بما أنّ أشيريل خلفي، فقد يكون قد تحدّث بلطفٍ ولو كان كلامًا فارغًا، لكنّ قلبي ارتاح رغم ذلك.
“هل كان في الرّسالة ما أرادته ليز؟”
“نعم. أتمنّى لو أستطيع مقابلة والديّ مباشرة، لكن بهذه الرّسالة أظنّ أنّني سأصبر قليلًا.”
“حقًا؟ هل أنتِ متأكّدة أنّه لا حاجة لي لأحضر الكونت والكونتيسة؟ أنا أعرف أين ذهبا ويمكنني العثور عليهما بسرعة.”
لو كان الأمر بيد أشيريل لجاء بهما من أعناقهما فورًا، فبادرتُ إلى منعه بسرعة.
“قالا إنّ لديهما أمرًا يجب إنجازه، فسيأتيان بعد أن ينتهيا. أنا أستطيع الانتظار حتّى يحين موعدهما، فلا تأتِ بهما قسرًا، مفهوم؟”
“حسنًا. في الحقيقة، طالما أنّ ليز ليست حزينة، فأنا سعيد جدًّا بأن نكون وحدنا معًا.”
أها، لهذا كان وجه أشيريل مشرقًا كلّما دخل غرفتي ليل نهار دون توقّف.
“هيّا بنا، ليز.”
ابتسم أشيريل ابتسامة عريضة وهو يشبك أصابعه بأصابعي. بالتّأكيد هذا الاحتكاك مجرّد وسيلة لتخفيف صداعه، لكنّه يبدو كأنّنا حبيبان حقيقيّان، فاحمرّت أذناي.
“لكن كيف وجدتني في أراهين؟ لا يبدو أنّك أحدا أصدر أمرًا بملاحقتي.”
“أمر ملاحقة؟ بالطبع لم أفعل. هاروت والأمير الإمبراطوري أصدراه، وكلّ ما فعلته أنّني انتزعت النتيجة من أيديهما.”
هذا هو أشيريل تمامًا.
“لكن لكي لا يسبقاني، بحثتُ عنك بطريقتي الخاصّة، وكنتِ صعبة العثور حقًّا.”
“لأنّني ذهبت إلى بلد آخر؟”
“ذلك أيضًا، لكن… أنتِ مميّزة جدًّا، أليس كذلك؟”
يراوغني مرّة أخرى؟
عبستُ، فابتسم أشيريل برفق كأنّه يقول لا تغضبي. يعرف جيّدًا أنّني ضعيفة أمام ابتسامته تلك!
“عادةً أبحث عمّن أريده باستخدام الجنّيّات المتعاقدة معي. جنّيّة الماء التي تعاقدتُ معها تستخدم الماء وسيطًا، والماء موجود في كلّ مكان يعيش فيه البشر، أليس كذلك؟”
“صحيح. لحظة، إذًا يمكنك العثور على أيّ شخص في القارّة مهما كان مكانه؟”
“بالضّبط.”
أنا في الماضي التي قرّرت الهروب من أشيريل كنتُ جاهلة وشجاعة إلى حدّ الغباء.
اختيارُ الاستسلام كان صائبًا يا أنا!
“لكن يبدو أنّ الأمر يستغرق وقتًا طويلًا.”
تذكّرتُ أنّه وجدني بعد أكثر من شهر على ذهابي إلى أراهين، فسألتُه، فابتسم ابتسامة غريبة.
“تركتُ العاصمة لمدّة شهر تقريبًا بناءً على طلب شيخ، وعندما عدتُ كنتِ أنتِ مميّزة فصعب العثور عليكِ.”
“آه، بدلًا من هذه الأعذار عن تميّزي، قل فقط إنّه استغرق وقتًا طويلًا.”
“ليس عذرًا، إنّه حقيقي!”
تجهّم أشيريل كأنّه متضرّر، وكان منظره يرثى له حتّى ضحكتُ رغمًا عنّي.
وبهذا عبرنا القصر الإمبراطوريّ بضجيج مرح.
جذبنا انتباه النّبلاء الحاصلين على مناصب، فاقتربوا من أشيريل وبدأوا الحديث معه.
رغم أنّ أعينهم ترتجف خفّة، فإنّهم يخفون خوفهم من السّاحر المجنون ويتحدّثون إليه، وهذا يعني أنّ ما يملكه هذا الرّجل هائل جدًّا.
التعليقات لهذا الفصل " 76"