وقف الرجل وسط بحر من اللهب، ينظر إلى السماء التي انهمر مطرها فجأة، ثم سأل بنصف وعي ونصف توق:
“ماذا عليّ أن أفعل؟”
ضحك الشيطان من الظلام، وهسهسة غليظة ملأت الفضاء:
“أحضِر ابنة تلك المرأة.”
“ابنتك ستكون وسيلة غايتك.”
المقيّد جسديًّا هو المتعاقد فحسب، أما الأتباع الذين يجوبون الأرض يعبدون قوة الشيطان فما زالوا موجودين.
استعانتهم لجرّ فتاة واحدة مهمة يسيرة.
اهتزّت عينا الرجل البنفسجيتان وقد فقدتا بريقهما.
مدّ يده يلامس الجليد الأسود المحتجز لجثمان زوجته، غارقًا في التفكير.
‘عليّ أن أجلب إستيل إلى هنا.’
رغم نومه الطويل، لم يصدأ عقله.
ما زال ساحرًا عقد ميثاقًا مع الشيطان. ومعرفته بمكان إستيل مسألة وقت.
ابتسم بخفوت وهو يهمس:
“فلأحرّك الأتباع أولًا.”
لقد تجاوز خط الرجعة منذ زمن بعيد.
بعد عشرة أعوام من السبات، نهض المتعاقد عاضًّا على نواجذه وناظرًا إلى إيلين.
كان كل ما أراده شيئًا واحدًا، وقد سُلب منه.
فلم يعد لديه ما يخسره.
“إيلين.”
ناداها وهو يعرف أنّ صوته سيظل بلا صدى.
ارتسمت ابتسامة مُرة على شفتيه، وهمس بعينين اسودّتا بالظلام:
“أشعر أنّ هذه المرة… سأُفلح.”
مرت أمام عينيه أرواح أتباعه الذين ضحّى بهم، ودماء الفرسان المقدّسين، وكل ما قدّمه فداءً لأمنية واحدة.
وتذكّرها، تلك ذات الشعر الأحمر، واقفة في صف خصومه، تطعن قلبه دون رحمة.
لكن هذه المرّة، سينال ما أراد. فسبب يقينه بسيط:
“لن يكون هناك من يمنعني بعد الآن…….”
ومن ثم لم يبقَ أمامه سوى أن ينفلت كليًا.
***
الفصل السادس: كيان من خارج النطاق
كانت إستيل تحدّق بدهشة في إدغار الجالس قبالتها.
بالأمس كان قد أذرف الدموع، واليوم ها هو يحضر اجتماع التخطيط بوجه هادئ، بل متعجرف حتى.
“لماذا تحدّقين؟”
‘آه، لكن طباعه لم تتغير.’
وما إن التقت عيناهما حتى عبس.
ابتسمت له بخفة، فإذا به يغيّر ملامحه على نحو غريب وينظر بعيدًا.
ظنت أنّهما صارا أقرب بعد حديث الأمس، لكن يبدو أنّها توهّمت.
سواء كان سيدريك أو هذا الرجل، فالرجال المحيطون بها بدوا عصيّين على الفهم.
ابتسمت ببراءة وكأنها تقول: ألستَ تفهم؟
“ألستَ ترى؟ أحدّق بك.”
“كفّي.”
“ولمَ أفعل؟ هذه عيناي وأنا أوجّهها حيث أشاء، فما شأنك؟”
“وهذا وجهي، ولي الحق أن أمنعك من التحديق فيه، فما شأنكِ أنتِ؟”
“كفاكما جدالًا على الملكية، ولنعد إلى النقاش.”
قالها سيدريك ببرود، فأومأت إستيل موافقة، ثم نشرت الخريطة التي سلّمها لها قبل قليل.
ملأت الخريطة الطاولة تقريبًا، وكانت تمثل الصحراء الشاسعة المرسومة فقط برمالها الصفراء.
“إلى أين ينبغي أن نتوجه…؟ هل لديكما أي فكرة؟”
“علم الآثار ليس مجالي.”
“لكن هناك سنجد الخبراء.”
وحين رأيا وجه إستيل المتسائل، وكأنها تقول: أي خبراء تقصدان؟ بادرا معًا بالرد، كلٌّ منهما يريد أن يشرح أولًا:
“المقصود بالخبراء هو……”
“إنهم جماعة من علماء الآثار، أكثر إلمامًا بالتاريخ منهم بالسحر.”
كان سيدريك أسرع إلى لبّ الموضوع.
‘اللعنة، هذا الوغد…’
رفع إدغار رأسه مستنكرًا، ليجد عينيه الزرقاوين تحدّقان به بحذر، فما كان منه إلا أن ابتسم بسخرية.
لكن إستيل لم تُعر هذا الاهتمام، بل ظلّت مركّزة على موضوع الاجتماع.
أومأت برأسها غارقة في التفكير.
“لكن، ما علاقة علماء الآثار بهذه المسألة أصلًا؟”
عندها تولّى سيدريك توضيح الأمر:
“إن إصرار الساحرة العظيمة على الذهاب إلى الصحراء للبحث في أمر الشياطين يعني أنّها تبنّى فرضية وجود صلة بين الحضارات القديمة وتلك الكائنات. لذا سيكون من الأفضل الاستماع إلى رأي علماء الآثار لتحديد موقع الدوائر السحرية الخاتمة.”
“آه، الآن فهمت كل شيء فعلًا.”
سألها إدغار ببرود:
“ألم يردك في أحلامك شيء من المعلومات؟”
دارت عينا إستيل في محجريهما، ثم صفقت بأصابعها قائلة:
“آه، أعمق مكان!”
“أعمق مكان؟”
“نعم، أمي قالت ذلك في الحلم. قالت: يجب أن نذهب إلى أعمق مكان.”
حين سألها تريستان في الحلم إلى أين ذاهبة، أجابته إيلين الشابة إلى أعمق مكان.
كانت هي الأخرى قد نشرت خريطة أمامها وظلّت تفكر.
أعمق مكان…
تمتمت إستيل وهي تمرر إصبعها فوق تضاريس الخريطة:
“برأيكم، أين هو الأعمق هنا؟”
“…ربما قصدها مجازي، أليس من السذاجة أن نفسرينه حرفيًا؟” ( بمعنى ان ربما ليس عميق جدًا )
“أترى ذلك؟ أما أنا فأظن أنّ المعنى حرفي تمامًا.”
“فلنترك الأمر مفتوحًا على عدة احتمالات أولًا.”
كان ذلك مفاجئًا.
فقد ظنت إستيل أن سيدريك سيسارع إلى تثبيت تفسير واحد بعينه.
تعجبت وابتسمت، ثم دغدغت وجنته بإصبعها بخفة:
“هل سئمت من كل هذا الفوضى؟ أليس الأمر مرهقًا بسبب عائلتي المفككة؟”
تردّد سيدريك قليلًا أمام كلماتها التي بدت كأنها تسخر من نفسها، ثم أجاب بجدّية:
“بل تأقلمت فحسب. ثم إن بيتًا يضم الساحرة العظيمة وأنتِ، لا يمكن وصفه بالمفكك تمامًا.”
“صحيح… لكن في الوقت ذاته هو البيت الذي خرج منه ساحر متعاقد مع شيطان كاد أن يُفني العالم.”
“…فلنقل إذن، ليست عائلة مفككة، بل مجرّد حبّات فاصوليا مبعثرة.”
‘هل تعتبر هذا نوعًا من المواساة؟’
ضحك إدغار باستهزاء، ولم يتردد في السخرية:
“مستوى مواساتك نفسه كحبّات الفاصوليا المتناثرة.”
ابتسمت إستيل بخفة:
“جميل… يبدو أنّ روح التعاون بيننا أيضًا حبّات فاصوليا.”
وهكذا، الفارس والساحر والبطلة المتشابهون في شتاتهم كالعائلات المفككة، تفرّقوا كلٌّ في سبيله.
لقد اقتربت ساعة الرحيل إلى الصحراء.
*****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات