‘اللعنة!’
كدتُ أموت حقًّا.
تنهّدتُ براحة و أنا أرى الزّاحف الوغد يصرخ صرخة الموت و يسقط مسمّمًا أمام أنفي مباشرة.
لو تأخّرت لحظة واحدة، لكان ذاك المخلب الضّخم قد مزّقني لأربع قطع، اللعنة!
─ دينغ
[تهانينا!
لقد أنقذتِ اثنتين من المعزولين.]
نعم، أعرف.
تجاهلتُ النّظام الذي تدخّل بوقاحة و استدرتُ، فالتقت عيناي بامرأة شاردة الذّهن.
مرشدة الإمبراطور، أناييل.
‘هي لا تدرك كم تعبتُ لإنقاذهنّ بدون سحر.’
كنتُ أكبح رغبتي في نزع القناع عن وجهي و إطلاق نفس.
غير مدركة لذلك، أشارت بيدها المرتعشة إلى المرأة الأخرى، ليان، بقلق شديد.
“أن، أنقذي……”
رغمَ أنّها مسمّمة و منهارة، تهتمّ بالآخرين. مثير للإعجاب.
هل كانت شخصيّتها هكذا بالأصل؟
لم أكن أعرف إيزوليت جيّدًا، و أناييل لم تُذكر كثيرًا في الرواية الأصليّة، لكنّ نظرتها الملحّة كانت غريبة.
أخرجتُ النّبتة المضادّة للسّمّ التي كنتُ قد جمعتها عندما دخلت البوّابة و وضعتها في حضني.
دفعتُ الفطر الصّغير في فـم أناييل الشّاردة تقريبًا.
“امضغي.”
“……!”
و لم أنسَ تحذيرها بالطبع.
كانت واحدة من مرشدات الإمبراطور الثّلاثة، فخشيتُ ألاّ تطيع كلامي، لكنّها…
‘إنها تأكل بشهيّة كبيرة؟’
هل كانت جائعة؟
نظرتُ إليها و هي تأكل بحماس، ثمّ دفعتُ الفطر في فم ليان المنهارة.
لم تفقد وعيها تمامًا، ففتحت عينيها قليلاً و تنفّست بصعوبة، ثمّ حدّقتُ فيّ بشكّ.
“لماذا… أنتِ؟”
“……”
“لماذا أنقذتِنا، آه…؟”
نظرتها الحذرة أشدّ حدّة من مخالب لوسي.
نعم، هذا هو رد الفعل المتوقّع…
نظرتُ إلى المرشدة الأخرى ذات العيون اللامعة بينما أتصبّب عرقًا باردًا في داخلي.
‘ما الذي تنظر إليه بهذه الطّريقة؟’
المهمّة ما زالت قائمة، لذا إظهار جانبٍ مختلف من الدّوقة آرييل للغرباء خطير.
قهقهتُ بسخرية و قلتُ ببرود متكلّف:
“لماذا. هل إنقاذ ساحرة لحياتكِ بينما لا تعرفين هذه الأساسيّات حتّى يجرح كبريائكِ؟ تشتكين حتّى بعد أن أنقذتـكِ.”
“هـ، هذا……”
“ألم تتلقّي التّعليم الأساسيّ؟”
كنتُ أريد قول هذا لهنّ أصلاً.
‘بينما يخاطر كايسيس بحياته في البوّابات، كنّ دائمًا ينتظرن بهدوء في الخارج.’
محبط جدًّا.
هنّ من عائلات المرشدات النبيلة، فكيف لم يتعلّمن بشكلٍ جيّـد؟
معرفتي بالبوّابات في حياتي السّابقة أفضل منهنّ بكثير.
قدرات المرشدات، مستواهم، حتّى مدى توافقهم مع المستيقظين يعتمد على أداة اخترعها أردييل حديثًا.
‘كنتُ أشعر بالاستياء كلّما قرأتُ عنهنّ.’
على الأقلّ، هنّ مرشدات أقوى مستيقظ في الإمبراطوريّة، كان يجب أن يعلمن أنّ الضّباب خطير و أنّ هناك نباتات مضادّة في كلّ مكان.
“لا عذر لديكِ. الآن تستطيعين الحركة.”
نهضت ليان بعد التّعافي سريعًا و اتّكأت على جدار الكهف.
“أولاً ، شكرًا لإنقاذكِ لنا.”
“لم أفعل ذلكَ لأتلقّى الشّكر. لكن لماذا أنتما اثنتان فقط ؟ أين الثالثة؟”
“إيزوليت….”
من وجه ليان المتجهّم، علمتُ أنّ هناك مشكلة.
إذن أين أبحث عن إيزوليت المفقودة؟
سألت المرأة دونَ أن تعرف تذمّري الدّاخليّ:
“دوقة. قبل ذلك ، أريد أن أسألكِ سؤالاً.”
“ماذا؟”
“أنـتِ لم تدخلي بوّابة من قبل، فكيف تعلمين عما يوجد في البوابة؟”
تعبتُ من الرّد على كلّ شيء.
و ليس لديّ وقت لهذا أصلاً.
“لا تسألي أسئلة غبيّة و خذي هذا.”
رميتُ كيسًا من أكياسي.
ليس لليان، بل لأناييل ذات العيون اللامعة.
ثمّ……
“ما هذا؟ هل تعطيني إيّاه؟ آه! كلام الأخت ليان صحيح، كيف تعرفين عن كل هذه الأشياء؟ رائع جدًّا!”
انفتحت شهيّتها للكلام.
“…..”
“د، دوقة؟”
لماذا تتكلّم كثيرًا.
‘رغمَ أنها معزولة في البوّابة إلا أن صوتها مليء بالحيويّة!؟’
كان يجب أن تكون مكتئبة مثل ليان.
شعرتُ بالضّيق فنظرتُ إليها بحدّة، فاقتربت راكعة و نظرتْ إليّ بعيون لامعة متأملة.
“…..؟”
ماذا تفعلين؟
صرختُ في داخلي بذهول، فقالت أناييل بسرعة:
“هل يمكنني مناداتكِ أختي؟”
“……؟”
ما هذا؟
ما الذي تقولينه؟
“أريد مناداتكِ بأختي.”
شعرتُ بالإرتباك من كلماتها.
تنادي مَـنْ بماذا؟ لماذا؟
مرشدة تكره السّحرة تناديني أختي؟
“أ، أختي! سأناديكِ هكذا منذُ الآن!”
إنّها مجنونة.
ابتعدتُ و رفعتُ إصبعي كأنني أقوم بتحذير كلب مندفع إلي.
“ابتعدي. ابقي هناك.”
“حسنًا!”
هذا غريب أيضًا.
أنزلتُ إصبعي و قلتُ بقسوة:
“لا أعرف ما الخطب معكِ ، لكن إذا شعرتِ بالخجل من عدم معرفتكِ، فهذا جيّـد. أنا فقط كنتُ أمـرّ و اكتشفتكما أثناء البحث عن سحرتي.”
“آه……”
تجاهلتُ أناييل التي اكتئبت من كلامي البارد و استمررتُ:
“أرسلا إشارة عندما يتمّ تأمينكما. و الآن ابقيا هنا و اصمتا. هل فهمتما؟”
“ألن نذهب معـكِ؟”
بالطّبع لا!
“هل أنا حارستكما أم ماذا؟ عليكما حماية أنفسكما.”
لا أريد جرّهما خلفي.
لأنّ…..
‘قد يكتشفان أنّني لا أستخدم السحر بل أقتل الوحوش بالغبار!’
يا له من يوم متعب للسّاحرة العظيمة المزيّفة.
قمتُ بتحذيرهما، و صدّقتُ أنّهما لن تخرجا حتّى ينتهي الأمر، ثم استدرت.
الطّريق طويل.
يجب عليّ العثور على أردييل، أصغر سَحرتي.
* * *
“يا لها شخص غريب حقًّا.”
تمتمت ليان في الكهف كمَن استيقظ من حلم.
“لقد تكلّمت بوقاحة… لكنني لم أكن أتوقّع أن تنقذنا ساحرة.”
هزّت أناييل رأسها بسرعة.
حركتها الشّجاعة رغمَ عدم كونها مستيقظة قويّة أعجبتها.
أرادت الذّهاب معها، لكنّ التّعافي لم يكتمل، فاحمرّ خدّاها.
“تبدو لطيفة بشكلٍ غير متوقّع. كنتُ أظنّها مخيفة لا يمكن التكلم معها.”
“ماذا قلتِ الآن؟”
“ماذا؟ أليست رائعة؟ لم أعرف أنّ الدّوقة آرييل المشهورة ببرودها هكذا. آه، يجب أن أناديها أختي الآن. إذا خرجنا سالمات من هنا، هل أرسل لها رسالة؟”
“ها…رسالة؟”
أطلقت ليان ضحكة فارغة.
“هل جننتِ، أناييل؟”
“لماذا؟”
“الطرف الآخر هو الدّوقة آرييل!”
فتحت أناييل عينيها كأنّها تسألها ما المشكلة في ذلك.
ثمّ قالت بجدّيّة:
“أنا أعلم ذلك. لكنّها في النهاية قامت بإنقاذنا.”
“……”
“لقد ساعدتنا رغمَ أنها غير ملزمة بذلك ثم غادرت ببساطة دون أن تتفاخر حتّى . أختي ، لو كانت عائلاتنا في مكانها، هل كانوا سيفعلون نفس الشّيء؟”
التعليقات لهذا الفصل " 101"