«أوّلًا، جنيّة الفوضى ليست شرّيرة بالضرورة. صحيح أنّها تسبّب الفوضى في العالم لأنّها تدمّر القواعد والمعايير، لكن…»
نظرتُ إليها بدهشة وهي لا تفهم فابتسمت إيو ابتسامة خفيفة.
«ذلك الشخص جعل الماء يجري عكس التيّار، وكاد يُفنيني عندما كنتُ صغيرة، لكنّه لم يكن يحمل نوايا شرّيرة.»
«نوايا شرّيرة…»
«نعم، نوايا شرّيرة. حتّى ليفياثان، الشكل الأصلي لجنيّة الفوضى، لم يكن يريد أن يصبح كذلك من تلقاء نفسه.»
بدأتُ أفهم تدريجيًّا مع استمرار الشرح.
«كان ليفياثان حاكم الموت، فمجرد اقترابه كان يذبل العشب وتموت الحيوانات والبشر. لذلك كان الجميع يتجنّبونه.»
«هذا مؤسف جدًّا.»
«أليس كذلك؟»
ضحكت إيو لكنّ ضحكتها بدت مريرة بعض الشيء.
«لو لم يكن هناك موت، لأصبح هذا العالم فوضويًّا. إذا لم يمت أحد واستمرّ الجميع في الولادة فقط، فسيأتي يوم لا يجد فيه الناس والحيوانات مكانًا يضعون فيه أقدامهم، أليس كذلك؟»
«صحيح تمامًا.»
«لهذا السبب، ليفياثان الذي طُرد من مكايل وفقد قوّته وسقط من مرتبة حاكم إلى جنيّة، ليس كائنًا شرّيرًا فقط. أتمنّى أن تتذكّري هذه النقطة.»
«نعم، سأتذكّرها.»
جذبتني إيو من خدّي كأنّها فخورة بي.
«بالمتابعة، الوجود الاستثنائي هو الشخص الذي تأثّر بقوّة ليفياثان التي تسربَت عندما طُرد إلى الشمال.»
«مثل ينبوع مكايل إذًا؟ أين توجد تلك القوّة إذًا؟»
«لا أعلم.»
«ماذا؟»
ضحكت إيو وهي ترى ذهولي.
«لا أحد يعلم. قوّة ليفياثان لم تبقَ في شيء مادّي كما فعل مكايل، بل تتدفّق هنا وهناك. سألتُ ملوك الارواح الآخرين فكلّهم قالوا إنّهم لا يعلمون.»
«إذًا…»
«لا أحد يعلم من ومتى سيُعرّض لتلك القوّة.»
يقولون إنّ بقاء قوّة مكايل شيء جيّد.
هذا الينبوع وحده يمنح الصحّة وقابليّة ارواح، فماذا عن قوّة ليفياثان التي بقيت؟
«إذا حصل المرء على قوّة ليفياثان المتبقيّة، هل سيكون ذلك جيّدًا؟»
«بما أنّه يتعرّض لها دون إرادته، فلا أعلم إن كان حظًّا سعيدًا أم تعيسًا.»
مالت ملكة الارواح برأسها متردّدة.
«أشيريل أيضًا واحد من الذين تعرّضوا لتلك القوّة. في جسده تتعايش مانا وقابليّة ارواخ لا يمكن أن توجدا معًا مطلقًا، أليس كذلك؟ بل إنّه كان كذلك منذ ولادته.»
حصل أشيريل على قوّة هائلة، لكنّه حصل بالمقابل على ألم يجعله يتمنّى الموت، فهل هو جيّد حقًّا أم سيّء؟
«أم… جلالة ملكة الارواح ، ما هي الأمور الاستثنائيّة الأخرى؟»
«يبدو أنّ الحديث سيطول، اجلسي قليلًا.»
صنعت إيو مقعدًا طويلًا ثمّ جلست وأشارت إلى الجانب المجاور لها. جلستُ بطبيعيّة هذه المرّة لأنّني جرّبتُه من قبل.
«آه.»
لكنّ مؤخّرتي شعرتُ بالبرد.
«هيهي، لقد انخدعتِ!»
نظرتُ إلى ملكة الارواح المبتهجة بلا تعبير فأصبحت كئيبة فورًا. بعد قليل أصبح المقعد دافئًا وجافًّا.
«تشيت، صغيرة السّنجاب باردة جدًّا.»
«أكملي ما كنتِ ستقولينه سريعًا.»
أصدرت صوتًا ضعيفًا كأنّها تتذمر ثمّ غرقت في التفكير.
«أم… مثل أن يصبح إنسان ولديه صفات وحش، أو أن تنبت النباتات أرجل وتتحرّك، أو أن ترى في منطقة معيّنة الظلام في النهار والنور في الليل.»
بعد أن ساقت أمثلة طويلة، صفّقت إيو فجأة كأنّها تذكّرت شيئًا مثيرًا.
التعليقات لهذا الفصل " 92"