“هاه، أود أن أراه. أظن أن المشهد سيكون مضحكًا جدًا.”
عندها ضيّقت ليج عينيها ونظرت إليّ.
“حقًا؟ أهكذا تتحدثين عن زوجكِ المستقبلي؟ ظننتكِ تشتاقين لرؤيته بما أنكما مغرمان إلى هذا الحد……”
“لكن أليس من المضحك رؤيته فعلًا؟ أن يسلّم نفسه بهدوء لتصفيف الشعر والملابس، بذاك الوجه وذلك الجسد؟”
فكرت ليج قليلًا في كلامي، ثم أومأت برأسها ببطء.
“حسنًا، معكِ حق. يبدو مشهدًا مضحكًا بعض الشيء. على ما سمعته، وجهه يبدو مرعبًا جدًا حين يتكلم، حتى أنهم لا يستطيعون الاقتراب منه، لكنه إن طُلب منه شيء يوافق عليه بهدوء.”
“……هل نذهب لنراه؟”
أشرت إلى الباب وأنا أتكلم، لكنها سحبت يدي بسرعة. ثم تحدثت بصوتٍ خافت متنهّد،
“لا يجوز يا سيدتي الكونتيسة، ألم تسمعي أن من سوء الطالع أن يلتقي العروسان قبل الزفاف؟”
ماذا؟ هذه الخرافة موجودةٌ في هذا العالم أيضًا؟ ولِمَ توجد هنا أصلًا؟
ثم إن كان العروسان واقعين في حبّ بعضهما لهذا الحد، فما المانع أن يلتقيا؟ يا للعجب.
“حسنًا، حسنًا، لن أراه.”
وفي تلك اللحظة بالذات، فُتح الباب ودخل كبير الخدم،
“سيدتي الكونتيسة، لقد حان وقت الانطلاق.”
لماذا قلبي ينبض هكذا؟
بعد أن ارتديت الفستان، وجلست لساعاتٍ طويلة أضع مساحيق التجميل وأستعد دون توقف، لا أفهم لماذا و الآن فقط، بعد أن سمعت كلمته، بدأت يداي ترتجفان فجأة.
فتنفّست بعمق وأخرجت الزفير ببطء، ثم خطوت إلى الأمام.
***
قررنا إقامة الزفاف في الساحة الخلفية لقصر كوينيارديل، بشكل بسيط.
سرت على الطريق المزيّن بأزهى الزينة من غرفتي حتى وصلت دون أن أشعر.
و على المقاعد القليلة جلست وجوه مألوفة. في الصف الأمامي كان ليو وكاين، وخلفهما كايدن ورون، كما كان هناك الماركيز ديفونت، و تيري وأخاه ثيو.
‘لقد حضروا جميعًا حقًا……’
لقد بذلت جهدًا كبيرًا، وإن لم يكن جهداً شاقًا تمامًا، في إعادة وصل ما انقطع من علاقتي بهم.
كنت أظن أنني لو عشت حياتي بشكل طبيعي، فسنلتقي مجددًا بطريقة أو بأخرى. فبعض الأقدار كُتب لها أن تتقاطع، أليس كذلك؟
لكن الأمور لم تسر كما تخيلت.
كنت أظن أنه في مثل هذا الوقت من العام كنت قد التقيت بهم، فانتظرت، لكن لم يظهر أحد، ولا حتى لمحةً منهم.
أن تنتظر فقط لا يعني أن القدر سيأتي إليك. لذا أنا من سعى إليهم.
اقتربت من كايدن بحجّة التعاون في الأبحاث مع دانتي وتقرّبت منه. وعندما حلّ الوقت الذي مرض فيه ثيو، أقلقني أمره، فذهبت لزيارته.
وحين لم يأتني طلب زواجٍ من الماركيز ديفونت، اقتربت منه بدعوى تمويل دواء نوكس من أجل حملة القضاء على التنانين.
الآن، وقد اجتمعوا جميعًا في مكان واحد، شعرت بالرضا والامتنان.
وفي نهاية الطريق الممتلئ بالورود، لمحت ظهر دانتي المألوف، رغم أنه بدا غريبًا بعض الشيء.
كان يُعيد جذب سترته مرارًا وكأنه غير مرتاحٍ في ملابسه، ويشد ربطة العنق إلى الأسفل ثم يعيدها إلى مكانها.
“لقد وصلت العروس، الكونتيسة إيرفين كوينيارديل!”
صرخ كبير الخدم بصوت عالٍ، فاستدار دانتي لينظر إليّ. وعندها عرفت سبب ارتباكه.
دانتي الذي اعتاد ارتداء القمصان فقط، كان اليوم يرتدي بزّةً رسمية أنيقة. وشعره، الذي كان دائمًا فوضويًّا ومتدلّيًا، بدا مرتبًا ومنسقًا بعناية.
‘رغم كل شيء……إنه وسيم بشكلٍ لا يُحتمل، و هذا الرجل الوسيم هو لي.’
اقترب دانتي نحوي وتوقف على بُعد خطوةٍ واحدة، ثم مدّ يده نحوي. فنظرت بهدوء إلى يده الممدودة، ثم وضعت يدي في يده.
و سرنا معًا، بخطى متناسقة، وعند نهاية الممر التفتّ إلى الوراء لأنظر إلى المدعوين. و كانوا جميعًا يحدّقون بي بأعين تتلألأ، كنجوم الظهيرة، في مشهد بديع.
“سيقوم العروسان الآن بقراءة قسم الزواج الذي أعدّاه بنفسيهما.”
قال كبير الخدم ذلك بصوت جهوري وهو يسلّمنا ورقةً لكلٍّ منا. و كنا قد كتبناها قبل يومين، بعد أن أنهكنا التفكير والتشاور.
فنظرت إلى الورقة وبدأت أقرأ.
“أنا……”
وقعت عيني على الجمل الطويلة ثم على وجوه المدعوين، الذين تلمع أعينهم وكأنهم يترقبون شيئًا كبيرًا.
وبعد أن نظرت إليهم بتمعّن، فجأة، ألقيت بالورقة جانبًا. ثم تحدثت بصوت واضح،
“أقسم أمام الجميع أنني سأعيش مع دانتي الحب والمشاجرات والمشاركة، مدى الحياة! سنكون سعيدين! و فليكن الجميع هنا سعداء كذلك!”
وسط التصفيق الحار، انتهت قراءة القسم، ولم يتبقَ سوى المرحلة الأخيرة.
وقفنا، أنا ودانتي، وجهًا لوجه، نبادل بعضنا الابتسام. ثم أزاح دانتي الطرحة التي تحجب رؤيتي.
و تحت الضوء الساطع، بدا رجلي أكثر وسامة. رجلي الذي لا يخصّ أحدًا غيري……القوي، و الحنون، والمحبوب.
قمنا بإلباس بعضنا البعض الخواتم. ثم بعد ذلك، لامس دانتي وجنتي برفق، لكنه سرعان ما ارتبك فجأة.
فهمست له بخفة وأنا أنظر إليه.
“ما الأمر؟”
تردد دانتي قليلاً ثم تمتم بصوتٍ منخفض.
“الذين ساعدوني في ارتداء الملابس……قالوا لي ألا ألمس وجهكِ أثناء التقبيل. لأن المكياج قد يُفسد……”
لم أتمالك نفسي من الضحك وأنا أتخيله ينظر إليّ بذلك الوجه المربك، وأتخيل الخادمات اللواتي لا بد أنهن أعدن عليه الكلام مرارًا.
حتى الضيوف الذين كانوا يرمقوننا بنظراتٍ متسائلة عن سبب تصرفنا، انفجروا بالضحك معنا.
وبعد أن هدأ الضجيج قليلًا، عدنا نتأمل بعضنا البعض.
كف دانتي الكبيرة مرّت من على وجنتي لتحيط برفق بعنقي. فحبست ضحكتي بصعوبة، وشفتي ترتجفان بابتسامة واسعة، ثم طبعت قبلةً على شفتيه.
انفصلت شفتانا بلطف، ثم تحدث دانتي بصوتٍ عميق هادئ.
“أنا أحبكِ. أكثر مما يمكنكِ تصوره.”
“يا إلهي. وأنا أيضًا. لن تعرف أبدًا كم أحبكَ يا دانتي.”
“أحقًا؟ إذاً أخبريني بذلك ببطء. وكوني بجانبي طويلاً.”
“حسنًا. سأفعل. لوقتٍ طويل جدًا جدًا.”
وهكذا انتهى حفل زفافنا.
بدّلت ملابسي إلى شيء أكثر خفة، وعدت إلى قاعة الزفاف. و كان الناس الذين لم يعرفوا حتى وجوه بعضهم البعض اختلطوا ببعضهم في جو صاخب يعجّ بالحيوية.
وحين اقتربت، استقبلني الجميع بحرارة.
“يا كونتيسة! إنكِ جميلةٌ للغاية! أشعر أن بصري سيُفقد!”
“لو علمتُ هذا مسبقًا لأرسلت عرض زواج! يا للخسارة!”
“يا كونتيسة! تبدين كجنيّة! لا، بل كملاك!”
“عن أي ملاكٍ تتحدث، يا ثيو؟ الكونتيسة قديسة بحق!”
كلمات تيري اللطيفة جعلت الجميع ينفجرون ضاحكين.
ثم اقتادوني لأقف على بعد بضع خطوات.
“هل أنتم مستعدون؟ سأرميها الآن؟!”
كان ذلك من أجل لحظة ذروة الزفاف، إلقاء باقة الورود.
فأخذت نفسًا عميقًا ورميتها بكل قوتي إلى الخلف.
“كنت أريد أن ألتقطها……هيينغ……”
عندما سمعت كلمات ثيو، التفت بسرعة للخلف. و الباقة كانت قد وصلت بسلام إلى الشخص الذي كنت أريده أن يحصل عليها.
وذلك الشخص كان هو……
“مبروكٌ يا ماي. من يلتقط باقتي سيعيش سعيدًا مدى الحياة.”
“……شكرًا لكِ، يا كونتيسة. سأجففها بعناية وأزين بها غرفتي.”
بينما كنت أبتسم برضا، اقترب مني كاين.
“هل أنتِ سعيدة؟”
“بالطبع. الجميع سعداء هكذا من أجلي.”
“لا أعني الجميع. أقصدك أنتِ يا إيرفين. هل أنتِ سعيدةٌ بحق؟”
سعادتي، إذًا.
فكرت لوهلة، لكن الجواب كان واحدًا لا يتغير.
“نعم، بالتأكيد سعيدة. لأن من أحبهم سعداء. يمكنني فعل أي شيء من أجل سعادة الجميع. وطبعًا، سعادة سموكَ من ضمن ذلك.”
“لن أملَّ منكِ، حقًا.”
هز كاين رأسه ببطء وهو يبتسم ساخرًا. ثم نظر إليّ مباشرة،
“عيشي حياةً سعيدة. سأحميكِ في هذه الحياة، مهما كلّف الأمر.”
“نعم. أشكركَ حقًا……”
عندما أدركتُ ما كان يعنيه، كان قد اختفى بالفعل.
وبينما كنت ألتفت بسرعة باحثةً عن كاين، اقترب مني دانتي.
“يبدو أن ليو أعاد له الذكريات.”
“……لهذا كان يعرف إذًا.”
“هل يزعجكِ الأمر؟”
هززت رأسي نافية.
“لا. في الواقع، أنا سعيدةٌ لأن كاين يتذكّر.”
من المضحك أنني كنت أتمنى عودة ذكرياته، حتى لو لم يتذكّر الآخرون.
كنت أبتسم وأنا أحدق نحو كاين الذي وجدته أخيرًا، عندها، سمعت صوت دانتي الغاضب بجانبي.
“هذا غير مسلٍ.”
“عفوا؟”
“يبدو أن وجوده كشخصٍ مميز لديكِ لا يروق لي كثيرًا.”
“……هل أنت تشعر بالغيرة؟”
عندها فكّر دانتي للحظة ثم سأل.
“هل هذا ما يُسمّى غيرة؟”
“أعتقد ذلك……؟”
“إذاً نعم، أنا أغار. لأنكِ قريبةٌ منه. و لأن علاقتكما عميقة.”
ثم أخرج شفتيه بتبرّم كمن هو غاضب فعلًا.
‘لا يُمكن التعامل معه أبدًا حقًا.’
“الشخص الذي أحبه أكثر من أي أحد……هو أنتَ يا دانتي. ألا تفهم ذلك؟”
لكن دانتي، وقد بدا أنه قد انزعج حقًا، لم يرد بكلمة واحدة.
و عندما لم أتحمل صمته أكثر، أمسكت بطرف سترته بقوة وجذبته نحوي، ثم طبعت قبلةً خفيفة على شفتيه.
“حتى بعد هذا……ما زلت لا تفهم؟”
رمش دانتي بعينيه مرارًا، ناظرًا إليّ بدهشة، وكأن الكلمات قد عجزت عنه. و نظرت إليه وأنا أضحك ضحكةً خفيفة، مرحة، خرجت من أعماقي.
من الآن فصاعدًا، سنبدأ في كتابة قصةٍ جديدة معًا.
سنختلف أحيانًا، وربما نتشاجر، لكننا سنحب بعضنا بطريقتنا الخاصة. وسنعيش معًا، لوقتٍ طويل، طويل جدًا.
⊰ النهاية ⊱
___________________
وبكذا خلصنا ايرفين ودانتي 😔🫂
عيالي راحوا وخلونييي
شفتوا بداية الفصل؟ حسبت ايرفين تولد😭
المهم بأجل الصياح للفصول الاضافية
فيه 5 فصول اضافيه بس للأفس يارب كلها بزران ورخص هعهع🤏🏻
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 90"