في اللّحظة التي لامستُ فيها أيديهما، ظهرت نافذة النظام.
[لقد لامستِ مرشّحيّ مهمّة الختم المتعدّد!
تـمّ استيفاء درجة الإجاب المطلوبة للختم.
حافظي على الاتّصال.
يبدأ الختم.]
كما توقّعتُ تمامًا.
انحنيتُ قليلًا من جرّاء القوّة التي تُسحب منّي بجنون، و عضضتُ على أسناني.
‘مقارنة بكايسيس عندما كان على وشكِ الانفجار، هذا لا يزال محتملًا.’
و لأن هذه كانت تجربتي الأولى في سحب القوّة من الجانبين في آنٍ واحد، شعرتُ بقشعريرة تسري في ظهري.
كأنّ بعوضة عملاقة غرزت خرطومًا سميكًا في ظهري و أخذت تمصّ دمي.
‘الوقت قليل جدًّا.’
نجحتُ في التّخلّص من ذلكَ الزّعيم المرعب و الإنتقال إلى هنا، لكنّني لم أهرب مسافة بعيدة.
بعد أن تجوّلتُ في بوّابة المستنقع هذه، بـدا أنّها من الأماكن التي تكتظّ بالوحوش بشكلٍ خاص.
‘هناك أماكن من هذا النّوع أحيانًا! إذا كان زعيم الوحوش قويًّا بشكلٍ مرعب، فإنّ توزّع الوحوش من الرّتب الأدنى يكون مكتظًا أكثر من البوّابات الأخرى!’
ربّما لأنّ الأشرار هم مَنٔ فتحوا بوّابة مزدوجة، لكن على أيّ حال، البوّابة التي أنا فيها الآن من هذا النّوع.
‘علاوةً على ذلك، أنا الآن أقوم بالإرشاد. و الوحوش تحبّ طاقة المرشدين للغاية.’
تصبّبت عرقًا باردًا.
بينما كنتُ أتفقّد وجهيّ ديكاردو و أردييل اللّذين ما زالا فاقديّ الوعي، رأيتُ أنّ الخطوط السّوداء التي كانت تتسلّق وجهيهما كأرض جافّة بدأت تتلاشى تدريجيًّا.
لم يستعدا وعيهما بعد.
‘يجب ألا يستعيدا وعيهما الآن.’
كان وضع سيروين الذي واجهته و أنا في شكل خادمة اللّيل أفضل بكثير.
حتّى بعد إنقاذهما، ستبقى هناك المشكلة.
بالتّأكيد سيذكران أنّهما كانا على وشكِ الانفجار و سقطا، فماذا أقول لهذين الاثنين عندما يستيقظان؟
عضضتُ شفتيّ و أنا أنظر إلى الاثنين اللّذين تنخفض أرقامهما ببطء شديد.
“إمساك اليدين وحدهما لا يكفي.”
…هذه هي المشكلة الحالية.
فجأةً أصبحت رؤيتي ضبابية.
‘آه، أنا أيضًا لستُ في حالة سليمة.’
يبدو أنّ حتّى جسد هيلاريا القويّ الذي تُعتبر ثاني أقوى شخص في الإمبراطوريّة وصل إلى حدّه.
بمجرّد أن أدركتُ ذلك، شعرتُ بالألم في كلّ مكان تُسحب منه الطاقة.
شعرتُ بالظّلم الشديد.
لا، ماذا فعلتُ حتّى أتعرّض لمثل هذه الحوادث في كلّ مرّة؟
‘كلّ هذا بسببِ أولئك الأشرار الأوغاد…’
بينما كنتُ أتحمّل شعور الدّوار الذي قد يجعلني أفقد الوعي، و أتمتم لوحدي و أصرّ على أسناني، تجمّدتُ فجأة.
ثمّ أدركتُ أنّهما لم يستعيدا وعيهما تمامًا عندما رأيتهما صامتين.
إذن ما هذا؟
تفقّدتُ الأرقام بسرعة، و مِلتُ رأسي متعجّبة.
مستحيل أن يستيقظا بهذه الأرقام.
في اللحظة التي كنتُ أميل فيها برأسي و أنا مملوءة بالتّساؤلات، جُذبتُ بقوّة.
في غمضة عين، وجدتُ نفسي بين المستيقظين اللّذين كنتُ أمسك بيديهما.
“ها؟”
ما هذا؟
هل استيقظا؟
“ما الذي تفعلانه…”
في اللّحظة التي تحرّكت فيها شفتاي من الدّهشة، فعل ديكاردو و أردييل اللّذان كانا يبدوان غير مدركين تمامًا شيئًا لن يجرؤا على فعله مع الدّوقة النّبيلة في العادة.
“غير كافٍ.”
تمتم ديكاردو كشخصٍ يشعر بالعطش، و رفع يدي التي يمسكها.
ثمّ فرك ذراع الإمبراطور اليمنى وجهه على كفّي ببطء.
بالأحرى، وضع شفيته على يدي و كأنّه يطبع قبلة عميقة.
“…..!”
ارتعشتُ من ذلك التّصرف الغريب.
“هاه.
صدر صوت ليس لطيفًا على الإطلاق، و بدأت شفتا الرّجل النّاعمتان الدّافئتان تفركان كفّي.
‘آه، مجنون.’
ارتجفتُ بينما كنتُ أعضّ شفتيّ.
‘فلينقذني أحد ما.’
مع شعوري بطاقة الإرشاد تُسحب مني دفعة واحدة، انسابت قوّتي من جسدي.
لكنّ معاناتي لم تنتـه بعد.
المستيقظان اللّذان كانا يلهثان بأرقام قريبة من خطر الانفجار تحوّلا إلى وحشين، و بدآ يلتصقان بي كغريزة للمرشد الذي يمكنه تهدئتهما.
“أنا، أنا أيضًا…”
كان أردييل هو التّالي.
عيناه اللّيمونيّتان الضبابيتان جميلتان جدًّا بصراحة، لكنّني أعرف كم يسحب المستيقظ فاقد الوعي من الطّاقة بقوّة.
“آه، مؤلم جدًّا.”
جذب أردييل يدي الأخرى التي لم يمسكها ديكاردو إلى وجهه مع تمتمة لا أعرف لمَـنْ يوجّهها.
أصغر السّحرة و الذي كان يلتصق بي كحيوان لطيف عادةً، عضّ طرف أصابعي بشفتيه المتشقّقتين الجافّتين من جرّاء الإفراط في استخدام القوّة.
آآه!
“…هاه!”
مع الطّاقة التي خرجت فجأة، ارتكبت أكثر.
لم أعرف أنّ تهدئة شخصين في نفس الوقت أمر صعب إلى هذا الحدّ.
سأجـنّ!
‘أنا مرشدة غير معتادة على هذا النّوع من الاتّصال!’
كأنّني حلوى لذيذة جدًّا بالنّسبةِ إليهما.
‘لو فكّرتُ في المعاملة التي كنتُ أتلقّاها في حياتي السّابقة، فهذا شيء لم يكن من الممكن تخيّله حتّى.’
مستيقظون يتوسّلون للمزيد بدلًا من التقيّؤ من الاشمئزاز بمجرّد اللمس.
“آه!”
مع استمرار استنزاف قوتي، ضاق صدري كأنّني لا أستطيع التّنفّس.
كانت أنفاسي خشنة كشخصٍ كان يركض.
“آه، إذا أخذتما القوّة بهذا الشّكل….أنتما، آه، هل تريدان منّي الموت.”
بدأت نافذة النّظام التي كانت تومض بالأحمر كصفّارة إنذار تهدأ تدريجيًّا.
لكنّ رؤيتي لا تزال ضبابية.
الدم، يبدو أنّ دمي ناقص؟
“جيّـد.”
أنا لسـتُ جيّدة!
“أعطني المزيد…”
توقّفـا!
“لا تذهبي.”
استمرّ أردييل في تقبيل أطراف أصابعي بينما كنتُ أحاول سحبها.
“الشّعور… رائع.”
أمّا ديكاردو فقد تخلّى عن مظهر الفارس الهادئ المعتاد.
بينما كنتُ أنظر إلى سماء البوّابة المظلمة المشؤومة شعرتُ بالخوف من أن تترك علامات.
ماذا سيقول كايسيس لو رأى هذا المنظر؟
‘آه، لا أعرف.’
و في لحظةٍ ما.
بدأت الطّاقة التي كانت تُسحب بلا رحمة تبطئ تدريجيًّا.
‘هل انتهى الآن؟’
رفعتُ جفنيّ المرتعشين، فتسلّل صوت نافذة النّظام المنتظر إلى أذنيّ.
─ دينغ!
[يوجد بالفعل مرشّح ختم ذو تأثير كبير.
الغيرة قويّـة، فتؤثّر على الرّابطة.
ستتأثّر بالتّرتيب!]
‘غيرة؟’
نظرتُ إلى النّظام الذي يبدو أنّه يبذل كلّ قوّته لإظهار النّافذة.
مرشّح الختم ذو التّأثير الكبير هو بالتّأكيد كايسيس.
هل غيرته قوية إلى درجة تؤثّر على الختم؟
سرعان ما تغيّرت النّافذة مجدّدًا.
[تهانينا!
تمّ إنشاء ختم نصفي.
يمكنكِ الآن الاطّلاع على قائمة المرشّحين الذين أنّ ختمهم.]
” مهلا لحظة.”
سمعت صوتا و أنا ممدّدة على الأرض.
ثمّ تغيرت ملامح وجهي.
هذا الصّوت…
─ كوغوغوغوووونغ!
هل هذا حلم؟
لا ، يجب أن يكون حلمًا!
‘في النّهاية ، جذبنا الانتباه!’
عدد هائل من الوحوش كان يركض نحوي من بعيد كأنّه موجة.
‘هذا مستنقع، لا حاجة لخروج هذا العدد من التماسيح بهذا الشّكل!’
المستيقظان المعلّقان بيديّ لم يستعيدا وعيهما بعد.
حتّى لو استيقظا، ستكون مشكلة كبيرة لأنّني لا أستطيع كشف هويّتي.
نهضتُ بجذعي العلويّ.
“أنا التي أستطيع استخدام السّحر ثماني عشرة مرّة لم أعـد ساحرة عظيمة مزيّفة.”
في اللّحظة التي حرّكتُ فيها شفتيّ لاستخدام رمح النّار.
“هاه؟”
أدركتُ حقيقة لم أكن أعلمها من قبل.
و في لحظة تعيسة كهذه.
“ألا يمكنني استخدام السّحر أثناء الإرشاد؟”
لم يخرج السّحر.
صدرَ صوت خفيف يشبه صوت قذيفة معطلة دونَ أن يتشكّل السّحر، فتجمّدتُ في مكاني.
سرب لا يُحصى من التماسيح الضّخمة يندفع نحوي، ما الذي يمكنني فعله الآن؟
بحق الجحيم…
‘اللعنة.’
شحب وجهـي.
‘أنقذني!’
في لحظات خطيرة كهذه، دائمًا ما يظهر وجه الرّجل الأقوى في ذهني.
الرّجل ذو الشّعر الفضيّ المزعج أحيانًا، و الذي أجـده وسيمًا بشكلٍ خاص مؤخّرًا لدرجة تُغضبني.
التعليقات لهذا الفصل " 107"