[فخر مملكة وينستاليا “نوكس”، يتوسع إلى إمبراطورية فيرتن ويفتتح أول متجر في العاصمة لويل.]
أصبح حديث الناس والصحف كلها عن “نوكس”، وعمّ الضجيج المملكة بأسرها.
سريعًا ما رسّخ “نوكس” مكانته في أنحاء المملكة، وتزايد عدد زبائنه بشكل طبيعي. و بفضله، أصبحتُ مشغولةً أكثر فأكثر، وحاليًا كنت غارقةً في التحضير لافتتاح متجر جديد.
وحين تجاوز عدد المتاجر في المملكة الخمسة عشر، قمت بتوسعة المتجر الرئيسي في منطقة أرديل وأنشأت مختبرًا.
كنت أقرأ الوثائق وأعدّ الأدوية هناك يوميًا. فأصبحت الأيام التي لا أعود فيها إلى القصر تتكرر كثيرًا.
تنهدت وأنا أتأمل مخططات المتجر الذي سيفتتح في لويل.
‘أشعر أنني لم أرَ دانتي منذ زمن طويل بسبب انشغالي هذه الأيام..…’
مع أن هذه الفترة من المفترض أن تكون مليئةً بالحب والدلال بيننا، إلا أنني لم أرَ دانتي منذ خمسة أيام كاملة.
وربما لأنه يراعي انشغالي، لم يكن يزور المتجر كثيرًا. و كل ما يدل على مروره أحيانًا، هو الغطاء الذي أجد نفسي ملفوفةً به حين أغفو على المكتب، وكأنّه بصمته يهمس بأنه كان هنا.
ضربت سطح الأوراق بالقلم وأنا مستندةٌ إلى المكتب.
“أشتاق إليكَ، دانتي..…”
وأنا على تلك الوضعية، أدرت رأسي جانبًا. و كانت هناك كومةٌ من الوثائق تنتظرني، تشمل حتى مهام القصر.
“آآآه، أشتاق لدانتي!”
كتمت تنهيدةً خرجت من أعماقي، ونهضت فجأة من مكاني.
“هذا غير معقول. مضى على زواجنا ستة أشهر فقط، ومع ذلك لا نكاد نستمتع بشهر العسل، بل بالكاد أراه!”
وكل هذا مع أنه زوجي الوسيم، دانتي!
سأكتفي برؤية وجهه للحظة. ثم بعدها أعمل طوال الليل، الأمر بسيط.
نعم، إنها فكرةٌ رائعة.
ابتسمت ابتسامةً عريضة وغادرت المختبر. و حين هممت بالنزول إلى الطابق الأول حيث يقع المتجر، صادفت كايدن الذي كان يصعد الدرج في تلك اللحظة.
وقد كان شاردًا يحدّق في الأرض أثناء سيره، فلم ينتبه لوجودي.
“كايدن؟ إلى أين أنت ذاهب؟”
“آه، سيدة إيرفين.”
ما إن سمع صوتي حتى رفع رأسه بسرعة وكأنه أفاق فجأة.
تحدث كايدن بنظرةٍ يكسوها بعض القلق.
“إلى، إلى أين أنتِ ذاهبة؟”
“سأمرّ على دانتي، لديّ أمرٌ بسيط.”
حتى لو كان كايدن، لم أستطع التصريح بأنني فقط أود رؤية وجه زوجي.
لكن ردة فعله كانت غريبة. فلو كان على طبيعته، لبدأ يمزح ويقول أنني متيّمةٌ به ولا أطيق فراقه، لكنه بدا مرتبكًا بوضوح.
“إلـ-إلى السيد دانتي؟! لكنه مشغولٌ جدًا هذه الأيام بأمور البرج! وأنتِ أيضًا لديكِ الكثير من العمل، أليس كذلك؟”
“هذا صحيح، لكن..…”
لكنني أشتاق إليه لدرجة أنني لا أستطيع التركيز في أي شيء.
ولأنني لا أستطيع قول ذلك، ابتسمت له ابتسامةً هادئة وتجاوزت الأمر.
“لن أتأخر. سأمرّ عليه بسرعة من دون إزعاج.”
مررت من جانبه وبدأت أنزل الدرج. لكن كايدن لحقني دون أن يخفي ارتباكه.
“آه، سيدة إيرفين! فقط، فقط لا تفزعي كثيرًا عندما تصلين…..السيد دانتي، ليس من النوع الذي…..أعني، الثقة! نعم، الثقة مهمة، أليس كذلك؟”
بدأ كايدن يتكلم بشكل غير مترابط، وكان واضحًا أنه لا يدرك حتى ما يقوله.
ولم أفهم سبب تصرفه هذا إلا بعد أن وصلت إلى الطابق الأول.
“كايدن، ما هذا الذي..…؟”
كان المتجر، الذي يكون عادةً مزدحمًا بالناس، هادئًا بشكل غريب. و لم يكن هناك سوى زبون واحد واقف في المنتصف.
لا، وصف “زبون” لم يكن دقيقًا تمامًا…..فقد كان طفلًا صغيرًا. يبدو في الرابعة أو الخامسة من عمره، وملامحه كانت تُذكّرني بشخص مألوف للغاية.
