المذكرة الأولى كانت مكتوبة بجانب سلسلة معقدة من الرموز لم تستطع هي تفسيرها. فمدّت إستيل الورقة إلى إدغار الذي كان يجلس قربها بارتخاء، وقد وضع ساقاً على ساق وهو يتصفح سجلات بحثية أخرى، ثم سألته:
“ما هذا؟”
“حروف قديمة. هذا النوع من النقوش وُجد في المكان الذي عُثر فيه على عظام التنين.”
“لغة دولة قديمة إذن.”
أومأت برأسها ثم عادت لتقرأ المذكرة المكتوبة بجوار تلك الرموز:
「حدث انتقال في جيل الإيمان
دين ناشئ ينتشر بسرعة (خلال عام واحد)」
كانت لوتشي وقد ملّت على ما يبدو، قد حشرت بين يدي إدغار كرة تَلقّاها كهدية من مكان ما، فرماها إدغار باستخفاف، فانطلقت لوتشي تعدو وراءها كالبرق.
إستيل التي رأت المشهد تمتمت:
“صاحب الإيمان الأصلي كان لا بد أن يكون التنين….”
كلما عرفت أكثر، بدا هذا الكائن أضخم وأعجب.
صحيح أن تلك التنينة الصغيرة الحية تبدو تافهة، لكن ذلك من صِغر سنها فحسب.
في النهاية، كانت للتنانين قوة هائلة، وهي التي مثّلت الحاكم الأول لدين المملكة القديمة.
خطّت استيل بضع كلمات على ورقة بيضاء، ونقرت عليها بطرف القلم.
ثم ظهر كيان جديد، وهو الشيطان.
والدين الذي يعبده انتشر بسرعة مروعة.
بالنسبة للتنين، لم يكن الأمر مجرد تغيير في المكانة، بل كارثة وجودية.
ففي عام واحد فقط، وبعد أن انتزع منه الناس إيمانهم الذي كان غذاءه، انحدر إلى طريق الانقراض.
قلبت استيل الصفحة التي كانت قد طوتها الليلة الماضية، فإذا بوجهها يتجمد على نحو غريب.
「يجب تبديله من جديد」
لكن فوقها خطوط متقاطعة مشطوبة وكأنها للتراجع عنها.
أدركت استيل الأمر وأطلقت تنهيدة.
“ظنت إذن أن تلك الطريقة مستحيلة….”
بدا أن إيلين في البداية حاولت عكس مكانة الشيطان والتنين. غير أن تلك المحاولة باءت بالفشل بعد أن سلّمها آخر تنين حي بيضته ثم انقرض.
ومن هنا برز سؤال واحد:
‘فما الذي كانت أمي تنوي أن تستعمله من قوة التنانين؟ وكيف؟’
بصفتها “عرافة”، فلا بد أنها كانت تعلم كيف قتل ميكاييل الشيطان في المسار الأصلي قبل تدخلها، وأرادت أن تستغل ذلك….
وفي تلك اللحظة، لمحت استيل بجوار مذكرة قصيرة عبارة مكتوبة بلغة تعرفها.
حدّقت فيها وهي تنقر بأصابعها على الطاولة تفكّراً.
「trappola, confinare」
هذا… إنه نفس لغة النقوش التي كانت محفورة في الدائرة السحرية التي عُثر عليها في البحر الداخلي.
لغة المعابد.
لكن سيدريك كان قد قال إن هذه الدائرة لا يمكن أن تُحمل بقوة مقدّسة.
‘…مهلاً.’
وقد بدا على استيل أنها أدركت شيئاً، فأخذت تسرد أوجه التشابه بين الماضي والحاضر:
التنين الذي حاولت أمها استغلاله.
لغة المعبد المخصصة لمستعملي القوة المقدسة.
والساحر الذي رسم بالقوة المقدسة دوائر سحرية. ( لا اتذكر اذ تم كشف من الساحر ولكن من المعقول انها إيلين )
تنين مثل لوتشي.
فارس مقدس مثل سيدريك.
وساحران، هي وإدغار.
لا شك أن هنا قصداً مقصوداً.
‘لكن ماذا بالضبط؟’
هذا ما لم تستطع إدراكه.
مرة أخرى اصطدمت بجدار. فمررت ظاهر يدها على جبينها المثقل.
“آه… يبدو أنني لا أملك حقاً موهبة في استخدام العقل….”
دوّي.
في تلك اللحظة أُغلق الباب.
التفتت لتجد أن سيدريك قد عاد. كان الوقت قد بلغ الظهيرة. ولوّحت له، فبادلتها ملامحه الجادة المعتادة بسؤال:
“ألا يجدر بك أن ترتاحي؟”
“أنا بخير الآن حقاً.”
بدا كأن لديه شيئاً ليقوله، لكنه اكتفى بإيماءة صامتة وجلس بجوارها.
وضعت استيل يوميات والدتها وقلمها جانباً محاولة تهدئة رأسها، ثم سألته:
“أين كنت؟”
“انتهيت من تقرير حول إعادة تنظيم الكوادر الداخلية.”
“هــم….”
أضاقت عينيها قليلاً ثم سألت:
“لمن رفعته؟”
“لسموّ الأميرة. لأننا قد نحتاج إلى جنود من البلاط الإمبراطوري.”
“آه، هكذا إذن.”
‘ما هذا؟ نبرتها بدت كأنها منزعجة!’
ارتبك سيدريك والتفت جانباً، ثم سأل متردداً:
“أأغضبتك؟”
“أنا؟ ولماذا؟ آه، لا بد أن الأمر كان ممتعاً جداً. واو~!”
لم يكن ممتعاً على الإطلاق، فقد كان عملاً.
ومع ذلك راقب ملامحها ثانية. لكن وجه استيل ظل هادئاً كأن شيئاً لم يكن.
قبل قليل بدت وكأنها تسخر، أما الآن فلا.
‘هل أبالغ في حساسيتي؟’
تردد سيدريك في الكلام، لكن إدغار تدخّل قائلاً:
“عليكِ أن تتغدي أولاً يا استيل.”
“آه، صحيح!”
وكان ذلك التوقيت كفيلاً بأن يمحو فرصة كشف المشاعر المتبادلة. وتلاشى الحوار بطبيعته، كأنه لم يكن.
فانطلق الأربعة نحو قاعة الطعام المشتركة حيث يجتمع الباحثون. وألقى إدغار نظرة خاطفة على سيدريك، ثم تمتم بنبرة تحمل بعض الخيبة:
“متفرغ كثيراً على ما يبدو….”
وكأنه كان يتمنى ألا يكون متفرغاً.
والحق أن سيدريك كان قد تعمّد رفع تقريره إلى الأميرة مبكراً، ثم انسحب من أمام دعوتها إلى الغداء ليهرب إلى هنا.
طبيعي. أي عاقل لا يضع نفسه في موقف يتناول فيه الطعام منفرداً معها. بل كان يفكر في طريقة لطرد هذا المزعج من غرفة استيل، لا العكس.
سواء أكان وجوده مفيداً أم لا، كان سيدريك في تلك اللحظة يفكر بجدية أنّه يريد طرد هذا الرجل فوراً. وما إن همّ بمجاراة خطى إستل حتى اعترضه صوت يناديه:
“سير إيرنيست، سموّ الأميرة تستدعيك.”
‘أتمزح معي؟ الآن بالذات؟’
استدار سيدريك عابس الملامح دون أن يشعر، فرأى رئيسة وصيفات الأميرة واقفة أمامه، فابتلع أنفاسه بغير وعي.
‘هل حدث خلل في القائمة التي رفعها؟مستحيل… لقد دقّقها عشرات المرات. إذن لِم الآن بالذات؟’
وعلى خلاف وجهه المتجهم كمن يغلي من الداخل، بدا إدغار بخفّة لافتة وهو يقول بنبرة شبه آسفة:
“يبدو أن أمراً طارئاً وقع.”
توقفت إستيل وعيناها تتنقلان بين الوصيفة الصارمة وسيدريك المربَك.
لم تعرف لماذا، لكن شعور الضيق عاد يتملّكها من جديد. قبل أن تهضم الأمر، خرجت منها الكلمات عفواً:
“آه~ استدعاء من سموّ الأميرة؟ لابد أنه ممتع جداً!”
“لا، لكن منذ قليل وأنتِ… ما الذي ترينه ممتعاً بالضبط….”
“اذهب، نحن سنتناول الطعام وحدنا!”
ابتسمت إستيل بمرح مصطنع يخالطه بريق خفي من الحدة، لكنه لم يلتقط ذلك. ب
ينما كان سيدريك يغوص أكثر في مزاج مظلم، أشرق وجه إدغار بابتسامة نقية وكأنه سعد بما يجري:
“اذهب بهدوء، وخذ وقتك كما تشاء!”
كاد سيدريك أن يتفوه بشتيمة، لكنه عضّ على شفته وأشار بيده إليهما ثم وقف يراقب الاثنين وهما يبتعدان معاً.
‘لا يمكن أن أترك الأمر هكذا. يجب أن أجد وسيلة لإفساد هذه اللحظة.’
فمدّ يده والتقط لوتشي، التي كانت تتثاءب وهي يمشي خلفهما، وهمس لها:
“عطّليهم.”
‘ما الذي تقوله؟’
بدت عينا لوتشي تتساءلان، لكن بعد لحظة صفقت الفتاة بجناحيها الصغيرة وتمايلت بمرح:
“أوه، إنك تغار!”
“صحيح. هذه المرة أصبتِ.”
لم يتوقع أن يرى عينيها تتسعان أكثر، لكن لوتشي فتحتهما حتى كادتا تخرجان من محجريهما.
تمتمت التنينة الصغيرة بذهول:
“واو… وتعترف بذلك أيضاً؟”
“نعم. لذا اجعلْيهما غير قادرين على الكلام معاً.”
كانت عينا الرجل تلمعان بجنون.
أما لوتشي، فاستعادت بريقها الخاص وهي تتذكر لهجة سيدريك الفاترة حين سخر منها سابقاً بشأن الغيرة. ثم حدّق سيدريك ملياً في الصغيرة المعلقة بين يديه كأنه يقيّمها: هل اشتراها للتو؟
“سيكون ممتعاً! لكن كيف؟”
“اجعلي ذلك الأحمق يصمت.”
“حسناً! لكن مقابل ماذا ستعطيني؟”
في تلك اللحظة، كان إدغار وإستيل يتبادلان أطراف الحديث بمرح، فاشتعل الغيظ في سيدريك.
أنزل لوتشي إلى الأرض، وأصلح شعرها المبعثر ببطء وقال:
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات