“أفتظنينني رجلاً تافهًا يكره أن يدفع، فيضيّع وقته يفتش عن حلول وهمية؟”
نعم… أدركت الحق. فخفّ حذرها. وما شأنه أن يقلق عليها أصلًا؟
وإذ انحلّ توترها، ربتت على ذراعه وقالت:
“لكنني سأردّ لك المبلغ.”
لو تراجع هنا وقال “لا حاجة”، لارتابَتْ ثانيةً. لذلك تنهد على مضض، ثم قال:
“إن كان ذاك ما تصرين عليه، فليكن.”
وبدا أن حماسة جديدة دبّت فيها، فقبضت كفها وقالت بحزم:
“لا بد أن أستخلص من الخزانة الإمبراطورية ما يكفي لعشر إفلاسات!”
‘أتراه خيرًا أم شرًّا؟’
بقي يحدّق بها وهي تعلن بجدّ نيتها في نهب البلاط الإمبراطوري. ثم أجاب أخيرًا مستسلمًا:
“… عزيمة جيدة. فلتعيشي حتى النهاية وتنجحي في غنيمتك.”
“حسنٌ إذن!”
صار لديها سبب آخر لتتمسك بالحياة…!
تقدمت بخطوات ثابتة، وعيناها متقدتان بالعزم.
‘كلما مرّت بالمحن، ازدادت جرأة. ما من إنسان غيرها جعل هدفه أن يسرق الإمبراطورية!’
وبينما كان سيدريك غارقًا في هذا التفكير، علّق إدغار من ورائه بنبرةٍ متهكمة:
“آه، ليتني لم أشهد هذا المشهد وحدي.”
“اصمت.”
“ولِمَ؟ المنظر في غاية الطرافة والجمال.”
فضاق صدر سيدريك وأراد أن يسرع الخطى، لكن إذ به يسمع صوت إستيل من الأمام تهتف بلهفة:
“آه! ها هي!”
في تلك اللحظة اتّضح أن الممر الضيّق يقود إلى مكان فسيح.
بدا أن الداخل قد انهار من قبل، فكانت أطراف القاعة الشاسعة ملتوية غير منتظمة، لا هي دائرة ولا مربّع، وإنما مساحة عجيبة الشكل.
وهناك في المركز تمامًا، كان تنين أزرق اللون يغطّ في سبات عميق.
وما كان أحد ليسبق إستيل، إذ اندفعت أولهم صارخة:
“لوتشي!”
“همم… هـآم… إستيل؟”
فتحت لوتشي عينيها نصف ناعستين وهي تتثاءب عند سماع صوتها.
صحيح أنها ليست إنسانًا، لكنها لا تزال صغيرة، فكيف تسنّى لها أن تبقى في هذا الخراب المظلم وحدها طوال الليل؟
نفخ إدغار أسفًا ثم التقط التنينة المتثاقلة بين ذراعيه.
لا بد أنها شعرت بالخوف، ومع ذلك صمدت مطمئنة…
فابتسم إدغار ابتسامة رقيقة، لكن صوته كان مشبعًا بالصرامة:
“أترغبين في أن تأكلي خضارًا فقط أسبوعًا كاملًا؟ أتتعبين الكبار المرهقين بمشاغلهم هكذا؟ من الآن فصاعدًا أنا من أضع برنامج طعامك.”
“لـ، لا أريد!”
“أبهذا الحجم الضئيل وتفكرين بالهرب…؟”
ارتعشت أنفاس لوتشي مذعورة حين لمحت الغضب يكسو وجه إدغار.
كيف تجرؤ على إتعابهم بهذا الشكل بينما هي انعم بنوم هانئ؟
وتحت وقع نظراته القاسية، أخذت التنينة الصغيرة ترتجف متوسلة النجاة، فالتفتت مذعورة نحو سيدريك، لكنها لم تجد هناك سوى ملامح صارمة هي الأخرى. فأشاح سيدريك برأسه نافيًا بخفة وهو يتمتم:
“حتى الساعة المسكورة تصيب الحق مرتين في اليوم… لا بأس، لا بد من تقويم طباعك.”
( المثل يعني حتى الغلطان يمكن يكون كلامه صحيح )
“لـ… لم أرد سوى المساعدة!”
أهذا جدال أيضًا؟
تجمد بصر إدغار ببرودة حادة، فاندفعت لوتشي بفواق مرتجف تتخبط محاولة العودة إلى إستيل.
كان المشهد باعثًا على الشفقة، بل أكثر من قليل.
تنهدت إستيل بأسى، ثم رمقت إدغار بحدة قائلة:
“كفى. ستصاب بالفزع.”
“أتترك هكذا بعدما أخطأت؟”
“للمرة هذه فقط. فإن كررتها ثانية، فلن تجد عندنا عذرًا.”
“واااه!”
صاحت التنينة فرحًا وهي تهبط إلى الأرض، ثم انطلقت رعدو نحوها.
اندفعت بقوة حتى كادت أن تصدمها، فارتمت في أحضانها وكادت هي تسقط أرضًا من ثقل المفاجأة.
‘آه، أأنا أربي تنينًا، أم طفلًا، أم جروًا…؟’
“لِمَ خرجتِ؟ هل تدركين كم أقلقتني؟”
“لا داعي للقلق. أنا قوية.”
‘أحقًا وقتٌ للاستعراض؟’
عقد سيدريك حاجبيه وقال بخفوت:
“أحسبها لم تتلقَّ العقاب الكافي.”
“آسفة… لست قوية.”
فأذعنت فورًا وغاصت في حضن إستيل مطأطئًا رأسها.
فأطلق سيدريك ضحكة قصيرة مذهولًا.
تعرف أين تجد سبيل النجاة، ماكرة صغيرة… وها هي الحراشف الزرقاء تبرق خافتة في الظلام.
رفعت إستيل جسدها بتأوه وقالت:
“هيا بنا. وإياكِ أن تختفي مجددًا من دون كلمة. وإن فعلتي، فكما قال إدغار، ستحرمين من اللحم أسبوعًا.”
“حسنًا… لكن هل سنغادر حالًا؟”
“طبعًا نغادر، أهنالك ما نبقى لأجله؟”
رفعت إستيل حاجبيها بدهشة، بينما بدا على لوتشي لأول مرة ملامح جديّة وهي تشير إلى الأرض.
وفي اللحظة ذاتها، اجتاحهم برد يقشعرّ له البدن.
“تقول… لا تذهبوا.”
“… ماذا؟”
“تقول الآن… لا ترحلوا.”
… ما الذي يحدث فجأة؟ أهذه رواية رعب؟
سقط صمت ثقيل كالجحيم. فتراجعت إستيل خطوة إثر خطوة حتى وقفت بين سيدريك وإدغار.
أما لوتشي، فقد انتصبت أذناها وابتسمت ابتسامة غريبة كاشفًا عن أنيابها، ثم قالت ببراءة تقشعرّ لها الأبدان:
“لا تذهبوا، لا تذهبوا… ابقوا هنا، هكذا تقول.”
“…….”
“هاه، إستيل؟ أأنتِ مغشيّ عليكِ؟ أو توشكين؟ آه، ما زالت قادرة تتكلم.”
رغم أن قلب إستيل كان ضعيفًا، فقد اشتدّت في رحلتها هذه. ومع ذلك، انقبضت روحها فجأة حتى كادت أن تنهار.
كانت تراقب لوتشي محدقة بعينيها الواسعتين في ما لا يسمعه سواها، فتمتمت بارتعاب:
“أ… أمي…”
“ألعلّ هذا هو المكان الذي دلتك عليه والدتكِ؟”
سألها سيدريك.
“لـ، لا.”
لقد نطقت الاسم من فرط الرعب، ليس إلا.
كتمت ما بقي على لسانها، ثم دفعت لوتشي بحذر إلى إدغار واختبأت خلف ظهر سيدريك.
أما التنينة الصغيرة، فكانت كقط يترصّد فريسة في العتمة، عيناها واسعتان، وأذناها مصغيتان إلى أصوات غامضة لا يسمعها غيرها.
أشبه بقطٍّ يرى ما لا يراه البشر فيتأهب للحذر… وكان مشهدًا يثير الفزع. لكن بينما كانت إستيل على وشك الإغماء، ظلّ الرجلان على هدوئهما.
“يبدو أن شيئًا ما هنا.”
“همم، شيق. حدّثينا بما تسمعين.”
“أأنتم لا ترتاعون؟”
تساءلت إستيل بملامح شاحبة، وبينما هي كذلك، أحست بحرارة دافئة تسري بين يديها.
ارتبكت وحدّقت فإذا بيد الرجل الكبيرة قد تشابكت مع يدها.
“هـ… ها؟”
رفعت بصرها إليه فرأته متجهمًا كعادته، لم ينظر إليها أصلًا.
وكان رأيها في ذلك الموقف:
‘… هل جنّ؟’
ما هذا؟ لِمَ يفعل ذلك؟
صحيح أنه أمسك بيدها مرات سابقة حين ارتاعت، لكن هذه المرة بدا… مختلفًا.
شعور غريب.
أله معنى آخر؟
ارتعشت يدها لتسحبها، لكنه نقر بأصابعه على ظهر يدها دون أن يلتفت إليها كأنه يطمئنها.
عندها فقط فهمت.
‘آه… لقد انكشف خوفي.’
أجل، ليس غريبًا أن تلجأ إليه كلما فزعت.
لعل سيدريك قد اعتاد ذلك. فتنحت وساوسها جانبًا وأعادت تركيزها على لوتشي.
وما لبثت أصابع الصغيرة أن توقفت عن الحركة، حتى رفعت رأسها فجأة وقال:
“تطلب أن نفتش هذا المكان.”
****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات