بعد أن أنهت غريس استعدادات الخروج، وصلت إلى الحديقة السرية بمرافقة سالي.
وضعت غريس قدميها بحذر في الحديقة التي غطّاها بياض الثلج المتساقط ليلة أمس. ومع كل خطوة، كان الثلج يُصدر صوتًا خافتًا “بْوَدُك، بْوَدُك” ويترك آثار أقدام واضحة، فبدت مدهوشة من هذا المشهد، مما جعل سالي التي كانت تسير بجانبها تبتسم ابتسامة صغيرة وتقول:
“هل هذه أول مرة ترين هذا الكم من الثلج يا سيدتي؟”
“نعم. قلعة ألبيرتون قريبة من العاصمة، والشتاء هناك دافئ نسبيًا.”
أجابت غريس وهي تهز رأسها. ففي العاصمة، كان يكفي ارتداء معطف خفيف حتى في أقسى أيام الشتاء، بينما هنا لم يكن يكفي ارتداء معطف سميك مع وشاح صوفي وحذاء مبطّن بالفرو لمقاومة البرد.
ومع ذلك، كان الهواء الداخل إلى رئتيها نقيًا جدًا، مما جعل غريس تنفخ أنفاسًا بيضاء متتابعة وهي تتجول بين الثلوج.
رأت سالي هذا المنظر وفكرت في نفسها أن سيدتها الجديدة، الدوقة الرفيعة المقام، لم تكن تبدو كنبيلة متعالية، بل كجرو صغير يرى الثلج لأول مرة، فضحكت بخفة. ثم التفتت لترى وجنتي غريس وقد احمرّتا من البرد وقالت:
“يا إلهي، وجنتاك أصبحتا حمراء تمامًا.”
“حقًا؟”
“إن بقيتِ هكذا قد تُصابين بالزكام. من الأفضل أن ندخل الآن…”
“آه… لكنني أريد أن أتمشى قليلًا بعد. لا أستطيع؟”
كان هذا أول وقت هادئ تحظى به منذ أن عادت من الموت. لم ترغب في إنهائه بسبب مجرد برودة.
ولأنها أظهرت تردّدًا، أطلقت سالي تنهيدة قصيرة وقالت:
“إذن سأُحضِر لكِ شايًا ساخنًا يا سيدتي.”
“آه، فكرة رائعة.”
“اجلسي على المقعد قليلًا وانتظريني! سأعود حالًا!”
أجلستها على مقعد نظيف من الثلج، ثم أسرعت راكضة نحو القصر.
تمتمت غريس وهي تنظر إليها تبتعد:
“… يمكنك العودة ببطء أيضًا.”
ثم مدت يدها نحو غصن شجرة وأخذت قبضة من الثلج المتراكم. كانت تحافظ على وقارها أمام سالي قبل قليل، لكنها في الحقيقة كانت ترغب بلمس الثلج بيديها مباشرة.
بَسْرَك…
في تلك اللحظة، بينما كانت تضغط الثلج لتشكيله كرة صغيرة، سمعت صوتًا خلفها.
توقفت غريس عن الحركة وأرهفت سمعها.
بَسْرَك، بَسْرَك…
الصوت تكرر، هذه المرة كان أسرع، كأن كائنًا صغيرًا يتحرك بين الأشجار.
نهضت غريس من على المقعد ببطء، وخففت وقع خطواتها وهي تتبع الصوت بحذر، راغبة في معرفة مصدره.
بعد خطوات قليلة، توقفت أمام شجيرة تتحرك بخفة. ارتسمت على وجهها ابتسامة غامضة، وكأنها أصبحت “الطارد” في لعبة الغميضة. توقفت عمداً عن إصدار أي حركة وانتظرت ما يخرج من هناك.
“… آه.”
“…!”
بعد بضع دقائق، قفز فجأة من بين الشجيرات طفل صغير، لا يبدو عمره أكثر من أربع أو خمس سنوات.
لم تستطع غريس منع نفسها من إطلاق همهمة دهشة عند رؤيته.
كان الطفل يرتدي زيًّا فاخرًا من الحرير ومعطفًا أسود طويلًا، ووجهه الصغير مغطى بقناع أسود يخفي معظم ملامحه، بينما شعره الأشقر يتدلّى إلى الأمام ليغطي جزءًا من عينيه.
حدقت غريس في عينيه اللتين التقتا بنظرها وتجمّدتا في مكانهما.
“… هذه العينان… وهذا القناع. من قبل…؟”
القناع، والعين الحمراء المشتعلة التي ظهرت من الجهة اليسرى فقط لأن الأخرى كانت مغطاة بالشعر، كل ذلك بدا مألوفًا بطريقة غريبة.
تمتمت غريس وهي تحدق في عينيه:
“هذه العين الحمراء كالنار…”
فارتجف الطفل بخوف، ثم استدار فجأة وبدأ يركض مبتعدًا وكأنه يهرب من مطاردة.
“يا إلهي! انتظر لحظة، أيها الصغير!”
نادته غريس وهي ترفع تنورتها الطويلة مسرعة خلفه.
وَجَك―.
فجأة، شعرت أنها دست على شيء تحت قدمها. رفعت قدمها بخوف، فرأت عقدًا فضيًا على الأرض.
“… إنه عقد؟”
انحنت تلتقطه. كان عقدًا بسلسلة فضية طويلة تتدلى منها جوهرة حمراء شفافة. لحسن الحظ لم يبدو أنه تضرر.
تساءلت غريس: لم يكن هنا قبل قليل، فلابد أنه سقط من الطفل.
لفّت السلسلة حول يدها بإحكام وتابعت أثر خطواته الصغيرة في الثلج.
سَابَك، سَابَك…
قادتها آثار الأقدام إلى شجيرة ورد شتوي، حيث توقفت. رأت خلفها الطفل جالسًا القرفصاء منكمشًا على نفسه.
نادته غريس بحذر:
“… أيها الصغير.”
“…!”
انتفض الطفل مرة أخرى كمن رُوِّع، وكاد يهرب ثانية، لكن غريس أسرعت ترفع العقد أمامه وتقول:
“انتظر! هذا العقد، هل هو لك؟”
اتسعت عينه الحمراء الدائرية عندما رآه في يدها.
ابتسمت غريس من ردة فعله البريئة، ثم اقتربت منه بخطوات هادئة وجلست على ركبتيها لتكون بمستواه، ولوّحت بالعقد أمامه قائلة:
“لقد وجدته هناك قبل قليل. إنه لك، صحيح؟”
“…”
“ليس لك؟ إن لم يكن، يمكنني الاحتفاظ به إذًا؟”
قالت ذلك مازحة لتختبره، فما كان منه إلا أن مد يديه الصغيرتين بسرعة، وعلى وجهه نظرة ملهوفة تكاد تبكي.
لم تستطع غريس كتم ضحكتها، ومدّت يدها تربت على شعره الناعم وهي تقول:
“آسفة، آسفة. كنت أمزح فقط.”
“… تمزحين؟”
“نعم، مجرد مزحة.”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات