في المقابل، كان مظهر الكاردينال هانويل الواقف أمامها جميلًا بشكلٍ مرعب كالمعتاد.
“لا أعرف ما هي المشكلة تحديدًا.”
عضّت إيزوليت التي كان وجهها شاحبًا شفتيها، غير قادرة على السّيطرة على غضبها.
‘كادت أن تفقد حياتها في البوّابة؟ هل هذا لا شيء!’
بعد خروجها من البوّابة حيّـة، عاشت إيزوليت في جحيم حقيقيّ.
‘ما الذي تجيدين فعله بحقّ الجحيم! لقد ظهرت مشردة الإمبراطور. ماذا فعلتِ بينما كانت تعالج الإمبراطور؟’
صفعها والدها الغاضب بقسوة على خدّها بوجه لا يظهر عليه أيّ قلق على سلامة ابنته التي نجـت.
أدار كبار العائلة ظهورهم أيضًا.
حتى ليان التي كانت دائمًا ظلّها.
‘إيزوليت، أنتِ… تركتِنا بلا رحمة و غادرتِ ذلك الكهف. لقد كنتُ غبيّة. لم نكن شقيقتين حقيقيّتين، لقد كنتُ أتوّهَم بمفردي.’
و الأكثر إثارة للقشعريرة كان ردّ فعل آناييل.
‘أختي، لماذا فعلتِ ذلك؟’
تلك الغبيّة التي لم تكن تجرؤ على النّظر إليها في العادة كانت تحدّق فيها بنظرة اتهام.
لم تستطع إيزوليت تحمّل ذلك.
وضعها الحاليّ، حيث اضطرت للتّراجع دون أن تقول أيّ شيء لمجرّد شكوك آناييل!
“لقد وعدتني بأنّك ستؤذي الدّوقة آرييل! ولكن ما هي النّتيجة؟ أنا وحدي، أنا وحدي مَنْ حُشرت في الزّاوية! أناييل تشكّ فيما فعلتُه في البوّابة، و جلالة الإمبراطور كذلك!”
أمال هانويل، الذي كان يستمع بهدوء لصراخ إيزوليت بابتسامة خفيفة، رأسه قليلًا.
رمش بعينيه كالدّمية و قال:
“إذا كانت المشكلة هي الشّـكّ، فهل أقتل تلكَ المرأة التي تُدعى أناييل؟”
توقّفت إيزوليت التي كانت تصرخ كمن يتقيّأ دمًا.
ماذا قال هذا الرّجل للتوّ؟
“هذا سهل.”
“…ما الذي تقوله؟”
“لا يمكنني قتل الإمبراطور في الوقت الحاليّ، ولكن من الممكن التّخلّص من تلك المرأة.”
“…..”
“لكن يبدو أنّكِ لا ترغبين في ذلك.”
أدركت عيناها، الغارقتان في القوّة و جشعها الخاصّ، الواقع أخيرًا.
الكاردينال النّبيل.
القوّة المجهولة التي استطاعت فتح بوّابة.
و هي ، التي أمسكت بيده.
عندما اجتاحها الخوف فجأة، التفتت عيناه اللّتان كانتا تحدّقان بها بلطف.
“يا سيّدتي.”
طقطقة.
تقدّم الرّجل في مشيته.
“السيّدة تُخطئ في فهم شيء ما.”
طقطقة.
خطوة بخطوة.
عندما أصبحت المسافة قريبة جدًّا، اجتاح إيزوليت رعب و كأنّ قلبها قد توقّف.
‘لماذا أمسكتُ بيـد هذا الشّخص؟’
اجتاحها شعور الندم المتأخّر، لكن لم يكن هناك أحد في هذا المكان.
“لقد عقدنا صفقة. أحضرتُ لكِ جرعة تزيد قوّتكِ، وفي المقابل، تتبعين أنتِ إرادتي.”
بالتّحديد، لم يكن العقد كذلك.
لكنّها لم تستطع أن تعارض الكلمات التي تبعت بلطف.
“علاوةً على ذلك، لا يوجد دواء في العالم يجعل المرء قويًّا دون أيّ جهد. كان يجب أن تشكّي في مدى خطورة شيء كهذا إذا كان موجودًا.”
امتلأ الهواء بنية القتل.
“إذًا، يا سيّدة إيزوليت. ما هي الآثار الجانبيّة التي تعتقدين أنّ الدّواء الذي تناولته سيسبّبها؟”
“أنا، أنا…”
“هل أنـتِ فضوليّة؟ هاهاها، لا داعي للانتظار. سأخبركِ بالإجابة على الفور.”
شعرت و كأنّ عنقها سيُخنق إذا هزّت رأسها ولو قليلًا.
“تادا، لقد أصبحتِ مدمنة. فكّري في الأمر، ألا تشعرين بالعطش الجنونيّ هذه الأيّام؟ ألا ينبض قلبكِ و كأنّه سينفجر ، و تشعرين بالقلق؟”
“…..”
“ستموتين إذا لم تتناولي الدّواء من الآن فصاعدًا.”
“…..”
“لا بأس. سأستمرّ في إحضاره لكِ.”
امتلأت عيون إيزوليت المتجمّدة بالدّموع، لكن لم يساعدها أحد.
“لذا.”
بدت عينا الكاردينال الذي اعتبرته جميلًا سابقًا الآن كالمسخ.
“إذا كنتِ تريدين العيش، فعليكِ أن تستمعي إلى كلامي جيّدًا، أليس كذلك؟ يجب أن تتصرّفي كأنّكِ يداي و قدماي.”
همس الوحش الذي اقترب منها.
بينما يمرّر يده على شعر إيزوليت المبعثر و كأنّه شخص لطيف.
“من الآن فصاعدًا، لِتصبحي مزيّفة من أجل المزيف. و إلّا… فلن يكون لكِ أيّ فائدة. هل تفهمين؟”
على الرّغم من أنّها لم تفهم ما يقوله، إلا أنّ إيزوليت سُمح لها فقط بهزّ رأسها بجنون على كلامه في الوقت الحاليّ.
* * *
كان رأسه سينفجر.
فتح كايسيس عينيه ببطء.
‘ماذا حـدث؟’
من المؤكّد أنّه وصل إلى حافّة الهيجان مع شعور مروّع.
كان يتذكّر اللّحظة الأخيرة التي تمسّك فيها بعقله، و نظر إلى هيلاّريا و كأنّه يتشبّث بخلاصه.
تلك النّظرة المذهولة، تلكَ العيون المرتعشة.
هل كشفت هيلاريا هويّتها و استخدمت قوّتها؟
عندما فتح عينيه و نهض، التقت نظراته بنظرتين متوتّرتين من رجلين كانا يقومان بالحراسة.
كانا فارسيه و ذراعيه اليمنى و اليسرى، كايل و ديكاردو.
“يا جلالة الإمبراطور!”
“هل استعدت وعيكَ؟”
“كنتَ على وشك الهيجان.”
“في اللّحظة الأخيرة…”
أمسك برأسه لأنّ الصّوت الصّاخب كان يزعجه، فصمت الفرسان.
فحص حالته على الفور. من الواضح أنّه تلقّى قوّة مرشدة، حيث اختفى كلّ من ألم القلب المروّع و تشقّقات الجلد تمامًا.
‘لكن لماذا؟’
من الواضح أنّ شعوره الآن كان مختلفًا عما يشعر به بعد تلقّي قوّة هيلاريا.
على عكس ذلك الشّعور اللطيف و المنعش، كان من الواضح أنّ خطر الهيجان قد زال، لكنّه كان بشكلٍ غريب… شعورًا قذرًا و مثيرًا للإشمئزاز.
‘يبدو الأمؤ و كأنّني أكلتُ شيئًا لا يجب أكله.’
كان شعورًا مزدوجًا؛ فقد استقرّ جسده، لكنّ مزاجه كان سيّئًا و كأنّ شوكة سمكة علقت في حلقه.
إذا كان ديكاردو الذي أُغمي عليه استعاد وعيه بالكامل و بجانبه، فلا بدّ أنّه مرّ وقت طويل.
أين الدّوقة؟
هل تقدّمت هيلاريا إليه؟
ماذا حدث لهيلاريا؟
ما هي ردود أفعال النّاس؟
بدلًا من الكلمات التي أراد سؤالها أوّلًا، سأل كايسيس عن شيء آخر:
“ماذا حدث؟”
تقدّم كايل المتوتّر إلى الأمام. ركع على الفور و أجاب بجدّيّة:
“سأشرح، يا جلالة الإمبراطور. في اللّحظة التي كدتَ فيها أن تهتاج، ظهرت امرأة.”
امرأة.
لم تكن الكلمة التي تشير إلى الدّوقة.
في اللّحظة التي ارتفع فيها حاجب كايسيس قليلًا، أجاب كايل بسرعة:
“شعر أشقر مخلوط باللّون الأحمر، و عينان ذهبيّتان. إنّها مشابهة و لكنّها مختلفة عن الشّروط التي ذكرتها يا جلالة الإمبراطور. لكنّ تلك المرأة هدّأت جلالتكَ بوضوح. بطريقةٍ مختلفة تمامًا عن المرشدات الثّلاثة السّابقات”
لـم تكن هيلاريا.
لم تكن هي مَن اضطُرّت، تحت ضغط الظروف المحيطة، إلى أن تكشف أنها مرشدته.
تسلّل إلى صدره نفسٌ عميقٌ من الارتياح المرعب، لكنّه سرعان ما اصطدم بشيء آخر.
‘مرشدة أخرى غير هيلاريا هي مَنٔ هدّأتني؟’
من المؤكّد أنّ امرأة اللّيل كانت هيلاريا.
كم عانى من التّردّد و الصّراع حتّى اعترف بهذه الحقيقة أخيرا.
ألم يكن قد تشبّث بتلك الحقيقة في النّهاية، و شعر بالرّضا الشّديد لأنّه يعرف شيئًا لا يعرفه أحد غيره؟
شعور بالارتباط برفيقته.
ذلك الشّعور اللطيف.
في الوقت نفسه، إذا لم تكن هيلاريا، فلم يكن أيّ مرشدة أخرى قادرة على تهدئته.
كان من المفترض أن يكون الأمر هكذا، فكيف حدث ذلك؟
“ليس هذا فحسب. استخدمت تلك المرأة قوّة المرشدة دون أن تلمسني أنا و لا أيًّا من المُستيقظين العديدين الذين كانوا حولها.”
تصلّب وجه كايسيس.
هل يمكن أن يوجد مثل هذا الكائن؟
في السّابق، كان سيفرح على الفور، لكنّه لم يستطع فعل ذلك الآن.
‘هيلاريا.’
كان يتذكّرها بوضوح في اللّيل.
كلماتها.
وحدتها التي أظهرتها له وحده.
هذه الأشياء، هذا التّرابط.
و هو أمام عينيها ، تلقّى القوّة من مرشدة أخرى؟
‘أنا….أمامها؟’
شعر بالاشمئزاز.
و شعر بالقلق في الوقت نفسه.
ماذا لو تراجعت هيلاريا، متذرّعة بأنّه ليس لديها سبب للتّقدّم إذا كان لديه شريكة أخرى.
‘إذا استخدمت ذلك كذريعة…..’
ماذا
لو لم تعـد تـأتِ إليه ليلًا بعد الآن…..
مجرّد التّفكير في الأمر جعل أسنانه تصطكّ من شدّة الانقباض. شعر بالخوف يعصر قلبه فجأة.
التعليقات لهذا الفصل " 119"