على عكس ردّ فعلي المتشكّك، بدأ المحيطون يثرثرون بصخب و وجوههم مشرقة كمن استيقظ لتوّه من نوم عميق.
“هل رأيتم ذلك؟ الآن بوضوحٍ صاحبَ الجلالة…!’
“لا يمكن مقارنتها بالمرشدات السابقات أبدًا! بقبلة واحدة على جبهته فقط أوقفت خطر الانفجار!”
“لا شكّ أنّ هذه المرأة هي المرشدة التي كان يبحث عنها جلالته. إنّها رفيقة الإمبراطور!”
“لكنّ شعرها… لا يبدو أحمرَ نقيًّا تمامًا.”
“ربّما أخطأ جلالته الرؤية بسبب انعكاس الضوء!”
لو أصرّوا، فقد يكون الأمر كذلك.
كنتُ أتساءل بشدّة لماذا تقف بطلة الرواية الأصلية بهذا الشكل، لا بشعرها الذهبي و عينيها الخضراوين المعتادتين.
“مرحبًا، سموّ الدّوقة.”
“…..”
“يبدو أنّ صاحب الجلالة قد أغمي عليه، فهل يمكنكِ أن ترشديني إلى ما يجب فعله بعد الآن؟ أنتِ تبدين الشخص ذو المكانة الأعلى في هذا المكان.”
نظرتُ إلى المرأة التي التفتت نحوي وهي تجعل كتف كايسيس يستند إليها قليلًا، كأنّ هذا المكان مخصّص لها من الأساس.
“أممم… سموّ الدوقة؟”
“….”
كان صوتها الناعم الرقيق بارزًا جدًّا.
تمامًا كبطلة الرواية اللطيفة المشرقة كأشعة الشمس التي أعرفها، ليلييتا.
كانت ابتسامتها المتفتّحة كالزهرة جميلةً جدًّا، حتّى أن فرسان الإمبراطور أبدوا إعجابهم.
نعم. في نظرهم، هذه المرأة هي المنقذة التي طالما بحثوا عنها بلهفة، تلك التي ستنقذ سيدهم.
نظرتُ إلى تلك الابتسامة المشرقة ثمّ أشرتُ إلى الفرسان.
لو صادفتُ هذه المرأة في بداية تجسدي، لكنتُ أحضرتها أمام الإمبراطور دون تردّد، متهرّبةً من الواجب المُلقى عليّ، متظاهرةً أنّ أمر الختم لا يعنيني البتة، بينما أهتم فقط في البقاء على قيد الحياة.
“مرشدة تبدو و كأنها مرشدة جلالة الإمبراطور. اعتنوا بها جيّدًا جميعكم.”
رتّبتُ المكان كأنّ شيئًا لم يكن.
و في خضمّ حركة الفرسان السريعة بإشارتي، ظللتُ أُمعن النظر في ملامح ليلييتا الجانبية وهي تبتسم شاكرةً بلا انقطاع.
* * *
“آآآآآه!”
“سيّدتي! لقد ظننّا حقًّا أنّ كارثةً حلّت بسيّدتنا!”
“ما الذي حدث داخل ذلك المكان بالضبط؟”
“أردييل، هذا الوغد يقول إنّه كان ينام نومًا عميقًا طوال الوقت!”
كانوا الآن مجتمعين في قاعة استقبال عائلة دوق آرييل.
أمسك أردييل الأمير الصغير الذي ينظر إلى معلّمته بحماسة، محتضنًا إيّاه بقوّة، متجاهلا النظرات المُسلّطة عليه.
أما هيلاريا اللطيفة التي بدت متعبةً من صخب السحرة، فلم تُوبّخهم و تأمرهم بالعودة فورًا، بل كانت تستمع إلى أصواتهم.
كان جميع السحرة، بما فيهم أردييل، يعرفون:
سيّدتهم أصبحت لطيفة!
‘قبل قليل، عندما قبّلت جبهة هذا الأمير الصغير، تفاجأ الجميع كأنّ العالم قد انشقّ نصفين.’
داس أردييل على الغيرة الخافتة التي بدأت تنمو تجاه تلميذ سيّدته الصغير، و ركّز على الوضع أمامه.
‘لا جروح عليها.’
غضب من نفسه لأنّه لا يتذكّر شيئًا.
كان يتذكّر فقط أنّه صمد بضراوة حتى انهار، ثمّ أصبح كلّ شيء صفحة بيضاء.
‘كنتُ بالتأكيد في حالة انفجار.’
كانت المرة الأولى التي يستخدم فيها قوّة الشفاء بصورة صحيحة، فلم يستطع التحكم بها، و أفرط في إطلاقها دون تفكير.
ثمّ وصل إلى حدّه و انهار بصورة مهينة. و بعد ذلك، بقيت شظايا من الذكريات.
‘ظننتُها حلمًا، لكنّها لم تكن كذلك.’
لا شكّ أنّ أحدًا ما هدّأه بقوّة المرشد.
‘كيف؟ و مَـنْ كان؟’
كان محبطًا لأنّ ذكرياته ضبابية.
كان يتخبّط في ألم يملأ جسده إلى أقصى حدّ، ثمّ فجأةً شعر كأنّه يذوب من الراحة.
و بعد ذلك…
يبدو أنّه فعل شيئًا محرجًا جدًّا.
‘الذكرى الوحيدة الخافتة هي شعر أحمر قاني.’
لكنّ ذلك لون شعر سموّ الدوقة!
ارتفعت حرارة وجهه فجأة.
‘لا، مستحيل.’
لكن لو كان كذلك، فكم سيكون جميلا!
‘يا للوقاحة!’
ضرب الساحر الصغير رأسه بقوّة.
أين ستُلصق السيّدة؟!
لكنّه سرعان ما أصبح كئيبًا.
ثلاثة من مرشدات الإمبراطور السابقات تورّطن في البوّابة أيضًا، لكنّهن قلن إنّهن اختبن في الكهف فقط.
أمّا هو، فما إن فتح عينيه سليمًا حتى ركض مع زملائه السحرة نحو سيّدتهم.
‘هل أسأل ديكاردو، ذلك الرجل؟’
آه، صحيح. ديكاردو. ذلكَ الفارس اكتشف هويتي!
عضّ أردييل شفتيه بتوتر.
“أيّها الصغير، الصغير! لماذا لم تقل إنّ القطعة الأثرية التي صنعتها نجحت نجاحًا باهرًا؟”
“صحيح! من الآن فصاعدًا، سيفتح طريق مختلف تمامًا أمامنا نحن السحرة! سنتمكّن من جمع المواد بأنفسنا بدلًا من تلك المواد التافهة التي يجلبها المستيقظون الجهلاء!”
“سيتقدّم البحث قفزات هائلة. كما تم إثبات أنّ السحر يمكنه المساعدة، فسيكون عونًا كبيرًا في المعارك أيضًا.”
التعليقات لهذا الفصل " 116"