“صدقتَ، لم أظن أننا سنقترب إلى حدّ أن أتلقى اعترافًا…”
لكن الذي انقبض صدره لم يكن الطرف الآخر، بل هو.
أطرق ببصره إليها محاولًا التأكد مما إذا كانت تسخر منه، وسرعان ما زال الالتباس.
مجرد شرود لا أكثر.
بمعنى أنّ ما تفوّهت به لم يكن سوى كلمات هائمة بلا قصد. ومع ذلك، خطرت له فكرة أنّ لإستيل موهبة غريبة في إغضابه من غير أي نية منها…
‘لا، هذا ليس المهم الآن.’
كان ذهن سيدريك يغلي بأفكار كثيرة حتى كاد يدوخ.
يكفيه ما سبّبته له الأميرة الإمبراطورية من اضطراب، وها هما الاثنان يزيدان الأمر سوءًا حتى شعر أنّ عقله سيفلت منه حقًا.
“لماذا بدأت تحبني أصلًا؟”
“آه، لو شرحت لطال الكلام.”
وكيف لا يفقد صوابه وهو يستمع إلى هذا الحوار؟
أراد أن يوقفهما. لكنه في اللحظة نفسها أدرك الحقيقة: لا يملك أي مبرّر للتدخل.
لقد آثر الصمت مكتفيًا بملازمة جوارها من غير أن يعبّر عن ضيقه، بحجة أنّ الوقت غير مناسب، والظروف لا تسمح.
كان في وسعه أن يُظهر انزعاجه، لكن لم يكن بوسعه أن يمنع شيئًا.
في تلك الأثناء، تقدّمت لوتشي بخطوات متثاقلة وهي تمضغ قطعة من البسكويت، ثم وخزته في فخذه بطرف إصبعها.
وردّ فعله كان بطيئًا على غير عادته، إذ بدا وجه سيدريك يغلي من الغضب. فتمتمت التنينة متعجبة:
“آه، الفارس المقدّس فقد تركيزه.”
وكأنما شعرت أنّه على وشك أن يُمسك بها، استدارت لوتشي في لمح البصر واندفعت عائدة نحو الطاولة حيث طبق البسكويت. بينما كان إدغار يرمق إستيل بعينين لامعتين من دون أي محاولة لإخفاء ذلك غير عابئ بشيء، ولوتشي مشغولة بالتهام الحلوى، أما سيدريك فبقي يحدّق في الفراغ كالمصدوم.
لقد تحوّل المشهد إلى فوضى عارمة. ولم يكن يخطر له أي حل.
والشيء الوحيد المطمئن أنّ هذا الحوار الذي كاد يفتك بعقله أوشك أن ينتهي ــ وبالطريقة التي أرادها.
“على كل حال، أشكرك، لكن كما تعلمون… وضعي حرج بعض الشيء الآن.”
“وضع؟”
“تعلمون جيدًا، إن قصّرت في واجبي ستسقط الإمبراطورية، ويموت الناس، وتعمّ الفوضى.”
“وما شأن هذا؟”
هنا ظن سيدريك أنّ الفرصة ليتدخل قد حانت: ألا يليق أن نقول إنّه لا ينبغي أن نفرض مشاعرنا على من لا يريد؟ غير أنّ إدغار سبقه بالكلام.
“لم أقل إننا سنتواعد حالًا.”
“ماذا؟”
“ليس عليك أن تقرّري الآن. أنا فقط قلت إنني سأبقى أحبك على طريقتي، فما المشكلة؟”
ثم ابتسم ابتسامة متحدّية، وقال بلهجة كمن يستفز:
“لماذا؟ هل يزعجك أن يكون لي حب من طرف واحد؟ هل ترغبين في أن تزيليه من أمام عينيك فورًا؟”
أن يُقلقها اعتراف الآخر معناه الهزيمة، خصوصًا إذا كان الاعتراف أقرب إلى المزاح منه إلى الجد. ولهذا كان ردّ إستيل واضحًا:
ومهما قال فلن يغيّر شيئًا في الموقف. فهذا شأنٌ قائم بين إدغار وإستيل. وفجأة باغته وعي كأن صخرة سقطت على رأسه.
وهذا يعني أيضًا أنّه عاجز عن التدخل مهما تبدّل ما بينهما.
فجأة اجتاحه الغضب.
هو الذي كان يكتم مشاعره خشية أن يزعج إستيل أو يثقل عليها، بينما ذاك يطلق كلماته دون روية أو تحفظ.
لا مبالاة، وقلة اعتبار.
وبينما كان يفكر في ذلك، إذا بإدغار يضيّق عينيه مبتسمًا كأنّه قرأ ما في قلبه، ثم قال:
“أما يعلم الدوق الصغير؟”
“………”
“إن انتظرتَ شروطًا مثالية قد لا تأتي أبدًا، وترددت بين الماء والنار، فستُسلب منك كلّ شيء.”
“……ماذا؟”
“أنا دائمًا في حالة استعجال… والآن كذلك. لذا سأحاول أن أفصل بينكما بحدّة الاستعجال ذاته.”
ثم همس متحديًا:
“لقد ظهر ما ينبغي عليّ فعله.”
ففقد سيدريك القدرة على الردّ، واكتفى بعضّ شفته بقوة.
آه، إنّ الحب الأول عسير.
يربك القلب بما لا يستحق، ويجعله يتخبّط في التردد. فغشى رأسه الاضطراب.
لا ريب أنّ هذا لا يصدر عن محبة صادقة. بل عن مكر أفعواني يتقن الحِيَل. وما توارى خلف قوله عن التفريق بينهما ليس غيرةً ولا هوى، بل أمرٌ آخر.
لكن بعيدًا عن حكم العقل البارد، تواردت عليه خواطر مثقلة.
وفي عينين زرقاوين لم تزل يومًا تهتزّ، تلألأت إشارة نذيرٍ مقلق.
وتزلزل يقينه بما كان يعدّه القرار الصائب والرأي الرشيد.
أكان فعلاً صوابًا أن يلزم جوارها بلا أي إشارة أو بادرة لمجرّد أنّ الوقت لم يحن بعد للاقتراب؟ أم كان ذلك تراخيًا وسذاجة؟ وهل أُذن له أصلًا أن يسير على مهل؟
وبغتةً تسلّل العرق البارد على ظهره.
وعضّ شفته حتى كادت تنزف، ثم استدار بعنف وغادر الغرفة باحثًا عن إستيل.
*****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات