ترددت إليانور للحظة قبل أن تنحني على ركبتها وتنظر في عيني الطفلة. كانت عينا سيليا بلونٍ أزرق باهت، فيهما حزنٌ عميق لا يليق بطفلة في عمرها. مدت يدها ولمست كفها الصغيرة برفق.
– “مرحبًا يا سيليا… أنا إليانور.”
الطفلة لم تقل شيئًا، فقط أومأت بخجل، قبل أن تسعل سعالًا ضعيفًا جعل قلب إليانور ينقبض أكثر. نظرت سريعًا نحو الدوق، لكن ملامحه بقيت جامدة كالجليد، لا يظهر عليه أي قلق.
همست إليانور: – “هل أنتِ بخير؟”
ابتسمت سيليا ابتسامة صغيرة، كأنها تحاول طمأنتها هي، لا العكس: – “أنا معتادة على هذا…”
شعرت إليانور بشيء يتصدع في صدرها. طفلة بهذا العمر يجب أن تركض وتضحك، لا أن تعتاد المرض. أمسكت يدها بحنان أكبر وقالت: – “سأكون بجانبكِ من الآن فصاعدًا، هل هذا يرضيك؟”
رفعت سيليا رأسها قليلًا، وعينيها تلمعان بدموع لم تسقط: – “حقًا…؟ لن تتركيني مثل البقية؟”
شعرت إليانور وكأن السهام مزقت قلبها. التفتت نحو الدوق بحنقٍ مكبوت، لكنها رأت بروده المعتاد. لم تقل شيئًا، فقط أعادت النظر إلى الطفلة وهمست: – “أعدكِ.”
في تلك اللحظة، دقّ قلبها بقوة. لم يكن هذا الزواج الذي أُجبرت عليه، بل مسؤولية جديدة، حياة صغيرة واهنة تستحق أن تُحاط بالحب.
وقف الدوق فجأة وقال بصرامة: – “الخادمة ستأخذكِ إلى غرفتك. سترتاحين الليلة، وغدًا سنناقش دوركِ هنا.”
لكن إليانور ردّت بثبات غير متوقع منها: – “لا. سأرافق سيليا بنفسي.”
توقفت خطواته للحظة، التفت نحوها بنظرة باردة، لكنه لم يمنعها. ابتسمت سيليا ابتسامة صغيرة لأول مرة منذ دخلت القاعة، ثم أمسكت بيد إليانور وسارت بها نحو الممر الطويل.
بين الجدران المظلمة للقصر، وبين أصداء خطواتهما، شعرت إليانور بأن حياتها تغيّرت إلى الأبد.
التعليقات لهذا الفصل " 1"