“من الطبيعي أن تجدي الأمر محيرًا، سيدتي. حتى أنا، لم أفهم سوى الجملة الأولى.”
“حقًا؟! وهل فهمت معناها؟”
“إن سمح لي أن أفترض، فـ’القمر الأول’ على الأرجح يرمز إلى شهر يناير.”
“آه، صحيح! هذا منطقي!”
إذًا، قد يكون المعنى أن طفلًا وُلد في يناير سيغير مجرى العالم…؟
‘هل يُعقل أن أكون أنا؟!’
ياليت.
لكن، عيد ميلادي هو في اليوم الذي تم تبنّيي فيه، ولا أحد يعلم متى وُلدت حقًا.
‘هل يمكن أن تكون الأميرة إذًا؟’
هي وُلدت في يناير، وتحمل دماء العائلة الإمبراطورية، وتتمتع بقدرات عظيمة، وكانت الوحيدة التي تعاملت بلطف مع زينوس في الرواية الأصلية… الاحتمالات كلها تشير إليها.
“شكرًا جزيلًا لك يا كاهن، لقد أفدتني كثيرًا!”
“بل أنا من يشعر بالأسف إن لم أقدّم لكِ ما يكفي من المعلومات.”
“بل ما قلته كان مفيدًا للغاية.”
“أشكركِ على كلماتكِ الطيبة.”
لقد كنت أظن أن الكاهن متسرّع ومرتبك قليلًا، خصوصًا حين يتعثر دون سبب أو يصطدم بالأشياء، لكنه اليوم بدا هادئًا ورزينًا، تملأه الهيبة.
“أتمنى أن ترافقك بركة كايلوس دائمًا، كاهننا الكريم.”
وبإيماءة رسمية، حيّيته مودعة.
فأجابني بانحناءة عميقة:
“ولكِ من الحاكم الحامي كل النِعم والبركات، آنسة القصر.”
بعد الغداء.
ذهبتُ إلى الدفيئة لأتناول الحلوى وسط الزهور بعد غيابٍ طويل.
‘التفكير يحتاج إلى بعض السكّر، أليس كذلك؟’
وضعت في فمي قطعة صغيرة من تارت الفراولة.
‘منذ التقيت زينوس، خرجت القصة تمامًا عن مسارها الأصلي، ولم أعد أعلم ما الذي سيحدث لاحقًا.’
واصلت المضغ شاردة الذهن.
‘هل كل ما علي فعله الآن هو الاستعداد لمهرجان تأسيس الإمبراطورية بعد أربع سنوات؟’
لو لم ألتقِ به وكان كل شيء قد سار كما في الرواية، لكان زينوس الآن مرتحلًا كمرتزق، بعيدًا عن الأكاديمية.
وبسبب بعده هذا، عاش الإمبراطور ريتشارد أطول عمر بين كل الأباطرة، حتى أنه بقي حيًا ليشهد حفل ظهور روبيلليا في المجتمع.
فقد دعت روبيلليا زينوس إلى حفلها، وحدث أن فقد سيطرته على قواه في ذلك اليوم تحديدًا.
وفي غمرة انفلات سحره، انتهت حياة الإمبراطور.
السبب في جنون زينوس المتكرر في الرواية كان عجزه عن التحكم في طاقته السحرية الهائلة.
‘لكن بما أنه الآن في الأكاديمية سيتعلم كيف يسيطر على قواه، فلا داعي للقلق، صحيح؟’
إذا كان الأمر كذلك، فالنهاية السوداوية للعالم لن تتحقق.
لكن ما يُقلقني هو تلك النبوءة الغامضة التي ظهرت فجأة.
‘ما حقيقة تلك النبوءة؟’
وأنا أغوص في أفكاري، وضعت قطعة تارت أخرى في فمي.
‘انتظري لحظة…’
تذكّرت أن اللعنة تُورّث عند ولادة وريث جديد، مما يعني أن زينوس يحمل الآن “لعنة الوحدة”، تلك اللعنة المروعة التي تسرق حياة كل من حوله بطرق خفية.
‘إذاً… الشخص المعرّض للخطر الآن هو أنا؟!’
كيف لم أستوعب هذا حتى اللحظة؟!
‘يا لي من حمقاء.’
لحسن الحظ أنه الآن في الأكاديمية…
لكن ماذا عن المستقبل؟
أنا من حاولت التقرب منه، وإن انسحبت فجأة الآن، فلا بد أن قلبه سينكسر.