كانت عينيه مرتفعتان قليلًا بطرفيهما، و حاجباه الكثيفان، و شفاهه الحمراء، وجسر أنفه المستقيم رغم صغر سنه…..ما عدا وجنتيه الممتلئتين، فقد كان نسخةً مصغرة من دانتي.
“هل لدانتي أخٌ صغير؟”
“علـ، على حد علمي فهو وحيد..…”
لكن الشبه…..كان مبالغًا فيه.
وإن لم يكن أخًا…..فربما…..؟
وبينما كنت شاردةً في أفكاري، نطق الطفل بصوت باكٍ،
“ماما..…”
آه، يبدو أنه جاء إلى هنا مع والدته.
نظرت حولي أبحث عن من يرافقه، لكن لم يكن هناك أي أحد، ولا حتى حشرة.
أحسست بأن هناك شيئًا غير طبيعي، فعدت أنظر إلى الطفل بدهشة. لكن لماذا…..لماذا هو أيضًا يحدق بي بهذا الشكل؟ وعيناه ممتلئتان بالدموع المتدلية التي لم تسقط بعد.
سرت قشعريرةٌ باردة في ظهري من شعور غريب بعدم الارتياح. وسرعان ما تأكدت شكوكي.
فتراجعت خطوةً دون وعي، لكنه تبعني وهو يردد نفس الكلمة.
“مامااا…..”
من تكون أمك؟!
قبل أن أستوعب، كان قد أمسك بحافة فستاني بيده الصغيرة. و حاولت أن أبعده بهدوء وأنا مرتبكة، لكنه كان قويًا بشكل لا يُصدق، وفشلت في إزاحته.
كنت أحاول التفكير في حل، حينها فجّر كايدن قنبلةً بجانبي.
“آه! لا بد أن هذا هو طفل السيد دانتي والسيدة إيرفين!”
“ماذا قلتَ؟”
“كما هو متوقع من ساحرين عظيمين مثلكما. أنجبتماه بالسحر، أليس كذلك؟”
“…..أأنت مجنون؟”
“ماذا؟ مستحيل! أنتما حقًا مذهلان! هاهاها!”
يبدو أن كايدن قد صُدم لدرجة أنه فقد صوابه تمامًا. و كان يردد بلا توقف: “كما هو متوقع من ساحرَينا العظيمَين! قوةٌ غامضة تتحدى حتى قوانين الطبيعة!” وهو يضحك بجنون.
تجاهلت كايدن بصعوبة وأبعدت نظري عنه. فأنا التي أكاد أفقد عقلي بسبب تلك العينين الصافيتين التي ترفع إليّ بنظرة بريئة! هذا جنونٌ حقيقي.
تنهدت بعمق وأدرت رأسي، فلاحظت أن الطفل يرتجف قليلًا من على كتفيه. فقد كان يرتدي ملابس خفيفة لا تناسب برودة الشتاء القارس، مما أثار قلقي.
“هل يمكنكَ الانتظار هنا للحظة؟”
وحين رأيته يومئ برأسه موافقًا، أسرعت نحو المختبر.
كانت البطانية التي غطاني بها دانتي في الليلة الماضية ما زالت معلّقةً على الكرسي. فأخذتها بسرعة وعدت إلى الطابق الأول.
رغم أن المسافة لم تكن بعيدة، إلا أنني تعبت من الجري، ربما لأني لم أركض منذ زمن.
ثم وقفت أمام الباب ألهث، محاوِلةً تنظيم أنفاسي التي وصلت إلى طرف حلقي.
“آسفة على التأخير!”
دخلت إلى الداخل ولففت البطانية حول الطفل. و بداخل تلك البطانية السميكة، بدا كدمية قطنية صغيرة.
تأملته للحظة وقد بدا شديد الجمال، ثم غصت في التفكير.
‘من الأفضل إرساله إلى وحدة الأمن. فلا يبدو أن له وصيًا في الجوار. لكن هل سيهتم أحدٌ بشأنه هناك أصلًا؟ ماذا علي أن أفعل…..’
أما الطفل، فلم يكن لديه أدنى فكرة عن الصراع الداخلي الذي أمرّ به. و كان فقط يدفن وجهه في البطانية وينغمس بها كما لو كانت أروع شيء في العالم.
‘…..صحيح. لا يمكنني ترك طفل صغير كهذا لوحده. إن فعلت، سأندم طوال الليل.’
وهكذا، قررت اصطحابه معي إلى القصر.
***
ربما لأنني خرجت للعمل وعدت ومعي طفل، فقد بدا على الخدم في القصر الدهشة الشديدة وبدأوا يتهامسون فيما بينهم.
وبالطبع، لا بد أنهم لاحظوا الشبه الكبير بين الطفل ودانتي.
و حتى أمنع انتشار الشائعات السخيفة، أمرت كبير الخدم بالتكتم الصارم، ثم استدعيت ليج.
“ليج، اغسلي الطفل بماء دافئ، وابحثي له عن شيء مناسب يرتديه. ثم خصصي له غرفةً فارغة.”
“…..مفهوم.”
بدت ليج غير مرتاحة، وكأنها لا تستحسن الأمر. لكن ذهني كان مشوشًا بما يكفي، فلم أجد ما أقول لها.
في الحقيقة، لم أمانع وجود الطفل. فقد كان الأمر أشبه بالنظر إلى دانتي حين كان صغيرًا.
وفي بعض اللحظات، حين يميل رأسه بتعبير جامد، كنت أتساءل فعلًا إن كان دانتي قد تقلّص فجأة.
‘رغم أن ذلك مستحيلٌ طبعًا.’
لكنني أدركت سريعًا أن ذلك التفكير لم يكن في محله. فدانتي، الذي عاد من برج السحرة، دخل القصر.
“دانتي، أهلاً بعودتكَ.”
كان وجهه يبدو مرهقًا قليلًا، بعد غياب طويل. لكن ابتسامته لي، والتي امتلأت بالفرح، جعلت قلبي يخفق بعنف.
‘وجهه قاتل…..يكاد يُسقط قلبي.’
“إيرفين، ألم تكوني مشغولةً اليوم؟ هل تناولتِ طعامكِ جيدًا؟”
“وجدت بعض الوقت، وكايدن هو من حرص على أن آكل. أنت من طلب منه ذلك، صحيح؟”
“لو لم أفعل، لما خطرت ببالكِ فكرة تناول الطعام أصلًا. كلما رأيتكِ، تبدين أنحف.”
أحاطت يده الكبيرة وجنتي بلطف.
كانت لمسته الناعمة ونظرته المليئة بالحب تثير في داخلي رعشةً خفيفة في القلب. و مهما مرّ من وقت، لن أعتاد على هذا الإحساس.
وضعت يدي فوق يده الممسكة بي، وابتسمت بهدوء.
“لا بد أنكَ مرهق، ادخل واسترح.”
اتجهنا معًا إلى الغرفة، مستغرقَين في حديث لا ينتهي.
أخبرته عن فشل تجربة في المختبر، وعن كثرة المهام التي جعلتني أرغب فجأةً بترك كل شيء والسفر معه إلى الجنوب.
“وماذا عنكَ؟ كيف كانت أيامكَ في البرج؟ كايدن قال أن شيئًا ما يحدث هناك.”
“آه…..من حيث العمل، نعم، هناك ما حدث.”
“حقًا؟ ما هو؟”
“لقد فُقد شيءٌ كان ليو يبحث عنه منذ وقت طويل. أمرتُ سحرة البرج بالعثور على ذلكالشيء، ومنذ أيام وأنا في حالة تأهب تام بسببه.”
“الشيء الذي كان ليو يبحث عنه؟ ما هو؟”
“بيضة تنين. حان وقت فقسها، فقرروا نقلها إلى غرفة أخرى، لكن أحد السحرة أضاعها أثناء ذلك.”
شهقت بصدمة. بيضة تنين؟! لم أكن أتوقع شيئًا كهذا أبدًا.
لو كنت أعلم، لكنت ساعدتهم في البحث عنها!
كنت على وشك أن أقول هذا لدانتي، حين دوى صوت ليج خلفي.
“يا سيدتي، لقد أعددتُ كل شيء كما طلبتِ.”
استدرنا أنا ودانتي في الوقت نفسه. و الطفل، الذي كان يبدو مهمل الهيئة عند لقائنا الأول، كان يقف الآن بجوار ليج بمظهر نظيف ومرتب.
وحين التقت عيناه بعينيّ، ابتسم لي بلطافة،
“أمي..…”
يا إلهي، ها هو يكررها من جديد. ماذا لو أساء الناس الفهم؟
وكما توقعت، صرخت ليج بصوت مرتفع،
“أمه؟! يا سيدتي! من هذا الطفل بحق؟ حاولت أن ألتزم الصمت، لكن لا بد أن أفهم!”
“شش، اخفضي صوتكِ. ستفزعينه.”
“وهل هذا هو المهم الآن؟! السيد دانتي موجودٌ هنا أيضًا..…!”
نظرت إلى دانتي بسرعة خشية أن يكون قد فهم الأمر بشكل خاطئ. لكنه كان يحدّق في الطفل بعينين خاليتين من أي تعبير.
كان المشهد غريبًا، وكأن الطفل هو دانتي الصغير، وذاك الرجل الهادئ أمامي هو دانتي الكبير.
ثم نطق دانتي بصوت خافت،
“إيرفين، من أين أحضرتِ هذا الطفل؟”
“من المتجر..…”
لكنني فجأة توقفت، لأن طريقته في السؤال بدت غريبة. وكأنه يعرف الطفل مسبقًا.
“دانتي، هل تعرف هذا الطفل؟”
“نعم.”
ثم قال جملة جعلتني أنا وليج نفتح أفواهنا من الصدمة.
“هذا هو التنين الذي كنت أحدثكِ عنه.”
__________________
تنين! 😭 طيب ليه يشبه دانتي لايكون دانتي نص تنين بعد
المهم كنت انتظر البزران في ذا الفصل بس شكل جاهم بزر بدون حمل وولاده😂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 91"