سواء صرختُ داخليًّا أم لا، فإن نافذة النّظام تغيّرت بسرعة مذهلة.
[لقد أنجزتِ إنجازًا باهرًا!
لقد أنقذتِ جميع المعزولين.
سيتم منحكِ مكافأة خاصّة.]
لا، أنا لم أنقذ إيزوليت بعد!
لكن لم يكن هناك وقت للتفكير.
[يتم استدعاء “المتعاون”.
هل ترغبين في استدعائه؟]
رأيتُ الوحوش تندفع نحوي كأن الأرض ستنشق، فضربتُ زر المكافأة في الهواء كأنني أضرب شيئًا ما بقوّة.
ثم،
وميض!
ابيضّ كل شيء أمام عينيّ.
كما يحدث عند أستخدم السحر.
* * *
أمسك سيروين رأسه و هو ينظر إلى المنظر الغريب من حوله.
كان الصداع المروّع يبدو كأثر جانبي لانفجار البوابة التي تورّط فيها.
“ههه، تحرّكَ جسدي من تلقاء نفسه قبل أن أدرك ذلكَ حتى؟”
ضيّق سيروين عينيه كأن الأمر ممتع.
في اللّحظة التي تورّطت فيها هيلاريا بالبوابة، شعرَ بذلك الشعور.
خفق قلبه بعنف، و انقبض فجأة، و بغريزة مفادها “يجب أن أنقذ هذا الشخص الآن”، استخدم قدرته دون وعي تقريبًا.
قطع المسافة البعيدة التي كانت تفصلهما في لحظة بالنقل مكاني، و تورّط معها في البوابة.
و ها أنا الآن في هذا المكان.
“همم، كيف سأجـد عزيزتي إذن؟”
حتى لو فكّر ببساطة، فإن الوضع داخل البوابة سيكون بالتأكيد الأسوأ.
استمع إلى رطوبة المستنقع الكريهة، و إلى الصمت المحيط، فتأكّد سيروين أن الإمبراطور المرعب للإمبراطورية ليس هنا.
“همم…”
الأمر محرج.
سيروين يملك قدرة نقل مكاني من الدرجة العليا، لكنه ليس متخصّصًا في القتال.
بالطبع، كلما ارتفعت رتبة المستيقظ، اكتسب جسدًا لا يُقارن بالبشر العاديين.
“لكن ليس لدي القدرة على إنقاذ الدّوقة و الخروج من هذا المكان.”
فضلاً عن أن كونه كاردينال و مستيقظًا في الوقت نفسه، فدوقة الإمبراطورية مرشدته . إذا عُرف ذلك، سيكون الأمرحكارثـة.
على أي حال، فلنبدأ بالتحرّك.
الهدف هو هيلاريا.
* * *
نظر سيروين إلى المرأة المُغمى عليها في يـده و أخذ يفكّر.
لماذا أصادف الأشياء الغير مفيدة فقط؟
مزعج جدًّا.
“هل هي إحدى مرشدات الإمبراطور؟”
حكّ رأسه قليلاً و مال برأسه.
بعد أن كرّر النقل المكاني لساعات، شعر بضيق تنفّس فتوقّف للراحة.
كان الفضاء داخل البوابة واسعًا بلا داعٍ، و لم يشعر بطاقة هيلاريا في أي مكان انتقل إليه حتّى الآن.
“أشعر بقليل من التوتر.”
في تلكَ اللحظة، سمع صوتًا عاليًا.
“…جلالته….سيأتي… لإنقاذي…!”
كان صوت امرأة حادًّا.
ذهب ليتحقق ظنًّـا منه أنها قد تكون هيلاريا، لكنه وجد امرأة فاقدة لأعصابها تركل شجرة بغضب.
“لماذا تصرخ بهذه الطّريقة و هي داخل البوابة؟”
هل هي مجنونة؟
ما إن رآها حتى عبس.
لم يكن يصدّق أن إنسانة غبية كهذه قد تكون مرشدة الإمبراطور.
“هاه.”
لا خيار.
إذا جذبت الوحوش، سيصبح الأمر متعبًا له أيضًا.
نقل سيروين مكانه مرّة أخرى إلى خلفها، ثم ضرب عنقها فأغمي عليها.
تنهّد بعمق و هو يحمل المرأة المُغمى عليها تحت ذراعه.
“آه، مزعج. لا يمكنني رميها هكذا.”
على غير عادة الكاردينال الذي يصبح قاسيًا جدًّا مع مَنٔ لا يهتم بهم، حملها سيروين بحذر.
نظر إليها بدهشة و هي متدلّية بلا قوة، ثم انتقل مرّةً أخرى، فشعر فجأة بطاقة المرشدات.
آه؟
“كهف؟”
و فوق ذلك، كان هناك أثر للطاقة التي تجعله يبتسم، طاقة هيلاريا نفسها.
اقترب بسعادة و عيناه تلمعان، لكن أمله خاب على الفور.
“ليست عزيزتي.”
كان هناك امرأة تمسك بكيس صغير بقوة، ومرشدة أخرى تتنهّد بجانبها.
“توقّفي عن النظر إلى السماء يا أناييل.”
“قالت إنها سترسل إشارة. أنا أنتظر ذلكَ الشخص.”
“أصبحت الآن تدعى بـ”ذلك الشخص” ؟ هذا مضحك. ألا تعرفين علاقتنا بها؟”
“و ما المشكلة؟ أين قد تجدين شخصًا رائعًا مثلها؟ سأكتب لها رسالة عندما أخرج. كبار عائلاتنا لم ينقذونا حين كدنا نموت!”
“لكن…”
“آمم، لحظة. أختي ليان، ألا تسمعين صوتًا؟”
“صوت؟ هل هو وحش…”
كانت الأصوات الهمسية غريبة، لكن حواس سيروين في استشعار الطاقة و الحضور تفوق البشر العاديين.
هذه الطاقة مألوفة.
كانت النبيلات اللاتي حضرن الحفلة.
“إذن هؤلاء أيضًا مرشدات الإمبراطور.”
ابتسم بسعادة.
المرأة التي تحت ذراعه.
إذا رماها هناك، ألن ينتهي الأمر؟
ابتسم بإشراق، و وضع طاقته على المرأة المُغمى عليها فقط.
ثم نقلها مكانيًا إلى داخل الكهف فسقطت فجأة.
“كياااه!”
“إ-إيزوليت؟”
لم يهتم بالأصوات الصارخة.
حسنًا، هذا يكفي.
انتقل مرّةً أخرى بعيدًا عن الكهف، فشهد شيئًا لا يصدّق.
“همم؟”
رأى قطّة سوداء داخل البوابة.
قطة سمينة جدًا، كانت ممتلئة الجسم بشكلٍ لافت…
“كيف يمكن لقطة التواجد داخل البوابة؟”
لكن عندما التقت عيناه بحدقتيها الطوليّتين الرفيعتين، شعر سيروين بدوار.
هيلاريا.
نفس الشعور الذي شعر به عندما لامسها و خفق قلبه بعنف.
“آه، هذا الإحساس…”
هل تلكَ القطة، لا…
ذلكَ الكائن…
في اللّحظة التي أدرك فيها سيروين شيئًا و اتسعت عيناه بينما كان على وشكِ الإقتراب من القطة، ظهر ثقب أسود أمامه فجأةً.
“أنقذهـا مياو.”
اتسعت عيناه حتى كادا تتمزّقان.
هل تلكَ القطة السمينة تكلمت للتو؟
لكن الثقب الذي جذبه بقوة كالعاصفة ابتلعه، و عندما فتح عينيه…
“ها.”
ضحك سيروين دونَ أن يتمالك نفسه، ناسيًا كل شيء.
الشخص الذي بحث عنه لساعات حتى أُنهِـك.
المرأة التي تحمل أثر الحاكم بقوّة.
المرشدة التي هدّأت قوته ثم رحلت بجرأة.
هيلاريا ذات الشعر الأحمر كانت تحدّق فيه بعينين متسعتين في ذهول.
“مرحبًا، عزيزتي؟”
كأنه كلب يحرس البيت و عاد سيده أخيرًا، هدأ قلبه المتوتر في لحظة.
* * *
ما هذا؟
ذُهلت مما حدث.
الرجل الذي ظهر أمامي فجأة عندما ضغطت على زر المكافأة كان مألوفًا جدًّا.
عينان منحرفتان قليلاً بإحساس خطر، شفتان حمراء تبدوان و كأنهما تسخران من الناس، شامة واضحة عند زاوية عينيه.
رجل ينضح بالخطر.
الكاردينال، سيروين.
“لقد استدعيت متعاون النظام، فلماذا سيروين…؟”
قبل أن أنهي تفكيري، مـدّ الرجل الذي استوعب الوضع يده نحوي وهو يضيّق عينيه.
“آسف، عزيزتي. الوضع يبدو خطيرًا، و النقل المكاني هو تخصّصي.”
هاه.
في اللّحظة التي لامس فيها طرف أصابعه البيضاء جبهتي، أمسكتُ بيديّ المستيقظين المتصلين بي لا إراديا.
“لنهرب فورًا!”
ثم،
سويييش.
تغيّر الفضـاء من حولنا.
“آه!”
شعور مختلف تمامًا عن استخدامي لسحر النقل المكاني، كان يعصر جسدي كله.
كأنني أزحف بصعوبة عبر ممر ضيق جدًّا.
عندما انقطع نفسي و شعرت بالألم، تدحرج جسدي فجأة إلى مكانٍ ما.
“آه!”
لماذا الهبوط هكذا؟
فتحت عينيّ و أنا أعبس بشدة، فرأيت أردييل و ديكاردو ملقيين على الأرض بعيدًا عني.
يبدو أنهما لم يستعيدا وعيهما بعد.
ما إن التفتُ حتى رأيت ذلكَ الرجل يرسم ابتسامة هادئة.
“مرحبًا.”
سيروين.
“……مَـنْ أنـتَ أصلاً؟”
نظرت بسرعة إلى نافذة النظام العائمة في الهواء.
لكن النافذة التي كانت تُصدر أصوات تشويش كأن استدعاء هذا الرجل كان آخر ما تستطيعه، اختفت.
“آه.”
في صمت بارد، حدّقتُ في سيروين الذي كان ينظر إليّ بعينين مستمتعتين و هو يبتسم.
“ما الذي تظنّينه؟”
“لقد سألتـكَ أولاً.”
مال سيروين برأسه بعينين عميقتين كقط كبير، ثم قال مبتسمًا:
“صاحبة السّمو الدّوقة.”
“……”
“أنـتِ مَـنْ ختمتِني.”
سمعتُ صوت ارتطام كأن قلبي وقـع بقوّة.
التعليقات لهذا الفصل " 108"