّة.
2. قدّمِي رأيًا نشطًا وا منعي تأكيد الإمبراطور.
هل تختارين؟
يتغيّر مقياس الإعجاب الذي يؤثّر على التوافق في المستقبل وفقًا لكلّ اتّجاه اختيار.]
كانت المهمّة تتوافق تمامًا مع محادثتي مع لوسي.
‘لقد اخترتُ بالفعل.’
أنّني لن أجلس مكتوفة الأيدي بينما يُسـرَق كلّ شيء مني.
‘على الرّغم من أنّني لا أعرف حقًّا لماذا تتظاهرين بأنّـكِ أنا.’
ابتسمتُ قليلًا بينما كنتُ أنظر إلى قياسات كايسيس التي لا تزال مستقرّة.
“لا.”
“…..”
“هذا ليس صحيحًا.”
شعرْتُ بنظرة البطلة المشرقة المزيفة تتساقط عليّ بقوّة، و أعلنتُ بحزم و كأنّني أضرب مسمارًا في النّعش:
“لا يمكنني أن أثـق تمامًا في ادّعائها بأنّها مرشدة جلالة الإمبراطور.”
هل أنا أتوهّـم؟
يبدو كايسيس و كأنّه يبتسم ابتسامة خفيفة على كلماتي الحازمة.
“نحن بحاجةٍ إلى تحقيق دقيق فيما إذا كانت هي المرشدة الحقيقيّة لجلالة الإمبراطور.”
تجمّدت بطلة الرّواية المزيفة، ليلييتا، التي كانت تبتسم بلطف.
حدّقت بي و كأنّها لا تصدّق، ثمّ قالت بتعبيرٍ غريب يثير الشّعور بالذّنب لدى النّاظر:
“هل تعتقدين أنّني أكذب، أيتها الدّوقة؟”
هل هذا بسبب وجهها اللّطيف و الجميل؟
لو لم يكن المجتمعون هنا هم فرسان الإمبراطور المخلصين، و السّحرة الذين يبدو أنّهم مستعدّون للتّضحية بحياتهم من أجلي، لكانوا قد تأثّروا بوجه تلك المرأة.
“أعتقد أنّه من الممكن أن يكون الأمر كذلك.”
في تلك اللّحظة، ارتجف جفنها و تشوّه في ارتباك.
لسببٍ ما، بدت تلكَ المرأة و كأنّها تتوقّع أن يكون النّاس لطيفين معها بشكل طبيعيّ.
‘إنّها تتصرّف و كأنّها جاءت بعد أن سمعت أنّ هذا ما يجب عليها فعله.’
ربّما تكون تلكَ المرأة مُتجسّدة أخرى تعرف الرّواية الأصليّة مثلي.
ليست بطلة الرواية المشرقة الأصليّة، بل ربّما تكون عدوّتي.
[تهانينا!
أنتِ تقتربين من قصّة الشّرّير الرّئيسيّ.
الهاربة من القدر.
تتحدّثين مع الشّخصيّة المتحوّلة.]
لأنّه لولا ذلك، لما ظهر إشعار النّظام بمثل هذا المحتوى.
التعليقات لهذا الفصل " 122"