الجميع بدا مذهولًا مما سبب بعض الاضطراب لكن الشخص الذي بدا عليه الذهول الأكبر كان إيدن.
“م-ما هذا! ماذا يحدث!”
بسبب امتصاصي ليس فقط للمانا بل حتى لهالة إيدن شعرت بالغثيان. وكان رأسي ينبض بألم شديد وكأنني سأفقد الوعي في أية لحظة.
ثم حاولت التظاهر بأن كل شيء على ما يرام وابتسمت بخفة.
“كنت أعلم أنكَ ستفعل هذا، لذلك أعددت تعويذة، من المؤسف أنها لم تنجح.”
“كغغ…! هل تظن أنكِ قادرةٌ على هزيمتي.…!”
في تلك اللحظة قيدت طاقة دانتي أطراف إيدن. وعلى الفور انقض كاين ووجه سيفه نحو عنق إيدن.
“أ-أتركوني! قلت لكم فكوا هذا الآن!”
مهما حاول إيدن المقاومة، لم يستطع الحركة. وبجانبه أخرج الدوق هايفن سيفه ووجهه إليه.
فنظر إيدن إلى دوق هايفن وهو يكاد يبكي،
“أ-أبي……”
اهتز كتف الدوق بشدة، لكنه عض لسانه حتى سال منه الدم كي يتحمل.
“أبي، أنا خائف جدًا….أمي……”
أغمض الدوق هايفن وزوجته أعينهم بقوة وابتلعوا دموعهم. وقد كان منظره مؤلمًا جدًا لدرجة أنني أدرت وجهي بعيدًا.
“سوف ننقله إلى سجن القصر الملكي تحت الأرض.”
ثبت كاين عدة قيودٍ على إيدن ثم أمسك بذراعه واقتاده. بينما أمسك الدوق هايفن ذراعه الأخرى وسار معه.
“اتركوني! هل تظنون أنني سأستسلم لمجرد هذا؟ إيرفين كوينيارديل، سأقتلكِ!”
صرخ إيدن حتى النهاية وهو يُقتاد إلى الخارج. لكني لم أعد أستطيع التحمل أكثر، فجلست على الأرض فورًا.
بعض النبلاء والكهنة مروا بي قبل مغادرتهم المقهى وقالوا لي كلمات قصيرة أو ربتوا على كتفي. وحين غادر الجميع ولم يبقَ سوى دانتي وأنا، شعرت فجأةً بالراحة تنهار داخلي.
ثم انفجرت الدموع التي كنت أكتمها، وانهمرت دون أن أستطيع السيطرة عليها.
“لقد عانيتِ كثيرًا.”
فضمّني دانتي إلى صدره.
كان حضنه دافئًا للغاية، فلم أتمالك نفسي واستمررت بعناقه. بينما كانت يداه تربتان على ظهري بلطف وبإيقاع منتظم.
و لم أدرك أن صوت إيدن وبقية الناس قد اختفى تمامًا إلا بعد مرور بعض الوقت.
‘لقد انتهى حقًا……’
نظرت للحظات إلى المقهى الذي تحول إلى خراب تام ثم غادرته.
***
مضى أسبوعٌ على ذلك.
تم حبس إيدن في السجن تحت الأرض. وما زال حتى الآن ينكر التهم الموجهة إليه. أما أنا، فقد قضيت ذلك الوقت في برج السحر.
رغم أن الدوق وزوجته عرضا عليّ الإقامة في قصر هايفن، إلا أنني رفضت. وانشغلت طوال تلك الفترة بأيام مزدحمة لا أجد فيها وقتًا لالتقاط أنفاسي.
كنت أُعد لافتتاح “نوكس”، وكان عليّ أن أكون رفيقة حديثٍ لكاين، كما بذلت جهدًا لاستعادة قصر كوينيارديل.
ونتيجةً لذلك، ها أنا ذا أقف مجددًا في قاعة المحكمة.
و لم يكن عناد إيدن هو المشكلة، بل الأسوأ كان اضطراري لرؤية جوزيف مرة أخرى.
وقف جوزيف في قاعة المحكمة، وقد شحب وجهه وبدا شاردًا.
‘صحيح، هكذا كان شكله فعلًا.’
في تلك اللحظة، رفع القاضي ورقة ووجه حديثه إليّ.
“أيتها الشاهدة، هل رأيتِ هذا البيان من قبل؟”
كنت أعرفه عن ظهر قلب، لدرجة أنني سئمت منه.
“نعم. أنا من سلّمته شخصيًا لسمو ولي العهد.”
“من أين حصلت الشاهدة على هذه الوثيقة؟”
“عثرتُ عليها في قصر كوينيارديل.”
كان نفس السؤال الذي طُرح في المرة الماضية. فأجبتُ عليه دون أن أوليه اهتمامًا كبيرًا، بينما عمّ الاضطراب قاعة المحكمة.
وكنت الوحيدة الهادئة، لأني كنت أعلم كل شيء.
“همم! وأين كانت مخبأةً داخل القصر؟”
“كانت في مكتب الوصي الحالي على المقاطعة، عمي جوزيف ميليانو.”
بعدها تكررت نفس الأحداث مجددًا. انفعل جوزيف، وبدأ بالصراخ والهياج، وأطلق عبارات منحطة أثارت غضب كاين.
و الفرق الوحيد هذه المرة أنني لم أعد أُخفي أنني ساحرة.
“كغغ، إيرفين تلك المقيتة……لم أتخيل أن تملك قوى بشعة كهذه……”
وكما هو متوقع، انتهت المحاكمة بانتصاري. فاستعدت القصر مجددًا.
وكان من الواضح أن الأيام القادمة ستكون أكثر ازدحامًا.
***
بعد عودتي إلى القصر، ازدادت مشاغلي أكثر. فقد كان عليّ البدء مجددًا في أكثر الأمور إرهاقًا، وهي الاعتناء بالقصر.
كما كان عليّ ضخ المانا بين الحين والآخر في أداة التشغيل التي أعاد ليو صنعها. وكان عليّ أيضًا متابعة أعمال ترميم “نوكس”.
وخلال بحثي عن شركة بناء مناسبة، ظل اسم “رون” يخطر ببالي. وفي النهاية، ذهبت إلى كاين وطلبت منه أن يقدمني إلى رون.
“سيدة إيرفين!”
أوه، صحيح. بخلاف المرة الماضية، لم أحصل بعد على لقبي النبيل. وذلك بسبب كاين الذي قرر فجأة توسيع قاعة حفلات القصر الملكي.
قال أنه يريد إعداد أضخم وأفخم حفل من أجلي أو شيء من هذا القبيل.
على أي حال، لم أكن أنوي الرقص، فقلت له ليفعل ما يشاء.
“سيدة إيرفين؟ هل هناك ما يقلقكِ؟ أنتِ تحدقين في الفراغ وتبتسمين……”
“آه، لا، لا شيء. فقط سرحت في بعض الأفكار.”
“أفهم ذلك. هذا رائعٌ حقًا. أنكِ رغم انشغالكِ بالأعمال الحالية، تجدين وقتًا للتفكير في أمور أخرى.”
لا أعتقد أن هذا شيء مدهشٌ إلى هذه الدرجة……
حان الوقت لأذهب مع رون لرؤية “نوكس” بعد الانتهاء منه. وكما توقعت، سألني رون،
“هل تودين إغلاق عينيكِ؟”
في داخلي كنت أرغب بالرفض، لكنني كنت أعلم جيدًا أنه سيصرّ على ذلك مرارًا، لذا لم يكن أمامي خيارٌ سوى أن أومئ برأسي وأغلق عيني.
“إذا كنت ستأخذ بيدي، فأخبرني أولًا من فضلكَ.”
هذه المرة تحدثت أولًا حتى لا أتفاجأ. فسمعت ضحكةً خفيفة من رون.
“حسنًا، سأمسكها إذًا.”
شعرت بكفه المليء بالندوب وهو يلامس يدي. ثم بدأت أسير معتمدًة عليه.
و لا أدري كم مشينا، حتى توقف رون أخيرًا.
“لقد وصلنا. يمكنكِ الآن فتح عينيكِ.”
فتحت عيني ببطء وشعرت بأشعة الشمس تتسلل بهدوء. فوقفت ساكنة للحظة حتى أعتاد الضوء، ثم بدأت أنظر حولي.
كنت أظن أن كل شيء سيكون كما كان في المرة الماضية، لكن لم يكن الأمر كذلك تمامًا.
كانت هناك تفاصيل صغيرة مثل إطارات النوافذ أو مقابض الأبواب مختلفةً قليلًا. لكن المظهر العام كان كما تخيلته تمامًا، دون تغيير.
“شكرًا لك. إنه مطابقٌ تمامًا لما كنت أتخيله في رأسي.”
دائمًا، سواءً في الماضي أو الآن، يبدو أنه يفهم ذوقي جيدًا.
فابتسم رون بلطف،
“يشرفني ذلك. كون السيدة إيرفين أُعجبت بالمكان يجعلني سعيدًا للغاية. هل يمكنني اعتبار هذا اليوم ذكرى سنوية؟”
“لا، رجاءً لا تفعل ذلك.”
“حسنًا……إذًا، ماذا عن إقامة تمثال……؟”
ضيّقت عيني وحدّقت به بنظرة حادة. فأخفض رون رأسه بشدة وبدا عليه الحزن.
لكنني حقًا لم أكن أطيق تلك الفكرة.
نظرت من جديد إلى نوكس المكتمل، وارتسمت ابتسامةٌ خفيفة على وجهي.
‘الآن، ستكون هذه بدايةً جديدة.’
***
مرّت بضعة أيام أخرى بعد ذلك.
و من أجل تكريم من ألقى القبض على إيدن الذي كاد يُسبب كارثةً للعالم، وللإشادة بمن أوقف جوزيف ومن معه وهم يخططون للتمرد، وكذلك من أجل منحي لقبًا نبيلًا، أُقيم حفلٌ كبير.
