«ماذا فعل لكِ حتى تناديه باسمه؟ هل أعطاكِ ألف ذهبة؟ إن كان كذلك، فأنا أستطيع أيضًا.»
«أنا وسار أصدقاء. الأصدقاء ينادون بعضهم بأسمائهم دون مقابل.»
«مقابل…»
ازدادت قوة يدي أشيريل اللذين يحتضنان كتفيّ من الخلف.
«نحن، أنا وسيد الدوق، علاقتنا واضحة بالعطاء والأخذ. لسنا أصدقاء، بل شركاء تجاريين. لذا، أليس من الطبيعي ألا أناديكَ باسمكَ؟ خاصّة أن ندائي لكَ باسمكَ لن يشفي صداعكَ.»
في الحقيقة، صوت أشيريل وهو يناديني «ليز » جميل جدًا.
يجعلني أشعر أنني شخص مميّز بالنسبة له.
نعم، أنا شخص مهمّ بالنسبة له بمعنى ما. لكنها أهميّة لها سبب، فإذا زال السبب زالت الفائدة، لذا من الأفضل ألا أتعلّق بأمل.
«إذا لم أعد بحاجة إلى العلاج، هل سـ تنادينني باسمي حينها؟»
«ماذا؟»
نسيتُ للحظة أنني على سطح مبنى، فالتفتُ بسرعة وكدتُ أنزلق.
أمسك أشيريل خصري، ونظر إليّ بعينيه الصفراوين الذهبيتين اللامعتين. في عينيه الشفافة تمامًا، لم يكن سواي.
«إذا لم أعد أطلب منكِ شيئًا، ليز … هل يمكننا أن نصبح أصدقاء؟»
«…لا.»
خفتُ أن يسمع خفقان قلبي السريع.
أخفيتُ اضطرابي وأجبتُ لأنني لا أريد أن يُكتشف ما أخفيه في صندوق قلبي.
«لأنني سأطلب منكَ شيئًا أيضًا. قوّة سحرية، أو تعليم السحر. أنا أتعلّم السحر مقابل لمساتي التي تزيل صداعكَ، أليس كذلك؟»
«إذن هكذا الأمر.»
كان تعبير أشيريل الشارد غريبًا عليّ جدًا. عيناه الفاقدتان للتركيز تائهتان في الفراغ.
لم أتحمّل الصمت المحرج، فحاولتُ تغيير وضعيتي، لكنني لم أستطع الحركة فوق السطح المائل.
فأمسكتُ بذراع أشيريل بحذر، وأدرتُ جسدي إلى الأمام ببطء.
«ههه، ماذا تفعلين؟»
رفعني مجددًا وأجلسني على فخذيه، ثم عانقني بقوّة وأسند رأسه على كتفي. لمساته لها سبب، لكن الارتجاف لا يمكنني التحكّم به.
«سيد الدوق، كم بلغت قوّتي السحرية الآن؟ الساحر الاعظم قال إنه لا يعرف.»
«ذلك لأنني وضعتُ تعويذة عليكِ، ليز ، فلا يمكنه معرفتها.»
«تعويذة؟ عليّ؟ أي نوع من التعاويذ؟»
«وضعتُ تعويذة تمنع أي أحد من معرفة كمية القوة السحرية التي تملكينها. فلو عرف أحدٌ ذلك لكان مزعجًا. لو كان هناك من يفوقني في السحر لاستطاع معرفتها، لكنني أذكى وأقوى ساحر في العالم، لذا فهي في الحقيقة غير موجودة.»
ضحكتُ رغمًا عني على تفاخره الطبيعي.
«إذن، كم تبلغ قوّتي السحرية؟»
«تجاوزتِ مستوى الساحر المبتدئ، لكنها لم تصل بعد إلى مستوى الساحر المتوسط. من الآن فصاعدًا سيتباطأ امتصاص جسدكِ للقوة السحرية، فاصبري.»
«سمعتُ أن تعلّم السحر الأساسي يستغرق أكثر من ثلاث سنوات على أي حال. ألا يمكنني زيادة القوة خلال تلك الفترة؟ بالطبع، سأنهي الأساسيات في سنة واحدة.»
«جمع القوة اللازمة لتصبحي ساحرة متوسطة المستوى سيستغرق سنة تقريبًا أيضًا، فكرة جيدة.»
بدأت المبارزة ظهرًا، والشمس الآن في أعلى السماء وتستعد للغروب.
«لكن سيد الدوق، هل يجوز لنا أن نغادر فجأة هكذا؟ جلالة الإمبراطور موجود هناك.»
«وما المشكلة؟ المبارزة انتهت على أي حال، وأصلًا حضورها لم يكن إلزاميًا. إذا قال الإمبراطور شيئًا، سأتولّى الأمر، فلا تقلقي كثيرًا، ليز .»
كلام مطمئن جدًا حقًا.
«بالمناسبة، هل فكّرتِ في عرضي؟»
«أي عرض؟»
«أن تصبحي دوقة ديلات.»
هل كان يجب أن أقرّر ذلك الآن؟ لا، طريقة كلامه تجعلني أشعر أنني مضطرّة للموافقة، لكن هل لي خيار فعلًا؟
«أشكركَ على اهتمامكَ، لكنني سأرفض.»
«هاروت مزعج وصاخب، لو تركته هكذا سيستمر في إحداث المشاكل، هل ستكونين بخير؟»
«ومع ذلك، لا أريد أن أُحبس في القصر.»
«قلتُ لكِ إن الذهاب إلى القصر الإمبراطوري لتعلّم السحر من العجوز مسموح؟ بالطبع يجب أن أرافقكِ.»
هذا هو المشكلة بالضبط!
أن يهتزّ ما أحبسه في صندوق قلبي باستمرار، وأن أعيش حياة محبوسة!
لكن من الواضح أن حياتي لن تكون هادئة إذا استمر هاروت في تصعيد الأمور كما فعل اليوم.
«هل المشكلة أن تبقي في المنزل فقط؟ إذن يمكنكِ الخروج إلى المدينة مرة في الشهر، ومرة إلى الفيلا، وأيضًا…»
«…»
«آه، ماذا لو جعلنا التسوّق مرة في الأسبوع؟»
شعرتُ بقشعريرة في ظهري من تذمّره الذي لم يفهم جوهر المشكلة أبدًا.
«إذا توقّف دوق ستيا عن الاهتمام بي، هل ستحبسني في قصركَ حينها؟»
«نعم. آه، إذا كنتِ تفضّلين قصر كايدن فلا بأس، يمكنكِ العيش هناك.»
متى كان هذا الرجل متسامحًا إلى هذا الحد؟
«سأعيش هناك أنا أيضًا. غرفة ليز صغيرة قليلًا، لذا يمكننا هدم الجدار ونعيش في غرفة واحدة.»
حسنًا، كان وهمًا مني أن أعتقد أن أشيريل عاد إلى رشده ولو للحظة.
«ليز ، أنا جادّ. أنتِ أيضًا تكرهين إزعاج هاروت، أليس كذلك؟»
صحيح، لكنني لا أريد أن أقضي بقية حياتي محبوسة في قصر ديلات أيضًا.
أهرب من هاروت المتسلّط لأقع في يد شخص أسوأ، ما الذنب الذي اقترفته في حياتي السابقة؟
آه، لو استطعتُ رؤية أشيريل كل يوم، فلن يكون ذلك سيئًا بحدّ ذاته…
«آآآه، حمقاء!»
«ليز ، ما بكِ؟ ماذا حدث؟ هل هناك آثار جانبية من امتصاص القوة السحرية؟»
التعليقات لهذا الفصل " 58"