تراجعت إستيل خطوة عن دائرة الختم السحري، ثم وقفت مستقيمة وأدارت نظرها حول المكان.
تساءلت في داخلها: ‘قبل عشر سنوات… يا ترى ما الذي كان في بال أمي حين وقفت هنا في ساحة المعركة؟’
لكن لا وقت للاستغراق في الذكريات. جلست القرفصاء أمام لوتشي وقد عادت إلى هيئة فتاة صغيرة، ونظرت في عينيها مبتسمة.
“هل أطلب منك شيئًا واحدًا؟”
“نعم! إن كان الأمر من إستيل فأنا أحب أي شيء.”
“لا، لا تقولي أي شيء. فكري جيدًا… أحتاج دمك يا لوتشي. سلالتك وحدها قادرة على حمل القوة المقدسة والسحرية معًا. من أجل إيقاف الشيطان……… هذا أمر لا غنى عنه.”
وبدلًا من الرد، دوّى صوت انفجار “بَـنغ!” وارتفع الدخان الكثيف.
كانت إستيل تحدق بابتسامة إلى الظل الذي بدا من وراء الدخان.
مدّ مخلوق ضخم كفه الأمامي نحوها.
وضعت كفها الصغير فوق راحتها الهائلة، والتقت عيناها بعيني لوشي.
“إذن، أعطيني وعدًا واحدًا فقط.”
“وما هو؟”
“لا أريد العودة إلى المكتبة.”
تجمدت إستيل بدهشة من طلب لوتشي الغير المتوقع. وبرودة حراشف التنين على راحة يدها أرسلت قشعريرة إلى جسدها.
رمشت عينا التنينة وقالت:
“لقد استمتعت كثيرًا بالتجوال معك يا إستيل. ولأول مرة… كبرت. كان الأمر مؤلمًا قليلًا، لكنه منحني قوة أكبر من حين كنت صغيرة. وأنا أحب هذا الحال الآن.”
“لا تريدين العودة؟”
“أريد البقاء في الخارج قليلًا. وأريد رؤية إستل كل يوم. أما المكتبة……… فهي فارغة، لا أحد فيها. أنا وحدي فقط.”
وفجأة تذكرت إستيل ما تركته لها أمها من ذكريات:
التنانين التي كانت تزداد قوة بتغذّيها على إيمان البشر واحترامهم، والشيطان الذي حلّ محلها مستغلًا مخاوف الناس.
بعد أن ينتهي كل هذا… سأعرف ما علي فعله.
مدّت يديها لتعانق يد لوتشي الضخمة وضحكت.
“حسنًا.”
“حقًا؟!”
“وسأبحث لك أيضًا عن طريقة لإعادة عائلتك.”
كانت الكائنات مثل التنانين والشياطين تنمو على غذاء المشاعر البشرية. ولوتشي قد استمدت قوّة عظمى حين اكتشف العلماء الآثار التي تثبت وجود التنانين.
وما جرى سابقًا كان إبادة كاملة بسبب تحفّظ أمها الشديد تجاه الشيطان. وبصفتها الابنة التي ورثت ذلك الدم، شعرت بواجب أن تعوّض.
استدعت إستيل وعاءً خشبيًا ظهر في يديها، ثم تقدمت نحو لوتشي.
وضعت الوعاء الكبير على الأرض وأشارت إليها.
عندها غرست التنين مخلبها في راحة يدها، لتسيل قطرات دمها الثقيلة داخل الوعاء.
تألمت إستيل، ثم زفرت وهي تعقد حاجبيها:
“لابد أن هذا يؤلمك……”
“لا بأس!”
لقد نضجت… أهذا أيضًا دليل على نموها؟
فكرت إستيل وهي تراقب لوتشي تحدق مركزة في دمها الذي يتساقط داخل الوعاء. ولم تتمالك نفسها عن التمتمة:
“علينا أن ننجح.”
فهو ختم يُعاد تجديده بدم أحدهم. ولا مجال للفشل.
رمقت إستيل الختم الرابع الذي تركته إيلين قبل رحيلها، ثم التفتت إلى الرجلين اللذين كانا يستعدان لمعالجة جرح لوتشي.
“كلاكما… يمكنكم الاتصال بالهيكل ومركز أبحاث السحر الآن، صحيح؟”
“لقد أرسلنا إليهما بالفعل وطلبنا الدعم، ولكن………”
“فهمت.”
جالت بعينيها متفكرة، ثم قالت بحزم:
“أعيدوا الاتصال وقولوا لهم إن الأمر كان مجرد خطأ. أخبروهم أن ابنة الساحرة العظيمة ظهرت، ولم تكتف بتعزيز الختم بل قضت عليه تمامًا. وقولوا إن ما حدث لم يكن سوى سوء فهم.”
حدّق إدغار فيها مشككًا، ثم قال:
“ظننت أنكِ أخطأتي… فأنتِ لم تفكي هذا الختم بعد.”
“لم أخطأ. فقط افعلوا كما أقول. بل زيدوا عليها بعض المبالغة. قولوا إن الشيطان لم يكن شيئًا، وإنه أبيد بلا مقاومة……… وأنشروا ذلك في أرجاء الإمبراطورية واطلبوا منهم الاحتفال.”
وبينما كان الوعاء قد امتلأ، ترددت إستيل للحظة ثم غمست يدها في السائل القرمزي.
صرخت خافتة وهي تعض على أسنانها، وحدجت الرجلين بنظرة صارمة:
“أسرعوا بالاتصال………”
“حسنا……… كما تأمرين.”
ما الحيلة؟ تبادل الرجلان نظراتهما ثم أرسلا الرسائل إلى جهتيهما.
أما إستيل فقد وضعت يدها الدامية جانبًا، وأشعلت نظراتها نحو موقع الختم.
رفعت يدها الأخرى النظيفة وهمست في سرّها:
“أولًا: أرسم دائرة المرايا ذات زاوية 360 لتصنع فخًا يطوّق الهدف.”
وما إن انطلقت الدائرة حتى أضاء المكان فجأة، وكأنها أُحاطت بعالم مكوَّن من مرايا متطابقة: نفس الأعشاب، نفس الأشجار، نفس الخرائب. أدارت ظهرها تبحث عن الأصل بين الانعكاسات.
“ثانيًا: فوق انعكاس الأصل، أرسم دائرة التقييد لتطوّق الهدف.”
رفعت يدها الدامية عاليًا، والدم يقطر من ساعدها.
“معدتي قوية بما يكفي…”
تمتمت، ثم شرعت ترسم من ذاكرتها دوائر التقييد.
وبعد غمس يدها مرارًا في الوعاء، اكتملت الدائرة أخيرًا.
مسحت العرق الذي انهمر من جبينها، ثم جمعت ما تبقى من دم لتكتب كلمات التفعيل في المركز بلا عائق.
لم تضع نقطة في النهاية، والتفتت.
ويا للدهشة… فقد امتلأ المكان كله بدوائرها.
الاستعداد اكتمل.
ابتلعت ريقها ورفعت نظرها إلى القصر البعيد.
خرجت إستيل من الفضاء المحاط بالمرايا مبتسمة.
“لنبدأ.”
انحنت قليلًا، ومدت يدها لتلامس الأرض التي لا تزال مشبعة بقوة أمها.
دوّى انفجار كالصاعقة، كما حدث حين أبطلت الختم أول مرة.
اهتزت الأرض، وارتجّت شعراتها البيضاء تحت العاصفة.
أزاحت خصلة عن وجهها مبتسمة، ثم رفعت نظرها إلى ساق الشيطان التي ارتفعت من مركز الدائرة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات