كانت يد دانتي الكبيرة تحتضن وجنتيَّ برقة، وشفاهه الملتصقة بشفاهي تتحرك ببطء.
ثم أدرت رأسي قليلًا لأحظى بفرصةٍ للتنفس.
“مـ-مهلًا……”
لكن دانتي لم يسمح لي بأدنى فرصة، وكأنه لا ينوي ترك أي فجوة بيننا، ظل ممسكًا بي بعناد.
و قلبي الذي كان ينبض بجنون وأنفاسي المتسارعة جعلتا يدي ترتجف بشدة، ولم أستطع إلا أن أتشبث بطرف ثوبه.
عندها فقط، دانتي حرر شفتيه. لكن نظراته جعلتني أشيح ببصري عنه دون قصد.
‘لو استمر أكثر من هذا، قد ينفجر قلبي وأموت فعلًا.’
بينما كنت لا أزال أتنفس بلهفة وارتباك، كان دانتي يبدو وكأنه لا يشعر بشيء، هادئًا تمامًا. و راح يلاعب أطراف شعري بلطف وهو يبتسم.
بعد أن هدأت أنفاسي قليلًا، أخذت أتأمله بدقة. ومع نظراتي الثابتة التي لم تحِد عنه، مال دانتي برأسه قليلًا وسأل بصوت منخفض خافت داعب مسامعي،
“لماذا تحدقين بي هكذا؟”
فظللت أحدق به بصمت، ومن دون وعي أجبت،
“لأنكَ جميل.”
عندها اتسعت عيناه بدهشة خفيفة، ثم ابتسم بلطف.
“أنا جميل؟”
في تلك اللحظة، انحنى شكل عينيه بفتنة، جعلني ألتقط أنفاسي من شدة الجاذبية، حتى خُيّل لي أن ذيله يرفرف خلفه.
‘لماذا لم أدرك هذا من قبل……’
شخصٌ بهذا الجمال، شخص ينظر إلي وكأنني أثمن كنوز العالم، لماذا لم أدركه من قبل؟
مددت يدي لألمس وجهه بلطف، و كانت حرارة بشرته التي لامست أطراف أصابعي دافئةً وعذبة، فشعرت بأنها تبعث الطمأنينة في قلبي.
كانت النظرات المتبادلة بيننا كخيوط متشابكة لا نهاية لها. ومن دون أن يسبق أحدنا الآخر، نطقنا في اللحظة ذاتها.
“أحبكَ.”
“هل يمكنني تقبيلكِ؟”
مهلًا……ألم يكن هذا توقيتًا مثاليًا لقول كلمات الحب؟ لماذا بدأ الحديث عن قبلة فجأة؟
“ماذا……؟”
ارتبكتُ وتلعثمت في الرد، وفجأة، أحاطت يد دانتي رقبتي من الخلف برفق.
“أنا……أنا لم أجب بعد……”
لكن دانتي ألصق شفتيه بي من جديد. وعدنا نتبادل القبلات مرات ومرات.
ثم سرعان ما ضحكنا وعبثنا معًا بأحاديث تافهة، ولم نشعر إلا والوقت قد مضى طويلًا.
حينها، اهتز جسدي قليلًا بفعل نسمة باردة مرت من حولي.
و حتى وأنا بين أحضان دانتي، كان للبرد حد لا يمكن احتماله.
“هل تشعرين بالبرد؟”
“نعم……”
“هل تودين العودة إلى البرج؟”
قال دانتي ذلك وهو يواصل معانقتي بقوة، يربّت على ظهري مرارًا بيده الدافئة.
فأخرجت رأسي قليلًا ونظرت إلى الغرفة من حولي.
كان الحطب مشتعلاً في المدفأة، فتبدو الغرفة دافئة بمجرد النظر إليها، لكن كلما وقع بصري على السرير شعرت بالقشعريرة.
فأومأت برأسي ثم انكمشت أكثر داخل حضنه. و ضحك دانتي بخفة، وفجأة وجدنا أنفسنا في مكان آخر.
“هل تشعرين بالبرد الآن؟”
“لا، أنا بخير.”
نهض دانتي بهدوء وسحب غطاءً دافئًا من الزاوية. و بعد أن عطست مرتين بسبب الغبار المتطاير، غطاني دانتي بالغطاء.
“شكرًا……إنه دافئٌ فعلًا.”
رغم أنني شكرتُه، إلا أنني تساءلت في داخلي مندهشة، إذا كان الغبار يخرج بهذا الشكل، فأين كان دانتي ينام طوال هذا الوقت؟
حاولت جاهدةً أن أتجاهل فضولي المفاجئ، وجذبت الغطاء أكثر لأغطي جسدي به.
“ما الذي تنوين فعله الآن؟”
سألني دانتي فجأة وهو يقدّم لي كوب شاي.
أمسكتُ بالكوب بكلتا يديّ، وشعرتُ بالدفء يتسلل إلى أطرافي. ثم ارتشفت رشفةً صغيرة بحذر، وبعد أن بلعتُ الشاي بلطف، أجبتُه،
“لست متأكدةً بعد……لم أفكر بالأمر جيدًا، لكنني أظن أنني لن أتمكن من مغادرة القصر. فإيدن فعل كل شيء ممكن منذ أن غادرتُ القصر في المرة السابقة.”
ومع ذلك، كان هناك أمرٌ يؤرقني، وهو الدائرة السحرية المرسومة بالقرب من السرير.
‘لكن، مع ذلك، يجب أن أحاول قدر ما أستطيع، أليس كذلك؟’
كان دانتي يحدّق بي منتظرًا إجابتي بصبر.
و لم أكن قد وضعت خطةً واضحة بعد، لكنني تمتمتُ بهدوء،
“عليّ الخروج من تلك الغرفة……مهما كلف الأمر.”
***
في اليوم التالي. منذ الصباح الباكر، وجدت نفسي مجبرةً على مواجهة وجه إيدن.
كنت أتناول وجبة الإفطار مع الدوق و الدوقة هايفن، بالإضافة إلى إيدن. و حين رأيته أمامي، شعرت بالغضب والخوف في آنٍ واحد.
و قد كنت في حالة شرود لدرجة أنني لم أكن أعلم إن كنت أتناول الطعام فعلًا أو حتى أمضغه.
‘إنه يثير أعصابي إلى حد الجنون.’
وللأسوأ من ذلك، يبدو أنني قد أصبت بنزلة برد بعد تعرضي للهواء البارد ليلة البارحة. و عندما مسحت أنفي المتحسس، سألتني الدوقة بقلق،
“إيرفين، هل أصبتِ بنزلة برد؟”
فتفاجأتُ بشدة وأسقطت الشوكة من يدي.
“يا إلهي، هل أنتِ بخير، يا عزيزتي؟”
بينما كان الخادم يُسرع لاستبدال الشوكة بأخرى جديدة، لوّحتُ بيدي أمام الدوقة مطمئنةً إياها.
“أنا بخير! لا بأس عليّ.”
لكن فجأة، خطرت ببالي فكرة. ثم تنفستُ ببطء وبصعوبة متعمدة، ثم وضعت ظاهر يدي على جبيني. وتحدثت بأضعف صوت ممكن، متظاهرةً بالوهن،
“آه…..أشعر فجأةً بصداع شديد وكأنني مصابة بالحمى…..وأشعر بالغثيان أيضًا..…”
“يا إلهي! اصعدي فورًا إلى غرفتكِ لترتاحي، سأطلب أن يُرسلوا لكِ طعامًا دافئًا ولينًا يناسب حالتكِ.”
“شكرًا جزيلاً لكِ..…”
وقفتُ من مكاني، متظاهرةً بالترنح والدوار. حينها، ركض إيدن نحوي مذعورًا وأسرع لمساعدتي.
“إيرفين، هل أنتِ بخير؟”
“آه…..شكرًا لك..…”
لم أحتمل لمساته التي كانت تثير اشمئزازي، لكنني كتمت رغبتي في إبعاد يده بعنف، وسمحت له بمساعدتي.
“إيدن، خذ إيرفين إلى غرفتها واعتنِ بها.”
“نعم، سأفعل.”
آه…..لم يكن هناك داعٍ لكل هذا.
لكنني لم أستطع الاعتراض، فاضطررت إلى تقبل مساعدته في صمت. ثم أوصلني إيدن بعناية حتى باب غرفتي.
“اعتني بنفسكِ جيدًا، وإذا احتجتِ شيئًا، قولي لي في أي وقت.”
“نعم، فهمت…..شكرًا.”
ابتسم إيدن بلطف وعاد أدراجه.
لو كان هذا في الماضي، لكنتُ اعتبرت ابتسامته دافئةً ومليئة بالحنان، أما الآن، فقد أصبحت ابتسامته تثير في قلبي الرعب والقلق.
ما الذي يُخفيه خلف هذه الابتسامة اللطيفة؟
“…..عليَّ أن أتمالك نفسي جيدًا.”
قشعر بدني فمسحت جلد الإوزة الذي ظهر علي ودخلت الغرفة.
كان الجو لا يزال بارداً، والنار مشتعلةً في الموقد. حينها، اقتربت من الموقد وأخرجت خمس أو ست قطع من الحطب من المكان المخصص لتخزينه.
و رميت الحطب الذي في حضني دفعةً واحدة في الموقد وانتظرت حتى اشتعل ثم عبثت به بشدة بعود الاشعال.
“هذا يكفي.”
التقطت ملقط الحطب المجاور ورفعت به الحطب المشتعل. ثم تركته يسقط على الأرض.
و حدقت في النار التي انتقلت سريعاً إلى السجادة قبل أن أرمي قطعتين أخريين على الأرض. و امتدت ألسنة اللهب بسرعة لتلتهم أحد أركان الغرفة.
فوقفت بعيداً أراقب حتى امتدت النيران قدر الإمكان داخل الغرفة.
‘هكذا يجب أن يكون.’
أخذت نفساً عميقاً وصرخت بأعلى صوتي.
“آآآه! حريق! أنقذوني!”
كان الموقد قريباً من الباب، فلم أستطع الخروج وحدي أبداً. فصرخت عدة مرات أخرى حتى بدأ الناس يتوافدون واحداً تلو الآخر.
“آنسة إيرفين! هل أنت بخير؟”
“أنقذوني!”
سوف أموت حقاً هكذا!
لم يجرؤ أحدٌ على الدخول بسهولة بسبب النيران التي انتشرت أسرع مما توقعت. فهربت متفادية اللهب قدر الإمكان حتى فتحت الشرفة وخرجت إلى الخارج.
لم أكن أنوي أن يصل الأمر إلى هذا الحد، لكن اتضح أنه كان أكثر فعالية.
“إيرفين!”
سمعت صوت إيدن من الأسفل. وألقيت نظرةً خفيفة إلى أسفل فوجدته واقفاً وذراعيه ممدودتان.
“اقفزي!”
“ماذا؟!”
هل جنّ هذا؟
لكن لم يكن هناك حل آخر. ومع ذلك، لم أكن لأقفز إلى إيدن حتى لو مت.
نظرت سريعاً إلى الناس المتجمعين في الأسفل وحددت هدفي.
“سأ…..سأقفز الآن!”
ثم أغمضت عيني بإحكام وألقيت بجسدي متظاهرةً بأنها زلة، متجهة نحو فارس الدوقية.
“آنسة!”
“إيرفين!”
هبطت بخفة. ولحسن الحظ، أمسك بي الفارس بأمان.
إلا أنه بدا في غاية الذهول حتى فُتحت كل ملامح وجهه عن آخرها.
“شكراً لكَ.”
وحينها فقط بدا وكأنه استعاد وعيه، فسألني،
“…..هل أنتِ بخير يا آنستي؟”
ثم أنزلني الفارس بحذر على الأرض. بينما ارتعش جسدي من شدة إحساسي الذي بقي عالقاً وكأنني ما زلت معلقَةً في الهواء.
هرع إيدن والخدم نحوي بسرعة ليتفقدوا حالي.
“آه، آنسة! حقاً، كيف حصل هذا..…؟”
قالت لي ليج ذلك، التي عاشت معي في قصر الدوقية، وهي على وشك البكاء. فأظهرتُ لها ابتسامةً متعبة وكأنني أتماسك بصعوبة.
“لقد أخفتكِ كثيراً، أليس كذلك؟”
“وهل هذا وقت المزاح؟ قلبي سقط للتو واضطررت للبحث عنه وإعادته، يا إلهي!”
عندها تحدث إيدن بصوتِ بارد.
“إيرفين، ماذا حصل بالضبط؟”
حين سألني بهذه الطريقة، شعرت تماماً بازدواجيته. فواصلت تمثيل دوري كفتاة ضعيفة وساذجة وأجبته.
“الأمر هو..…”
“لست غاضباً، فتحدثي براحتكِ.”
“حين دخلت الغرفة كان الجو بارداً جداً، فحاولت إشعال النار أكثر…..ويبدو أنني أخطأت.”
فزفر إيدن زفرةً طويلة.
“كان بإمكانكِ أن تناديني مجدداً أو تطلبي من أي أحد آخر. ماذا كنت ستفعلين لو أصابكِ مكروه؟”
“ظننت أنني أستطيع فعلها بنفسي..…”
قلت ذلك بصوت متهدج مليءٍ بالدموع قدر المستطاع.
فبدت على إيدن علامات الارتباك قبل أن يربت على كتفي.
“على الأقل لم تصابي بأذى، وهذا هو المهم. انتبهي في المرة القادمة.”
“حسناً. شكراً لكَ.”
وما إن أنهينا حديثنا حتى قاطعنا كبير الخدم.
“لقد تمكنا من السيطرة على الحريق إلى حد ما، لكن يبدو أنه من الصعب استخدام تلك الغرفة في الوقت الحالي. ماذا تأمرون؟”
فأصدر إيدن صوت نقر خفيف بلسانه لم يلاحظه أحد سواي، التي تعرف وجهه الآخر، ثم أجاب.
“جهزوا غرفةً أخرى لها.”
___________________
هي كانت تبي غرفه ثانيه😭😭😭
بداية الفصل تجننن هي ودانتي مع بعض اخيرا كم هرمنا😭😭😭😭🤏🏻
يوم قالت له انت جميل شكلها عجت معها مفروض تقول وسيم وش جميل
بس عادي معذوره توها قلبو 🫂
المهم ماقالت انها خذت ذكريات لحظة موىًها بس شكلها تتذكر انها فطست بسبة الدايرة تحت السرير
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 80"