كان متجر نوكس يشهد ازدهارًا كبيرًا منذ عدة أيام. وبات الناس يأتون إليه حتى من مناطق أخرى بين الحين والآخر.
حتى أنني بدأت أتمنى في داخلي أن أستعيد الهدوء الذي كنت أتمتع به في الماضي.
لم تَلقَ الأدوية العادية فقط رواجًا، بل حتى الجرعات السحرية ذات الأسعار المعقولة لاقت حبًا كبيرًا من الزبائن.
لكن لا تزال هناك حدودٌ في صنع الجرعات السحرية. فكمية القوة السحرية التي يمكن تخزينها في دائرة التشغيل محدودة، مما يحد من كمية الجرعات التي يمكن إنتاجها.
وعندما سألت دانتي عما إذا كان هناك حل، قال أن علي أن أتعلم السحر وأتقن التعامل مع الطاقة السحرية.
كان يبدو متحمسًا وهو يقول ذلك، مما أثار شكوكي قليلًا، لكنني اكتفيت بهز رأسي موافقة.
وهكذا، قررنا أن نغلق المتجر اليوم لأتعلم السحر من جديد بعد انقطاع طويل.
“بما أن السيد الساحر العظيم سيأتي اليوم، ما رأيكِ بهذا الفستان الوردي؟”
قالت ليج ذلك بابتسامةٍ وهي ترفع فستانًا مزينًا بالزهور أمامي لتقيسه عليّ.
يبدو أنها متحمسة هكذا لأنها تظن أنني سأخرج في موعد مع دانتي، لا لأنني سأتعلم السحر منه.
كنت أعلم أنه يجب أن أخبرها بالحقيقة يومًا ما، لكن شعرت أن هذا اليوم ليس الآن.
“أظن أن هذا الفستان غير مريحٍ للبسه وأنا مع السيد دانتي.”
“أوه، لماذا؟! لا يوجد فستانٌ يليق بكِ أكثر من هذا! اللون ينسجم تمامًا مع عينيكِ المتلألئتين، والتفاصيل الراقية تجعله كأنه مصممٌ خصيصًا لكِ!”
قالت ليج ذلك بعينين لامعتين، مما جعلني أشعر بالحرج فأبعدت نظري عنها.
“أمم……لا، ربما يتمزق أو يتسخ بلا داعٍ……أوه، هذا جيد. سأرتدي هذا.”
وبينما أتصفح الخزانة، سحبت البنطال الوحيد الموجود فيها.
كان من نوع الملابس التي أرتديها عادةً عند ركوب الخيل، لكنه بدا مناسبًا تمامًا لهذه المناسبة.
عندها ارتسمت على وجه ليج ابتسامة ماكرة وبدأت توخز خصري بمرفقها.
“ملابسكِ ستتسخ و تتمزّق؟ ما الذي ستفعلانه ليحصل ذلك؟ هاه؟”
بالطبع فقد استعدُّ لاحتمال فشل السحر. و ليج التي لم تكن تعرف خطتي الكبيرة استمرت في وخزي.
“أيوه، سيدتنا هذه أيضًا……لديها جانبٌ ماكر، أليس كذلك؟”
“ما الذي تقولينه بحقكِ؟ وأي تفكيرٍ هذا؟”
قهقهت بازدراء ثم ضربتُ ليج بخفة. لكن ليجهً فجأة أصبحت جادةً قليلًا وبدأت بالكلام.
“سيدتي، بدلاً من هذا المزاح، أليس من المفترض أن تبدئي بالبحث عن شريكٍ للزواج؟”
“هاه؟”
ولِمَ تتحدث عن هذا بينما أبدل ملابسي؟
توقفت عن ارتداء البنطال ونظرت إليها بدهشةٍ وأنا واقفةٌ كالبلهاء.
“بما أن الكونتيسة مشغولةٌ في عملها إلى هذا الحد، لم أشأ أن أقول شيئًا……لكن سمعت أن هناك عدة أشخاص يرغبون في إرسال طلبات زواج.”
“هاه؟”
هذه أول مرةٍ أسمع بهذا الكلام!
توقفت عن إدخال رأسي في القميص وحدّقت بها بحدة. فهزت ليج كتفيها وأكملت.
“يبدو أن رئيس الخدم كان يتهرب بلباقةٍ حتى الآن، لكن هذا لن ينجح بعد الآن.”
“لم أكن أعلم شيئًا عن هذا.”
“لقد أراد أن يخبركِ عدة مرات، لكنكِ كنت مشغولةً جدًا طوال الفترة الماضية، فلم تتح له الفرصة للحديث.”
والآن بعد أن فكّرت في الأمر، أذكر أن كبير الخدم كان يبدو وكأنه يريد قول شيء عندما كان يحضر لي الأعمال أو أثناء الوجبات، لكنه يتراجع دائمًا.
غصت في أفكاري لحظة، ثم أدخلت ذراعي في كم القميص ورتبت ملابسي.
“فهمت. لا بد أن الأمر كان صعبًا عليه أيضًا. هل يمكنكِ إبلاغه بأن يسلم لي مباشرةً أي طلبات زواج تصل لاحقًا؟”
كانت ليج تخرج فستانًا ورديًا من الخزانة، لكنها شهقت بدهشة،
“حقًا! أتمزحين؟”
ثم أعادتها إلى الخزانة بخفة وابتسمت بابتسامةً محرجة.
اقتربت مني بخفة كمن يطير على أطراف قدميه، وأخذت تدندن وهي ترفع شعري وتجدله.
هل أسعدها الأمر إلى هذا الحد؟
‘على أي حال، سأرفضهم جميعًا.’
***
كنت قد جهزت غرفةً وجعلتها تشبه المختبر لأتمكن من دراسة الأدوية وتحضيرها.
وبما أن أعمال الترميم كانت قد انتهت مؤخرًا، فقد أحضرت دانتي إلى الغرفة.
أحضرت ليج الشاي على طاولةٍ صغيرة ثم انحنت تحيةً،
“إذاً أتمنى لكما وقتًا حارًا وجميلًا.”
“ليج!”
ضحكت ليج ضحكةً عريضة ثم اختفت وكأنها لم تكن.
‘حقًا، تصرفاتها هذه الأيام لا تُصدق.’
شعرت بالإحراج من مزحة ليج، فتناولت فنجان الشاي بسرعه.
“آخ، ساخن!”
نفخت عليه قليلاً، لكنه كان لا يزال حارًا فأحسست بلساني يحترق.
فجربت أن أبرّد لساني بيدي، وحرّكت الشاي بملعقة الشاي المعدنية التي كانت أبرد نسبيًا، لكن البخار ما زال يتصاعد.
أما دانتي، فبقي جالسًا دون أي ردة فعل، وكأنه لا يشعر بشيء.
‘أشعر أنني وحدي من يتصرف كالحمقاء.’
تنهدت تنهيدةً خفيفة ثم وقفت من مكاني. و وضعت الأعشاب الطبية في القدر الكبير الموضوع في زاوية الغرفة وبدأت بتحريكها بمغرفة خشبية.
عندها سمعت صوت دانتي، وقد اقترب مني دون أن أشعر.
“ما نوع الدواء الذي تصنعينه الآن؟”
“دواءٌ خافض للحرارة، لقد نفذ تمامًا مؤخرًا.”
كان دانتي يراقبني وأنا أحرّك القدر بهدوء، ثم تحدث فجأة،
“يبدو مختلفًا قليلًا عن الخافضات التي كنتِ تصنعينها عادة.”
فنظرت إليه بدهشة.
“نعم! صحيح، كيف عرفت؟”
لكن دانتي لم يُظهر أي انفعال، وكأن الأمر طبيعيٌ تمامًا بالنسبة له.
“لقد أضفتِ خشب الماء الشوكي.”
“واو! حقًا لا يوجد شيءٌ لا تعرفه! كيف عرفتَ؟ المكونات كلها أضفتها منذ البداية، لا يمكن أن تكون رأيتها.”
“وصفة خافض الحرارة التي كنتِ تصنعينها كانت شبه مثالية من قبل، فلا يوجد الكثير مما يمكن إضافته. إلى جانب ذلك، خشب الماء الشوكي يطلق رائحته المميزة بقوة عند تعرّضه للحرارة.”
“هاه، كنت أظن أن هناك رائحةً غريبة تنبعث باستمرار، فاتضح أن السبب هو هذه المكونات. همم، بهذا الشكل لا يمكن بيع الدواء.”
قطبت أنفي من رائحةٍ لاذعة يصعب وصفها كانت تلسع أنفي. فنظر دانتي إليّ من الأعلا بهدوء،
“في هذه الحالة، جربي إضافة أوراق السيريل.”
“آه! لم أكن أعلم أن هناك طريقةً كهذه!”
السيريل نبتةٌ لا تُستخدم إلا لنشر رائحةٍ عطرة حلوة، ولا فائدة أخرى لها تقريبًا.
لكن رائحتها رائعةٌ جدًا، لذا تُستخدم كثيرًا في الحلويات.
ولحسن الحظ، كان لدي بعض السيريل المجفف، فأضفته على الفور. وعندها تلاشت رائحة خشب الماء الشوكي التي كانت تزعجني.
“شكرًا جزيلًا، أيها الساحر! بفضلكَ عرفت شيئًا مفيدًا! في كتب الأعشاب لم يُذكر سوى التحذير من الرائحة، دون أي طريقةٍ للتعامل معها.”
“يسعدني أن أكون قد أفدتكِ.”
ابتسمت برضى ثم أطفأت النار تحت القدر. و وقفت أمام الطاولة في وسط الغرفة.
“هل نجرب الآن بعض تدريبات السحر؟”
“هل ترغبين بذلك؟”
ابتسم دانتي واقترب مني. ثم وقف خلفي وأمسك يدي بكلتا يديه الكبيرتين، وصوته همس في أذني،
“سأتداخل مع قوة إيرفين السحرية باستخدام سحري، قد يكون الأمر مرهقًا قليلًا، لكن تحمّلي للحظة فقط.”
كلماته أعادت إلى ذهني المرة السابقة التي كانت مؤلمة. و بدأ رأسي يؤلمني منذ الآن، فأغمضت عيني بشدة وأومأت برأسي.
ثم تنفس دانتي بانتظام ثم أطلق طاقته السحرية. فتدفقت طاقته السحرية من راحة يده إلى يدي المتشابكتين، ثم تسللت إلى داخل جسدي.
وهكذا، سحبت طاقة دانتي السحرية طاقتي السحرية من أعماقي. فأحسست بالغثيان وبدأ رأسي يؤلمني.
“لا بأس، حتى لو كان الأمر مؤلمًا، عليكِ أن تحفظي هذا الإحساس.”
على صوت دانتي، عضضت على أسناني.
كنت أعلم أن هذه الطريقة أسهل لفهم الأمور من الشرح بالكلام. لكن الشعور بأن أحدًا يغرس شيئًا في داخلي عنوةً ليقول: “هكذا يجب أن يكون” لن أعتاد عليه مهما تكرر.
بعد لحظات، سحب دانتي طاقته السحرية.
“هل يمكنكِ استخدام هذه الكمية فقط من السحر؟”
هززت رأسي بصعوبة على وقع صوته الذي ظل يتردد في أذني. فالدوار لم يهدأ بعد، لكن لا يمكنني أن أضيع هذا الإحساس الآن.
و بما أن دانتي خلفي، فسيمسك بي إن سقطت.
استحضرت الطاقة التي كان دانتي قد حددها لي للتو، وبدأت بتفعيلها.
“آخ……الأمر أصعب مما توقعت……”
لم تكن آلام الرأس والغثيان قد اختفت تمامًا، لذا كان من الصعب الاحتمال.
في النهاية، تهاويت وساقاي لم تعد تقويان على حملي. فحاول دانتي الإمساك بي وأنا أتهاوى، و سقط هو أيضًا معي.
وعندما سقط، اصطدم كتفه بالطاولة، و سقطت الكتب من عليها وانتشر صوت ارتطامها العالي في الغرفة.
رغم ذلك، ظل دانتي يحيطني بذراعيه وسألني،
“هل أنتِ بخير؟ هل أصبتِ بشيء……؟”
“أنا بخير تمامًا. وأنتَ، أيها الساحر……آه! انظر إلى هذا!”
كانت طاقتي السحرية تتلألأ فوق راحة يدي. وقد أصبحت بالفعل أكبر حجمًا مما كانت عليه في السابق. فأريته إياها وأنا أبتسم بسعادة.
“لقد نجحت!”
فمد دانتي يده وكأنه يحاول الإحساس بالسحر،
“أحسنتِ فعلًا.”
***
في اليوم التالي، جاء كبير الخدم حاملاً طلبات الزواج.
“من هؤلاء؟”
أجاب كبير الخدم بينما كان يتفحص ثلاث رسائل أمامه،
“وريث عائلة الكونت بارتلاند، السيد سورين بارتلاند، والابن الثاني لعائلة الفيكونت إيريكس، السيد بين إيريكس، وأخيرًا، ماركيز كاشيون ديفونت من عائلة الماركيز ديفونت.”
كاشيون ديفونت؟! هذا اسمٌ ورد في القصة الأصلية!
كانت عائلة الماركيز ديفونت تحرس أطراف المملكة.
ولم يقتصر دورهم على ذلك، بل كانوا يشكّلون فرقًا استكشافية قوية من الفرسان والمرتزقة لمحاربة الوحوش والتنانين. و في القصة الأصلية، استعارت البطلة فرقةً استكشافية من هذه العائلة لأنها كانت بحاجة للعثور على شيء داخل عش تنين.
كنت أشعر ببعض الفضول تجاه شخصية ظهرت في القصة الأصلية، لكني لوّحت بيدي تجاه كبير الخدم.
“ارفضهم جميعًا.”
رد كبير الخدم بنبرةٍ مترددة، وكأنه في موقف محرج،
“عذرًا؟ لكن……نعم، حاضر. ماذا أكتب في خطاب الرفض؟”
“همم، لا أدري. فقط قل أن الوقت غير مناسبٍ للزواج حاليًا.”
كتب كبير الخدم الملاحظة كما هي في دفتره. وأثناء نظري إلى طرف قلمه وهو يكتب، خطر في بالي أمر جيد.
“آه، لا. بدلًا من ذلك، غيّرها إلى شيء آخر.”
نظرت إلى كبير الخدم، الذي بدت عليه علامات الفضول، وابتسمت،
“قل أنهم لا يناسبون ذوقي. خاصةً من ناحية الشكل.”
حتى تنتشر هذه الشائعة، فلا يرسل أحدٌ بعد الآن طلب زواجٍ آخر.
____________________
ثم ايدن بيجيه جنون البقر ويحسب انه المقصود؟
المهم دانتي تغير✨
اول الفصول وخر عين ايرفين يوم بغت تطيح الحين مسكها ✨
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 54"