‘لنفترض أنني سأتفادى الحوادث، ماذا إن أصبت بمرضٍ عضال؟’
هل يُمكن للمعابد أن تشفيني؟
آه… تنهدتُ من أعماق قلبي.
في النهاية، ليس أمامي إلا خياران:
١. أبقى قريبة منه، أتأثر باللعنة، وأموت في يومٍ ما بسببها.
٢. أبتعد عنه… فينفجر قلبه ألمًا، ويفقد السيطرة على سحره، ويُدمّر العالم.
‘يا من كتب لي الحياة من جديد… تُرى، لمَ كانت قصيرة إلى هذا الحد؟’
أشعر وكأن القدر يبتسم لي بابتسامة خفية لا أفهم معناها.
وضعت قطعة التارت في فمي مجددًا، وأجبرت نفسي على ابتلاع مرارة هذا الظلم بابتسامة باهتة.
* * *
بضعة أشهر لاحقة.
كان زينوس وديون يعيشان حياة أكاديمية هادئة ومستقرة.
قبل أيام قليلة فقط، لم تكن الأمور بهذا الهدوء.
فرغم ظهور كاليجو وسيرينيتيا في حفل الافتتاح، لم يمنع ذلك بعض الطلاب من مضايقتهم.
كانوا يمدّون أرجلهم عمدًا في طريقهما، يصطدمون بهما، يرشّون عليهما الماء مصطنعين الخطأ، أو يتركون جثث الحشرات والحيوانات أمام باب غرفتهما.
لم يُمارَس عليهم العنف الجسدي، لكن التسلط النفسي كان دنيئًا.
غير أن زينوس وديون لم يتركا الأمر يمر مرور الكرام.
فقد راقبا سلوك المتنمرين، ثم استخدما السحر ببراعة لردعهم.
ومع قدرة زينوس الفائقة على تعلّم أي تعويذة في وقتٍ قصير، وسرعة ديون في نسخها بدقة، لم تكن تلك الإزعاجات شيئًا يُذكر أمامهما.
حتى حين طلب البعض مواجهتهما في مبارزات سحرية علنية بحجة “العدالة”، كانت النتيجة دائمًا كارثية للطرف الآخر.
كيف يمكن لأبناء الطبقة الأرستقراطية الذين نشأوا في الدلال أن يتغلبوا على من صقلتهم قسوة الحياة؟
وسرعان ما تنبّه المعلمون الأذكياء، وبدأوا يعتنون بهما طمعًا في رضا الدوق وينتربل.
وبعد إدراك الطلاب استحالة كسر عزيمتهما، فقدوا الاهتمام تدريجيًا.
وهكذا، كان من المفترض أن تسير الحياة بسلام داخل الفصول.
لكن ظهر قلق جديد يؤرق زينوس: عيد ميلاد سيرينيتيا.
‘هي معتادة على تلقي الهدايا، وربما لا تبالي بها كثيرًا…’
أما هو، فهذه أول مرة يحتفل فيها بعيد أحدهم، وأول مرة يُهدي فيها شيئًا لشخصٍ آخر.
لذا، كان هذا اليوم بالغ الأهمية بالنسبة له.
‘ما الهدية التي ستفرحها؟’
لم يكن لديه من يطلب رأيه أو استشارته، وبالرغم من وجود ديون، فقد شعر أن هذه المسألة خاصة ولا يجب أن يناقشها معه.
وبينما كان يسير عبر الحديقة غارقًا في أفكاره، التقط سمعه صوت فتاة:
“ما الذي تفعلينه؟”
التفت زينوس نحو مصدر الصوت، فرأى فتاتين تجلسان على أحد المقاعد.
إحداهما كانت تطوي الورق الملون بتركيز، بينما الأخرى تراقبها بإعجاب.
‘ما الذي تصنعه؟’
تملّكه الفضول، فاقترب قليلًا.
“إنها تطوي النجوم من الورق.”
“ولماذا تفعلين ذلك؟”
“لأنهم يقولون إن من يطوي ألف نجمة ورقية تتحقق أمنيته!”
“حقًا؟! أهذا صحيح؟”
“أجل! سمعت ذلك من إحدى زميلاتي في الفصل المجاور. طلاب فصلها كانوا يطوونها طوال وقت الاستراحة!”
“إذًا، أريد أن أجرب أنا أيضًا! علّميـني كيف أطويها.”
“حسنًا، راقبي جيدًا. أولًا تطوينها هكذا، ثم بعد ذلك….”
وبينما كانت الفتاتان تتبادلان الحماس، كان زينوس، الذي انساق بدوره وراء تلك الشائعة الساذجة، قد أخفى وجوده تمامًا واختبأ خلف أحد الأعمدة ليتعلم خفية طريقة طي النجوم الورقية.
“عيد ميلاد سعيد، آنستي الصغيرة!”
“أدام الحاكم لكِ الصحة والعافية، وكل عام وأنتِ بخير، آنستي الصغيرة!”
كما جرت العادة، انهالت التهاني من الجميع بأصوات دافئة مفعمة بالمحبة.
“عيد ميلاد سعيد.”
“عيد ميلاد سعيد، أختي.”
رغم أن كلمات التهنئة من كاليغو وسييل لا تزال تُشعرها بشيء من الغرابة، إلا أنها لم تكن تمانعها على الإطلاق.
“شكرًا، أبي! وشكرًا لك أيضًا، أخي!”
كان عيد ميلادها هذا العام… سعيدًا ككل عام، لم يتغير شيء سوى أن الحب أصبح أدفأ قليلًا.
بعد الانتهاء من وجبة الطعام والعودة إلى غرفتي، بدأت أفتح صناديق الهدايا التي وصلتني من الجميع.
أهدتني مارلين هذه المرة دمية قطط بيضاء، قائلة إن دمية الخنزير أصبحت تشعر بالوحدة.
‘لماذا قطة بالذات؟ ولمَ ليست دمية خنزير أخرى؟’
أما سيل، فقد منحني موسوعة مصوّرة للحيوانات.
على الأرجح، ضاق ذرعًا بأسئلتي الكثيرة حول صغاري، ففكر أن يُريح نفسه من زياراتي المتكررة.
‘لا أملك خبرة كافية بعد، ماذا أفعل؟’
“آه، هذه رسالة من ديون.”
فتحت الظرف، فخرجت منه ورقتان.
لكن… لم تكن كلتاهما رسائل.
“…كشف درجات؟”
ضحكت بذهول.
يبدو أنه لم يجد شيئًا مناسبًا ليقدمه كهدية، فبعث لي بنتائجه بدلًا من ذلك، كطريقة ليُظهر أنه يعمل بجد.
‘مذهل… المرتبة الثانية على مستوى الصف المتوسط!’
أما المرتبة الأولى، فكما هو متوقع، كانت من نصيب أديل.
وقد أرفق أديل بطاقة تهنئة قصيرة مع زهرة خوخ مجمّدة بسحره.
كانت الزهرة لا تزال ندية، وكأنها قُطفت في هذه اللحظة.
‘لماذا تعتني بي بهذه الطريقة الهادئة التي تلامس القلب؟’
حقًا… أهذا ما يُسمى بسحر “المرأة الخطرة”؟
‘لم يبقَ إلا صندوق زينوس الآن.’
لماذا هو كبير بهذا الشكل؟
‘لا يكون اشترى لي شيئًا باهظ الثمن من مصروفي؟’
لقد أكّدت له مرارًا أن عليه عدم استخدام المصروف في شراء الهدايا…
فتحت الصندوق وقلبي مثقل بالقلق.
“…واو…”
لكن، ما وجدته بداخله… فاق كل توقّعاتي.
كان هناك مرطبان زجاجي كبير مملوء حتى حافته بنجوم ورقية ملونة، لا يقل عددها عن بضع مئات.
وبأسفلها، وُضعت ورقة صغيرة… مكتوب عليها:
“عيد ميلاد سعيد.”
تخيّلت زينوس وهو يطوي كل نجمة بيديه الصغيرتين من أجلي… وخنقتني العَبرة.
نظري انتقل إلى أسفل الورقة، حيث خُطّت كلمات صغيرة بخطٍ دقيق:
“شكرًا… لأنك منحتني ابتسامة دافئة.”
“…آه…”
استطعت أن أرى أثر التردد والخجل في كل حرف، وكأنّه أعاد كتابته عشرات المرّات قبل أن يكتبه أخيرًا.
ولم أتمالك نفسي أكثر… فانهمرت دموعي بغزارة.
“ما الأمر؟ لمَ تبكين؟”
سألني ليتي بتوتر، وقد بدا عليه الذهول، لكني لم أستطع أن أجيبه… فقد كانت شهقتي تخنق الكلمات في حلقي.
بكيت… وبكيت حتى عادت مارلين.
‘شكرًا لك، زينوس.’
كنتُ أكررها في داخلي، مرارًا وتكرارًا، كأنها صلاة صغيرة لا تنتهي.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 30"