“حسنًا، كنتُ أتسكّع حول غرفتكِ، فاختارني تلكَ القطّة العظيمة. ثم يا للهول، قطّة ناطقة!”
حدّقتُ في لوسي و أنا أستمع إلى صوت سيروين المبالغ فيه الذي بدا و كأنّه يُمثّل.
سواء انزعجتُ أم لا، تنهّدتُ لا إراديًّا لرؤية لوسي و هي تضرب الطّاولة بذيلها السّميك مطالبةً بإحضار الكعك.
“لوسي. يجب أن تخبريني الآن.”
“مياو.”
“كيف استدعيتِ هذا البشريّ إلى داخل البوّابة باستخدام النّظام؟”
“مياو.”
“وما هي علاقتكِ بالنّظام على وجه الدّقّة، وما الذي يريده النّظام حقًّا منّي.”
عندئذٍ، حوّلت القطّة التي كانت تلعق وسادات مخلبها الصّغيرة نظرها إليّ.
حدّقت بي ببؤبؤيها الطوليّين المشقوقتان عموديا كأنها تخترقني، ثم ابتسمت ابتسامة بشريّة تمامًا.
هل يثير ذلك الرّعب فيّ؟ لا، بل شعرتُ بالطمأنينة و اللطافة، لأنني أصبحتُ بالفعل مقرّبةً من تلك القطّة السّوداء السّمينة؟
“لا تشعري بالاستياء الشّديد، لأنّه كان شيئًا لا يمكنني شرحه لكِ حتى لو أردتُ ذلك.”
“ماذا تعنين بذلك؟”
“لا يمكنني شرح كلّ شيء بالتّفصيل حتى الآن، و إلّا ستتحطّم روحكِ كقطعة زجاج.”
لاحظتُ سيروين الذي كان يراقب الموقف بمزاح ينظر الآن بتعبير جادّ.
رمشتُ بعينيّ و جلستُ على كرسيّ أمام لوسي.
‘كان هناك شيء يمكنني تخمينه إلى حدّ ما.’
‘أنا لستُ من سكّان هذا العالم. ربّما تكون روحي غريبة، و ربّما تشبه الأشياء التي تغزو هذا العالم من البوّابة.’
‘يبدو أنّ النّظام كان يحميني حقًّا.’
‘لوسي هي مرشدتي التي أهداها النظام إليّ، إذًا فهي تشاركه الهدف.’
‘كان الأمر متناقضًا؛ لِماذا يفرض النّظام قيودًا عليّ و يقول إنّه لا يجب أن تُكشف هويّتي، وفي الوقت نفسه يمنحني مهامّ تربطني بالشّخصيّات الرّئيسيّة؟’
‘هل يجب أن أتواصل مع الشّخصيّات المهمّة للحصول على <قطع من ؟؟؟؟>، و بمجرّد الحصول عليها كلّها يمكنني أن أتحرّر؟’
‘كانت هناك إرشادات حصلتُ عليها في البداية.’
[لا تكشفي أنّكِ لستِ دوقة آرييل الحقيقيّة حتى تحصلي على مؤهّلات ؟؟؟؟.]
“لوسي، هل كنتِ أنتِ و النّظام تحميان روحي؟”
فجأة، صدر صوت طقطقة كأن تيارًا كهربائيًا يتطاير حول القطّة.
لكنه استمر للحظة قصيرة جدًا، فحدّقتُ في لوسي مذهولة.
“ما الذي حدث لكِ؟ هل أنتِ بخير؟”
“هذا ما يسمى بالارتداد. بينما تقتربين من الحقيقة و تكتسبين المعرفة المتعلّقة بها، كنتُ أنا و النظام نبذل كل جهدنا لمنع تأثير ذلك عليكِ ميواو”
“و إذا حصلتُ على تلكَ القطع، سأتحرّر من هذا العالم؟”
“صحيح مياو!”
“إذًا أنتِ منقذتي التي أبقتني على قيد الحياة.”
على الرّغم من أنّه كان بوسعها أن تتفاخر، إلا أنّ لوسي كانت تَلعَق كفوفها بطريقة مزعجة و هي تقول:” مياو، مياو!”.
‘على الرّغم من أنّني شككتُ في النّظام في وقت من الأوقات…’
شعرتُ ببعض التّأثّر و أدرتُ رأسي، و أشرتُ بإصبعي إلى الكاردينال الماكر الذي ابتسم بمكر بمجرّد أن التقت عيناه بعينيّ.
“إذًا، ماذا عن هذا البشريّ؟”
ربّما لم يكن سيروين يفهم أيّ شيء على الإطلاق، لكنّه ظلّ صامتًا و راقب الموقف.
على الرّغم من أنّه يبدو إنسانًا مليئًا بالخفّة في مظهره الخارجيّ، إلا أنّني عرفتُ بما فيه الكفاية من أحداث البوّابة أنّ قلبه ليس سيّئًا في الواقع.
‘لكنّه مزعج إلى حدّ ما.’
‘مُزعج جدًّا، لدرجة أنّني أرغب في ضربه!’
“عزيزتي، هذا قاسٍ جدًّا.”
“إنّه سيفكِ ، و فارسكِ ، و يداكِ و قدماكِ، و تابعكِ الذي أعددتُه لكِ. سيشرح لكِ بنفسه.”
ابتسم سيروين نحوي بغرابة، بعد أن حدّق في لوسي و كأنّها شيء مُقدّس للغاية.
كانت ابتسامة وقحة و غامضة.
“سأقدّم نفسي مرّة أخرى، سموّ الدّوقة. أنا الكاردينال سيروين، مؤمن ضالّ كان يبحث عن <قطعة الحاكم> الحقيقيّة، على عكس المزّيفين الذين لم يتلقّوا القوّة المقدّسة الحقيقيّة. بعد تجوال طويل، وجدتُكِ أخيرًا و نلتُ الخلاص.”
