أودعتُ الطفل في غرفته لينام، ثم دخلتُ إلى غرفة نومي مع دانتي.
كنت أنام في غرفة الطفل طوال الفترة الماضية هربًا من مواجهة دانتي، لذا شعرت بأن الأجواء غريبةً بعض الشيء.
و بدا أن دانتي لم يكن يتوقع دخولي، إذ اتسعت عيناه وهو ينظر إليّ.
“هل يمكنني الدخول؟”
“لا، أرجو……أرجو ألا تقولي مثل هذا الكلام!”
ارتبك حتى بدأ يتلعثم، وهو أمرٌ غير معتاد منه.
ثم تقدمت مباشرةً نحو السرير ودسست نفسي تحت الأغطية. و كان دانتي قد سبقني إلى الاستلقاء، فوجدت الدفء الذي تركه يناسبني تمامًا.
دخلتُ بالفعل، لكنني لم أعرف كيف أبدأ بالتصالح معه. فاكتفيت بإدارة ظهري نحوه وعضّ شفتي السفلى.
عندها جاءني صوته المنخفض من خلفي.
“……هل سئمتِ مني؟”
كان صوته يحمل شيئًا من البحة وكأنه على وشك البكاء. ففوجئت لدرجة أنني التفت فجأةً ونظرت إليه.
كان يرمقني وعيناه وحاله أشبه بجرو مبلل تحت المطر، مطأطئ الرأس و حزين الملامح.
“ما الذي تقوله؟ لماذا قد أكرهكَ يا دانتي؟”
“……أليس الأمر كذلك؟”
“بالطبع لا! أبدًا!”
تمتم قائلًا: “يا للراحة”، ثم جذبني إلى حضنه، فشعرت بقلبي يلين.
مجرد التفكير في أنه ظل يعاني من تلك الأفكار وحده جعلني أشعر بالأسى.
“أنا آسفة……غضبت منكَ وتجاهلتكَ، لأن كلامكَ كان صحيحًا تمامًا، وأعتقد أنني شعرت بالخجل حين أدركت أنني انكشفت أمامكَ.”
“لا، بل أنا المخطئ، كان عليّ أن أكون أكثر حرصًا عليكِ. حتى بعدما لاحظت أنني أسقط غضبي على ذاك التنين……”
توقف قليلًا، ثم أكمل مباشرة.
“فلم يعجبني التفاف إيرفين حول التنين.”
“هل تغار الآن حتى من طفل صغير؟”
“نعم……يبدو أن كل ما يتعلق بإيرفين يثير غيرتي، حتى أنني أفاجئ نفسي كثيرًا بهذه المشاعر.”
قال دانتي ذلك ثم ابتسم ابتسامةً محرجة وكأنه يشعر بالحرج في داخله.
بهذا الجسد الضخم من الصعب أن يبدو لطيفًا، لكنه لطيفٌ فعلًا.
ثم انزاح كل الغضب من قلبي دون أن أشعر، وابتسمتُ معه، فبادر بسؤالي،
“هل يعجبكِ ذاك التنين، إيرفين؟”
“همم……نعم، إنه لطيف. أحيانًا أراه محبوبًا بسبب براءته الطفولية، وأحيانًا أشفق عليه لأنه سريع البديهة ويتصرف بجدية كالكبار. يذكرني بما كنتُ عليه حين اضطررتُ للتمسك بالحياة بشق الأنفس. ثم……”
ترددتُ قليلًا وأنا أراقب تعابير دانتي قبل أن أكمل.
“في الحقيقة، هناك شيءٌ فيه يذكرني بكَ، وهذا ما يجعلني أُعيره اهتمامًا أكبر. ألن تفعل الأمر نفسه إن وجدتَ طفلًا يشبهني؟”
“نعم……بالتأكيد. سأعتني به دون أن أشعر.”
“لهذا السبب كنتُ كذلك، لأنه يشبهكَ وكان شديد الجمال في نظري. أردتُ لطفل مثله أن يكبر وهو محاطٌ بالحب……حتى لو كان تنينًا.”
لم يُجب دانتي بكلمات، بل أخذ يلامس عنقي مداعبًا. فضحكت من الدغدغة.
وفجأة، شدّني دانتي إلى صدره بعناق قوي.
“إيرفين، هلا تعديني بشيء واحد؟”
“بالطبع، ما هو؟”
“يمكنكِ أن تتجاهليني إن شئتِ، أو تتركيني وحدي بحجة الانشغال، لكن أرجوكِ……لا تقولي لي أبدًا إنكِ لستِ بحاجةٍ إلى مساعدتي.”
“آه……”
“ألَم تبدأ علاقتنا من تلك اللحظة تحديدًا؟ حين قلتِ ذلك شعرت وكأنكِ تنكرين وجودي……وكان ذلك مؤلمًا.”
كلماته الصادقة ضغطت على قلبي بشدة.
و مجرد التفكير بأنه كان وحيدًا في هذه الغرفة يحمل هذه المشاعر جعلني أشفق عليه.
فرفعت جسدي قليلًا وأحطت عنقه بذراعي.
“آسفة حقًا لأنني جعلتكَ تفكر بهذه الطريقة……دانتي، أنت ما زلتَ معلمي، ومنقذي، وحبي. ومهما مرّ الزمن فلن يتغير هذا أبدًا.”
ابتسمت له برفق ثم قبلته.
كانت قبلة قصيرة في البداية، لكن دانتي أمسك بي وجعلها قبلةً طويلة.
ثم حاولت التهرّب من بين ذراعيه، لكنه أمسك بمعصمي، ثم رفع طرف ردائي بيده الأخرى.
متى أصبح دانتي بهذا القدر من الجرأة والمشاكسة؟
في النهاية، لم أستطع إلا أن أترك نفسي بين يديه.
ولأول مرة منذ زمن طويل، كانت ليلتنا طويلة…….
***
“آه……”
فتحت عيني لأجد الشمس قد أشرقت، وكان الوقت بعد الظهر.
كان ظهري يؤلمني، وأشعر بتعب شديد لأنني لم أنم إلا مع اقتراب الصباح، ولم أستطع رفع جسدي دون أن يتهاوى من الإرهاق.
على ما يبدو، سأضطر إلى أخذ إجازة من العمل اليوم.
عندها، شعرت بيد دانتي الكبيرة والدافئة تدلك ظهري برفق وثبات.
“أين كنتَ؟”
التفتُّ نحوه برأسي فقط وأنا ما زلت مستلقية. وقد كان يرتدي ملابس مرتبة وكأنه عاد للتو من الخارج.
أيعقل أنه أمضى الليلة معي حقًا؟ كيف يبدو بهذه الحيوية وكأن شيئًا لم يكن؟
واصل تدليك ظهري وذراعي وهو يجيب،
“كانت لدي بعض الأمور أقضيها.”
“وما هي؟”
“ليس من المناسب أن أخبركِ الآن……”
“إذًا أنت تخفي سرًا عني؟”
لم يرق لي الأمر أبدًا……أن يكون هو وحده في كامل نشاطه، وفوق ذلك يخرج ثم يعود وهو يخفي شيئًا عني. شعرت بوخزة من الضيق والغيظ.
ضيّقت عيني وحدّقت به بنظرةٍ فاحصة، فابتلع دانتي ريقه وكأنه في موقف حرج.
“همم…..ستعرفين قريبًا على كل حال، لكن…..حسنًا.”
جلس دانتي على حافة السرير ومد يده نحو درج الطاولة الجانبية، ثم أخرجه. وأخرج منه ورقة.
ما هذا..…؟! هل كان هذا الدرج يُفتح أصلًا؟! أنا لم أجرب فتحه ولو مرةً، فمتى وضع ما بداخله؟
ثن فتح دانتي الورقة أمامي. فحدقت بعينين نصف مغمضتين، وقرأت أول ما كتب بخط كبير في أعلاها.
“ما هذا…..؟”
نسيت كل التعب والخمول، ونهضت جالسةً بسرعة.
“هل هذا…..حقيقي؟ هل أنتَ متأكد؟”
“نعم، وأنتِ يا إيرفين؟”
“أنا…..بالطبع موافقة.”
كانت الورقة التي قدّمها لي دانتي هي طلب تسجيل الأسرة رسميًا.
لم يخطر ببالي يومًا أن يعطيني شيئًا كهذا، فشعرت بالذهول. كما تسللت إليّ مخاوف من أن أكون قد وضعت على عاتقه عبئًا دون أن أدري.
“بعد حديثكِ الأخير فكرت طويلًا…..ما زلت لا أعلم إن كان هذا القرار هو الصواب، لكن هذا هو الاستنتاج الذي وصلت إليه. ليس بدافع إرضائكِ، بل قرارٌ اتخذته حتى لا أندم يومًا.”
“دانتي…..”
“حين وجدت نفسي أحب هذا الطفل دون أن أستطيع منع نفسي، أدركت أن مثل هذه النهاية ستكون جميلة. كما لو أننا أصبحنا عائلةً بالفعل.”
فعانقته بقوة.
هو دائمًا سندي…..ومنقذي الوحيد.
“أنا أحبكَ حقاً.”
***
ركضت مباشرةً نحو غرفة الطفل.
و فتحت الباب بعنف، فرفع الطفل رأسه من الكتاب الذي كان يقرأه ونظر إليّ بفزع.
“صباح الخير.”
ألقى الطفل نظرةً خاطفة نحو النافذة. كانت الشمس قد بلغت كبد السماء بل وبدأت تميل نحو الغروب.
و كانت نظرته تقول بوضوح أن هذا ليس صباحًا أبدًا.
تقدمت نحو الطفل بخجل قليل، وتحدثت بنبرة حذرة.
“مساء الخير…..هل تناولتَ طعامكَ؟”
“نعم، ذهبت مع السيدة ريجي.”
“أحسنت، طفلٌ مهذب.”
ربّت على رأسه، ثم دخلت مباشرةً في السبب الذي جئت من أجله.
“أتعلم…..أنا أحبكَ. أنت لطيف، و محبوب، وأشعر بالسعادة حين أكون معكَ.”
“حقًا؟”
“نعم، وحتى دانتي يعتقد ذلك.”
نظر الطفل إلى دانتي بطرف عينيه.
لم يعد دانتي يواجهه ببرود كما في السابق، بل كان ينظر إليه الآن بملامح دافئة ولطيفة.
وحين التقت أعينهما، خفَض الطفل بصره بخجل.
“نحن نحبكَ كثيرًا…..لكن ماذا عنكَ أنت؟”
“أنا…..”
تردد الطفل قليلًا وهو يعبث بأصابعه، وبعد لحظة صمت فتح فمه أخيرًا.
“هل يمكنني أن أحبكما أنا أيضًا؟”
“بالطبع، هذا أمرٌ طبيعي.”
“إذاً…..أنا أحب السيدة إيرفين الحنونة، وأحب السيد دانتي القوي. ما دام كلاكما يبتسم لي بحنان، فلن أشعر بالغيرة من أي شيءٍ في العالم.”
قال ذلك وهو يبتسم ابتسامةً مشرقة مليئة بالمحبة.
فشعرت بغصة في حلقي وامتلأت عيناي بالدموع، لكنني كتمتها حتى لا أبكي أمامه.
ثم ناولته الورقة،
“هذه أشبه بإثبات أننا سنصبح عائلة. إذا كنت موافقًا، أود أن أقدّمها رسميًا.”
“عائلة..…؟”
“نعم، أنا ودانتي سنصبح والديكَ.”
“إذاً…..يمكنني أن أناديكما أمي وأبي؟”
“بالطبع.”
“وهل سنذهب في نزهاتٍ معًا؟”
“سنذهب في نزهات، وفي رحلات، وسنكون معًا كل يوم.”
هتف الطفل بصوت مفعم بالحماس،
“هذا رائعٌ جدًا!”
“شكرًا لكَ…..لأنكَ تحبنا.”
احمرّت وجنتا الطفل وابتسم ابتسامةً لطيفة.
صحيح…..الآن وقد قررنا العيش معًا، لم يعد من اللائق أن أكتفي بمناداته بـ”الطفل”.
كنت قد حاولت أكثر من مرة أن أختار له اسمًا، لكنني كنت أدرك أن منح اسم لشخص هو أمرٌ عظيم، لذا لم أتجرأ.
“سنختار لك اسمًا الآن…..هل هناك اسمٌ تود أن تُدعى به؟”
عض الطفل على شفته وغرق في التفكير العميق، لكنه سرعان ما هز رأسه قليلًا وكأنه لم يجد ما يناسبه.
“همم…..على الأرجح سيكون الأمر صعبًا عليكَ.”
رمقت دانتي بنظرةٍ جانبية، فابتسم وكأنه يوكل إليّ القرار بالكامل.
إذاً…..سأمنحه الاسم الذي لطالما رغبت في مناداته به.
“ما رأيك باسم فيليكس؟ معناه السعادة، لأن لقاؤنا كان سعادةً لكلينا.”
وماذا لو لم يعجبه؟
قلقت في داخلي، لكن كان ذلك قلقًا بلا داع. فقد هز الطفل رأسه موافقًا بحماس، حتى كاد يفعلها ثلاثين مرة متتالية.
وتألقت عيناه اللامعتان تحت شعره المبعثر.
‘أعتقد أن هذا هو شعور من يملك العالم بأسره!’
أن تصبح أنت عالم شخص آخر…..أمرٌ ليس سهلًا أبدًا.
ومع ذلك، فهو سعادةٌ لا يمكن للكلمات أن تصفها.
في ذلك اليوم…..أصبحنا عوالم بعضنا البعض.
***
“أمي! كارين ابتسمت!”
“حقًا؟ لقد ورثت من أبيها البرود، فلم تبتسم ولو مرة…..لكن يبدو أنها تحب أخاها أكثر من أمها، أليس كذلك يا فيليكس؟”
كان الوصول من ثلاثة أشخاص إلى أربعة أشخاص في أسرتنا…..قصةٌ مستقبلية لم يحن وقتها بعد.
⊰ نهاية الفصول الجانبية ⊱
_____________________
وش قصة مستقبيلة ماجا وقتها؟ الفصول ذي مخلصه شهر 5 عام 2024 😭 والمؤلفة ماحطت اشعار عودة
بس حلوه النهايه فيليكس اخيرا جاله اسم ودانتي وايرفين صاروا ام واب وفي الاخير جابوا بنيه🤏🏻
عائلة رايعه جدهم مصاص دماء وامهم قد عاشت اكثر من روايه والولد تنين بغا جده ياخذ قلبه 🥰 نايس
بس غشششششششش ابي نشوف كارين زياده ودانتي يصير احمق بنته😔 بس كذا يعني خلاص؟ ماعاد فيه شي؟
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 95"