كان الأرشيدوق آردين متوترًا بوضوح، وكذلك إيميت.
وقف يونيس بهدوء ويداه مجتمعتان، لكنه لم يستطع اخفاء اضطراب تعابيره.
كانا إيركين وماريليو يشاهدان بترقب، كأنهما شخصان انتظرا هذا اليوم طويلًا، وكانا في حالة من التوتر.
“كيف سنبدأ التحية أولًا؟ لا يجب أن نبدو مشتتين جدًا.”
“صحيح. لذا اهدأ قليلًا.”
هدأ إيركين ماريليو المتحمس، لكن وجنتاه احمرتا أيضًا.
يبدو أنه كان متشوقًا جدًا للتحية التي سيقدمها للأم.
حاولت لوسي تهدئة أنفاسها المتسارعة وأطلقت تنهيدة طويلة.
في جوٍ بعض الشيء مضطرب، فحص الطبيب ديرموت الأم مرة أخرى.
لم يتغير تعبيره المشرق.
كان ذلك يعني أن خبر الشفاء الذي أعلنه أمس لم يتغير.
الآن حان دورها.
تقدمت لوسي خطوة نحو أمها.
أمسكت يدها برفق.
كانت يد أمها، التي كانت تمسحها وتضع لها المرطب يوميًا، ناعمة ودافئة.
كانت مختلفة تمامًا عما كانت عليه في جبل فلابيس، فشعرت لوسي الآن بالفرح الكامل.
ستندهش أمها كثيرًا عندما تستيقظ.
ستتفاجأ حتمًا عندما تعلم أنها في كريسميل.
لكن لوسي تخيلت أيضًا مظهر أمها وهي سعيدة.
أرادت رؤية ذلك المنظر بسرعة.
نظرت لوسي إلى الأرشيدوق آردين كأنها تطلب الإذن.
أومأ برأسه بتعبير حازم كأنه كان ينتظر ذلك.
تبعه إيركين وماريليو، ثم إيميت ويونيس، يراقبونها جميعًا.
كان الطبيب ديرموت الوحيد الذي ينظر حوله بوجه مرتبك.
كان ذلك طبيعيًا لأنه لم يعرف بعد عن قدرتها.
“هوو.”
أجلت لوسي شرح ذلك لـ ديرموت وطردت توترها.
ثم أمسكت يد أمها وقالت.
“أمي، استيقظي الآن.”
كان التفكير كافيًا، لكنها أرادت أن تقوله بصوت عالٍ.
لم يعد مجرد حديث مع النفس، بل رغبة في انتظار رد أمها.
“…آمم.”
أنَّت أمها كمن يُوقظ من نوم عميق بالقوة.
في اللحظة التي فتحت فيها عيناها المرتجفتان.
“أمي؟”
رحبت لوسي بـ إيسيل التي استيقظت من نومها الطويل أولًا.
“أوه…”
هل كان صعبًا عليها الكلام بعد صمت طويل؟ كانت أمها عادةً تقول “لقد نمت كثيرًا مجددًا” عندما تلتقي عيناهما، لكن شفتيها انفرجتا مع أنين هذه المرة.
“أمي؟ أنا لوسي.”
اقتربت لوسي بأذنها من وجه أمها التي أغلقت عينيها مجددًا.
هل حدث شيء خاطئ؟ كان هذا مختلفًا عن المرات التي أيقظتها فيها سابقًا، فشعرت لوسي بالحيرة.
تجعد جبينها، وتقلصت عيناها المغلقتان، ثم انفتح فمها أخيرًا.
“آه، آهههه!”
تراجعت لوسي مذعورة من صرخة أمها بدلًا من الرد.
ارتجف الأرشيدوق آردين الذي اقترب أيضًا.
انطلقت أنفاس الدهشة من كل مكان.
“أمي! ما بكِ؟ هل ما زلتِ تتألمين؟”
قال الطبيب ديرموت إن مرض وافورد قد شُفي تمامًا.
لكن رد فعل أمها كان كما لو كانت في أوج الألم.
“آآه…”
أدركت لوسي الخطأ، فأمسكت يد أمها بسرعة وأعادتها إلى النوم.
تلاشت صرخة أمها التي أذهلت الجميع، لكن الجو تجمد في لحظة.
تبادلوا النظرات دون أن ينطق أحد.
“هيء.. هيء، لم أفعل شيئًا خاطئًا…”
تركزت الأنظار على لوسي.
بدت لها كأنها تلومها، فانفجرت بالبكاء خائفة.
لم تعرف لوسي سبب استيقاظ أمها صارخة.
لم يحدث هذا من قبل، فشعرت بالارتباك.
“لماذا؟ هل مرض وافورد لم يشفَ بعد؟ لا، لا يمكن أن يكون ذلك…”
“ليس خطأكِ. لم تفعلي شيئًا خاطئًا.”
انتقل آردين المتجمد للحظة عبر السرير بسرعة، واحتضن لوسي التي تهمهم وهدأها.
كان هو أيضًا مصدومًا.
تحولت فرحته بـ لقاء إيسيل مجددًا إلى خوف في لحظة.
لكن عندما بكت لوسي، فهم الوضع في الغرفة.
كان الجميع ينظرون إلى لوسي التي أيقظت إيسيل.
كان آردين أيضًا ينتظر تفسيرها وهو ينظر إليها.
لم يكن قصدهم لوم الطفلة.
لكن لأن لوسي هي الوحيدة التي يمكن أن تشرح الوضع، توجهت الأنظار إليها.
لم يدركوا أن ذلك قد يكون نظرة ثقيلة تخيفها.
عندما رأى خوف لوسي في عينيها، لام آردين نفسه على تسرعه.
“يبدو أن إيسيل لا تستطيع الاستيقاظ بعد. لنعطي أمكِ مزيدًا من الوقت.”
هدأ آردين لوسي، وفي الوقت نفسه، ضبط قلبه.
أغلق عينيه بصعوبة من الأسى الذي لم يستطع التخلص منه.
هل كان هناك من انتظر شفاء إيسيل أكثر منه؟ لا لم يظن ذلك.
كان آردين واثقًا من ذلك.
عندما فتحت إيسيل عينيها للحظة، تمنى أن تلتقي عيناها الزمرديتان بعينيه، اللتان طالما اشتاق إليهما.
تمنى أن تبتسم له رغم دهشتها، وتنادي اسمه مجددًا.
لم يتحقق شيء مما تمناه، لكن ارتباك لوسي أقلقه أكثر.
عندما بكت لوسي، انتقلت الأنظار إلى ديرموت.
كأنه الشخص الذي يمكنه تفسير هذا الوضع، تجمعوا حوله واحدًا تلو الآخر.
“أنا، أنا…”
تحول وجه ديرموت إلى تعبير باكٍ في لحظة.
كان الطبيب المعالج للسيدة إيسيل، لكنه لم يجد تفسيرًا.
عندما دخل الغرفة، شعر بالحيرة، ثم الدهشة، ثم الارتباك، وكان ذلك كل شيء.
الآنسة لوسي تستطيع إيقاظ مصابة بمرض النوم!
لم يستطع ديرموت استيعاب أن بإمكان شخص إيقاظ مصابٍ بمرض النوم بالقوة.
عندما صرخت السيدة إيسيل، كان مندهشًا أكثر منه خائفًا.
هل يمكنها أيضًا شفاء مرض النوم كليًا؟ أراد معرفة مدى قدرة الآنسة لوسي بدقة.
“كما قال الأرشيدوق، يبدو أننا بحاجة إلى الانتظار أكثر. أعتذر، فهذه أول مرة أعالج فيها مرض وافورد…”
استعاد ديرموت رباطة جأشه بسرعة وانحنى للأرشيدوق آردين.
بدت حالة السيدة إيسيل وكأن مرض وافورد قد شُفي تمامًا.
لكن رد فعلها أظهر ألمًا مستمرًا.
