كايسيس الذي كان لديه قناعة لا تتزعزع، أدرك القوّة الغريبة المتدفّقة في جسده بدقّة.
كانت مثيرة للاشمئزاز بما فيه الكفاية عندما فكّر في أنّها ليست قوّة مرشدته.
كانت مثيرة للاشمئزاز، لكن…
‘أليس الأمر صدفة مبالغًا فيها؟’
عندما بحث في الإمبراطوريّة بدقّة، لم يظهر أيّ أثر لأيّ شخص، و لم تتقدّم أيّ مرشحة لتكون مرشدة الإمبراطور.
لم تكن هناك مرشدة تمتلك القوّة الكافية. و لكن الآن فقط، ظهر شخص كهذا فجأة؟
كان يحتاج إلى التّحقّق.
إذا كانت قوّة هؤلاء الأشخاص المجهولين تفتح البوّابات و تغلقها، و الآن يصل بهم الأمر إلى حدّ إحضار مرشدة مزيّفة تناسبه….
“أحضروا تلكَ المرأة.”
كان عليه أن يتأكّد ممّا إذا كانت هناك أيّ حيل أخرى.
بعد فترة وجيزة.
وقف شخص ما أمام كايسيس مع الفرسان الذين اختفوا.
أوّل ما ظهر كان الشّعر الذّهبيّ المتلألئ بشكل مبهر، و مخلوطًا باللّون الأحمر الذي يثير شعورًا غامضًا بالغرابة.
الوجه الجميل كالدّمية لم يجذب انتباهه على الإطلاق.
بدت العيون الذّهبيّة اللّامعة كضوء الشّمس النّاصع و كأنّها تقلّد عينيّ شخص ما.
ابتسمت المرأة التي كانت مزيّفة بوضوح بابتسامة مشرقة، و حرّكت عينيها بلطف نحو كايسيس.
كأنّها لا تخشى على الإطلاق المستيقظ الذي يخافه الجميع، و كأنّها مليئة بالثقة بأنّه لا يستطيع إيذاءها.
“مرحبًا، يا جلالة الإمبراطور.”
و لكن لماذا…
“هذه المرّة الأولى التي ألقي فيها عليكَ تحية.”
على الرّغم من أنّها مزيّفة بوضوح.
“اسمي ليلييتا لينون رادايك.”
كانت نبرتها الخفيفة و غير المهذّبة تشبه بوضوح نبرة المرشدة اللّيليّة.
“لقد تمكّنتُ أخيرًا من إخبارك باسمي.”
و أيضًا.
“لقد سئمتُ من المجيء في اللّيل فقط. لقد فات الأوان، لكنّني قرّرتُ أن أزور جلالتكَ شخصيًّا.”
من الواضح أنّ حقيقة أنّ مرشدة الإمبراطور كانت تأتي إليه سرًّا في اللّيل هي حقيقة لا يعرفها إلا كايسيس و رفيقته فقط…
“هل ستتقبّلني؟”
و تلك المرأة كانت تعرف كل ذلك.
* * *
في منتصف اللّيل.
كنتُ أعتقدُ أنّني سأغفو كما لو أُغمي عليّ، لكنّ النوم لم يأتِ بشكلٍ غريب.
كانت نظري لا يزال معلّقًا في نافذة حالة كايسيس التي كانت تُظهر قياسات مستقرّة.
‘لم تظهر مهمّـة.’
في الأصل، كان الإجراء المعتاد حتى الآن هو الذّهاب إليه عبر الانتقال الآني مع المهمّة التي تظهر فجأة.
عندها كنتُ سأدخل إلى غرفة نوم الإمبراطور متخفّية في زيّ خادمة غريبة و أوجّهه.
في البداية كنتُ مرتبكة و مستاءة من ذلك الوقت، لكن لاحقًا…
‘بدأتُ أنتظـره.’
كان وقت النّهار بالنّسبةِ لي في البداية مثل المشي على الجليد الرّقيق.
لأنّ أيّ تصرّف مختلف قليلًا كان يثير نافذة تحذير تفيد بأنّه لا يتوافق مع شخصيّة الدّوقة آرييل الأصليّة، و كنتُ أشدّ جسدي بالكامل و أمثّل يائسةً حتّى لا يُكشف أمري.
في خضمّ ذلك، تسرّب ذلكَ الوقت الذي كان كالخيال إلى قلبي دون علمي.
الوقت الذي كان فيه الإمبراطور، الذي كان يحدّق بي بشراسة و يتفوّه بكلمات باردة و كأنّه يحمل سكينًا في فمه، يحدّق بي بعينين بريئتين و جميلتين و يتوسّل لي لتوجيهه.
اللّحظات التي كنّا فيها نتشابك بأعيننا و نتبادل قبلات معزّية و نمسك بأيدي بعضنا البعض بلطف.
‘كانت تلكَ أوقاتًا تخصّني بالكامل.’
ربّما كنتُ وحيدةً في عالم غريب و أشتاق إلى الدّفء، أو ربّما أصبحتُ مدمنة على سلوك المستيقظ اللّطيف الذي لم أختبره من قبل.
منذ لحظة ما، بدأتُ أقلق على كايسيس كأمر مسلّم به.
لم يعـد الذّهاب إليه ليلًا أمرًا مزعجًا أو مخيفًا.
لا، لأكون صادقة، بدأتُ أنتظـره.
و لكن الآن، سُرِق الوقت الذي كنتُ أعتقد أنّه ملكي من قبل شخصٍ آخر.
ضحكتُ بسخرية.
‘هل من الممكن أن يكون كايسيس يعتقد الآن دون أيّ شكّ أنّ تلك المرأة هي أنا في اللّيل؟’
لسببٍ ما، غضبتُ بشدّة.
على الرّغم من أنّ كايسيس الذي أعرفه كان رجلًا كثير الشّكوك، إلا أنّها بطلة الرّواية الأصليّة، لذا لا نعرف ما قد يحدث.
‘هذا عالم داخل رواية، و وفقًا للأصل، أنا مجرّد شرّيرة ستموت قريبًا.’
ألن يكون لبطلة الرّواية الأصليّة تأثير كبير بطريقةٍ أو بأخرى؟
أليس هذا هو السّبب في أنّها جذبت انتباه جميع المُستيقظين على الفور من خلال إرشاد قويّ عند ظهورها؟
‘هل يعتقد أن كلّ الحوارات والأوقات والأفعال التي شاركناها حتّى الآن كانت معها هي لا معي؟’
لم يعجبني ذلك.
وصل الأمر إلى حدّ عضّ شفتي بسبب القلق.
“لماذا.”
من المؤكّد أنّ بطلة الشّمس المشرقة المشبوهة كانت تتصرّف على أنّها أنا.
على الرّغم من أنّ الشّريكة التي يبحث عنها الإمبراطور ليست هي، إلا أنّها لم تقل أبدًا إنّ الشّخص الذي يبحث عنه ليس هي.
في تلك اللّحظة، حدث تغيير في نافذة النظام التي كنتُ أحدّق فيها بتركيز.
[هل تريدين الاختيار؟
لديكِ خياران.]
الخيار الأوّل.
إحضار البطلة الحقيقيّة و وضعها بجوار الإمبراطور، ثم الإنسحاب.
أو شغل ذلكَ المكان بنفسي.
و أنـا ، لم أرغب في أن يُسرَق منّي.
نصيبي ، و أوقاتي الخاصّة.
لأنّني أردتُ أن أعلن بصدق أنّ المرشدة التي كانت تهتم بكَ و تهدّئـكَ حتى الآن هي أنا و ليست تلك المرأة.
“لوسي.”
“مياو.”
فتحت القطّة السّمنية التي كانت تتظاهر بالنّوم عينًا واحدة ببريق.
قابلتُها و نظرتُ إليها بهدوء و فتحتُ فمي.
“لقد بذلتُ جهدًا كبيرا، أليس كذلك؟”
“مياو.”
و كأنّها تقول: ‘هذا صحيح’، شدّدتُ على عينيّ و حاولتُ إقناع القطّة:
“لم أفوّت أيّ مهمّة حتى الآن. وبما أنّني أنقذتُ المعزولين داخل البوّابة، ألا يجب أن أحصل على مكافأة عادلة؟”
لذا، أعطني المكافأة.
لَعَقَت القطّة فمها و سألتني مباشرةً و و عيناها ضيّقتان:
“تكلّمِي بصراحة. ماذا تريدين؟”
ابتسمتُ ببرود.
الشّعر الذّهبيّ الممزوج باللّون الأحمر اللّامع، بدا و كأنّه تقليد لي.
بطلة الشّمس المشرقة التي أعرفها لم تكن كذلك.
لو كانت حقًّا بطلة الرواية الأصليّة التي كنتُ أتشبّث بها في واقعي البائس، لربّما شعرتُ بتأنيب الضمير لسرقة مكانها، لكن……
‘إذا لم تكن هي؟’
ماذا لو حدث خطأ ما و لم يكن الشّخص الموجود بداخلها هو شخصيّة الرّواية الأصليّة، تمامًا كما أصبحتُ أنا هيلاريا؟
إذا كان هناك خطأ ما.
عندها، لا يمكنني الجلوس و مشاهدة الأمر بالتّأكيد.
“لا أريد أن أجلس ساكنةً وأترك كلّ شيءٍ يُؤخذ من قبل مزيّفةٍ تتظاهر بأنّها أنا.”
“هكذا إذن؟”
“المشكلة هي أنّني لا أستطيع الظّهور بجرأة. إذا أردتُ أن أعلن أنّ تلك المرأة مزيّفة، فيجب أن أحضر المرشدة الحقيقيّة.”
[لا يمكنكِ كشف الحقيقة حول المرشدة اللّيليّة.
هذا تصرّف غير مسموح به!]
‘انظري. هل هذا هو التّحذير الذي يظهر؟’
سألتُ القطة المرشدة التي كانت تلعق لسانها، على عكس ردّ فعل النّظام العنيف:
“لقد قلتِ أنني لا أستطيع الكشف عن هويّتي للنّاس بعد، أليس كذلك؟”
“مياو.”
“من أجلي.”
“هذا صحيح.”
أنا روح غريبة لا تنتمي إلى هذا العالم.
و دور النّظام، الذي تمارسه لوسي، هو جعل تلك القطعة تندمج دون أيّ مشاكل.
لذلك، لا يمكنني بعد الخروج تمامًا من إطار الدّوقة آرييل المحدّد.
لا يمكنني التكلم و الكشف مباشرةً لكايسيس أنّني أنا هي امرأة اللّيل.
“إذًا أعطيني.”
إذا ارتفع مقياس المُستيقظ ولم تظهر مهمّة للبحث عنّي، فلن أتمكّن حتى من زيارته.
“مهـارة.”
لم يعجبني ذلك.
“قدرة المهمّة التي تسمح لي بالذهاب في اللّيل، أعطني إيّاها كمهارة.”
‘مياو’،
شعرتُ و كأنّني سمعتُ القطّة تضحك برضا من مكانٍ ما.
نهضت لوسي، التي كانت تستمع إلى طلبي بهدوء، في النّهاية.
كان صوت أنينها يشبه إلى حدّ ما صوت الجدّة التي كانت تعيش في الحيّ المجاور.
“حسنًا.”
و في الوقت نفسه،
وميض!
انتشر الضّوء.
إحساسٌ دافئٌ و مثيرٌ للدغدغة، تمامًا كما عندما يُطلق سيروين قوّته المقدّسة.
—دينغ!
[يمكنكِ الآن أن تصبحي ‘المرشدة اللّيليّة’ و تظهري أمام النّاس في أيّ وقت.
و مع ذلك، هناك حدّ زمنيّ.
استخدام مرّة واحدة في اليوم، و ستّ ساعات مدّة الاستخدام في كلّ مرّة.
كوني حذرة كي لا تُكشَف هويّتكِ.]
و كأنّ ذلك هو الحدّ،
تثاءبت قطّتي السّمنية اللّطيفة و عادت إلى وسادتها و غطّت في نوم عميق.
* * *
في اليوم التّالي.
على الرّغم من وقوع أحداث مذهلة في عرض سحر البوّابة و الهروب المثير منها، إلا أنّ الاجتماع الدّوريّ للسّحرة و المستيقظين عُقِـد دون أيّ عوائق.
بفضل ذلك، التقت مجموعة من الأشخاص ببعضهم البعض عند باب قاعة الاجتماعات.
السّحرة الذين يتبعونني في المقدّمة، و المُستيقظون الذين كانوا يسيرون من الجانب الآخر من الممرّ، يتقدّمهم ديكاردو و كايل.
“…..”
“…..”
في الأصل، كان يجب أن تتبادل النّظرات الحادّة فور اللّقاء، لكنّ صمتًا محرجًا ساد لسببٍ ما…
من بينهم، ديكاردو، الذي التقت عيناه بعينيّ.
‘ما خطبـه؟’
تحوّل وجهه إلى اللّون الأحمر و كأنّه على وشكِ الإنفجار.
التعليقات لهذا الفصل " 120"