لكن قبل أن تتحرك، أمسك إدغار بتلابيب عنقها ليمنعها من الاندفاع، وأشار بسبابته إلى شفتيه طالباً منها الصمت.
خفضت صوتها وهمست:
“لماذا؟”
فأجاب وهو يرمق الأمام:
“لنرَ أولاً ما يجري هناك.”
“أوه؟! لكن… ألا يجدر بنا أن نحرّرَه أولاً…؟”
“كونه أسيراً الآن هو بسببنا نحن. لولا وجودنا لكان قد قضى عليهم جميعاً منذ البداية. لنفحص طريق الهرب أولاً، ثم ننضم إليه. بعد التجمّع مباشرة.”
رغم أنه يتشاجر دوماً مع سيدريك وكأنهما خصمان لدودان، فإن إدغار كان بارداً وحازماً حين يتعلق الأمر بتقدير القوة القتالية.
اندسّ الاثنان بين الحشد المرتبك من الأتباع، وراحا يتأملان وجوههم المذعورة، فانقبضت ملامحهما بعد أن تبادلا النظرات.
ما الذي يحدث هنا؟ إن كان هؤلاء المجانين أنفسهم قد بدوا خائفين، فلا بد أن الأمر غير عادي.
لم يكن يضيء الصحراء المظلمة سوى المشاعل التي يحملها الأتباع. وكان ضوءها الخافت يكشف شيئاً ما أمامهم.
إستيل وهي تفتح عينيها ضيقًا محاولةً تمييز شكله، عبّرت عن استغرابها:
“إنسان؟”
“أكبر قليلًا من أن يُسمّى إنسانًا.”
“…طويل جدًا إذن؟”
هل يمكن أن يكون كذلك…؟
تجنبت استيل النظر محاولةً صرف الانتباه عن معنى النظرة التي تلقتها.
آسفة، هذا أقصى حد خيالي.
وبينما كان إدغار يتهيأ للتقدم قليلاً ليتحقق بنفسه، دوّى صوت ضخم، غريب لكنه واهن بشكل متناقض، من الجانب الآخر من الصحراء.
—”إستيل؟ أأنتِ حقاً إستيل؟ كنتُ بانتظاركِ هنا!”
‘هاه…؟!’
اتسعت عيناها بدهشة، والتقت نظراتها بنظرات إدغار الذي أدرك بدوره هوية صاحب الصوت.
بدأ المعبودون المحاصرون من قبل ذلك الكائن الغامض، بالهمس فيما بينهم:
“إستبل؟ قال إستيل؟”
“أليس هذا اسم تلك الفتاة التي قبضنا عليها؟”
غرقت إستيل في رداءها، محاولة إخفاء وجهها، وهمست بتوبيخ لإدغار:
“ألم تقل إنك أرسلتها بعيدة؟!”
“قلتُ لها ألا تُقبض، وأن تنجو ولو بحياتها… فأرسلتها.”
“لكنّك لم تقل لها ألا تتبعنا.”
“طبعاً لم أقل. وهل هذا أمر يحتاج أن يقال؟”
ثم تنهد فجأة وكأنه أدرك متأخراً:
“…ربما لم تفهم.”
نعم، فالمسألة أن الطرف الآخر طفلة. ورغم أن نموّها كان أسرع من الطبيعي حتى بلغت هذا الحجم الغريب، فإن صوتها الباكي الطفولي يكشف أن عقل لوتشي لا يزال عالقاً في مرحلة الطفولة.
يا إلهي… رأسي.
ضغطت إستيل جبهتها متأففة:
“والآن… كيف سنهرب ومعها هي أيضاً؟”
“لكن، بما أنها كبرت هكذا… فلا بد أن قوتها ازدادت أيضاً.”
“ماذا؟!”
حدّقت به بنفاد صبر، لتجده مأخوذاً يحدّق في ظلّ التنين الهائل وقد استغرق ذهنه في تأمل علمي بحت.
يا لولعه بالدراسة!
وفجأة، سُمِع صرير حديد بين الجموع.
الرجل نفسه الذي كان قد أمسك بإستيل من قبل وهدد سيدريك، تقدّم الآن رافعاً سيفاً ضخماً وهو يصيح:
“ماذا تنتظرون أيها الأغبياء؟! أبيدوه حالاً!”
“لكن… لا نعرف حتى ما هو…”
“أغبياء!”
لهث غاضباً وتقدم بخطوات سريعة.
ماذا يفعل هذا المجنون؟!
حاولت إستيل أن تهتف لإيقافه، لكن يدها سُدّت فجأة على فمها.
ممم! رمشت بعينيها فرأت إدغار يشير إليها بالصمت.
لكن لم يمهلا ليتحدثا، إذ كانت عشرات العيون المسلطة عليهم من الأتباع قد التقطت حركتها.
دار إدغار عينيه بتبرم، ثم تمتم بنبرة لا تناسب الموقف الخطير:
“تبّاً.”
“أمسكوها!”
هوت أيدي الأتباع، وانتُزع غطاء الرداء عن رأسها، فتدفق شعرها الأبيض للعيان.
رسم إدغار دائرة سحرية بسرعة، وأطلق قوةً دافعة أبعدت الحشد، ثم صرخ:
“أيها الفارس المقدس! لقد تحررنا، فافتح الطريق!”
فجأة، انبثق نور أزرق متألق بين الأتباع.
قوة هائلة اجتاحتهم ودحرجتهم أرضاً. وسط الضياء ظهر سيدريك وعيناه تتلألآن بطاقة مقدسة أقوى من المعتاد.
التقط سلاحاً من يد تابع مطروح، ولوّح به فشق الهواء، فخلّف فراغاً هائلاً وسط الجمع.
شهق أنفاسه وما إن وقعت عيناه على إستيل حتى زالت الصرامة عن وجهه وهتف:
“هل أنتِ بخير؟! هل أصابك شيء؟”
“بخير تماماً!”
لكن فجأة، انبثقت ألسنة لهب من خلفها.
صاحت إستيل مذعورة وجذبت إدغار من كمّه وهو يرشق البرق:
“ما هذا؟! لماذا تشعل النار وراءنا؟! هل جننت؟!”
“نار؟ لستُ أنا من فعلها.”
ماذا؟!
تأملت حولها، فإذا بالنيران المشتعلة تنتشر سريعاً، فتضيء الصحراء.
الأتباع تفرقوا مذعورين هاربين من اللهيب ومن صواعق إدغار.
وخلف الرجل الذي كان قد شهر سيفه واقترب من لوتشي، لاحت الرؤية أخيراً.
على رمال الصحراء… لم يكن هناك سوى رماد متطاير، وخلفه وقف مخلوق زاحف ضخم يبتلع كرة لهب ابتلاعاً، قبل أن يندفع مهرولاً نحوهم.
تقلصت عينا إستيل، وقد أدركت من أين جاء ذلك الرماد، وتمتمت بامتعاض.
—”إ… إستيل!”
“لوتشي؟!”
—”آه… ههع… أووواااه! لقد كنت خائفة جداً!”
‘خائفة؟ لكنها… أحرقت تابعاً بأكمله لتوها!’
بكت لوتشي وهي تهرع نحو إستيل، فيما ظلت إستيل تحدق بوجه جامد في ما تبقى من ذلك “التابع” الذي لم يعد إلا كومة رماد.
****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات