كانت عيناه تنظران إليها ببرود جليدي. في تلك اللحظة، حين رأت ليون يخفض رأسه في حضنه، شعرت غريس بصدمة تهوي على قلبها.
“هل فعلاً… فكرتُ بذلك للحظة؟”
راجعت نفسها سريعاً ثم هزت رأسها. لا، لم يكن الأمر كذلك. صحيح أن عيني آرثر أشعرتها بالخوف، لكنها لم ترَ عيني ليون مخيفتين. كانت فقط غريبة وساحرة، لا أكثر.
نظرت بثبات إلى آرثر وأجابت:
“… حسناً. طالما قلتها بصراحة، سأكون صادقة. صحيح، في البداية خفت من عينيك. لكن عيني ليون… لم تكن مخيفة على الإطلاق.”
“كفى بالأكاذيب المنمقة.”
“ليست أكاذيب!”
غريس أنكرت بانزعاج، لكن آرثر ابتسم بسخرية وقال:
“لقد سمعت هذا من قبل من بعض الناس. لكن، أولئك الذين خافوا من عينيّ، جميعهم، بلا استثناء، انتهى بهم الأمر بخوف من عيني ليون أيضاً، وقاموا بإيذائه بالكلام.”
“وكيف لك أن تكون واثقاً من ذلك؟”
“لأن كل من أصابته ‘الأحداث الغريبة’، بلا استثناء، أصبح كذلك.”
“…!”
كانت عيناه تراقبانها بثبات، عميقتين ومظلمتين كأنهما تعرفان كل ما سيحدث لاحقاً. شعرت غريس بقشعريرة تجتاح جسدها كله.
ابتسم آرثر بسخرية وقال:
“ما بك، خائفة؟”
“… “
“لا داعي لجوابك. ملامحك تقول كل شيء. ابتعدي عن ليون من الآن فصاعداً.”
“… ها. سيدي الدوق، أعتذر إن كنت قد شعرت بالخوف في البداية قبل أن أفهم الأمور جيداً. لكن، أن تطلب مني أن أبقى بعيدة عنه لمجرد ذلك… فهذا أمر لا أفهمه. أليس من الأفضل، للتغلب على خوفي، أن أراه أكثر وأتعامل معه أكثر؟”
قالت غريس باحتجاج، شاعرة بالظلم من سوء فهمه.
لكن آرثر، وقد خمد غضبه البارد، أجابها بنظرات أكثر هدوءاً هذه المرة.
“ترى… هل ستستطيعين أن تقولي الشيء نفسه إن واجهك حقاً أمر مرعب ومخيف؟”
“ماذا قلت؟”
“جميع السيدات اللواتي ارتبطن بي لم تكن بينهن واحدة استثناء، كلهن نسبن ما حلّ بهن من شقاء وبؤس إليّ أنا وإلى ليون. … حسناً، لا أنكر أنني أفهم ذلك. فالناس متى واجهوا مصيبة غير متوقعة، يرغبون دوماً في إلقاء اللوم على شخص آخر.”
“…”
“أنا لا بأس بي. لقد عايشت من قبل أولئك الذين ينقلبون بوجوههم كما يُقلب الكف. لكن… لا أريد لهذا الطفل أن يختبر ذلك الجرح مرة أخرى.”
“يا دوق، أنا…”
“أخشى أن تكوني مثل أولئك، أن تزعزعي قلب ليون بشفقة وحنان زائفين، ثم بعد حين تدفعيه بعيداً عنك بنظرات باردة.”
“…”
“إذن، اسمحي لي. عودي الآن إلى غرفتك واستريحي.”
ألقى آرثر تحذيره بنبرة هادئة صارمة، ثم استدار دون تردد ومضى مبتعداً.
بينما كانت غريس تحتضن ليون بقوة بين ذراعيها، حدّقت في ظهر آرثر وهو يدير ظهره لها ببرود. رغبة عارمة اشتعلت في صدرها لتصرخ في وجهه: “أنا لست مثلهم! أنا مختلفة!”
لكن جسدها لم يتحرك. فقد كانت كلماته صادقة في جانب منها؛ إن كانت سترى في عيني ليون ملامح “ذلك الرجل”، أو إن حدثت لها مستقبلاً أمور غريبة مرعبة، فهل تستطيع أن تضمن حقاً أنها لن تهتز خوفاً؟ لم تكن تملك الجواب.
ابتسمت غريس بمرارة.
“…!”
في تلك اللحظة، التقت عيناها بعيني ليون، الذي كان في حضن آرثر وهو يبتعد.
فتحت ذراعيها نحو عنق آرثر لتثبت نفسها، وحدّقت عمداً في عيني الطفل المستديرتين المختلفتي اللون، الـ”أود آي”، كما لو كانت تختبر نفسها.
إن كان ما قاله آرثر صحيحاً، فهل ستقع في خوف غامض من تلك العينين؟
(لا… ليست مخيفة.)
لقد كان كلامه مجرد هواجس.
أمامها الآن لم تكن عينان مرعبتان غير بشريتين، بل فقط عينان لطفل ضعيف يخشى أن تُخيفها أو تُبغضه.
ابتسمت غريس بهدوء لليون الذي انكمش خجلاً، ثم رفعت يدها ولوّحت له بخفة، وحركت شفتيها دون صوت بحيث لا يسمعها سواه:
“إلى اللقاء يا ليون. سنلتقي غداً مجدداً.”
كلمةً كلمة، بوضوح وببطء.
وحين أدرك الطفل ما قالته، اتسعت عيناه دهشة، ثم أشرقت ملامحه بابتسامة متفتحة كالزهرة، ولوّح بيده الصغيرة نحوها بحماس.
(آه… كم هو لطيف.)
فكرت غريس بذلك، وظلّت تلوّح بيدها حتى غاب ليون تماماً عن نظرها.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات