دخلت إستيل الغرفة مترنحة بوجه شاحب، ثم اتجهت إلى ما وراء الحاجز الفاصل بينها وبين الرجلين، لتسقط فجأة فوق السرير وتقبض على كفّيها بقوة. وفكّرت:
‘لقد انكشفت، أليس كذلك؟’
نعم، انكشفت تمامًا.
لم يعد ثمة مجال للإنكار.
لكن كيف؟ هل تصرفتُ فعلًا بذلك القدر من الريبة؟
لذلك، اهتمي بي قليلاً أنتِ أيضاً. إلى أن تعترفي بنفسك، سأتظاهر بأني لا أعلم شيئاً.
حتى أن سيدريك قالها صراحة ‘محاولتكِ مثيرة للشفقة، لكن سأغضّ الطرف عنها.’ إن كان ذلك الرجل البليد قد لاحظ الأمر، فهذا يعني أن سلوكي لم يكن عاديًّا على الإطلاق.
فجأة ارتجف جسد إستيل وكأنها أدركت شيئًا، ثم أخذت تفكر بعمق.
‘لا، لم يكن في تصرفي خلل. ربما فقط… سيدريك صار يراقبني باهتمام منذ أن بدأ يكنّ لي مشاعر.’
“آااااه!”
ركلت الهواء بوجه متورد وهي تحدق في السقف.
صحيح أنها تُعدّ من الأشخاص الجريئين، لكنها إنسانة تعرف الخجل أيضًا. وحين استعرضت ما سبق وقالته أمام سيدريك، أطلقت صرخة مكتومة.
‘أرأيتَ؟ أنا محبوبة.’
‘إذن لم يكن في القرية فتاة تعجبك؟’
‘آه، بحق السماء! ما الذي كنت أقولة؟ هواية تزويج كل رجل وامرأة يلتقيان؟ يا لها من أحاديث غريبة…!”
يالها من جملة ساذجة وراء أخرى… أيّ كلام أهوج كنتُ أقوله!
لا أفهم ما يجري.
منذ أن بدأ أستاذها المجهول النوايا يقترب منها، وصولًا إلى سيدريك الجاد الذي يستحيل أن يمزح في مثل هذه الأمور…
‘لا يكون هذا أيضًا من تدبير أمي؟’
لكن، لا، تاريخها حافل بما يكفي لجعل الاحتمال واردًا.
يا ترى، أي مكيدة حيكت خلف ظهري أنا الابنة الوحيدة؟
أغمضت عينيها وهمّت بالانفجار باكية:
“آه يا أمي! حياتي سأعيشها أنا!”
وما لبثت أن هدأت بعد برهة، ثم نهضت تمسح وجهها بيديها وتتمتم:
“أوّلًا….”
كان عليها أن تنام استعدادًا لجدول الغد.
ألم يُتفق على الذهاب إلى الصحراء؟ وإن كانت ستجوبها، فلا بد من تخزين ما يكفي من طاقة بالنوم الجيد.
أخذت بيجاما لتبديل ملابسها، وما إن فتحت الباب حتى فوجئت بظل ضخم يكسوها، فحدقت متسائلة:
“مـ… ما الأمر؟”
لم يظهر وجه الرجل في البداية، لكن ضوءًا انبثق من بين أصابعه أنار ملامحه. خلف وهج السحر الضعيف بان وجه مألوف جميل، فتنفست إستيل الصعداء.
“آه… إدغار؟”
لكن لم يأت رد. رفعت حاجبيها وقالت وهي تشم رائحة غريبة:
“ما هذا الطين؟ كنتَ تعبث بالتراب؟ أي تصرف طفولي هذا؟”
لم يجبها. وما لبثت أن فوجئت بجسده يجذبها بعنف.
ارتعدت وهي ترى وجهه البارد وعيونه المختلفة عن المعتاد.
فابتسم ساخرًا وقال:
“لماذا؟ لا تثقين بي؟”
كان صوته مازحًا، لكنه حمل نبرة ثقيلة.
بعد لحظة تردّد، رفعت إستيل بصرها نحوه وأجابت:
“لا…بل أثق بك.”
“لماذا؟”
ابتسمت وهزّت كتفيها بخفة:
“فقط… إحساسي.”
صحيح أن الجو بدا غريبًا للحظة، لكنه دائمًا ما كان شخصًا عجيبًا. فما الفائدة من الشك فيه الآن؟
“يا لبراءتك…”
نقر بلسانه وأفلتها.
بقي أثر قبضته يؤلم ذراعها، ففركته بلا وعي. لكنه أعقب ذلك بتعبير محرج واعتذر:
“آسف.”
“لا بأس.”
“فقط أردتُ التأكد أنكِ بخير.”
حدّقت فيه بدهشة.
‘هل كان يقلق؟ على ماذا؟’
وقبل أن تسأل، مد يده يمسح على رأسها المبعثرة بالغبار، ثم استدار مبتعدًا.
“الآن وقد تأكدت، سأذهب أنام.”
“حقًا… لم يكن هناك داعٍ للقدوم هنا أصلًا.”
ابتسم بخبث وقال:
“لو أتيح لي، لبقيت الليل كله.”
ضحكت ساخرة من سخافته. لكنه واصل:
“كنتُ أتساءل دومًا كيف تزوجت والدتك من رجل بغيض… ربما فقط لتنجبك.”
“أأنت مجنون؟! كيف تقول كلامًا كهذا بوجه بارد هكذا!”
“ستعتادين، فأنا سأكرر ذلك كثيرًا.”
ثم غادر وهو يبتسم بخفة. وبقيت إستيل أمام الحمام تتحسس رأسها حيث لمسها.
دفء سيدريك، وملمس إيدغار…
“آه… لم أعد أفهم شيئًا.”
لكن لا بأس، فهي أولًا وأخر بطلة مكلفة بإنقاذ العالم.
دمدمت بضيق ودخلت الحمام وأغلقت الباب بعنف.
***
في تلك الليلة، جاءها الحلم مجددًا.
ليلة مظلمة لا يضيئها سوى ضوء القمر.
امرأة تركض بجنون، وشعرها الأحمر يلمع تحت النور البارد.
لم يكن عسيرًا على إستيل أن تعرفها، إنها والدتها.
امتداد لحلمها السابق…
كانت إيلين تركض وكأنها تهرب من شيء ما، حتى انقطعت أنفاسها وتوقفت.
رفعت بصرها للسماء مرة، وللكرة المستديرة في يدها مرة أخرى، وهي تهمس بأسى:
“لا….”
هبّت الرياح، وأخذ الرمل يتطاير بهستيريا في الصحراء الخالية.
وقفت وحدها كعمود راسخ.
من بعيد بدت أطلال ينام فيها آخر تنين تركته وراءها.
رمقتها بعينين متقدتين وهمست بغيظ:
“سخافة….”
‘أي مستقبل لا يتغير؟ هذا مستحيل.’
المستقبل متحوّل دومًا.
ما دامت تتحرك في الحاضر، فلا بد أن تغيّر نتائجه المرعبة.
لقد آمنت بأن تحركاتها قادرة على منع موت شخص ما، أو إبادة مدينة كاملة.
ذلك كان دافعها.
لكن… ماذا قال التنين لها يومًا؟
‘أيتها الساحرة العظيمة، ما تتشبثين به لن تحصليه أبدًا.’
كلمات كرهتها ونفتها باعتبارها لعنة تنين يحتضر، لكنها لم تستطع تكذيبها كليًّا.
تذكرت مرارًا ما قرأته في الرواية:
التنانين… كانوا آلهة قبل أن تظهر الشياطين ويمتصوا مخاوف البشر.
كلماتهم أقرب إلى الحقيقة.
فالمعنى إذن:
“كل ما فعلته حتى الآن بلا جدوى….”
وضعت البيضة التي أُعطيت لها عند قدميها، ثم جلست منقبضة الفؤاد، يكسو وجهها الغاضب دموع حارقة.
سقطت الدموع فوق الأرض الجافة، بينما تحبس صرخاتها كأنها تخشى أن يسمعها أحد.
ابتسمت بمرارة، وعروقها بارزة.
النتيجة واضحة.
أياً كان ما ستفعله، فتريستان بلانشيه سيوقظ قوة الشيطان ويقتل الكثيرين.
فجأة، سطع نور أضاءها. وظهر مع اللهيب البنفسجي الرجل الذي لم يكف عن إغراقها بالحيرة:
“إيلين!”
“……”
“قلقت لغيابك… ماذا تفعلين هنا هكذا؟”
تحول وجه تريستان من الفرح إلى الارتباك.
وله الحق؛ فمن اعتاد أن يراها شامخة فوق الجميع، لم يتوقع أن يجدها جاثمة على الأرض وحيدة.
اندفع تربستان نحوها بسرعة ومدّ يده، غير أنّ الساحرة العظيمة التي اختبرت لأول مرة شعورًا بهذا القدر من العجز لم تكن تملك حتى القوة لتمسك بيده. فما كان منه إلا أن قبض على كتفيها بكلتي يديه، ورفعها من ارتجافها ليسندها وهو يسأل بلهفة:
وبينما كان يتفقد جسدها بعينين مذعورتين، اجتذبها إلى صدره بوجه يملؤه القلق.
حينها فقط بدا أن إيلين تستعيد وعيها، فرفعت رأسها ونظرت إلى عينيه البنفسجيتين المفعمتين بالخشية، ثم مدت يدها نحوه.
“……لماذا تفعل هذا؟”
تفاجأ تربستان حين أحاطت راحتها بخده، فحدّق فيها مذهولًا وعجز عن إتمام كلماته، ثم سرعان ما احمر وجهه.
“آه….”
لم يسبق أن جمعتهما ملامسات بتلك الأجواء. وفي برودة الليل الأزرق، أخذت إيلين تعبث بخده بجرأة وهي تحدق فيه هامسة:
“ماذا أفعل بك يا ترى؟”
“إيلين…؟”
ارتبك من تلك اللمسة التي جمعت بين رقة الشفقة وجفاء البرود، لكنه لم يلبث أن أغمض عينيه مستسلمًا.
عندها تصلّب وجهها، وسرى كفّها من على وجنته نزولًا حتى قبضت على عنقه.
‘المستقبل لا يتغير، إذن…’
أول ما خطر لها بعد تلك الكلمات هو أن تجهز على عشيقها هنا والآن.
وحين اشتد ضغط أصابعها، انتفض جسده قليلًا وفتح عينيه.
رأى وجهها المتحجر وهي تشدّ قبضتها على عنقه، فابتسم بمرارة وكأن الطعم قد غمر فمه، وقال:
“إذن… خطط جديدة خطرت ببالك؟”
“أنت تعرف أسلوبي.”
وكأنه أدرك الأمر، ابتسم بفتور عجيب. بدلًا من أن يحاول الفرار، مد ذراعيه يعانق المرأة التي تخنقه.
‘غبي…’
هكذا فكرت، ولم تتفاجأ، بل رفعت حاجبها بخفة، فيما همس هو:
“هل وصل بك الأمر أن تحتاجي حياتي أيضًا؟ يا لقسوة هذا.”
لم يكن تريستان يعلم المصير الذي وُلد به. وإيلين تعمدت إخفاءه عنه، ولمّحت بعبارات مبهمة كلما دار الحديث في فلكه، حتى لا يزيد الأمر تعقيدًا.
وهكذا، لو مات هنا، فلن يدرك حتى سبب موته.
وبعينَيها الذهبيتين، عيني الساحرة العظيمة القادرتين على رؤية ما يعجز البشر عن إدراكه، كانت تنظر إلى ملك الشياطين الكامن.
“لا خيار لديّ. فأنا… أعرف من الفظائع أكثر مما يحتمل أحد.”
*****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee تحملت عواقب أفعال والدتي المتجسدة [ 104 ]
دخلت إستيل الغرفة مترنحة بوجه شاحب، ثم اتجهت إلى ما وراء الحاجز الفاصل بينها وبين الرجلين، لتسقط فجأة فوق السرير وتقبض على كفّيها بقوة. وفكّرت:
‘لقد انكشفت، أليس كذلك؟’
نعم، انكشفت تمامًا.
لم يعد ثمة مجال للإنكار.
لكن كيف؟ هل تصرفتُ فعلًا بذلك القدر من الريبة؟
لذلك، اهتمي بي قليلاً أنتِ أيضاً. إلى أن تعترفي بنفسك، سأتظاهر بأني لا أعلم شيئاً.
حتى أن سيدريك قالها صراحة ‘محاولتكِ مثيرة للشفقة، لكن سأغضّ الطرف عنها.’ إن كان ذلك الرجل البليد قد لاحظ الأمر، فهذا يعني أن سلوكي لم يكن عاديًّا على الإطلاق.
فجأة ارتجف جسد إستيل وكأنها أدركت شيئًا، ثم أخذت تفكر بعمق.
‘لا، لم يكن في تصرفي خلل. ربما فقط… سيدريك صار يراقبني باهتمام منذ أن بدأ يكنّ لي مشاعر.’
“آااااه!”
ركلت الهواء بوجه متورد وهي تحدق في السقف.
صحيح أنها تُعدّ من الأشخاص الجريئين، لكنها إنسانة تعرف الخجل أيضًا. وحين استعرضت ما سبق وقالته أمام سيدريك، أطلقت صرخة مكتومة.
‘أرأيتَ؟ أنا محبوبة.’
‘إذن لم يكن في القرية فتاة تعجبك؟’
‘آه، بحق السماء! ما الذي كنت أقولة؟ هواية تزويج كل رجل وامرأة يلتقيان؟ يا لها من أحاديث غريبة…!”
يالها من جملة ساذجة وراء أخرى… أيّ كلام أهوج كنتُ أقوله!
لا أفهم ما يجري.
منذ أن بدأ أستاذها المجهول النوايا يقترب منها، وصولًا إلى سيدريك الجاد الذي يستحيل أن يمزح في مثل هذه الأمور…
‘لا يكون هذا أيضًا من تدبير أمي؟’
لكن، لا، تاريخها حافل بما يكفي لجعل الاحتمال واردًا.
يا ترى، أي مكيدة حيكت خلف ظهري أنا الابنة الوحيدة؟
أغمضت عينيها وهمّت بالانفجار باكية:
“آه يا أمي! حياتي سأعيشها أنا!”
وما لبثت أن هدأت بعد برهة، ثم نهضت تمسح وجهها بيديها وتتمتم:
“أوّلًا….”
كان عليها أن تنام استعدادًا لجدول الغد.
ألم يُتفق على الذهاب إلى الصحراء؟ وإن كانت ستجوبها، فلا بد من تخزين ما يكفي من طاقة بالنوم الجيد.
أخذت بيجاما لتبديل ملابسها، وما إن فتحت الباب حتى فوجئت بظل ضخم يكسوها، فحدقت متسائلة:
“مـ… ما الأمر؟”
لم يظهر وجه الرجل في البداية، لكن ضوءًا انبثق من بين أصابعه أنار ملامحه. خلف وهج السحر الضعيف بان وجه مألوف جميل، فتنفست إستيل الصعداء.
“آه… إدغار؟”
لكن لم يأت رد. رفعت حاجبيها وقالت وهي تشم رائحة غريبة:
“ما هذا الطين؟ كنتَ تعبث بالتراب؟ أي تصرف طفولي هذا؟”
لم يجبها. وما لبثت أن فوجئت بجسده يجذبها بعنف.
ارتعدت وهي ترى وجهه البارد وعيونه المختلفة عن المعتاد.
فابتسم ساخرًا وقال:
“لماذا؟ لا تثقين بي؟”
كان صوته مازحًا، لكنه حمل نبرة ثقيلة.
بعد لحظة تردّد، رفعت إستيل بصرها نحوه وأجابت:
“لا…بل أثق بك.”
“لماذا؟”
ابتسمت وهزّت كتفيها بخفة:
“فقط… إحساسي.”
صحيح أن الجو بدا غريبًا للحظة، لكنه دائمًا ما كان شخصًا عجيبًا. فما الفائدة من الشك فيه الآن؟
“يا لبراءتك…”
نقر بلسانه وأفلتها.
بقي أثر قبضته يؤلم ذراعها، ففركته بلا وعي. لكنه أعقب ذلك بتعبير محرج واعتذر:
“آسف.”
“لا بأس.”
“فقط أردتُ التأكد أنكِ بخير.”
حدّقت فيه بدهشة.
‘هل كان يقلق؟ على ماذا؟’
وقبل أن تسأل، مد يده يمسح على رأسها المبعثرة بالغبار، ثم استدار مبتعدًا.
“الآن وقد تأكدت، سأذهب أنام.”
“حقًا… لم يكن هناك داعٍ للقدوم هنا أصلًا.”
ابتسم بخبث وقال:
“لو أتيح لي، لبقيت الليل كله.”
ضحكت ساخرة من سخافته. لكنه واصل:
“كنتُ أتساءل دومًا كيف تزوجت والدتك من رجل بغيض… ربما فقط لتنجبك.”
“أأنت مجنون؟! كيف تقول كلامًا كهذا بوجه بارد هكذا!”
“ستعتادين، فأنا سأكرر ذلك كثيرًا.”
ثم غادر وهو يبتسم بخفة. وبقيت إستيل أمام الحمام تتحسس رأسها حيث لمسها.
دفء سيدريك، وملمس إيدغار…
“آه… لم أعد أفهم شيئًا.”
لكن لا بأس، فهي أولًا وأخر بطلة مكلفة بإنقاذ العالم.
دمدمت بضيق ودخلت الحمام وأغلقت الباب بعنف.
***
في تلك الليلة، جاءها الحلم مجددًا.
ليلة مظلمة لا يضيئها سوى ضوء القمر.
امرأة تركض بجنون، وشعرها الأحمر يلمع تحت النور البارد.
لم يكن عسيرًا على إستيل أن تعرفها، إنها والدتها.
امتداد لحلمها السابق…
كانت إيلين تركض وكأنها تهرب من شيء ما، حتى انقطعت أنفاسها وتوقفت.
رفعت بصرها للسماء مرة، وللكرة المستديرة في يدها مرة أخرى، وهي تهمس بأسى:
“لا….”
هبّت الرياح، وأخذ الرمل يتطاير بهستيريا في الصحراء الخالية.
وقفت وحدها كعمود راسخ.
من بعيد بدت أطلال ينام فيها آخر تنين تركته وراءها.
رمقتها بعينين متقدتين وهمست بغيظ:
“سخافة….”
‘أي مستقبل لا يتغير؟ هذا مستحيل.’
المستقبل متحوّل دومًا.
ما دامت تتحرك في الحاضر، فلا بد أن تغيّر نتائجه المرعبة.
لقد آمنت بأن تحركاتها قادرة على منع موت شخص ما، أو إبادة مدينة كاملة.
ذلك كان دافعها.
لكن… ماذا قال التنين لها يومًا؟
‘أيتها الساحرة العظيمة، ما تتشبثين به لن تحصليه أبدًا.’
كلمات كرهتها ونفتها باعتبارها لعنة تنين يحتضر، لكنها لم تستطع تكذيبها كليًّا.
تذكرت مرارًا ما قرأته في الرواية:
التنانين… كانوا آلهة قبل أن تظهر الشياطين ويمتصوا مخاوف البشر.
كلماتهم أقرب إلى الحقيقة.
فالمعنى إذن:
“كل ما فعلته حتى الآن بلا جدوى….”
وضعت البيضة التي أُعطيت لها عند قدميها، ثم جلست منقبضة الفؤاد، يكسو وجهها الغاضب دموع حارقة.
سقطت الدموع فوق الأرض الجافة، بينما تحبس صرخاتها كأنها تخشى أن يسمعها أحد.
ابتسمت بمرارة، وعروقها بارزة.
النتيجة واضحة.
أياً كان ما ستفعله، فتريستان بلانشيه سيوقظ قوة الشيطان ويقتل الكثيرين.
فجأة، سطع نور أضاءها. وظهر مع اللهيب البنفسجي الرجل الذي لم يكف عن إغراقها بالحيرة:
“إيلين!”
“……”
“قلقت لغيابك… ماذا تفعلين هنا هكذا؟”
تحول وجه تريستان من الفرح إلى الارتباك.
وله الحق؛ فمن اعتاد أن يراها شامخة فوق الجميع، لم يتوقع أن يجدها جاثمة على الأرض وحيدة.
اندفع تربستان نحوها بسرعة ومدّ يده، غير أنّ الساحرة العظيمة التي اختبرت لأول مرة شعورًا بهذا القدر من العجز لم تكن تملك حتى القوة لتمسك بيده. فما كان منه إلا أن قبض على كتفيها بكلتي يديه، ورفعها من ارتجافها ليسندها وهو يسأل بلهفة:
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات