حين حدقت فيه مطولًا، اكتفى دانتي بهز كتفيه وهو يصرف نظره بعيدًا.
هززت رأسي بخفة مستنكرةً على رد فعله الباهت، ثم تابعت خطواتي إلى الداخل.
و ما إن دخلت حتى شعرت بجوٍ غريب يملأ المكان.
كنت أظن أنني بدأت أعتاد غرفتي في قصر كوينيارديل خلال الأيام الماضية، لكن لمجرد وجود دانتي، عاد كل شيء ليبدو كأول يومٍ لي هنا.
كانت هالته غريبةً إلى درجة جعلتني غير قادرة على صرف بصري عنه. وعندما انتبه دانتي لنظراتي، بادرني بالسؤال،
“هل هناك ما يشغلكِ؟”
“نعم؟ آه…..لا، فقط…..شعرت بشيءٍ غريب.”
“وما الذي شعرتِ أنه غريب؟”
“هممم، كل شيء؟”
وجود دانتي المفاجئ في القصر، والغرفة التي باتت تبدو وكأنها مكان مختلف تمامًا، كل شيء بدا غريبًا وغير مألوف.
ومع ذلك، لم يُعلّق على إجابتي المبهمة، واكتفى بهز رأسه بهدوء.
ربما لأنني اعتدت أن أراه دومًا في القبو المظلم لبرج السحر، بات كل ما يتعلق به يبدو غريبًا في هذا الضوء.
لطالما اعتقدت أنه طويل البنية، لكن ربما بسبب الظلال لم أكن أعي كم كان جسده ضخمًا في الحقيقة.
ولم يكن ذلك وحده.
حتى صوته المنخفض الذي انتشر في المكان دون صدى، وعيناه الصافيتان اللامعتان، وشعره الذي يلمع تحت أشعة الشمس…..
كل تفصيلةٍ صغيرة فيه بدت لي جديدةً وغريبة.
‘كنت أظن أنني أصبحت معتادةً على دانتي بسبب لقاءاتنا المتكررة، لكن يبدو أنني كنت مخطئة.’
أما هو، فكان يقرأ كتابه بوجه هادئ وتعبير يدل على اهتمامه، وكأن لا شيء غريبٍ يحدث.
شعرت بالحرج، وتملكني شيءٌ من الضيق وكأنني الوحيدة التي تمر بهذه المشاعر.
فخطفْتُ منه الكتاب الذي كان يقرأه بانفعال، فنظر إليّ بدهشة وكأنه يسأل: “لماذا أخذتِه؟”
“أنتَ لم تأتِ إلى هنا لتقرأ كتابًا، صحيح؟”
أطلق دانتي تنهيدةً قصيرة، ثم استدار ليواجهني. فاهتز كتفي من تلقاء نفسه من التوتر الذي شعرت به فجأة.
وحاولت أن أبدو طبيعية وأنا أسأله،
“لماذا أتيتَ إلى هنا أصلًا؟”
“ألم أخبركِ من قبل؟ أن طاقتكِ السحرية كانت مضطربةً للغاية. ثم أيضًا..…”
قطّب حاجبيه وكأنه سيقول شيئًا في غاية الصعوبة، لكنه لم يُكمل، بل ابتلع كلماته في منتصف الجملة بطريقةٍ غير معتادة منه.
حدّقت في شفتيه بترقب، في انتظار أن يُكمل ما بدأه،
لكن رغم مرور الوقت، لم ينطق بشيء.
فضِقتُ ذرعًا بذلك الصمت، و بادرته أنا،
“كنتَ تتساءل إن كنتُ بخير، أليس كذلك؟”
“نعم.”
كادت نبرته المترددة تُثير ضيقي، لكن مجرد إقراره بالأمر فجأة جعل أطراف شفتي ترتجف وكأنها توشك على الابتسام.
‘لم تمر سوى أيامٍ قليلة، فهل افتقدني حقًا لدرجة أن أُصبح مصدر قلقٍ له؟ ما هذا؟’
في الواقع، دانتي لم يقل أبدًا أنه كان قلقًا عليّ، لكن رغم ذلك، شعرت بثقةٍ غريبة وسعادة ترتفع في صدري.
ثم خطرت لي فكرة فجأة،
‘هل كنتُ أرغب في سماع تلك الجملة منه؟’
لماذا؟
حسنًا…..آه، أجل، ربما لأنني لست معتادةً على أن يقلق عليّ أحد.
في الحيوات السابقة، بالكاد كان عدد من اهتمّ لأمري يُعدّ على أصابع اليد الواحدة. فربما لذلك شعرتُ هكذا.
والآن بعد أن تذكرت هذا، بدأت أشعر بالشفقة على نفسي.
يجب أن أتوقف عن التفكير هكذا.
“على أي حال، هل حدث خللٌ في طاقتي السحرية؟”
“ليس خللًا، فقط أصبحت غير مستقرة.”
“لأنني لم أستخدم السحر مؤخرًا؟ أو ربما أُصبتُ بضرر صحي؟”
كنت قلقةً من أن تراكم الطاقة في داخلي قد يتسبب في مشكلة ما، خصوصًا أنني شعرت بخفةٍ غريبة بعد أن أطلقت العنان لسحري في المحكمة ضد جوزيف، فغفلت عن أهمية استخدام السحر بانتظام.
نظرت إليه بقلقٍ وقبضت كفي.
“ليس كذلك. على الأرجح، لأنكِ لم تحصلي على قسط كافٍ من الراحة.”
زفرتُ بارتياح حين سمعت جوابه.
‘لقد نلتُ هذه الحياة بشق الأنفس…..لا يمكنني أن أخسرها بهذه السهولة.’
وبينما أنهى كلامه، بدأ دانتي يبحث في ثيابه، ثم أخرج شيئًا وقدّمه لي.
نظرتُ إلى يده الكبيرة، فرأيت غطاء زجاجةٍ صغيرة يبرز منها.
تسلّمت الزجاجة بتردد، وكان السائل الوردي الفاتح يتماوج بداخلها برقة.
وأثناء تدقيقي بها بنظرات فضولية، أضاف دانتي،
“إذا شربتها، ستخفّف عنكِ التعب إلى حدّ ما.”
“…..لا تقل لي أنكَ أنتَ من صنعتها؟”
“نعم.”
يا للدهشة! إن كان هذا الإكسير من صنع ساحر عظيم سيصبح سيد برج السحر، فلا بد أنه نادرٌ وثمين للغاية!
لو كان ساحراً مبتدئ مثل كايدن من صنعه، لكان شربه مدعاةً للشكر، فكيف وهو من صنع دانتي نفسه؟
‘يمكنني بيعه بثمنٍ باهظ، أليس كذلك..…؟’
وكأنه التقط نيّتي المشبوهة، تحدث دانتي بسرعه،
“ألن تشربيها؟ أودّ التأكد مما إذا كانت هناك استجابةٌ فورية.”
تحت نظراته اللامعة، لم يكن أمامي خيارٌ سوى فتح الغطاء.
رغم أن لون السائل بدا حلواً وجذاباً، فإن رائحته كانت قويةً لدرجة أن أنفي انكمش تلقائياً.
كانت رائحةً مألوفة، لكنني لم أتمكن من تذكّرها فوراً.
قربت الزجاجة من أنفي واستنشقتها جيداً.
‘رائحة معروفة جداً…..لكن أين شممتها؟’
وفجأة، ومضةٌ من الإدراك ضربتني.
‘دواء الأعشاب! رائحتها مثل دواء الأعشاب تماماً!’
كانت رائحة الأعشاب الطبية التي استخدمتها في حياتي الأولى واضحةً تمامًا.
لم أكن أحب المذاق المر. و دون أن أشعر، تخيلت الطعم اللاذع فتجعدت ملامحي تلقائيًا.
لكنني تظاهرت بعدم الاكتراث وابتلعت رشفةً تحت نظرات دانتي المتحمسة التي كانت تنظر إليّ.
خلافًا للرائحة، اتسعت عيناي من الطعم الحلو الذي ملأ فمي.
‘طعمه لذيذ!’
وعندما أنهيت شرب الزجاجة دفعةً واحدة، ابتسم دانتي برضا.
كان التأثير واضحًا. لجسدي المتعب من قلة النوم لأيام بدأ يشعر بالاسترخاء فورًا.
وفوق ذلك، كان الطعم ألذ مما توقعت. كأنه يحتوي على نكهة تفاح قليلًا.
“ليس سيئًا أبدًا.”
وبينما كنت أستمتع بالحلاوة المتبقية على طرف لساني، تحدث إليّ دانتي،
“من حسن الحظ أن له تأثيرًا. تبدين أفضل بكثيرٍ الآن.”
“شكرًا لكَ. أشعر أن جسدي أصبح أخف كثيرًا بفضلكَ.”
“حتى لو كنتِ مشغولة، عليكِ أن تحاولي استخدام القوة السحرية. إن لم تتدربي، قد تنسين الطريقة دون أن تشعري.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 26"
دلبوسييييييييييي
يضحكك طول الرواية وانا اضحك عليهم