وبفضل براعة الملك، مُنحتُ لقبي بسرعة، ثم وقفت في قاعة الحفل.
أما الرقص، فكما في المرة السابقة، كان من المقرر أن أرقص مع كاين.
“هل سيكون من المقبول أن أرقص معكِ؟”
“يا إلهي. بالطبع، بكل تأكيد. كيف لكَ أن تسأل سؤالًا يُشعرني بالغرابة كهذا؟”
مد كاين يده، فأمسكت بها، وتوجهنا إلى وسط قاعة الحفل. وبعد أن تمركزنا هناك، بدأت الموسيقى تُعزف.
كانت أنغامًا هادئة وناعمة. و كان كاين راقصًا ماهرًا، وعندما تبعت خطواته، بدوت أنا أيضًا وكأنني أرقص بإتقان.
“آنسة، لا……بل يجب أن أناديك من الآن بالكونتيسة الآن، أليس كذلك؟”
“نادني بما يريحكَ، سموّك.”
“كونتيسة، أنتِ حقًا إنسانةٌ قوية. لقد تحملتِ كل تلك الأعباء وحدكِ، لا بد أن الأمر كان صعبًا عليكِ.”
رفعت رأسي ونظرت إليه بابتسامةٍ مشرقة.
“لم أكن وحدي. لقد كنتَ دائمًا إلى جانبي يا سموّك، وكان دانتي أيضًا موجودًا. لقد كان الفضل للجميع.”
كنا نتبادل النظرات حينها.
“كيااااه!”
كما لو كان في انتظار اللحظة، خيّم الظلام من حولنا فجأة. وفي خضم الفوضى، أفلت كاين يدي وابتعد عني.
“إيرفين!”
سمعت صوته في الظلام، لكن لم أستطع تحديد مكانه.
ومع ابتعاده، وصلني صوتٌ منخفض عند أذني.
“مملٌ جدًا.”
ثم حاول صاحب الصوت الابتعاد فورًا. لكني أمسكته بسرعة.
“إذًا فلنخرج معًا. خذني معكَ، أرجوكَ.”
وبمجرد أن رمشت، أصبح كل شيء من حولي مضيئًا فجأة. والمكان الذي كنت أقف فيه مع دانتي الآن هو قمة برج الساعة في القصر الملكي.
“أوه……هذا مخيفٌ جدًا……”
هُووووو-
كان صوت الرياح العاتية يزمجر بشكل مرعب.
ثن اقتادني دانتي بحذر وجعلني أجلس على قمة البرج، و غطاني بسترة كان يرتديها.
وبعد أن مر بعض الوقت، بدأت أعتاد على ارتفاع المكان وشدة الرياح.
“إيرفين.”
داعب صوت دانتي المنخفض أذني.
و حين التفت نحوه، مدّ يده وأعاد ترتيب خصلات شعري التي نثرتها الريح.
“أنا أحبكِ.”
“وأنا أيضًا. أحبكَ. أحبكَ أكثر مما يمكنكَ أن تتخيله.”
فارتسمت ابتسامةٌ ناعمة على شفتي دانتي.
حقًا، كيف بدا هذا الشخص مخيفًا في البداية؟
ربما شعر بأنني أفكر بأمور تافهة، فمدّ يده وضمّ وجنتي بين كفيه. و شعرت بوضوح بحرارة جسده الدافئة.
“لو لم ألتقِ بكِ، لكنت قضيت حياتي حبيسًا في القبو. دون أن أعرف شيئًا عن جمال العالم في الخارج أو روائحه العطرة.”
أخذ نفسًا عميقًا، ثم تابع كلامه.
“أنتِ منقذة حياتي. شكرًا لكِ لأنكِ جئتِ إليّ.”
“هيا، لا تبالغ كثيرًا……”
أخرج دانتي شيئًا ما من جيب السترة التي وضعها عليّ. ثم أمسك يدي بلطف، ولعب بأصابعي، قبل أن يبتسم برضى،
“هلا تتزوجينني؟”
فرفعت يدي. وكان الخاتم الذي ألبسني إياه يلمع تحت ضوء القمر.
كان حجره الجميل يتلون حسب الزاوية ما بين الأصفر الهادئ والأخضر الفاتح.
وبدا أن دانتي، على غير عادته، متوتر قليلًا، فقد شدّ شفتيه وهو يراقبني بعينين مترقبتين.
فاندفعت نحوه ورميت بنفسي عليه.
“طبعًا!”
و عانقته من رقبته وطبعنا قبلة.
حتى القمر، و كأنه يفهم الجو، اختفى خلف الغيوم بهدوء.
___________________
حلوه ذي حتى القمر استحى😭
المهم يجنن دانتي اشوا اقترح الزواج هنا كب في الفصول الاضافية يعني فيه امل نشوف بزران؟ هاهاهاعاهاهااهااعااعاهاهاهااااا
الله يعين كاين😘
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 89"