آه، إذن لا تكلّفني بالمهمّة!
“إنّني أشعر بالأسف الشّديد إذا كان جلالتكَ قد فهمَ كلامي بهذه الطّريقة. أنا أقول فقط إنّ هناك حدودًا لما يمكنني فعله.”
شعرت بضغطٍ من هالة الإمبراطور الشّرسة التي أصبحت أكثر توترًا كما لو كان منزعجًا من رفضي، فشددتُ على فكّي.
تدفّق الحوار بسرعة.
“هذا أمـرٌ يمكن حله بالتّعاون مع فرساني. يمكنني إعارة أيّ عددٍ من الأيدي.”
“حينها، سيتسرّب بالتّأكيد ما نبحث عنه إلى الخارج. و علاوةً على ذلك، لن يستمع المستيقظون لأوامر سحرتنا.”
“ها، إذا قمتهم باحترامهم فقط، فلن يكون هناك أيّ احتكاك.”
“حسنًا، أليس هذا رأيكَ أنتَ فقط، جلالتك؟”
“يا دوقة، ما الذي تحاولين فعله معي الآن؟”
آه، هذا ليس صحيحًا.
استعدتُ وعيي عند كلمات الإمبراطور.
‘آه، بسبب هذه العادة.’
في كلّ مرّة أرى فيها هذا الوجه، أؤدّي دور الدّوقة الوقحة دونَ وعي، فأمسكتُ بذيل الكلام بحدّة.
أخفيتُ شعوري بالإحراج قليلًا، و أمسكتُ بلجام الحوار الذي كاد ينحرف، و أضفتُ بسرعة:
“بدلًا من ذلك، أعـدكَ بهذا. إذا وجدنا تلك المرشدة الثّمينة لجلالتك…”
آه، يجب أن أضع بعض اللّعاب على شفتيّ عند الكذب.
أغمضتُ عينيّ بقوّة داخليًّا و ألقيتُ كذبةً صارخة:
“لن أخفيها أو أهدّدهـا سرًّا.”
“….”
“لستُ غبيّةً لدرجة أن أجهل أنّ فقدانكَ للسّيطرة و تحوّلكَ إلى وحشٍ بلا قيد سيدمّر سلام و أمان السّحرة.”
نعم، أنا هي.
أنا تلكَ المرشدة.
و أنا أخفي ذلك بنشاط!
“هل هذا يرضيكَ؟”
يبدو أنّ كايسيس راضٍ إلى حدٍّ ما، إذ أطلق زفيرًا بطيئًا.
تنفّستُ الصّعداء أيضًا.
“… حسنًا، ليس هناك الكثير ممن يستطيعون إخفاء شخصٍ تحت عينيّ، لذا إذا وعدتِ بهذا الحدّ، فليس أمامي سوى تصديقكِ، حتّى لو لم أثـق بكِ تمامًا.”
“أنـتَ مَـنْ كشفتَ نقطة ضعفٍ قاتلة لشخصٍ لا تثـق به و أمرته بالبحث، لذا هذا القلق هو واجبك أيضًا، جلالتك. هل يجب أن أعتني حتّى بحالتكَ الذّهنيّة الهشّـة؟”
“يبدو أنّ شجاعتكِ تزداد يومًا بعد يوم، يا دوقة.”
“نعم، لأنّـكَ لن تقتلني بهذا المستوى.”
لا! في الحقيقة، أنا خائفة!
خائفة لدرجة أنّني أريد أن أفقد الوعي!
لكن الموت أكثر ما أكرهه!
‘وأنـتَ، يا كايسيس.’
كان هناك شيءٌ واحدٌ يزعجني لدرجة تجعلني أكافح لفتح عينيّ.
ربّما كانت غريزة المرشدة اللعينة قد استيقظت، لكنّني رأيت بوضوح هالة الإمبراطور، التي أطلقتها في تلك اللّيلة، قد بدأت تتشابك.
بوضوحٍ شديد.
‘ألا تشعر بالألم؟’
يا له من رجلٍ سامّ بشكلٍ مقيت.
بالطّبع، إنّـه من النوع الذي يتجوّل بمظهرٍ طبيعيّ حتّى في حالاتٍ أسوأ، لذا لا داعي للقلق.
‘لكن، لا بدّ أنّه يشعر كما لو كان لحمه يُمزّق.’
لم أعـد أستطيع تحمّل النظر، فعضضتُ شفتيّ و قرّرت إنهاء الحديث:
“إذن، هل يمكننا إنهاء هذا اللّقاء السّري الآن، جلالتك؟ لسنا في علاقةٍ تسمح لنا بالبقاء معًا هكذا. لاحقًا، يمكنكَ إرسال شخصٍ موثوق لتحديد طريقة التّقرير.”
أرجوك، دعني أغادر.
عندما قلتُ بشكلٍ غير مباشر إنّني لا أريد رؤية وجهـه، حدّق بي التمثال الوسيم بنظرةٍ شرسة و انحنت شفتاه بعنف:
“حسنًا.”
“شكرًا، جلالتك. إذن…”
“قبل ذلك.”
“نعم؟ ما الذي بقي؟”
أمر الرّجل بنزوةٍ عنيدة:
“لا تقدّمي التّقارير كتابيًّا، يا دوقة. أبلغيني بنفسكِ مباشرةً.”
ماذا، أيّها الأحمق؟
حدّقتُ به بدهشة، فأضاف كايسيس بمرح:
“هذه مسألةٌ سريّة للغاية لا يمكن الوثوق بها للأوراق. لذا، أعني أن تأتي بنفسكِ و تخبريني مباشرةً. ألستِ تأتين إلى القصر الإمبراطوريّ يوميًّا على أيّ حال؟ هذا مجرّد إضافة مكانٍ آخر للتّوقف عنده.”
انتفخت عروقي.
هل التّقرير للرّئيس يوميًّا يشبه مجرّد الذّهاب إلى العمل، أيّها المجنون؟
كلّما اعتدتُ على مواجهة الإمبراطور، ازداد ضغط دمي من الغضب، متغلبةً على الخوف و الرّعب.
****
مَـنْ قال ذلك؟
أنّ التّجسّد كآنسةٍ من عائلةٍ نبيلةٍ يعني العيش بسعادةٍ دون قلقٍ بشأن العمل أو المال أو الشّيخوخة.
“هاه، كلّ شيء انهار.”
على عكسِ رغبتي في التّرنّح و السّقوط بعد اللّقاء مع الإمبراطور عند عودتي إلى القصر في العاصمة، كانت ليلة الدّوقة آرييل لا تزال طويلة.
الإقليم، المشاريع الجارية، شؤون برج السّحر، وغيرها.
‘لو ماتت هيلاريا في الرّواية الأصليّة، لكان سبب وفاتها بالتّأكيد الإرهاق.’
نظرتُ إلى الأوراق المتراكمة بعيونٍ ميتة، ثمّ ألقيتُ قلم الرّيشة في الحبر. اللعنة!
“آه!”
في الحقيقة، لم أرَ شيئًا من محتوى الأوراق.
“ماذا أفعل الآن؟”
كدوقة آرييل، تلقّيتُ مهامًا.
حتّى في الرّواية الأصليّة، وُصفت كأرستقراطيّة باردة و وقحة، لكنّها كانت تمتلك قدراتٍ رائعة.
لذا، حتّى لا تصبح عيبًـا لها، كانت الدّوقة آرييل الأصليّة ستبحث بنشاط عن مرشدة الإمبراطور.
و الإمبراطور يائس.
على عكسِ تعبيره البارد، فهو مستعدّ لفعل أيّ شيء.
بمعنى آخر، يجب على الدّوقة آرييل تحريك السّحرة للبحث عن تلك المرشدة بنشاط.
يجب أن آمـر نفسي بالبحث عن نفسي.
ومع ذلك، يجب ألّا يُكتشف أنّني مشبوهة…
في تلكَ اللّحظة بالذّات.
كأنّ النّظام، الذي أشـكّ أنّه يتجسّس على أفكاري، تدخّل فجأة.
بينما كنتُ أعصر رأسي من التّفكير، ظهر صوتٌ “بوف” أمام عينيّ.
في الوقت نفسه، ملأت نافذة حالةٍ مشؤومةٍ متلألئة بألوانٍ متعدّدة مجال رؤيتي.
[تهانينا!]
عبستُ وجهي بمجرد رؤيتها.
[دائمًا هناك مرشد لا يبخل بالنّصائح من أجلك…]
آه، اختفي.
لم يحدث شيءٌ جيّد أبدًا عندما قلتِ “تهانينا”!
لكن، بغضّ النّظر عن نفوري، تغيّرت كلمات نافذة النظام:
[تصحيح.
للاعب المحتار ، نقدّم مكافأةً رائعة.
اضغطي على “استلام المكافأة” فورًا.
ستكون مرشدة قدركِ الحصريّة.
استلام المكافأة (اضغطي)]
كانت العبارة الرّنانة جذابةً نوعًا ما.
‘ربّما هذه المرّة ستكون مفيدة؟’
ابتهجتُ و نقرتُ على “استلام المكافأة” بسرعة.
فجأة، أضاءت الرّؤية أمامي، و شيءٌ يحمل حضورًا ثقيلًا دفعني و سقط مباشرةً على صدري.
“آه!”
ما هذا؟
لا أستطيع التّنفّس!
أنقذيني…
“كح! ما هذا الثّقل؟”
بعد سعالٍ طويل، فتحتُ عينيّ و رأيت ما يُسمّى بالمكافأة.
“….”
“….”
بمعنى آخر، آه.
تقابلت نظراتي مع عينيّ حيوانٍ صفراوين مشقوقتين رأسيًّا.
“ما هذا القطّ السمين؟”
“مياو!”
كان، مهما نظرتُ، قطًّا أسود سمينًا بشكلٍ لا يصدّق.
****
“مياو، مياو .مممم.”
كانت أصوات شرب الماء بنهمٍ و مضغ شيءٍ ما بمثابة شيء رائع، لكنّها لم تُخفّف من همومي المتراكمة.
تأكّدتُ مرّةً أخرى من عدم وجود أيّ ضجيجٍ خارجيّ، ثمّ وخزتُ القطّ السمين الذي كان يقيم وليمةً على مكتبي في غرفة العمل.
“هاي.”
لحمه الذي غرزتُ فيه إصبعي لم يكن سمينًا من يومٍ أو يومين.
“ما أنـتَ بالضّبط؟ أيّ قطّ يأكل حلويات البشر؟”
“مياو!”
رفعَ القطّ، أو بالأحرى ليس قطًّا، مؤخّرته وهو يمضغ كعكة الفراولة، و حدّقَ بي بنظرةٍ غاضبة:
“اخرسي، مياو! هل تعتقدين أنّني قطّ حقيقيّ، مياو؟ كلّ هذا بسببكِ، مياو. لمَ تصوركِ عن القطط سيّء هكذا، مياو؟ أيتها الوقحة، ناديني فورًا بالعظيمة لوسي، مياو!”
سخرتُ منه:
“هذا مضحك حقًّا. لماذا تلومينني على نبرتكِ؟”
بعد أن تدرّبتُ أمام الإمبراطور، لا تخيفني هذه الهسهسة!
“أيتها الإنسانة الجاهلة، اسمعي جيّدًا، مياو!”
صاحت القطّة بقذارة وهي تُلقي الفراولة التي كانت تمضغها:
“أنا كائنٌ عظيم! لم أكن أتحدّث بهذه النّبرة أصلًا، مياو. اضطررتُ لاستخدام تصوركِ بسببِ التّدخّل، كح، كح كح!”
تدخّل؟ كائنٌ عظيم؟
يبدو أنّ شيئًا مهمًّـا و غريبًا مـرّ للتوّ.
فجأة، بدأت القطّة تسعل بعنف كما لو أصابها خلل، ثمّ غيّرت الموضوع بسرعة:
“على أيّ حال، أنـتِ بحاجة إلى تعاوني، مياو!”
“ألم تقولي شيئًا غريبًا للتوّ؟”
“لم أقل شيئًا، مياو!”
حدّقتُ بالقطّة التي تظاهرت بأنّها لم تقل شيئًا، ثمّ قلتُ:
“حسنًا، جيّد. إذن، قدّمي حلًّا رائعًا. الإمبراطور أمرني بأمرٍ مذهل للعثور عليه. إذا استمرّ الأمر هكذا، سيجدني يومًا ما، و إذا بقيتُ ساكنة، فالنّتيجة الوحيدة ستكون فشل المهمّة و الموت، أليس كذلك؟”
“تنفّسي قليلًا ثمّ تكلّمي، مياو.”
“قدّمي حلًّا!”
هدأت القطّة.
نظرت إليّ بعيونٍ نصف مغلقة، ثمّ سألت كتلة الدّهون:
“أنـتِ، هل تريدين حقًّا أن تعيشي، مياو؟”
“ماذا؟ و هل هذا سؤال؟”
هل تعتقدين أنّني أريد الموت؟ لماذا أكافح هكذا إذن؟
“أيتها الإنسانة الغبيّة، ليس هذا ما أعنيه، مياو. هل أنـتِ مستعدّة للغوص بنشاط في هذا العالم، مياو؟”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"