جذبتُ رأسه الصغير نحوي ردًا على اعترافه اللزج الحلو، وطبعتُ قبلة على شفتيه. اختلطت أنفاسنا، فازداد لهاثنا.
عندما عانقني أشيريل، انفجرتُ بالبكاء أخيرًا.
«ما بكِ، ليز؟ همم؟»
وضعتُ كفّي بهدوء على خدّ الرجل الذي بدا حائرًا لا يدري ماذا يفعل.
«لأنني سعيدة.»
حتى في الظلام، كانت عيناه الذهبيتان المتلألئتان تنظران إليّ مذهولتين. بدا مضحكًا وعزيزًا في آن، فلم أستطع إلا أن أبتسم.
عندما فتحتُ عينيّ، رأيتُ شعرًا أبيض فضيًّا مبعثرًا، وملامح دقيقة متناسقة، فظننتُ للحظة أنني في غرفة أشيريل.
هل شربتُ الخمر الليلة الماضية وذهبتُ إلى غرفته؟
«يا إلهي، وسيم جدًّا.»
بعيدًا عن الذهول، كان أشيريل وسيمًا لدرجة تُوقف القلب، فتأملتُ وجهه قليلاً.
لمستُ رموشه البيضاء الطويلة، وأنفه الحاد كالسيف، وحتى شفتيه المتورمتين لسبب ما.
حاولتُ تحريك جسدي، لكن آلام العضلات التي اجتاحتني جعلتني أستسلم، فحرّكتُ عينيّ فقط لأتفقد المكان. جدران بيضاء، سقف أبيض، ستائر وردية، زهور جليدية على الكونسول…
غرفتي؟
دخل جسد الرجل العاري النصفي إلى مجال رؤيتي وأنا أحاول تذكّر ما حدث. انزلقت مني صيحة إعجاب عفوية أمام عضلاته المشدودة المتناسقة.
كنتُ أتخيل بغموض ما قد يكون تحت ردائه، لكن الواقع كان أفضل بكثير.
لمستُ بحذر جسده المنحوت بأطراف أصابعي.
همم، الملمس رائع جدًّا.
نعم، الليلة الماضية صاحب هذا الجسد كان يقبّلني و…
«هاك.»
حقيقي؟ ليس حلمًا؟
انتفضتُ مذهولة للوراء، فجاءني الألم. لكن سرعان ما أدركتُ أن الرجل الذي كان يفترض أن يغمض عينيه يحدّق بي بشدة.
«استيقظتِ، ليز؟»
كانت عيناه الصفراوان ترسمان هلالاً، لا أثر فيهما للنعاس. عيون تبدو وكأنها مستيقظة منذ زمن.
«أه، منذ متى وأنت مستيقظ؟»
«منذ وقت طويل قبل أن تقولي ’يا إلهي، وسيم جدًّا‘؟»
ماذا! إذن سمع تلك التعليقات الداخلية و…
«أحببتُ أن تلمسيني كما فعلتِ للتو.»
نعم! كنتُ أفرك عضلاته بأطراف أصابعي ثم…
احمرّ وجهي فجأة وأنا أتذكر جرائمي.
«إن جسدي متعب بسببكِ، ليز.»
نهض أشيريل وصعد فوقي، مبتسمًا بعينيه.
«لقد ضغطتِ على أماكن الحساسة.»
«هِق. هِق، هِق.»
عندما فرك أشيريل أنفه بخدي توقفت الفواق تدريجيًا، ثم عضّ شحمة أذني بلطف.
«أشيريل، لحظة. آه، أشيريل.»
ضحك أشيريل بهدوء وهو يعانقني وأنا أتخبط كمن سقط في الماء.
بدأت ليلة الأمس من جديد.
«آنستي، هل جسدكِ بخير؟»
ارتجفتُ عند سؤال رونا وهي تمشّط شعري.
«نـ… نعم؟»
💿 💿 💿
«سمعتُ أنكنّ ذهبتنَّ أمس إلى مكان بارد. يا للأسف، كان يمكنكنّ مشاهدة النجوم من هنا، فلمَ ذهبتنّ إلى مكان بعيد؟»
يقال إن السائق والخدم في القصر أصابهم ذعر كبير عندما تأكدوا أن العربة فارغة. لقد خرجنا من القصر الإمبراطوري مع أشيريل، لكننا اختفينا دون أثر!
الأمر الطيب الوحيد أن أحدًا لم يدخل غرفتي.
يقال إن أشيريل الذي جعلني أفقد الوعي ظهر أمامهم وقال إنه أخذني (ليز) لمشاهدة النجوم، وإنني غفوتُ من البرد.
كان اختفاء أشيريل بي فجأة عبر النقل الآني وظهوره بعد ساعات أمرًا معتادًا، فلم يشكّ الخدم وصدّقوه.
