خرج مستشار كاين من برج السحرة. و ألقى نظرةً جانبية حادّة على البرج وتمتم بشتيمة خافتة.
حالما يعود، سيقدّم تقريرًا مفصلًا إلى سمو الأمير كاين عمّا جرى. و أقسم في نفسه أن يجعل كوينيارديل، والبرج نفسه، يفشلان في كل مخططاتهم.
ثم عاد إلى القصر الملكي وهو يعتمره الغيظ. وبمجرد أن وقف أمام كاين، راح يروي له ما جرى بالتفصيل دون أن يُسقط شيئًا.
“أتدري ما قالته في النهاية يا سمو الأمير؟ قالت إن أردتَ رؤيتها فعليكَ إرسال عربةٍ بنفسكَ! أي وقاحة هذه! لقد كانت متعجرفةً بشكل لا يُحتمل! بل وتتصرف وكأنها تعرف كل شيء عن حالتكَ! لا أستبعد أن تطلب منك مالًا طائلًا……أو حتى كنوز العائلة الملكية!”
وبينما كان يتحدث بانفعال شديد، احمرّ وجهه بالكامل من الغضب. فنظر إليه كاين بهدوء، ثم سأله،
“ومَن تكون هذه الآنسة بالضبط؟”
فردّ المستشار من فوره وقد عاوده الغيظ،
“الآنسة كوينيارديل! إيرفين كوينيارديل، ابنة عائلة كوينيارديل!”
لكن كاين لم يُعر انفعاله أهمية، وسرح قليلًا في التفكير.
‘كوينيارديل، إذًا.’
كان يتذكّر جيدًا أن الكونت كوينيارديل السابق كان رجلًا نذر نفسه من أجل سكان إقليمه. و لم يكن من أولئك النبلاء المتغطرسين، بل كان مقرّبًا من العامة، وفي الوقت ذاته يعرف كيف يخدم القصر الملكي.
وقد التقاه كاين مرة في صغره، وكان يتذكّره كرجل ذكي ولطيف.
وبينما يسترجع ذكراه، ارتسمت على وجه كاين ابتسامةٌ خافتة. فرأى المستشار تلك الابتسامة وكأنما صعق بها داخليًا، وصاح في سره،
‘لا، لا……! يبدو أن سمو الأمير بدأ يهتم بها!’
تلك كانت الابتسامة التي يظهرها كاين كلما راق له شيء.
وبالفعل، نهض كاين من مقعده. فابتلع المستشار ريقه بقلق وهو ينظر إليه بعين مرتابة.
“استعدوا لاستقبال ضيفتنا الكريمة.”
“سموّك! لا يمكنكَ فعل ذلك! الأفضل أن نحاول الحصول عليها من دولة أخرى……”
“وكأن الأمر بهذه السهولة. لسنا نتحدث عن دواء عادي، بل عن مهدّئ يحتوي على مادة منوّمة. إن تسرّب هذا إلى العلن، فسينتهي أمر العائلة الملكية. وأنت أكثر من يعلم أن الشيوخ في المجلس يتربصون بي وينتظرون الفرصة لإزاحتي وتنصيب شقيقي بدلًا مني.”
ما إن أنهى كاين حديثه، حتى مرّر لسانه على شفتيه الجافتين. فمجرد التفكير في ما سيقوله جعله يشعر بالعطش، لأنه لم يكن يُصدق نفسه.
“سأكتب رسالة. عليّ أن أوجّه دعوةً مهذّبة.”
“سموّك!”
“أنا لستُ أصمًّا.”
“لكن، سموّك……”
“لا تقلق. وإن ساءت الأمور، يمكنني دائمًا حبسها.”
رمق كاين مستشاره بنظرةٍ مطمئنة وابتسم ابتسامةً لطيفة، فيما كان من المستشار الا أن يحدّق فيه بقلق بالغ.
كانت ابتسامةً توحي بأن كل شيء بخير……لكنها لم تُطمئن المستشار أبدًا، بل زادت من قلقه.
هلسيقعسموّناالبريءفيشِباكتلكالمرأةالشريرة؟
أما كاين، فكان غارقًا في حماسه، غافلًا عن أفكار مستشاره.
“إيرفين، هل صحيحٌ أنكِ تلقيتِ دعوةً من سموّ الأمير كاين؟”
لماذا عليّ أن أرى وجهه هذا الصباح الباكر؟
أنا أول من فتح الظرف، وبالكاد مرّت ثلاث دقائق منذ أعدتُ الرسالة، فكيف وصلتكَ الأخبار بهذه السرعة؟
“نعم، صحيح. وصلتني الرسالة هذا الصباح. لم يمضِ حتى عشر دقائق، وها أنت قد علمتَ بها واستدعيتني؟”
“هل كنتِ تعرفين سموّ الأمير من قبل؟”
نعم، وحدي فقط.
