«كنتِ منغمسة في أسطورة تأسيس البلاد حتّى فعلتِ شيئًا أخيرًا؟»
لم تظهر على أشيريل أيّ علامة دهشة.
ما الأمر؟ هل كان يعرف منذ البداية وينتظر متى سأعترف؟
لحسن الحظّ، حُلّ فضولي فورًا.
«منذ أن بدأت ردود فعل إيو غريبة، شعرتُ أنّ هناك شيئًا، لكن أن يكون متعلّقًا بليز …»
حاولت ملكة الارواح حفظ السرّ حتّى النهاية.
«ظننتُ أنّكِ ستخفينه حتّى الآخر، لماذا اعترفتِ؟»
«لأنّني وأشيريل عشيقان. يجب ألّا نكذب على بعضنا وأن نكون صريحين. آه، لم أخطّط للذهاب إلى القصر، بل سألتُ إيو عن مكايل وليفياثان فأخذتني لرؤية الينبوع.»
«همم. هل حصلتِ ليز على ما أرادت؟»
«في الحقيقة، أردتُ أن أتحقّق إن كانت دوار في حفل رأس السنة بسبب ماء الينبوع، فأردتُ لمسه مجدّدًا.»
«كيف كان؟»
«عاديًّا. شعرتُ بدوار خفيف، لكن…»
شبك أشيريل أصابعه بأصابعي.
«أوه، نعم، قالت إنّني مثل أشيريل، لديّ طبيعة جسديّة خاصّة، لذا قد أُصاب بالدوار.»
«على أيّ حال، هذا الماء ليس جيّدًا جدًّا لـ ليز.»
«أليس محايدًا، لا جيّد ولا سيّء؟»
«هذا ما يُسمّى الثقة.»
«ماذا؟»
«الثقة التي تحدّثتِ عنها ليز سابقًا. الإيمان المتبادل.»
آه، تلك التي اخترعتُها على عجل؟
«كان شعورًا لطيفًا جدًّا.»
شدّ أشيريل على يدي المشبوكة وابتسم بجمال .
«أشيريـ…ل!»
«نعم، ليز.»
أجاب بهدوء .
«هل… تفعل هذا لأنّني ذهبتُ دون أن أخبرك؟»
«ما هذا الكلام، ليز.»
قبّل خدّي وهمس أشيريل بحنان بالغ.
«أريد فقط أن أجعل ليز تشعر بالسعادة التي شعرتُ بها.»
«نعم… ماذا؟ »
حاولتُ التملّص لكن لا طريقة للتغلّب على أشيريل. كان عليّ قبول كلّ ما يعطيه، فاخترتُ أن أفقد وعيي.
💿 💿 💿
«همم، هم هم هم.»
جلس أشيريل بجانبي يحتضنني بقوّة ويغنّي مرحًا.
لم يتعب أبدًا، فقد أنهكني حتّى شروق الشّمس، وبدا سعيدًا جدًّا.
كان سعيدًا لدرجة أنّني قرّرتُ الاستسلام لأنّ ردعه مستحيل.
استيقظنا متأخّرين ونحن ننتظر الطعام.
«اسمعي، ليز. ماذا لو أقمنا حفل زفاف بدلًا من الخطوبة؟»
«أه…»
كنتُ أفكّر فيه أحيانًا، فلم أرفض فورًا.
«ألن يكون الوقت ضيّقًا جدًّا لتحويله إلى زفاف؟»
موسم المناسبات الاجتماعيّة الذي يدوم ثلاثة أشهر قد تجاوز نصفه. تبقّى أقلّ من شهر على حفل خطوبتي، هل يمكن تحويله إلى زفاف؟
الزفاف أكبر وأضخم من الخطوبة ويتطلّب إجراءات كثيرة، هل سينجح؟
بالطبع، لو كان أشيريل لتجاهل الإجراءات قائلًا «ما شأننا بها».
«هل تريدين الزواج بي؟»
أنا أقلق واقعيًّا، لكنّ أشيريل ركّز على نقطة أخرى.
«ستتزوّجينني، أليس كذلك، ليز؟»
«من غير أشيريل سأتزوّجه؟ ماذا؟ قلتَ إنّك ستتزوّجني ثمّ تردّدتَ في الوسط؟»
«مستحيل. فقط أنّ ليز قالت سابقًا إنّها تريد حتّى فسخ الخطوبة، فاستغربتُ وسألتُ. بالطبع لن أسمح بفسخ الخطوبة.»
فرك أشيريل شفتيه بخدّي. دغدغ شعره الأبيض وجهي.
شعور اللمس الناعم جعل فمي يبتسم رغمًا عني.
هكذا إذًا يشعر المرء عندما يحبّ شخصًا.
الجسد يشعر بالترخّ والاسترخاء، والقلب يدغدغ من الداخل. القلب ينبض أحيانًا بسرعة لكنّ العقل في غاية السكينة.
«أنا أيضًا لن أسمح.»
تعجّب أشيريل وفتح عينيه بدهشة.
«ألم تكرهي ليز أشيريل؟ كنتِ تكرهين الخطوبة منذ البداية، وحتّى عندما وقّعتِ عقد الخطوبة مضطرّة وضعتِ شرط الفسخ.»
«فعلتُ ذلك لأنّني ظننتُ أنّ أشيريل قد يكرهني يومًا ما.»
ردّ أشيريل «مستحيل أن أفعل» بطريقة لطيفة.
«لكنّك تعلم أنّني وقّعتُ عقد الخطوبة مضطرّة؟»
أدار أشيريل رأسه جانبًا. حرّك شفتيه لكنّه لم ينطق.
«كنتَ تعلم. ظننتُ أنّك لا تعلم.»
وااه، سيأتي يوم أُمازح فيه أشيريل.
ضحكتُ فضمّ أشيريل رأسه إلى كتفي مجدّدًا. فربتُ شعره الأبيض اللامع وسألته.
«كيف الألم هذه الأيّام؟ قلتَ إنّ الصداع اختفى تقريبًا.»
«الألم كذلك. بل إنّ جسدي أخفّ من أيّ وقت مضى.»
آه، يبدو كذلك.
بعد ليلة عنيفة، أنا بالكاد أقف من التّعب، بينما أشيريل يبدو أسعد إنسان في العالم.
«مُريح جدًّا.»
مع ذلك، شعرتُ بالارتياح لأنّ أشيريل لم يعد يتألّم.
حضّر الطعام أخيرًا فانفصل أشيريل عنّي. لكن فقط ليأخذ الملعقة ويطعمني بنفسه ولو لقمة.
عندما اقتربنا من انتهاء الطعام، اعترفتُ بالقلق الذي أحمله منذ زمن.
«سيأتي والداي قبل حفل الخطوبة، أليس كذلك؟»
«بالطبع، بالتأكيد.»
نبرته الواثقة مشبوهة؟
هل يراقبهما؟ أم يهدّدهما ليعودا قبل الخطوبة؟
«إنّهما يحبّان ليز، فسيعودان بالتأكيد.»
كأنّه قرأ أفكاري، أضاف أشيريل بحنان.
لم يضرّني أبدًا تصديق كلام أشيريل، فقرّرتُ تجاهل الأمر.
«لو جاء معلمي أيضًا سيكون رائعًا، لكن هذا صعب، أليس كذلك؟»
«لا أعلم متى سيأتي ذلك العجوز حقًّا.»
«ألا يجب أن تذهب أنتَ لرؤيته؟ في المرّة السابقة جمع كلّ الشخصيّات المهمّة بما فيهم دوق ستيا.»
أعلم أنّ هاروت لا يزال في العاصمة.
عندما أقمنا حفلة في قصر ديلات، أردتُ إرسال دعوة لهاروت من باب اللياقة، لكنّ أشيريل مزّقها قائلًا «ماذا لو جاء فعلًا».
«أخشى أن يكون في خطر.»
«إنّه ذاهب لدراسة الوحوش السحريّة، أمر عاديّ.»
يصف دراسة الوحوش بالعاديّ، ماذا يفعل معلمي عادة؟ كان يبدو مسالمًا جدًّا في المختبر.
«لأنّه في الشمال، قد يُصاب بنزلة برد.»
لا، هل هذا وقت قول ذلك بهدوء؟
أشيريل يحبّ معلم جدًّا، فلو كان في خطر لكان قلقًا بالتأكيد؟
«بالمناسبة، ليز، حفلة ذلك الرمليّ بعد يومين.»
«مرّ الوقت بهذه السرعة؟»
لم أختار ثوبًا ولا مجوهرات بعد!
«نعم، أعددتُ الثياب والحليّ التي سنرتديها والهدية كلّها.»
«رائع. شكرًا لأنّك أعددتَ كلّ شيء، أشيريل.»
على أيّ حال، معظم ثيابي من اختيار أشيريل، فلم أقلق أبدًا من ملابس حفلة تدشين منزل سار.
كنتُ واثقة أنّه أعدّ الثياب والهدية جيّدًا، لكن يوم الحفلة، أمسكتُ مؤخّرة عنقي.
«ما هذا؟»
«ماذا؟ إنّهما طقم ثنائيّ بالطبع.»
ارتدى أشيريل ثوبًا أحمر غامقًا مطرّزًا بالذهب. يشبه الرداء لكنّه مثبت بحزام عريض عند الخصر.
«ثياب على الطريقة الصحراويّة؟»
«بما أنّ أمير الصحراء هو الذي دعانا، يجب أن نراعي الأناقة.»
التعليقات لهذا الفصل " 95"