عاد أشيريل إلى غرفته ثم نقل نفسه إلى غرفتي، وفي الصباح كرر الفعلة نفسها.
«النجوم التي تُرى من هناك تبدو مختلفة. هههه، لكن بعد نوم عميق تحسنتُ كثيرًا.»
«الحمد لله أنكِ لم تصابي بنزلة برد. يقال إن الزكام المتأخر ينتشر هذه الأيام.»
«حقًا؟ سأحرص ألا أمرض. انتبهي أنتِ أيضًا يا رونا كي لا تمرضي.»
«نعم. إذا احتجتِ شيئًا آخر فأخبريني، آنستي.»
تأكدت رونا من وجود حطب كافٍ في المدفأة، انحنت ثم خرجت.
في تلك اللحظة، ظهر أشيريل كمن كان ينتظر. حملني بين ذراعيه نحو الأريكة، وفرك أنفه وشفتيه في عنقي.
«الآن ليز لن تذهبي إلى أي مكان حقًا حقًا.»
«ما هذا الكلام فجأة؟»
«لقد أخذتِ أول مرة لي.»
بدأ أشيريل يقبّل خدي بحرارة. أدرتُ وجهي خجلاً، لكنه تبعني بعناد وفرك شفتيه بشفتيّ.
«لقد أخذتِ كل شيء لي. لذلك لن أترككِ تذهبين إلى أي مكان. لا، لن أستطيع.»
«بهذا المعنى فأنت أيضًا أخذتَ كل شيء لي؟»
«إذن عليكِ ألا تتركيني أذهب إلى أي مكان أيضًا.»
ردّ أشيريل بوقاحة سعيدة كمن وجد الحل الأمثل. همم، كما توقعتُ، متسلط كالعادة.
ومع ذلك، كنتُ مسرورة سرًا، فأسندتُ رأسي على كتفه العريض. لم أنم تقريبًا الليلة الماضية، فشعرتُ جفوني ثقيلة.
شعرتُ بالنعاس يغمرني أكثر مع تلك اليد التي تربت على شعري بلطف، والهواء الدافئ، والحضن المريح، فتركتُ الوعي يتلاشى ببطء.
💿 💿 💿
استغرقتُ يومًا كاملاً من الراحة حتى عدتُ إلى روتيني اليومي.
ها قد حان موسم الحفلات الراقصة!
بينما أتفقد جدول اللقاءات التي قررتُ حضورها، جاء ضيف.
«كيف حالكِ، آنسة ريليز؟»
«نعم، وصاحب السمو بخير أيضًا؟»
كان البطل هو تينس، الذي بدا في غاية السرور.
«بفضلكِ. هيا، لندخل.»
شعرتُ بالذهول من تصرفه وكأن قصر كايدن منزله، لكنني أمرتُ الخادمة بإعداد الشاي وتوجهتُ إلى غرفة الاستقبال.
وأشيريل يتبعني كالظل.
ما إن جلس تينس حتى دخل في صلب الموضوع.
«جئتُ لأعتذر رسميًا عما اقترفته الأميرة سابقًا.»
«وماذا حلّ بالأميرة؟»
«مهما حاولوا، لا ينبت شعرها، فحبست نفسها في قصرها. والإمبراطورة الجديدة مريضة أيضًا.»
من المؤكد أن معلم بذل جهدًا لعلاج شعر الأميرة، لكن لا تحسن، إذن لعنة مرعبة حقًا.
«تقرر أولاً أن تقضي ثلاث سنوات في دير الراهبات للتكفير عن ذنبها وتوبته.»
دير الراهبات مكان يعيش فيه المرء حياة زاهدة ومنضبطة للغاية، لا يذهب إليه إلا الفقراء الذين يبحثون عن وجبة طعام.
حتى النبلاء الدنيا يتجنبونه، فهو لا يختلف عن مكان النفي.
ثلاث سنوات في مثل هذا المكان… شعرتُ بظلام مستقبل الأميرة، وبنفس الوقت بانتشاء خفي.
من طلب منها إيذاء الآخرين أصلاً؟
«وهذا شيء ترسله العائلة الإمبراطورية تعويضًا واعتذارًا للآنسة ريليز.»
عندما فتح اللفافة، كانت مكتوبة أسماء وكميات فواكه من جمهورية فيوني المجاورة للحدود الجنوبية للإمبراطورية، وحرير من مملكة تشينا، وفيروز، وغيرها من الأشياء النفيسة.
أشار أشيريل من فوق كتفي إلى بعض العناصر.
«هذا، وهذا، ومن هنا إلى هنا، أزل كلها واستبدلها بشيء آخر. لديكم ‘دموع نفس الجليد’ أليس كذلك؟ أعطوني ذلك.»
التعليقات لهذا الفصل " 82"