كان ذلك في الليلة الرابعة منذ لقائي مع كاين في برج السحر.
قريبًا، سيقوم أحد أتباع كاين بمراقبة اللقاء بين جوزيف والمتمردين. وسينقل ذلك إلى كاين. وربما، قد يكون كل شيءٍ قد انتهى بالفعل.
بمجرّد أن خطرت لي هذه الفكرة، لم أستطع النوم، رغم أنني كنت عائدةً لتوي من درس سحرٍ مع دانتي.
لكن جسدي كان مثقلًا بالإرهاق وخاملًا من التعب.
“هل سيتحسن مزاجي لو شربت كوبًا من الحليب الدافئ؟”
تمتمتُ بلحنٍ خافت بينما كنت أتجه نحو المطبخ.
وللوصول من الجناح الغربي حيث غرفتي إلى المنتصف، كان لا بدّ من المرور بالممر في الطابق الأول. وكما هو معتاد، نزلت إلى الطابق الأول واتجهت نحو المدخل الرئيسي، حين ناداني إيدن.
“إيرفين، إلى أين أنتِ ذاهبة؟”
“يا إلهي، أفزعتني! لم أستطع النوم، فقلت أذهب لأشرب بعض الحليب. وأنتَ؟ هل عدت لتوك؟”
“أجل، وصلت الآن فقط.”
أجابني إيدن بابتسامةٍ خافتة.
لم أعلم من أين عاد، لكن بدا عليه الإرهاق الشديد.
“يجب أن تدخل وترتاح فورًا، أنتَ تبدو مرهقًا جدًا.”
“حقًا؟ ربما لأني عدت من القصر الملكي.”
“استدعوكَ مجددًا؟ يبدو أن وراثة الدوقية أمرٌ شاق فعلًا.”
“قلتِ أنك ذاهبة لتشربي الحليب، أليس كذلك؟ دعيني أرافقكِ.”
لوّحت بيدي نافية، وأنا أنظر إلى إيدن الذي ابتسم بعينين نصف مغلقتين من التعب.
“لا، لا داعي! يمكنني الذهاب وحدي. أنت ادخل غرفتكَ بسرعة لترتاح. وإن كنتَ بحاجة لشيء، فسأطلبه لكَ من المطبخ.”
“حقًا؟ إن فعلتِ ذلك فسأكون ممتنًا.”
“لا بأي أنتَ صديقي، ارتح جيدًا.”
كنت متعبةً أيضًا، لذا أنهيت الحديث بسرعة لأتخلّص منه بلطف.
لوّح بيده بخفّة واستدار مبتسمًا، ثم فجأة،
“آه، صحيح. إيرفين.”
“هم؟ ماذا هناك؟”
استدرت نحوه نصف دورة ونظرت إليه.
إيدن أدار جسده ببطء باتجاهي وأمال رأسه قليلًا.
“هل زرتِ قصر كويْنياردل مؤخرًا؟”
كان سؤالًا مفاجئًا. فقطعت على نفسي الصدمة بأن عضضتُ بلطف لحم خدي من الداخل.
ثم أجبت إيدن متظاهرةً بالهدوء.
“عندما تحدثتُ معكَ ومع سيدي الدوق في ذلك الوقت. زرتُه وقتها. لماذا تسأل؟”
“ومنذ ذلك الحين لم تزوريه، أليس كذلك؟”
“صحيح. ولو كنتُ قد ذهبت، ألن تكون أنتَ أول من يعلم؟”
“صحيح…..هذا منطقي.”
هزّ إيدن رأسه بابتسامةٍ خفيفة.
“لكن لماذا تسأل فجأة عن ذلك؟ هل حصل شيء؟”
هل من الممكن أن يكون جوزيف والمتمردون قد أُلقي القبض عليهم بالفعل؟
هل هذا هو سبب وجود إيدن في القصر الملكي حتى هذه الساعة؟ وإلا، فلا سبب لذكر قصر كويْنياردل فجأة من فمه، أليس كذلك؟
كانت أفكاري تدور بسرعة وباضطراب، لكنني لم أُظهر شيئًا.
“في الواقع..…”
بدأ إيدن يتحدث بتردد، على غير عادته، وكان يراقب ملامحي. و شعرت بتوتر غامض، فتنفست ببطء.
“لم أرد إخباركِ حتى لا تقلقي، لكن يبدو أن هناك وباءً انتشر في أراضي الكونت.”
“ماذا؟ وباء؟ منذ متى؟”
لو كان هناك وباءٌ فعلًا، لا يمكن أن يخفى عليّ. خصوصًا أننا نقترب من بداية أحداث القصة الأصلية، فلا بدّ أنه ذُكر على الأقل.
هذا التطور غير المتوقع جعل رأسي يدور من الذهول.
“يبدو أنه بدأ مؤخرًا. حتى أنا لم أعرف إلا اليوم. لذلك أردت أن أقول لكِ ألا تذهبي إلى هناك، لأنه أمرٌ خطر.”
“فهمت…..شكرًا لكَ. سأكون حذرة.”
“جيد. ارتاحي جيدًا، إيرفين.”
“أنتَ أيضًا.”
ومع كل خطوة كان إيدن يخطوها، كانت خصلات شعره الناعمة تتلألأ كخيوط عنكبوتٍ رقيقة.
وقفتُ شاردة حتى اختفى إيدن عن ناظري تمامًا، ثم تمتمتُ،
“وباء، إذًا..…”
أول ما خطر ببالي عند سماع كلمات إيدن هو: “هل يا ترى ما قاله صحيحٌ فعلًا؟”
لم يكن هناك سببٌ يجعله يكذب، كما أنه ليس من ذلك النوع أصلًا، لذا لا بدّ أن كلامه صادق، ومع ذلك ساورتني الشكوك.
‘هل اخترع ذلك ليمنعني من الذهاب إلى قصر كويْنياردل؟’
لكن إيدن يعرف جيدًا كم تعني لي أراضي كويْنياردل، ولو كان يعلم مقدار محبّتي لها، فلا أعتقد أنه سيلجأ إلى كذبةٍ كهذه.
شعرت بألم مفاجئ في رأسي بعد فترة طويلة من الراحة.
لو كان هناك وباءٌ فعلًا، فهناك الكثير مما يجب الاستعداد له.
زفرت زفرةً ساخنة، ثم بدأت أسير.
***
بعد أن شربت كوبًا من الحليب الدافئ، بدأ الدفء ينتشر في أعماقي، وجعلني أشعر بالنعاس.
كنت قد طلبت مسبقًا من إحدى الخادمات أن تشعل الشموع في أرجاء الغرفة، كما أُشعل الموقد للحفاظ على درجة حرارةٍ مناسبة.
توقُ قلبي إلى دفء الغرفة جعلني أُسرع بخطاي. لكن ما إن فتحت الباب، حتى استقبلني هواءٌ بارد.
كان صوت الرياح يتردّد من مكانٍ ما باستمرار. و بينما كنت أتلفّت حولي، وقعت عيناي على نافذة الشرفة المفتوحة، والستائر تتمايل مع الريح.
‘هل هناك من فتح النافذة ودخل؟’
أسرعت إلى الشرفة بخطى متعجلة. لكن لم يكن هناك أيّ أثر يدل على دخول أحد من الخارج.
فتحتُ النافذة أكثر وخرجت إلى الخارج.
كان فجر الربيع، الذي بدأت البراعم فيه بالكاد تتفتح، لا يزال باردًا.
“هل كانت الخادمة تنظف وخرجت دون أن تغلق النافذة؟ أووه، كم هو الجو بارد!”
فركتُ ذراعي المليئتين بالقشعريرة وعدت إلى الداخل، ثم أغلقت النافذة وأحكمت القفل حتى لا تنفتح مجددًا بسبب الرياح.
رفعت رأسي، فإذا بالقمر الكبير محاطٌ بضوء ساطع، يضفي جمالًا خلابًا.
“واو…..هل الليلة هي ليلة البدر؟ في هذا العالم، يبدو القمر أكبر من قمر الأرض.”
ارتجفتُ قليلًا من نسيم الفجر المتسلل عبر فتحة شرفة النافذة، واستدرتُ بدوري.
وفجأة خطر لي أمر.
‘لا يمكن، هل أتى كاين قليلاً وخرج؟’
ربما لأني اعتدت ظهوره واختفاؤه المفاجئَين، خطر لي ذلك دون وعي.
ثم رأيت الرسالة الموضوعة على الطاولة الجانبية بجانب السرير، وتحول شكي إلى يقين.
‘حقًا؟ كاين جاء إلى هنا؟’
عبست حاجباي بعدم تصديق، لكن فكرة أن يأتي فجأة في هذا الوقت من الليل ويترك رسالةً فقط ثم يرحل، كانت نموذجية تمامًا بالنسبة له، مما جعلني أضحك بسخرية.
“لا أحد طبيعي في حياتي على الإطلاق.”
هززت رأسي بأسى، ثم فتحت رسالة كاين وبدأت بقراءتها.
كان محتوى الرسالة واضحًا ومباشرًا.
[مر وقت طويل، يا سيدة كوينيارديل.
كما قلتِ، شاهدتُ جوزيف ميليانو ورفاقه في حانةٍ في زقاق ريدين.
هؤلاء هم الذين شكلوا تهديدًا للعرش منذ زمن بعيد. بفضل ذلك، يبدو أننا سنتمكن من القضاء على المتمردين هذه المرة.
أشكركِ على ذلك. لكن، ألن تكون الصفقة على حسابكِ كثيرًا؟
على أية حال، أود أن أتحدث معكِ عن الصفقة وأمر أراضي الكونت قريبًا، فسأرسل دعوةً رسمية في وقتٍ قريب.
إلى ذلك الحين، وداعًا.]
كان كل شيءٍ ناجحًا.
وبما أن القصر الملكي هو من يحرك الأمور، فمن المؤكد أن جوزيف سيُقبض عليه قريبًا.
وبذلك سيُخلع عن لقب الكونت، وسأستعيد مكاني الذي يفترض أن أكون فيه كإيرفين.
الشيء الوحيد الذي أقلقني هو ذكر أراضي الكونت في الرسالة.
هل هناك فعلاً وباءٌ كما قال إيدن؟
كنت أتجه إلى الموقد لأحرق رسالة كاين، وأنا أشعر بتعقيدات في قلبي. و لفت انتباهي كتابةٌ في أسفل الرسالة.
“ما هذا؟”
كانت الكتابة متسرعة وغير مرتبة مقارنةً ببقية الرسالة الرسمية.
ربما كتبها بسرعة بعد دخوله إلى الغرفة.
تساءلت بجدية وأنا أحرك عينيّ، كم كان الأمر مستعجلاً حتى استعجل كاين؟
[ملاحظة:
من الصعب الدخول الى غرفتكِ خلسةً قليلاً.]
‘لأنه لا يجب أن تدخل خلسةً أبدًا، يا هذا!’
شعرت بالسخرية، لكنني ضحكت بخفة عند تخيلي كاين وهو يكتب هذا بعد دخوله الغرفة.
“أود أن أعرف ما يدور في رأسه.”
ابتسمت ابتسامةً خفيفة كالنسمة، ثم وضعت الرسالة في المدفأة.
حدقت في الورقة وهي تشتعل بسرعة، ثم توجهت إلى السرير.
***
بعد يومين من ذلك. ركبت العربة مع إيدن متجهين نحو القصر الملكي.
“لماذا دعا صاحب السمو إيرفين؟”
كان هذا السؤال قد سمعته من إيدن عشرات المرات بالفعل.
في البداية أجبت بلطف: “ربما لأنه فضولي بشأن ابنة الكونت التي تعيش معكَ.” لكن لم تكن تلك الإجابة التي يريدها، فتجاهلني.
“حقًا.”
الآن اكتفيت بتجاهل السؤال مرور الكرام.
كان إيدن يعقد ذراعيه ويعبس وكأنه غير راضٍ. ومن مظهره الغير معتاد، شعرت بتوتره.
“إيدن، هل أنتَ قلقٌ لهذه الدرجة؟”
نظر إيدن خلف النافذة وهو يعض شفته السفلى، ثم التفت فجأةً نحوي.
_____________________
لايكون كاين قصده ان ايدن حاط حراس زياده عن غرفة ايرفين من برا بعد؟
المهم دانتي ماطلع كثير توء توء
حل الملك يعطي ايرفين لقب الكونت وترجع للأراضي عشان تطلع شياطين ايدن نشوف وش نواياه✨
هاهاهاعاعاهااععاها
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 19"