“لا؟ ربما لمحته مرةً في إحدى الحفلات، بالكاد. حتى أنا لا أعرف لماذا استدعاني.”
رغم أنني أعرف السبب جيدًا.
“سموّ الأمير كاين ليس معروفًا بجديّته، لذا قد يسبب لكِ المتاعب.”
يا للعجرفة. لا تعرف شيئًا عنه، ومع ذلك تتحدّث بهذا الغرور؟
كنت أتذمّر في داخلي، ثم نظرت إلى إيدن ورفعت زاوية شفتي بابتسامة.
“لا خيار لديّ، أليس كذلك؟ بما أن ولي العهد هو من دعاني، فكيف لي أن أرفض؟”
“سأبلغه أنا. سأقول أنكِ لستِ على مايرام ولا تستطيعين الذهاب.”
“لكنني لستُ مريضة، أليس كذلك؟ وإن كُشف كذبكَ، فإن عائلة هايفن ستدفع الثمن غاليًا.”
“سموّه ليس من هذا النوع. فهو لا يملك الجرأة الكافية.”
منذ قليل وهذا الأحمق يتحدث عن كاين وكأنه أبله لا حول له. فشعرتُ فجأةً بغضب يتصاعد في صدري، كمن يسمع أحدًا يُهين صديقًا مقرّبًا له.
وما إن أطلق إيدن تنهيدةً قصيرة وحنَى رأسه، حتى رفعتُ يدي بخفة وفتحت إصبعي الأوسط نحوه.
‘يالكَ منمنحوس. خذهذهبدلًامنالكلام.’
ثم، حين رفع رأسي، أنزلت يدي بسرعة وابتسمت له ابتسامةً مشرقة.
“سأذهب وأعود. متى سأحظى بفرصةٍ لرؤية القصر الملكي؟ لا تقلق كثيرًا، لن يحدث شيءٌ في القصر على أي حال، أليس كذلك؟”
ظلّ إيدن عابسًا، غير راضٍ، لكنه لم يمنعني في النهاية.
“حسنًا، سأطلب تجهيز العربة.”
“لا داعي لذلك. سموّ الأمير تكفّل بالأمر بنفسه. لا يمكنني أن أعيد العربة فارغة، صحيح؟ أظنني إن تأخرت أكثر فسيغضب، لذا سأخرج الآن.”
ثم غادرت مكتبه وأنا أترك خلفي وجهه المتجهم وجبينه المعقود.
***
“ألن تدخلي؟”
كان دانتي، الذي لحق بي في منتصف الطريق داخل العربة، هو من طرح السؤال.
كنت قد أحضرته معي رغمًا عنه تقريبًا، لكن بدأتُ أقلق، ماذا لو وقف في طريقي؟
حسنًا،لايهم. لنيُطردنيأحدٌ علىأيةحال.
دخلنا إلى داخل القصر، وتبعنا دليلًا حتى وصلنا إلى المكان الذي يتواجد فيه كاين.
‘ظننتُ أنه تغيّر، بما أنه لم يأتِ بنفسه إلى برج السحر بل أرسل مستشاره، لكن يبدو أنني كنت مخطئة. فهو لا يزال يُصرّ على أن نلتقي هنا.’
المكان الذي استدعاني إليه كاين لم يتغيّر. إنه ذاك البستان السري الذي اعتاد أن يصطحبني إليه دائمًا.
رغم أننا في أوائل الربيع، إلا أن الجو كان دافئًا بشكل دائم بفضل السحر، وكانت الأزهار المتفتّحة تملأ المكان بألوانها الخلابة.
ومن بين كل تلك الألوان الزاهية، لم يَفُق شيء لمعان خصلات شعره الوردية الناعمة التي وضحت من خلف رأسه.
“آنسة إيرفين كوينيارديل، ومعها ساحر الحماية المرافق، قد وصلا.”
ما إن قيل ذلك، حتى استدار كاين، الذي كان يعتني ببعض الأغصان ويقتطف الأزهار. و حين التقت أعيننا، انحنيت له بتحيةٍ رسمية.
“ألتقي بشمس مملكتنا الصغيرة.”
فابتسم كاين ابتسامةً خفيفة.
كان يبتسم، نعم، لكن ملامحه بدت غريبة……كأنني أراه لأول مرة.
“مرحبًا بقدومكِ. هل كانت الرحلة شاقّة؟”
ثم سألني كاين بأدب بالغ.
هذا التصرف المهذب بدا غريبًا عليه، مختلفًا تمامًا عن طبيعته المرحة المعتادة، ما جعل الموقف مشحونًا ببعض الحرج.
“لا، كانت مريحة. لم أركب عربةً بهذه الفخامة من قبل.”
“يسعدني سماع ذلك.”
بدا أن كاين لا يُعير دانتي أي اهتمام يُذكر.
ثم، بعد أن رفع طرف فمه بابتسامة خفيفة، التفت إليّ،
“قيل لي أنكِ أردتِ رؤيتي.”
“نعم، هذا صحيح.”
“ولماذا؟ إن كنتِ تنوين بيع المهدّئ، كان بإمكانكِ إعطاؤه للمستشار فقط.”
“لأني أملك أمرًا أودّ قوله لكَ يا سموّ الأمير.”
مال كاين برأسه قليلًا بتعجّب، وحدّق بي بنظراتٍ تفيض بالفضول.
“أتيتُ لأقدّم لكَ جرعةً سحرية من صنعي.”
“جرعة سحرية؟ من صنعكِ أنتِ شخصيًا؟”
تفاجأ كاين، إذ لم يكن يعلم أنني ساحرة.
ثم أخرجت الجرعة من حقيبتي وقدّمتها له. عندها، انتفض المستشار الواقف خلفه بخفة.
“هوو، هذا مثيرٌ للاهتمام.”
استلم كاين الجرعة منّي وتأمّلها.
يبدو أنها لم تختلف كثيرًا في مظهرها عن مهدّئات السحرة المعتادة، فقد وضعها على الطاولة بلا اهتمام وسأل،
“هل في جرعتكِ هذه شيءٌ مميز؟”
“أنا أختلف عن السحرة العاديين. لأني أمتلكُ قوى سحرية قديمة.”
“قوى سحرية قديمة؟”
أمال كاين رأسه بتعجّب، وسأل مجددًا،
“أسمع بها للمرة الأولى. ما المقصود بالقوى السحرية القديمة؟”
“القوى السحرية القديمة هي……”
ترددت. كيف أشرح الأمر؟
فنظرت إلى دانتي وكأنني أطلب النجدة بنظراتي. ثم أطلق هو تنهيدةً ثقيلة، و بدأ يشرح،
“القوى السحرية القديمة هي طاقةٌ مذهلة. إنها أنقى وأقوى طاقة سحرية وُجدت منذ بداية العالم. من يمتلكها يستطيع استخدام أي نوع من السحر بمجرد التفكير به، دون الحاجة إلى دوائر سحرية أو طلاسم. في زمننا هذا، نادرًا ما يُولد شخصٌ واحد من بين ملايين السحرة بتلك القوة، و قد لا تراها طوال حياتك، ولا حتى أحفادكَ من بعدك.”
“حقًا؟”
“نعم، إنها قوّةٌ نادرة لدرجة أنكَ قد لا تسمع بها مرة أخرى ما حييت.”
ظهرت علامات الارتباك بوضوح على وجه كاين وهو يستمع إلى دانتي يُسهب في الشرح. أما دانتي، فأنهى حديثه بأن أطلق زفيرًا ساخرًا وعاد إلى وقفته اللامبالية.
“على أي حال، الجرعة المصنوعة من القوى السحرية القديمة أكثر فاعلية من الجرعات السحرية العادية.”
ردّ كاين على كلامي وهو يتكئ على الأريكة وقد شبك ذراعيه،
“وماذا تريدين في المقابل؟”
“عذرًا؟”
“لا بد أن هناك سببًا وراء تقديمكِ شيئًا نادرًا كهذا لي. المال، أو أسرار العائلة الملكية، أو كنزٌ ما مثلاً.”
هل أبدو لك كشخصٍ يطمع في ذلك؟
لكن من نبرة حديثه، بدا واضحًا أن كل تلك الاحتمالات جاءت من عقل مستشاره، لا من كاين نفسه، لا سيما وأن المستشار خلفه كان يومئ برأسه برضا وكأنه يقول، هاقدقلتهاتمامًاكماينبغي.
“لا أريد مالًا، ولا أسرارًا، ولا كنوزًا.”
“إذًا، ماذا تريدين؟”
فابتسمت له بهدوء وأجبت،
“إذا أثبتت هذه الجرعة فاعليتها، فسأزوّدكَ منها بمئات النسخ مدى الحياة، مقابل أن تساعدني في أي وقت أطلب فيه مساعدتكَ.”
فكّرت قليلًا، ثم غيرت رأيي وتحدثت مجددًا،
“لا، انتظر……دعني أُعيد صياغة طلبي.”
“آنسة؟”
كان هناك شيءٌ يزعجني منذ لحظة وصولي، ولم أعد أرغب في تجاهله.
فنظرت إليه و تحدثت بصدق،
“أرجوكَ……كن صديقي.”
كما كنا من قبل.
فقد آلمني كثيرًا أن يعاملني وكأنني مجرد غريبة.
_____________________
صنيه على راسه كود ذكرياته ترجع
حركة ايرفين يوم صبعت ضحكتت😭 ايدن ليته شايفها ابيه ينقهر
يوم ليو قال لازم نعذب ايدن ماجابو التفاصيل كان ابي امزمز عليه😔
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات