لم أستطع تصديق ذلك. ربما لأن مظهره مختلفٌ تمامًا عما تخيلته عن التنانين.
أليس من المفترض أن يكون للتنين قرونٌ على رأسه أو أجنحةٌ على ظهره؟
لكن مهما نظرت، لم أرَ أمامي سوى طفل صغير في الرابعة أو الخامسة من عمره. طفلٌ عادي تمامًا.
وكأن دانتي قرأ حيرتي، فأوضح لي الأمر.
“مرّ على وقت الفقس عدة أيام، لذا أصبح قادرًا على اتخاذ هيئة بشرية. لكن أن يتحول بهذا الكمال…..لا شك أن سحره قويٌ للغاية.”
“أفهم…..لكن، لماذا جاء إلى نوكس تحديدًا؟ ولماذا يناديني بأمه؟ هذا غريب.”
“على الأرجح، جاء إليكِ بنفسه. فالتنين الوليد يتبع الغريزة ويبحث عن صاحب المانا الأقوى من حوله.”
نظرتُ مجددًا إلى الطفل. وقد كان يحدق إليّ بعينين واسعتين وهو يميل برأسه بفضول.
كنت مذهولة، لكن لم يكن لديّ خيارٌ سوى تصديق دانتي.
“الآن وقد عثرنا على التنين، سأذهب لإبلاغ ليو. ذلك الوغد كاد يقلب البرج رأسًا على عقب، لقد أرهقني.”
هز دانتي رأسه بتعب وهو يتجه إلى غرفته، وعلى الأرجح كان ينوي إرسال رسالة سحرية. فتبعتُه، وتبعنا الطفل راكضًا خلفي.
وخيم على الممر صمتٌ لم يقطعه سوى وقع الأقدام. خطوات دانتي الثقيلة والواثقة، ثم خطواتي الأخف، وأخيرًا خطوات الطفل القصيرة والمتعجلة وهو يحاول اللحاق بنا.
كان يركض بخفة، يقترب منا، ثم يتأخر قليلًا، فيسرع مجددًا وهو يتقافز للحاق بي.
نظرت إلى انعكاسنا في زجاج النافذة. كان كلما اقترب مني، ظهرت عليه علامات الرضا، وإذا ابتعد، بدا عليه القلق.
وكان شعره الأسود الناعم يتطاير مع كل قفزة، بطريقة مضحكة ولطيفة في آن، جعلتني أبتسم لا إراديًا.
‘لا…..لاتتعلقيبهكماتشائين.’
حاولت قمع ابتسامتي، فضممت شفتيّ لأخفيها.
على أية حال، بما أنني سأُعيده إلى ليو، لم أستطع السماح لنفسي بالتعلق به.
فكرت بذلك بينما تحرك الطفل بنشاط وحده حتى دخل الغرفة.
***
ما إن دخلنا الغرفة، حتى بدأ دانتي يقلب الأدراج.
أخرج أداةً سحرية سبق أن استخدمتها من قبل لإرسال الرسائل الطائرة.
تمتم بكلماتٍ منخفضة، ثم نفخ فيها طاقته السحرية. فتحولت الأداة إلى طائرٍ صغير حلق من النافذة إلى السماء.
تابعتُ ذلك الطائر بنظري، ثم نظرت نحو الطفل. و كانت عيناه تتلألأ دهشةً وهو يراقب الطائر يطير، وكأن الأمر ساحرٌ بحق.
كان منظره لطيفًا للغاية، طفوليًا وبريئًا لأبعد حد.
حقًا،هكذاتمامًالابدأندانتيبداحينكانصغيرًا هكذا. ربما لهذا السبب لم أستطع التوقف عن الالتفات إليه.
أبعدت بصعوبة عينيّ عن الطفل، والتفت إلى دانتي،
“سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يرد ليو، فلنأخذ قسطًا من الراحة في هذه الأثناء.”
“أجل، لا بد أنكِ مرهقةٌ أيضًا، إيرفين.”
بسبب التفكير المفرط والقلق الذي رافقني طوال اليوم، بدأ التعب يتسلل إليّ بقوة.
وأنا أدلّك كتفيّ، اقترب دانتي نحوي. و أخذ خصلةً من شعري بين أصابعه، ثم طبع قبلة عليها، ورفع شفتيه بابتسامة ناعمة. فهبط قلبي دفعةً واحدة.
كانت لفتته حنونة، لكنها حملت في طياتها شيئًا مثيرًا بشكل خفي.
ومع كل خطوة اقترب فيها، تزايدت ضربات قلبي وكأنها فقدت انتظامها.
وبيننا لم يتبقَ سوى مسافة ضئيلة…..
قُررررررررغ–
فجأة، انطلق صوتٌ غريب من جانبنا.
ماهذاالصوت؟
التفتنا أنا ودانتي في اللحظة نفسها بسرعة. ومصدر الصوت كان…..ذاك الصغير، التنين الصغير الجائع.
احمرّت وجنتا الطفل خجلًا، وبدت عليه علامات الارتباك واضحة.
“آه…..أ، أُه.…”
و ضمّ بطنه بيديه وبدأ يتلوى قليلًا.
شعرت أنني أحرجته دون قصد، فتقدّمت إليه وانخفضت لأجعل نظري بمستوى عينيه.
“هل أنتَ جائع؟”
أومأ برأسه بخفة، وكأن الأمر محرجٌ جدًا له. حتى طرف عينيه، الذي كان يرتفع عادةً بتعابير حادة، بدا كأنه انخفض قليلًا.
كان شكله لطيفًا جدًا حتى كدت أضحك من شدّة الظرافة.
فعضضت شفتاي السفلى لأكتم ابتسامتي، ثم تابعت،
“إذًا، ما رأيكَ أن تذهب لتجلس هناك؟ لن تنتظر طويلًا.”
وكان الطفل التنين مطيعًا جدًا، فهزّ رأسه بسرعة وركض نحو الأريكة وقفز عليها.
لكن بدا أن ارتفاعها كان أكثر من طوله، فتمسّك بحافتها ورفع قدمًا واحدة بصعوبة. و ما إن استقرّ فوقها وجلس بأدب، حتى التفتُّ إلى دانتي وسألته،
“بالمناسبة، ماذا نطعمه؟ لا يزال صغيرًا، فهل يمكنه أكل الطعام العادي؟”
لأجاب دانتي بفتور،
“غالبًا يمكنه التهام حصان وهو حي. فهكذا يُولَدون.”
“حقًا؟!”
اقتربت من الطفل مجددًا وانحنيت أمامه لأتحدث إليه بمستوى نظره. لكنه، دون أن يدرك شيئًا مما يدور، رمش بعينيه الدائريتين وهو يحدق بي بهدوء.
“آه…..هل تود أن تجرب؟”
أمال رأسه باستغراب.
ففتحت فمي على اتساعه وقلت “آه” بصوت واضح، حتى أعلّمه كيف يفتح فمه.
“هكذا تفعل، فقط افتح فمك. الأمر ليس صعبًا.”
تردد الطفل قليلًا، ثم أغمض عينيه بقوة وفتح فمه الصغير بأقصى ما يستطيع.
“آه―”
وفي النهاية، انفجرتُ ضاحكةً دون أن أتمكن من كبح نفسي، وكأن كل المحاولات الجادة ذهبت سدى.
فتح الطفل إحدى عينيه ببطء ليرى ما يجري، و عندما التقت عيناه بعينيّ، أغلقهما بسرعة من جديد بخجل.
‘آه، كم هو لطيف.’
هكذا هم الأطفال دائمًا…..لا يسير شيء معهم كما تتوقع.
‘لكن لا يجب أن أتعلق به.’
استعدت هدوئي سريعًا وخفضت بصري.
و كانت أسنان التنين الصغير كما قال دانتي تمامًا. أضراسٌ صلبة لا يبدو أن أياً منها ضعيف. وأنيابٌ مستقيمة وحادة، وكأنها قادرةٌ على تمزيق أي شيء.
كانت مختلفةً تمامًا عن أسنان البشر.
ثم ربّتُّ على رأس الطفل الذي ما زال يفتح فمه مطلقًا بعض الأصوات.
“جيد. يبدو أنكَ قادرٌ على أكل أي شيء. سأطلب أن يحضروا لك شيئًا لذيذًا.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 92"