هل لم يُشفَ بعد؟ هل شفي الخارج لكن الداخل لا يزال مؤلمًا؟
مرض وافورد له أعراض ظاهرة يمكن رؤيتها، لكن رأي المريض مهم أيضًا.
بما أنها لم تستيقظ من قبل، لم يكن ديرموت متأكدًا من مدى ألم السيدة إيسيل.
وعلاوة على ذلك، عالجها وفق المكتوب في الكتب فقط، فتساءل متأخرًا إن كان قد عالجها كليًا.
لكنه هو من أعلن شفاءها.
كان عليه تحمل مسؤولية كلامه.
“أعتذر، يا سمو الأرشيدوق. سأبحث أكثر.”
مسح ديرموت رقبته المبللة بالعرق وخفض رأسه.
لكنه رفع عينيه خلسة.
لم يستطع منع نظراته من التوجه إلى الآنسة لوسي.
كانت قدرة مذهلة مثل قدرة الشفاء.
كان يريد الإمساك بها وطرح أسئلة كثيرة.
أدرك ديرموت أخيرًا تصرفات الآنسة لوسي عندما جاءت إلى هنا أول مرة.
طلبها غير الطفولي بالتركيز على مرض وافورد فقط.
هل إيقاظها مرة واحدة يشفي مرض النوم؟ أم أن تأثيره يدوم لبضعة أيام فقط؟ هل اكتسبت قدرة خاصة لأنها من نسل كريسميل؟ أليست قدرة مقدسة؟
لم ينطق ديرموت بالأسئلة التي دارت في ذهنه بفوضى.
ثم أدرك.
كان الوحيد في هذه الغرفة الذي لم يعرف عن قدرة الآنسة لوسي حتى دخلها.
كان عليه ألا يتحدث عنها بتهور.
كانت تلك حكمة اكتسبها من عيشه الطويل في كريسميل، حيث القدرات العجيبة كثيرة.
“ربما أيقظنا إيسيل مبكرًا جدًا.”
لم يرد آردين على كلام ديرموت، وأدار عينيه.
هدأ بكاء لوسي، لكنها ظلت مطأطئة الرأس، فشعر بالأسف.
“لننتظر أكثر قليلًا.”
ربت آردين على لوسي ورفعها بين ذراعيه.
كان ذلك لتهدئتها، لكنه كان يتحدث إلى نفسه أيضًا.
رغم أنها كانت تصرخ، شعر براحة لتأكده أن إيسيل على قيد الحياة، فهدأ خوفه.
تبع إيركين وماريليو آردين وهو يخرج من الغرفة.
احتفظا بسلة الزهور ورسالة الترحيب التي أعداها لتقديمها لـ إيسيل عند استيقاظها.
خرج إيميت ويونيس أيضًا بأسى وهما يخفضان رأسيهما.
انتهى ترحيب إيسيل بطريقة لم يريدها أحد.
***
“لنختر هذا! كفى! قررتُ!”
مدت لوسي دبوس شعر مزين بحجر العقيق الأرجواني إلى ميلودي.
كان صوتها الحازم يحمل بعض الانزعاج.
كان من الطبيعي أن تشعر بذلك بعد قضاء نصف ساعة في اختيار دبوس شعر واحد.
“هاه، لماذا أرى هذا أجمل دائمًا؟”
وضعت ميلودي، التي لم تتخلَ عن تعلقها، دبوسي الشعر اللذين كانت تمسكهما بيديها أمام لوسي بهدوء.
كلاهما كان مزينًا بأحجار صفراء لامعة.
عبست لوسي قليلًا.
سواء كان فستانًا أو إكسسوارًا، كانت دهشتها من ذوق ميلودي الثابت في تزيينها بالأصفر كبيرة.
أنا كبرت الآن، أليس الأصفر غير مناسب؟
أرادت لوسي التخلص من الأصفر الذي يرتديه الأطفال عادةً.
كانت في الثامنة من عمرها بالفعل.
بعد بضعة أشهر، ستصبح في التاسعة.
واليوم، كانت ستحضر حفلًا يعلن فيه أمام النبلاء أنها أميرة كريسميل.
التعليقات لهذا الفصل "30"