قضت إليانور بقية اليوم مع سيليا، تقرأ لها القصص وتغني لها ألحانًا هادئة حتى غفت بين ذراعيها. عندما تأكدت أن الطفلة استسلمت للنوم، انسلت بهدوء من الغرفة.
الممرات كانت مظلمة، أضواء الشموع ترسم ظلالًا غريبة على الجدران. شعرت بأن القصر يخفي شيئًا ما، شيئًا أثقل من الجدران الباردة.
وبينما كانت تمشي، شعرت بنظرات تخترقها من بعيد. التفتت بسرعة، فلم ترَ أحدًا. لكنها أيقنت أن هناك من يراقبها.
عندما وصلت إلى صالة القصر الكبرى، وجدت الدوق جالسًا أمام المدفأة، بيده كأس من النبيذ، يحدّق في النار بصمت.
قال دون أن يلتفت إليها: – “لقد قضيتِ وقتًا طويلًا مع سيليا.”
اقتربت بخطوات حذرة، ثم أجابت بهدوء: – “إنها بحاجة إلى من يبقى بجانبها.”
أدار رأسه نحوها، عينيه الرماديتين تلمعان ببرود: – “ستتعلقين بها كثيرًا… هذا سيؤذيكِ أنتِ قبل أن يؤذيها.”
رفعت ذقنها بثبات: – “بل سيمنحها القوة. ألا ترى كيف تبتسم الآن أكثر من قبل؟”
ظل صامتًا للحظة، ثم قال بصوتٍ منخفض: – “الابتسامة لا تُطيل العمر.”
نظرت إليه نظرة حادة، وعينيها تشتعلان: – “لكنها تجعل الأيام القليلة أثمن من العمر كله.”
ساد الصمت بينهما، لم يعد يسمع إلا صوت النار المتراقص. للحظة، بدا وكأن شيئًا في ملامحه تزعزع، لكنه سرعان ما أخفى ذلك خلف جدار الجليد الذي اعتاد عليه.
استدار عنها وقال ببرود: – “افعلي ما تشائين. لكن لا تنسي… هذا القصر لا يرحم من يضعف.”
غادرت إليانور الصالة بخطوات ثابتة، لكنها في أعماقها أحست بتيار خفي يحيط بها… تيار من العيون التي تراقبها، والأسرار التي لم تُكشف بعد.
التعليقات لهذا الفصل " 5"