“سمعتُ من ماثيو. كنتَ تلحّ على مرافقتي إلى القصر رغم ما عانيته، وكلّ ذلك من أجلي، أليس كذلك؟”
لم يجب، لكنّني أعرف أيّ تعبير يرتسم على وجهه الآن.
التعبير الذي صرتُ أراه كثيرًا مؤخّرًا: خدّان محمّران، ونظرات حائرة لا تعرف ماذا تفعل.
“على أيّ حال كان عليّك الاعتناء بشؤون الدّوقية، لكن لماذا لم تخبرني؟ كنتُ أظنّ أنّك تتسلّى بإزعاجي فقط.”
“لأنّكِ أنتِ لم تخبريني، ظننتُ أنّني لا يجب أن أعرف.”
“ماثيو أنقذني في النّهاية ولم يحدث شيء. لم أرد إزعاجك.”
في الحقيقة خفتُ أن يهدم القصر أو يلاحقني كظلّي لو عرفتَ.
“لكنّني أكره أن تتعرّضي للخطر.”
“هههه، أعرف. أنا مسكّنك الثّمين جدًّا.”
أضفتُ بهمس: “وسأهتمّ بنفسي أيضًا.”
💿 💿 💿
أشيريل لا يجهل شيئًا متعلّقًا بـ ريليز.
من مكان كونت وكونتيسة كايدن الغائبين منذ أكثر من شهر، إلى كلّ من التقت به في القصر.
قبل سفرهما، طلبا منه شخصيًّا أن يعتني بها جيّدًا، وهو يراقبهما سرًّا بالجنّيّات رغم أنّه يتظاهر بأنّه لا يعلم شيئًا.
لأنّهما لا يؤذيان ريليز، تركهما وشأنهما.
أمر رجاله بنشر شائعة «قائد الفرسان عقيم»، وما زالت تدور بين العامّة والنّبلاء الصّغار، لكنّها ستصل قريبًا إلى أذن النّبلاء الكبار، وسيسقط وجه هاروت في الوحل.
مقارنة بجعل ريليز تقول كلامًا يؤذي نفسها، هذا لا شيء.
كان يخطّط لاتّهام هاروت بالخيانة عاجلًا أم آجلًا. ذلك الغبيّ الموالي للإمبراطور سيفرح بالإعدام إذا أصدره الإمبراطور بنفسه.
عندما سمع من ماثيو أنّ الأميرة حاولت إيذاء ريليز، أراد أن يحوّل قصرها إلى أثر بعد عين.
كيف تجرؤ على لمس ريليز؟
لو أساءت إليه هو شخصيًّا لمحا قصرها وغادر المملكة مدّة، لكنّ خطيبته تهتمّ بالأعين والمظاهر، على عكسه الذي يحطّم أو يتجاهل ما لا يعجبه.
فاختار الانتقام بالطّريقة التي قد ترضيها. وبالطّبع، الانتقام لم يبدأ إلّا الآن.
سيضع مقبض السّيف في يد الأمير الإمبراطوريّ، فيصنع دينًا يستخدمه لاحقًا عندما يتخلّص من هاروت.
الانتظار مملّ ومكروه، لكنّ أشيريل يتحلّى بصبر غير معتاد لإكمال اللوحة التي رسمها بنفسه.
حياة لم يعشها من قبل، لكنّ وجود ريليز بجانبه تجعلها مقبولة إلى حدّ ما…
لكن عندما قالت «أنا مجرّد مسكّن» وابتسمت كأنّ شيئًا لم يكن، ابيضّ عقل أشيريل تمامًا.
أنتِ لستِ مجرّد مسكّن بالنّسبة لي.
في الآونة الأخيرة، اختفى الاحتكاك المتعمّد لإزالة الصّداع تمامًا.
بعد أن زاد اللّمس الطّبيعيّ بينهما، لم يعد يحتاج لتحديد وقت ليمسك يدها، فنسى الصّداع كلّيّة.
نسى حتّى أنّ ريليز كانت تشفي ألمه.
بالنّسبة له، ريليز هي حبيبته، خطيبته،
والشّخص الذي لا يستطيع العيش بدونه.
كان يردّد «أحبّك» بفمه دائمًا، لكنّه لم يعرف أبدًا أيّ اسم يُعطي هذا الشّعور.
فقط رفع يده كما تأمره غريزته، ضمّ خدّها الصّغير، ودلك شفتيها الممتلئتين بإبهامه،
ونظر طويلًا في عينيها البنيّتين،
ثمّ أخذ نفسًا عميقًا من عبيرها المنعش،
وانحنى ببطء.
💿 💿 💿
دق دق.
توقّفت العربة، وصلنا إلى القصر.
لكن بسبب أشيريل الذي اقترب حتّى كاد يلتصق بي، لم أستطع النزول.
“آه…”
شعر أشيريل الأبيض الفضيّ الذي يحيط بمؤخّرة رأسي تشابك مع غرّتي.
التعليقات لهذا الفصل " 81"