كان التّلخيص المُختصر لشرحه الطّويل على النّحو التّالي.
قال سيروين إنّه شعر بغرابة هذا العالم منذ اللّحظة التي فتح فيها عينيه.
شيء لا يستطيع الكهنة الآخرون الشعور به؛ بصفته شخصًا نال بركة الحاكم الكاملة، كان يعلم أن هناك <قطعة للحاكم> سقطت في مكان ما في هذا العالم.
قال إنّه كان يستخدم قدرته على الانتقال الآني للبحث عنها و جمعها دون وعي، و أنّه جاء إلى هنا بعد أن التقى بي و بـلوسي، اللتين تحملان أكبر قطعة .
‘إذًا، النّظام هو…’
‘إنّـه قوّة الحاكم.’
‘لهذا السّبب لم يستطع أقوى شخصيّة في هذا العالم، كايسيس، أن يزيل قمع النّظام، و لم يستطع التّعرّف عليّ في اللّيل.’
تحوّلت التّوقّعات المبهمة إلى حقيقة تُعرض أمامي.
‘لكن إذا كان الأمر كذلك، فماذا عن وجود بطلة الرّواية المشرقة؟’
‘ألا ينبغي لحاكم هذا العالم أن يحمي سير أحداث الشّخصيّات الأصليّة أكثر، بدلًا منّي أنا، الرّوح التي سقطت من عالم آخر؟’
لكن عندما فكّرتُ في ذلك، ومض النّظام و كأنّه يقرأ أفكاري.
[هذه معلومات لا يمكن الوصول إليها.]
‘هذا يعني أنّه ليس مسموحًا بعد.’
‘إذا كانت القوى المعادية للحاكم هي القوى الشريرة الخفية، أي الأوغاد الذين يقودهم هانويل…’
فتحتُ فمـي.
“لوسي، فهمتُ كلّ شيء؛ أنّكِ موجودة بهذه الطّريقة، و أنّني أحظى بالحماية منكِ.”
“مياو.”
“إذًا، ما الذي تريدينه منّي؟ من المؤكّد أنّكِ لستِ هنا بجواري فقط من أجل أن أبقى على قيدِ الحياة فقط.”
لسببٍ ما، بدا أنّ عينيّ لوسي كانتا تلمعان ببريق.
‘و كأنّها كانت تنتظر هذه اللّحظة، أو كانت بجانبي لتقول لي هذا الكلام بالتّحديد.’
وقفت القطّة على قوائمها الأربع.
‘حسنًا، كان الجوّ جادًّا لدرجة أنّني لم أستطع أن أسأل لماذا ظهرت بهيئة قطّة سمينة إذا كان من المفترض أن تتجسّد بصفتها كائنا مقدّسًا’
لوّحت لوسي التي وقفت بشموخ بذيلها الأسود و رفعت مخلبها الأماميّ نحوي.
شعرتُ أنّني يجب أن أفعل ذلك، فأمسكتُ بمخلبها الأماميّ بيدي.
“سأحقّق لكِ ما تتمنّين. يجب أن تصبحي أهمّ قطعة في هذا العالم. ما هو أكثر شيء تتمنّينه الآن؟”
بينما كنتُ أحدّق في الفراغ، ظهر النّظام و عرض لي مهمّة سابقة.
[الإمبراطور كايسيس قد خُتِـمَ معكِ، لكنّكِ لم تُختمي معه.]
[لقد أصبحتِ المرشدة الوحيدة القادرة على تهدئته.]
[لمنع موت الجميع، أوقفي هيجانه و هدّئيه!]
[الخيار 1) اقطعي الختم غير المكتمل و اعثري على المرشدة الأصليّة لترتّبي له الأمر. و لكن يجب عليكِ أن ترشديه حتّى ذلك الحين.]
[الخيار 2) كوني مرشدته المثاليّة دون أن تكشفي هويّتكِ حتى يكتمل الختم تمامًا.]
كانت المهمة تتعلق باختياري.
عندما نظرتُ بعينين متلألئتين إلى القطّة، قابلتني لوسي النّظر مباشرةً و أطلقت مواءًا عاليًا.
‘ما أريده.’
“لم أعـد أرغب في التنازل.”
‘كان الأمر مختلفًا عن الوقت الذي كان فيه البقاء على قيد الحياة هو الأهمّ فقط.’
‘لم أرغب في التّخلّي عن كوني مرشدة كايسيس.’
‘هذا هو ما أتمناه الآن.’
“سأنقذ حياتكِ، و أنتِ عليكِ أن تنقذي عالمي مياو.”
عالمـكِ.
‘إذًا لوسي…’
“لوسي، إذن أنـتِ…”
لكن قبل أن أكمل جملتي، انبثق نور أصفر بيننا.
مع ألم حاد، اندلعت شرارة عملاقة.
“آه!”
شعرتُ بحرقة فوريّة على ظهر يدي، و قفزت لوسي إلى الخلف مبتعدةً.
” عزيزتي!”
تدخّل سيروين المذعور و أطلق قوّته المقدّسة.
شُفي ظهر يدي الذي ظهرت عليه آثار حروق حمراء على الفور.
قالت لوسي بابتسامة و كأنّها لم تتفاجأ.
“هذا هو الأمر مياو”
كانت جفونها ترمش ببطء شديد.
ترنّحت القطّة و كأنّها أنهت كلامها و انطفأت، ثمّ سقطت على الأرض و بدأت تشخر نائمة على الفور.
التعليقات لهذا الفصل " 117"