<الفصل 37>

“أتظن أنني لا أعرف ذلك وأتصرف هكذا؟ التغاضي عن الأمور له حدود، مرة أو اثنتان، لكن من تظن نفسك لتعلمّني؟”  

“آه! يا سيدتي! هذا مؤلم! آه!”  

لم أغضب بقدر ما أثار هذا استفزازي ببطء، مما أشعل أعصابي. أنا منزعجة بالفعل بسبب ذلك، فلماذا يتعمد عرقلتي؟  

عبستُ بشدة وقلت:  

“أنا أتغاضى عن سلوكك المتعجرف لأننا مضطران لقضاء عام كامل معًا مهما حدث. أسمح لك بالتعبير عن رأيك بحرية وأبقى صامتة، ليس لأنني ساذجة. هناك فرق بين مشاركة الآراء بحرية وبين استفزاز الآخرين وإثارة أعصابهم بهذه الطريقة، أليس كذلك؟”  

نظر إليّ جين بدهشة واضحة، ثم ضحك “ههه” كمحاولة لتهدئة الموقف، ورد بهدوء:  

“نعم! بالطبع، بالطبع. لقد تجاوزتُ حدودي. ههه.”  

حدود؟ لم أتمكن من تخفيف عبوسي، ومن شدة إحباطي رددتُ عليه:  

“ليس الأمر أنني أقول لك اعرف حدودك بالضبط…”  

تنهدتُ ومررتُ يدي في شعري المشوش. عند رؤية موقفي، أدار جين عينيه كأنه يحاول فهم شيء، ثم وضع ذراعه حول كتفي فجأة وضحك “هه” وقال:  

“نعم، نعم، نعم. أفهم جيدًا ما تعنينه. ألستُ سريع البديهة بعض الشيء؟”  

واصل جين بطبيعته المرحة:  

“لنرتب الأمور إذن. أنتِ تقولين إنه قد نحتاج إلى دليل قاطع على كيفية ارتباط الأمير إنداميون بالعقرب الأحمر للاستعداد لأي احتمال، أليس كذلك؟”  

رفع جين قبضته في الهواء وهزها، مضيفًا:  

“بمعنى، الإمساك بنقطة ضعفهم والتلويح بها؟”  

أومأ جين برأسه بقوة دون انتظار ردي.  

“حسنًا. لأكون صادقًا، من المستحيل أن نغزو المكان ونستولي على المعلومات.”  

نظر جين إليّ من الأعلى إلى الأسفل. فهمتُ معناه على الفور. نعم، كيف يمكنني، بضعفي هذا، أن أتسلل وأحصل على معلومات؟ كان يقصد شيئًا من هذا القبيل. وأنا أوافقه.  

“أولاً، سأتصل بالنقابة بشأن تعاون العقرب الأحمر مع فصيل الأمير إنداميون. بما أننا يجب أن نواصل التحرك للبحث عن ابن أختكِ، سأطلب من رجالي التحقيق في الأمر.”  

“تقصد الموظفين في مكتبك الخاص غير القانوني؟”  

تنفس جين بصوت “تس” ورد بنبرة حازمة:  

“غير قانوني؟ يا سيدتي، إنه مجرد حل مبتكر! أو يمكننا تسميته مرونة؟ في عالم المرتزقة القاسي المليء بالخداع، أليس المرونة واحدة من أهم المواهب؟ أليس هذا أحد أسباب بقاء المرتزقة محبوبين لدى النبلاء؟ التجربة الوفيرة والمرونة! ههههه!”  

حك جين ذقنه وقال:  

“في الأوقات العادية، ربما لن أتردد في الحديث بالأفعال، لكن وجودكِ، يا سيدتي، يجعل من الصعب التحرك بحرية.”  

ابتسم جين بإحراج واضح. فهمتُ بسهولة ما يعنيه. على الأرجح كان يشير إلى “القتل”. في هذا العصر، لم يكن قتل شخص بدافع الضرورة يُعتبر جريمة كبيرة، خاصة إذا كان الضحية من نقابة إجرامية. هل تهتم الدولة بموت مرتزق من نقابة كهذه؟ سواء في الماضي أو الحاضر، تُعتبر المنظمات غير الشرعية مجرد أورام في المجتمع.  

الأمير إنداميون قد يتأسف إذا تقلص نفوذهم لأنه متورط معهم مباشرة، لكن من وجهة نظر الإمبراطورية الرسمية، لن يكترثوا لو مات مئات من العقرب الأحمر. بل ربما يفرحون لتساقط بعض الأسنان الفاسدة تلقائيًا.  

نظر جين إليّ بنظرة خاطفة، ثم بدا وكأنه يغوص في أفكار عميقة.  

“أفهم ما تريدينه، يا سيدتي، لكن…”  

عبث جين بمقبض سيفه ونظر إليّ. عضضتُ شفتي السفلى دون وعي.  

“…”  

“نعم، عادةً من يعمل في هذا المجال يعتاد على ذلك. في الواقع، عندما كنتُ أتعامل مع النبلاء في بعض الأحيان، لم يكونوا يمانعون القتل، لذا شعرتُ بالحيرة قليلاً لأنكِ، يا سيدتي، تظهرين رد فعل رافضًا لموت مجرد فقير.”  

نظر جين إليّ من الأعلى إلى الأسفل بتعبير مرتبك حقًا وقال: 

“أولاً، للحصول على دليل على أن لورد تشيلوتي والأمير إنداميون متورطان في صفقة قذرة مباشرة، يجب أن نتسلل إلى الإقليم. لكن التسلل يستغرق وقتًا طويلاً. مع التحقيق هنا وهناك، قد يمر شهر بسهولة.”  

عقد جين ذراعيه وابتسم لي بلطف وقال: “مع ذلك، أعتقد أن خطتكِ صحيحة تمامًا، يا سيدتي. ابن أختكِ يحمل دمًا عظيمًا، وارتباطكِ به سيجعلكِ تُسحبين إلى عالم السياسة سواء أردتِ ذلك أم لا. وكما قلتِ، الوضع الحالي هو بمثابة هدوء يسبق العاصفة، أليس كذلك؟”  

رفع جين كتفيه وأضاف:  

“هل سينتصر ولي العهد المدعوم من الإمبراطور، أم الأمير إنداميون المدعوم من لوسون وكبار النبلاء؟”  

ضيقتُ عيني وسألته:  

“وأنت من أي فصيل؟”  

ابتسم جين بثقة ورد دون تردد:  

“أنتِ، يا سيدتي؟”  

“…”  

نظر إليّ بجرأة وهو يشير إليّ، فضحكتُ بدهشة وحدقتُ به. ثم أضاف بنبرة مرحة وشرح أكثر:  

“أعني، كما قلتِ، مستيقظ ولد بعد ثلاثمئة عام سيكون في صفكِ. فلماذا أدعم الخاسرين؟ وعلاوة على ذلك، أنا مجرد فقير وضيع، فماذا سأجني من دعم النبلاء العظماء؟ لن أحصل حتى على قشرة خبز. إذا كنتُ سأراهن، فلأراهن على الجائزة الكبرى. أليس من لا يخاطر لا يفوز في الحياة؟ وألم تقولي منذ البداية إنني لن أندم، يا سيدتي؟”  

عض جين أنفه ورفع كتفيه، ثم ربت على كتفي بنبرة لطيفة للغاية:  

“حسنًا، يا سيدتي. بما أننا حصلنا على فكرة تقريبية عن دار الأيتام التي قد يكون فيها ابن أختكِ، ستصبح الأمور أسهل بكثير.”  

فرك جين ذقنه ببطء كأنه يفكر، نظر إلى السقف بنظرة خاطفة، ثم نقر بأصابعه فجأة كأن فكرة خطرت له: 

“لنقم بتسريب بعض المعلومات إلى جانب جلالة الإمبراطور. ليس علينا بالضرورة أن نحتفظ بنقاط الضعف بأنفسنا، أليس كذلك؟ يمكننا عرقلة تدريب الجيش السري بطريقة معتدلة، وبما أن الإمبراطور يريد تمرير العرش إلى ولي العهد، فهذا سيكون مفيدًا لنا أيضًا، أليس كذلك؟”  

ابتسم جين لي بثقة، ولم أتمكن إلا من الإعجاب. ما هذه الكفاءة غير الضرورية؟ يبدو أنني استنفدتُ حظي كله عندما هربتُ من الإقليم واصطدتُ مرتزقًا من الدرجة الأولى.  

“بهذه الطريقة، لن نضطر لتلطيخ أيدينا بالدماء. ههه!”  

لم تكن فكرة إشراك الإمبراطور سيئة، لكن المشكلة أن ذلك سيجعل الأمور تتضخم بشكل هائل.  

“وهل لديك شخص لتسرب له المعلومات؟”  

رد جين بثقة:  

“ها، بماذا تظنينني؟ في هذا المجال، لتصبح شخصًا بارزًا في سن صغيرة، أليست الاتصالات هي القوة؟”  

ابتسم جين ورفع إبهامه وقال: 

“قائدتنا على علاقة وثيقة جدًا بمعلمي.”  

كان ذلك تفصيلًا زائدًا عن الحاجة.  

“ولأضيف كلمة تحسبًا لعدم ثقتكِ بقائدتنا، فهي حاليًا أشهر امرأة متنكرة في هيئة رجل تعمل سرًا في الإمبراطورية.”  

“…”  

حدقتُ في جين بعينين متسعتين.  

“هل هذا صحيح؟”  

أومأ جين بثقة وقال:  

“لماذا قد أكذب؟ بالطبع، أقول هذا لأنني لا أعتقد أنكِ ستذيعين هذه المعلومات في كل مكان. أليس من الطبيعي أن تكشف بعض المعلومات المناسبة للعملاء لبناء الثقة؟ هكذا تتكون الثقة، أليس كذلك؟”  

كنتُ مذهولة. هل كشف عن معلومات شخصية خطيرة لشخص آخر فقط لكسب ثقتي؟ هل هذا الرجل مجنون؟  

“انتظر لحظة، هل تعني أنك ستبلغ قائدتك بوضعنا الآن؟”  

رفع جين كتفيه ورد بهدوء:  

“ولماذا لا أستطيع؟ بالطبع، سأستثني قصة ابن أختكِ. المهام المتعلقة بالعائلة الإمبراطورية تُعتبر من المحرمات في معظم نقابات المرتزقة.”  

للحظة، تجمدت ملامح جين ثم عادت إلى طبيعتها.  

“همم… لا أعرف عن أي شيء آخر، لكن من المؤكد أننا بحاجة إلى مساعد. بصراحة، هذه قضية تتعلق بابن ولي العهد غير الشرعي، فكيف يمكن لنا نحن الاثنان فقط أن نتعامل معها بعقلانية؟”  

عاد جين إلى وجهه المرح المعتاد، يهز رأسه بقوة ويتحدث بنبرة خفيفة للغاية:  

“بصراحة، لولا تورط معلمي في هذا الأمر، لما شاركتُ فيه. أنتِ تعلمين ذلك جيدًا، أليس كذلك؟”

° . • .✦ . ◌ ⋆ ° ✬ • ✫ ⋆｡ .° ◌ • .●